السبت، 23 فبراير 2013

تفسير سفر يونان الاصحاح الرابع

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري

يونان 4 - تفسير سفر يونان


الآيات (1-4): "فغم ذلك يونان غما شديدًا فاغتاظ. وصلى إلى الرب وقال آه يا رب أليس هذا كلامي إذ كنت بعد في ارضي لذلك بادرت إلى الهرب إلى ترشيش لأني علمت أنك إله رؤوف ورحيم بطيء الغضب وكثير الرحمة ونادم على الشر. فالان يا رب خذ نفسي مني لأن موتي خير من حياتي. فقال الرب هل اغتظت بالصواب."
الله رحم نينوى ولم يهلكها فأغتم يونان غمًا شديدًا = فهو غار لكرامته لئلا يحسب نبيًا كاذبًا، هو تنبأ بإنقلاب المدينة وها هي قد نجت. وربما هو غار على إسرائيل التي لم تقدم توبة شبيهة وليس أمامها فرصة للنجاة مثل نينوى. وصلى يونان هنا ولكن شتان الفرق بين صلاته هنا وصلاته وهو في جوف الحوت. فهو هنا برر نفسه في هروبه من الله أولًا حين أرسله، بعد أن كان قد دان نفسه أولًا في بطن الحوت حين قال "الذين يراعون أباطيل كاذبة.." وهو هنا يلوم الله أنه رؤوف ورحيم وبطئ الغضب. مع أنه لو كان غير ذلك لكان قد أهلكه هو نفسه فورًا. وكانت صلاته الخاطئة يا رب خذ نفسي = ولو فعل الله لهلك يونان وخلصت نينوى ولكن الله الحنون لا يتركه لضيقة نفسه بل يدخل معه في حوار ويعطيه درسًا باليقطينة حتى يتصالح معه.
 
الآيات (5-9): "وخرج يونان من المدينة وجلس شرقي المدينة وصنع لنفسه هناك مظلة وجلس تحتها في الظل حتى يرى ماذا يحدث في المدينة قم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة وناد عليها لأنه قد صعد شرهم أمامي. فاعد الرب الإله يقطينة فارتفعت فوق يونان لتكون ظلا على رأسه لكي يخلصه من غمه ففرح يونان من اجل اليقطينة فرحا عظيما. ثم اعد الله دودة عند طلوع الفجر في الغد فضربت اليقطينة فيبست. وحدث عند طلوع الشمس أن الله اعد ريحا شرقية حارة فضربت الشمس على راس يونان فذبل فطلب لنفسه الموت وقال موتي خير من حياتي. فقال الله ليونان هل اغتظت بالصواب من اجل اليقطينة فقال اغتظت بالصواب حتى الموت."
اليقطينة = هي شجرة خروع وهي تنمو بسرعة وتجف بسرعة وورقها عريض. وهي نمت بسرعة وغطت المظلة التي صنعها يونان خارج نينوى منتظرًا خرابها. ثم ضرب الله اليقطينة ففسدت وجفت. فحزن يونان على جفافها. وكان درس الله له: أنه حزن من أجل خراب يقطينة لم يصنعها هو ولا تعب فيها وهي ليست له، أفلا يشفق الله على شعب هو خلقه، وهو شعب له.
المعني الرمزي لليقطينة: اليقطينة تمثل إسرائيل التي ظلت إلى حين من خلال الشريعة والنبوات، تعهدها الله منذ خروجها من مصر فنمت وترعرعت مثل هذه اليقطينة، وظللت. ولكن بسبب خطاياها وعبادتها للأوثان انفصل الله عنها فأكلها الدود وفسدت وجفت (كما لعن المسيح التينة فجفت، وكان هذا رمزًا لخراب إسرائيل). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وفي نفس الوقت يخلص الأمم (نينوى). وهذا ما قاله بولس الرسول "بزلة اليهود صار الخلاص للأمم" (رو11:11، 12). وربما فهم يونان هذا المعنى الرمزي فاغتم غمًا شديدًا، وبهذا فهو قد شابه الابن الأكبر الذي اغتم لفرح أبيه برجوع الابن الأصغر الضال" الذي كان ميتًا فعاش.
وهنا يطلب يونان الموت ثانية موتى خير من حياتي = وقد تكون هذه بروح النبوة إذ يعبر عن لسان حال المسيح الذي اشتهى أن يموت هو ولا يهلك البشر. كما عبر بولس عن هذا الموضوع وقال "وددت أن أكون أنا نفسي محرومًا من أجل أخوتي أنسبائي حسب الجسد" (رو1:9-5). فيونان المملوء حبًا لشعبه حينما فهم المعنى الرمزي لليقطينة اشتهى موته.
وقارن بين موقفين ففرح يونان من أجل اليقطينة فرحًا عظيمًا.. فذبل وطلب لنفسه الموت. وهذا خطأ نقع فيه جميعًا، أن نفرح فرحًا شديدًا بخيرات هذا العالم، ونغتم غمًا شديدًا إذا خسرنا شيئًا في هذا العالم. عمومًا هذه المشاعر المفرطة في الحزن والفرح هي للمبتدئين روحيًا. ولنلاحظ أن المشاعر المفرطة (في الفرح) هي أساس المتاعب المفرطة (أي الغم). فهو فرح باليقطينة كعطية مادية تنقذه من الحر، ولم يفرح بمراحم الله نحو نينوى. إذًا علينا ألا نفرح بأي يقطينة عالمية (مال/مركز..) فلكل يقطينة دودة تأكلها (راجع 1كو29:7-31). حقًا ليس في هذا العالم ما يفرحنا فرحًا شديدًا جدًا أو ما يحزننا حزنًا شديدًا جدًا. فماذا يفرح المؤمن من ماديات هذا العالم أكثر من مجد السماء المعد له. وماذا يحزنه حقيقة أكثر من خطاياه التي سوف تحرمه من هذا المجد الأبدي.
 
الآيات (11، 10): "فقال الرب أنت شفقت على اليقطينة التي لم تتعب فيها ولا ربيتها التي بنت ليلة كانت وبنت ليلة هلكت. أفلا أشفق أنا على نينوى المدينة العظيمة التي يوجد فيها أكثر من اثنتي عشرة ربوة من الناس الذين لا يعرفون يمينهم من شمالهم وبهائم كثيرة."
يونان بفكره اليهودي الضيق ظن أن الله هو إله إسرائيل وحدها. ولكن الله يعلن هنا أنه مسئول عن كل العالم. ورمزيًا فيونان كان مكتفيًا بإسرائيل، ولم يقبل أن تجف، ولا يقبل خلاص الأمم المتمثل في نجاة نينوى، هو مكتفٍ بناموس إسرائيل وشريعتها. ولكن الله يفتح عينيه على المستقبل. ففي آية (5) نجد يونان يجلس شرقي المدينة، قبل أن يشرح له الله رفض إسرائيل وقبول الأمم. والشرق يشير للمسيح شمس البر. فكأن الله يريد أن يقول له لا تكتفي بوضع إسرائيل الحالي، بل أن المسيح سيأتي ليخلص العالم كله. بل خراب إسرائيل (الممثل في جفاف اليقطينة) ليس هو النهاية. بل هم سيقبلوا ضد المسيح = الريح الشرقية المدمرة الحارقة. وآلام يونان منها تشير لآلام المؤمنين على يد ضد المسيح. إثنتي عشرة ربوة = والربوة = 10.000. إذًا العدد الكلي = 120.000. ولا يعرفون يمينهم من شمالهم = أي لا يميزون الشر من الخير. فقالوا هذا عدد الأطفال. ويصبح عدد المدينة الكلي 600.000. وقد يشير هذا لأن نينوى شعب وثني بلا ناموس يعرفهم الخير والشر. ورمزيًا 12 = شعب الله،  ربوة = السمائيين.  لا يعرفون = لبساطتهم. فنينوى التي نجت في مقابل اليقطينة التي هلكت، هي إشارة للكنيسة التي نالت الخلاص بالمسيح، في مقابل رفض اليهود. وهذه الكنيسة يعبر عنها رمزيًا بـ12ربوة.
12 = هو عدد التلاميذ في العهد الجديد وهو عدد الأسباط في العهد القديم .     إذًا هو إشارة لشعب الله عمومًا سواء في العهد القديم أو العهد الجديد .
12 = 3 × 4 [3 (المؤمنين بالثالوث)، 4 (في كل العالم)]
ربوة = 10.000 ورقم 1000 ورقم 10.000 هما إشارة للملائكة الذين هم ألوف ألوف وربوات ربوات. (دا 10:7)
لا يعرفون يمينهم من شمالهم = هذا إشارة للخليقة الجديدة. فإن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة (2كو17:5). وليس المقصود طبعًا عدم التمييز بل بساطة المؤمنين الذين لهم سلطان أن يرفضوا ويدينوا الخطية. 
وبهائم كثيرة = الله خالق الكل يهتم بكل خليقته حتى البهائم ، فهو الذي يعطي فراخ الغربان طعامها (مز 147: 9). أما التفسير الرمزي الذي يشير فيه الـ12 ربوة للقديسين في الكنيسة ، فيكون هؤلاء إشارة لمن لازالت شهوته تحكمه، وهؤلاء كثيرون. فليست كل الكنيسة على هذه الدرجة من البساطة، التي يمثلها ال   12 ربوة.

تفسير سفر يونان الاصحاح الثالث

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري

يونان 3 - تفسير سفر يونان


الآيات (1-4): "ثم صار قول الرب إلى يونان ثانية قائلا. قم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة وناد لها المناداة التي أنا مكلمك بها. فقام يونان وذهب إلى نينوى بحسب قول الرب أما نينوى فكانت مدينة عظيمة لله مسيرة ثلاثة أيام. فابتدأ يونان يدخل المدينة مسيرة يوم واحد ونادى وقال بعد أربعين يوما تنقلب نينوى."
هذه إرسالية ثانية عاد بعدها يونان لوظيفته. كما حدث مع بطرس بعد إنكاره حين كرر له المسيح ثلاث مرات "إرع غنمي". وبعد أن ضيع يونان نقوده (3:1) إذ دفع أجرة السفينة. وضَّيع الوقت وتعب وتألم. ها هو يعود لنقطة البداية. ولاحظ أن الله لم يجرح مشاعره بسبب هروبه. وكما خرج يونان من بطن الحوت إلى الأمم (الوثنيين) هكذا قام المسيح من الموت وانتشرت المسيحية بين كل الأمم. نينوى المدينة العظيمة = هي عظيمة في بنائها وتعداد سكانها وقوتها ولكنها أصبحت عظيمة في توبتها (وراجع المقدمة ص4). لذلك ستقوم يوم الدين وتدين هذا الجيل، لأنها استجابت لتحذير الله. والله دائمًا يحذر قبل أن يضرب، وطوبى لمن يستجيب للتحذير فهو ينجي نفسه من الضربات ويخلص. أما سدوم وعمورة فلم يستجيبوا لنداء لوط. والعالم لم يستجب لنوح، وقايين لم يستجب لصوت الله المباشر له. مدينة عظيمة لله = أي عظيمة أمام الله. هي مدينة عظيمة لله، فللرب الأرض وملؤها (مز24: 1) لكن الشيطان اغتصبها، ولكن الله مازال يتطلع إليها، فالله له فيها  12 ربوة من البشر ، هو خلقهم ، إذًا هو يريدهم. وهو يعولهم ويشتاق رجوعهم إليه. وهكذا الإنسان خلقة الله العظيمة حتى إن انحرف فالله يشتاق لتوبته ورجوعه إليه ليسكن فيه ويصير مدينة عظيمة ولاحظ أن الله يقدر نينوى ويحسبها مدينة عظيمة، ويونان لا يقدرها. إذًا علينا أن نسلم ولا نعترض على أحكام الله فاحص القلوب، فكم من شخص ندينه لكنه في نظر الله يكون عظيمًا. مسيرة ثلاثة أيام = أنظر ملحوظة ص 4  بعد أربعين يومًا تنقلب المدينة = لاحظ أن الطوفان نزل لمدة أربعين يومًا والمسيح جربه إبليس لمدة 40 يومًا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وأن أورشليم خربت بعد المسيح بـ40سنة. وموسى وإيليا صاما 40 يومًا. فالأربعين هو رقم التجربة والامتحان وبعده ننال مجدًا أو عقابًا. هي فرصة يعطيها الله لنا وبعدها يقول "من يغلب يرث الحياة الأبدية" وقد جاهد المسيح 40 يومًا وانتصر على إبليس. وهكذا حصل موسى على الشريعة. ولكن من يهزمه إبليس يكون كأورشليم معرضًا نفسه لخراب شامل كالطوفان. ولذلك تفهم مدة الأربعين يومًا على أنها فترة حياتنا الزمنية التي فيها إن غلبنا نرث المجد. وهنا يعطي الله نينوى فرصة 40 يومًا فإن تابوا نجوا أنفسهم وأن رفضوا انقلبت عليهم المدينة.
 


آية (5): "فأمن أهل نينوى بالله ونادوا بصوم ولبسوا مسوحا من كبيرهم إلى صغيرهم."
مسوحًا = هي قماش غليظ خشن منسوج من شعر الماعز أو وبر الجمال وكان لبس المسوح علامة للحزن. وهنا هو علامة حزن على الخطية، أي علامة توبتهم. حقًا كانت توبة عظيمة. لقد آمنت نينوى أما إسرائيل فقاوموا غير مصدقين. هم قدموا توبة حقيقية عملية بصوم ومسوح واشترك فيها الكل الكبار والصغار حتى البهائم. مع أن يونان لم يعط كلمة رجاء واحدة. ولم يكلمهم عن محبة الله وترفقه ولا عَلَّمهم شيئًا عن التوبة.
 
آية (6): "وبلغ الأمر ملك نينوى فقام عن كرسيه وخلع رداءه عنه وتغطى بمسح وجلس على الرماد."
عظيمة توبة نينوى فالملك يتواضع ويقدم توبة وهكذا العظماء. وهناك تأمل فإن شبهنا نينوى بالإنسان فيكون الملك ممثلًا لإرادته والعظماء يشيروا لمواهبه وقدراته. والبهائم يشيروا للجسد بطاقاته العضلية والشهوانية. وحينما يتقدس كل هذا لحساب الله. يصير هذا الإنسان عظيمًا أمام الله.
 
آية (8): "وليتغط بمسوح الناس والبهائم ويصرخوا إلى الله بشدة ويرجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في أيديهم."
فيها توبة سلبية  = تركهم للمظالم. وتوبة إيجابية = صاموا وصلوا. ونينوى كانت مدينة مشهورة بالظلم (راجع ناحوم إصحاحي 2 ،3).
 
آية (9): "لعل الله يعود ويندم ويرجع عن حمو غضبه فلا نهلك."
لاحظ توبة نينوى صاحبها رجاء في الرب. فلنقدم توبة مصحوبة برجاء.
 
آية (10): "فلما رأى الله أعمالهم أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه."
ندم الله هو تعبير بحسب مفهوم البشر لا يعني أن الله يغير رأيه ويندم، بل أن الإنسان هو الذي يغير وضعه بالنسبة لله فيصير الحكم بالنسبة له مختلفًا. فعندما يعاند الإنسان يسقط تحت التأديب، وإذ يرتد عن شره ويرجع إلى الله، يجد الله فاتحًا أحضانه.
ملحوظة: مدينة عظيمة مسيرة ثلثة أيام = أنظر المقدمة (أي محيط المدينة يقطعه السائر في ثلاثة أيام).
فابتدأ يونان يدخل المدينة مسيرة يوم واحد = أي دخل يونان إلى نينوى المدينة الأم مدينة الملك والعظماء والتي محيطها يمشيه السائر على قدميه في يومٍ واحد. هو دخل من أسوار المدينة العظيمة ووصل للمدينة الأم.

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري يونان 2 - تفسير سفر يونان

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري

يونان 2 - تفسير سفر يونان

 
نجد هنا تسبحة يونان في جوف الحوت. وهي تسبحة حمد رائعة. لقد اجتاز يونان لحظات صعبة جدًا، فقد كان وهو في جوف الحوت كمن دخل قبر. ولكن يبدو أن الله دفع يونان لكل هذه الضيقات حتى يصلى هذه الصلاة والتي يقدم فيها توبة فيتصالح مع الله. وهو لم يصلي وهو في جوف السفينة، ولكنه ها هو يصلي في جوف الحوت. هذه فائدة من فوائد التجارب، فحينما نبتعد عن الله يسمح لنا الله أن ندخل إلى عمق تجربة (بطن سفينة هائجة في بحر هائج) فإن ظل الحال كما هو عليه (نوم عميق كما نام يونان) يدخلنا الله إلى عمق تجربة أشد (جوف الحوت) حينئذ نصرخ مع داود "من الأعماق صرخت إليك يا رب" ونصرخ مع يونان بهذه الصلاة الرائعة التي يمتزج فيها الشكر والإيمان بل الشعور بتعزية إلهية. بل هو شعر بالاستجابة ولذلك نجد الصلاة بصيغة الماضي. وربما يكون يونان حافظًا لكلمات مزامير داود فصلاته شبيهة بصلاة داود وهذه فائدة أن نحفظ أقوال الكتاب المقدس ونستخدمها في ضيقاتنا.
في نهاية الإصحاح السابق نجد الله عاد ليونان بمراحمه وأنقذه من الموت سواء في البحر أو في جوف الحوت. وهنا نجد يونان يعود لله بالصلاة. بل أن هذه الصلاة جاءت معبرة عن عمل السيد المسيح الخلاصي في لحظات موته على الصليب ودفنه في القبر، لذا تتغنى بها الكنيسة في بدء الساعة الثانية عشرة من يوم الجمعة العظيمة، بعد أن تنشد بلحن الحزن مراثي أرمياء. فإن كانت المراثي تعلن عن مرارة ما فعلته خطايانا بالسيد المسيح، فتسبحة يونان تكشف عن نصرة الرب على الجحيم والموت وعمله الكفاري الذي يرفعنا للسماويات.
 
آية (1): "فصلى يونان إلى الرب إلهه من جوف الحوت."
فصلى يونان.. من جوف الحوت = أخيرًا جاء العلاج الذي استعمله الله بالشفاء ليونان.
 
آية (2): "وقال دعوت من ضيقي الرب فاستجابي صرخت من جوف الهاوية فسمعت صوتي."
جوف الهاوية = كلمة جوف المستخدمة هنا هي غير كلمة جوف الحوت. لذلك نفهم أنه اعتبر نفسه وهو في جوف الحوت ميت، وأن هذا قبره، فهو يقول جوف الهاوية أي القبر. وبهذا التشبيه نرفع أعيننا لا ليونان بل للمسيح الذي في بطن القبر. فيونان كان رمزًا للمسيح. ولاحظ صيغة الماضي = وسمعت صوتي = كأن يونان شعر باستجابة الله لصلاته ، ولكن كيف شعر بهذه الاستجابة؟ من التعزيات التي شعر بها في قلبه. ولو طبقنا هذه الصلاة على المسيح فهو قد صرخ وصلي ليقيمنا نحن من موت الخطية واستجيب له (عب7:5) فالمسيح نزل إلى حياتنا ليرفعنا معه.
 
آية (3): "لأنك طرحتني في العمق في قلب البحار فأحاط بي نهر جازت فوقي جميع تياراتك ولججك."
أدرك يونان أن الله هو الذي طرحه وليس الملاحون = لأنك طرحتني وجازت فوقي جميع تياراتك ولججك = وهذا تعبير عن الآلام التي اجتازها المسيح في آلامه سواء في حياته أو على الصليب. ولججك تشير بالذات للموت، فلا حياة وسط اللجج والتيارات لأي إنسان. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وعلى الرغم من آلامه... يقول:
أحاط بي نهر = النهر رمز للروح القدس المعزي (يو38:7، 39). أي أن يونان وسط هذه الضيقة الرهيبة ملأه الرب من تعزياته بالرغم من آلامه " عند كثرة همومي في داخلي تعزياتك تلذذ نفسي" كأن الله حَوَّل مياه البحر المالحة لنهر، مياهه حلوة. كما أن المسيح بصليبه وهبنا نهر روحه القدوس يروي نفوسنا ويهبها ثمارًا (كما حدث للفتية في أتون النار).
 
آية (4): "فقلت قد طردت من أمام عينيك ولكنني أعود انظر إلى هيكل قدسك."
كأنه واثق أنه سيخرج ويرى الهيكل ثانية. وكان اليهود يوجهون نظرهم للهيكل حينما يصلون. وكأن يونان في صلاته كان له نفس الشعور فهو وجه قلبه للهيكل. فقلت قد طردت. لكنني أعود أنظر هيكل قدسك = هو صورة لعمل المسيح فقد صار كمطرود إذ صرخ قائلًا "إلهي إلهي لماذا تركتني". ولكنه حملنا فيه ودخل إلى الأقداس السماوية "أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات " (أف6:2).
  
آية (5): "قد اكتنفتني مياه إلى النفس أحاط بي غمر التف عشب البحر برأسي"
طريقة الحوت في ابتلاع طعامه هي أن يجري فاتحًا فمه فيدخل الماء حاملًا معه كل ما فيه من طعام (أسماك) وأعشاب بحرية. ثم يدفع الماء من فتحة في رأسه ويتبقى الطعام لذلك وجد يونان نفسه محاطًا بالأعشاب والماء ولكن قوله قد اكتنفتني مياه إلى النفس = تشير لآلامه النفسية بجانب آلامه الجسدية. وهذه نبوة عن آلام المسيح في موته ونزوله إلى الجحيم فصار كمن اكتنفته المياه إلى النفس. ولكن كما نجا يونان ولم يغرق في هذه المياه هكذا قام المسيح ولم ينتصر الموت عليه. بل هو حَرَّرَ من أسرتهم المياه وأغرقتهم.
 
آية (6): "نزلت إلى أسافل الجبال مغاليق الأرض علي إلى الأبد ثم أصعدت من الوهدة حياتي أيها الرب الهي."
أسافل الجبال = كان القدماء يعتقدون أن الأرض مؤسسة على عمق عظيم (مز2:24). وأنها مؤسسة على المياه. وهنا يتصور يونان أنه نزل إلى أعماق عظيمة، حتى وصل إلى أعماق المياه حيث أساسات أو أسافل الجبال. وأنه لا أمل له ثانية في أن يخرج كأن مغاليق الأرض = أي كل المغاليق التي في الأرض قد أغلقت عليه. إذًا لا أمل في الخلاص. هنا يشبه يونان المكان الذي هو فيه بهاوية أو غرفة تحت جبال الأرض ومغلقة بكل المغاليق = الترابيس التي لا يمكن فتحها أو الوصول إليها. وهذا وصف للهاوية التي يذهب لها البشر بعد الموت (قبل المسيح). ولا يستطيع إنسان الخروج من هذا المكان. فكان البشر قبل المسيح بلا رجاء. حتى جاء المسيح وكَسَّرَ هذه المغاليق وأصعدنا من هذه الهاوية التي كان لا رجاء لنا في الخروج منها. وهذا معنى صلاة يونان = ثم أصعدت من الوهدة حياتي أيها الرب إلهي" والوهدة معناها الحفرة وفي هذه نبوة عن قيامة المسيح وهي توازي (مز10:16) " لا تترك نفسي في الهاوية ولا تدع قدوسك يرى فسادًا". فالمسيح قام وأقامنا معه وأنقذنا من الهاوية.
 
آية (7): "حين أعيت في نفسي ذكرت الرب فجاءت إليك صلاتي إلى هيكل قدسك."
حين أعيت فيَّ نفسي ذكرت الرب = فقد يونان كل رجاء في ذراع بشري يخلصه من جوف الحوت. وليس من يخلصه سوى الرب، فلجأ للرب. وهذه الآية تشبه قول المسيح " نفسي حزينة جدًا حتى الموت" "إن أمكن أن تعبر عني هذه الكأس".
 
آية (8): " الذين يراعون أباطيل كاذبة يتركون نعمتهم."
الذين يراعون أباطيل كاذبة يتركون نعمتهم = ربما يقصد نفسه أنه في هربه بحثًا عن راحته وذاته ترك نعمته. وربما يقصد الوثنيين مثل شعب أشور الذين يعبدون أباطيل تاركين الله ويكون في هذا الكلام تبرير خفي لعدم ذهابه لنينوى. وفي هذه الآية نبوة عن اليهود الذي صدقوا كهنتهم وصلبوا المسيح. ومازالوا حتى الآن يراعون أباطيل كاذبة تاركين المسيح الحقيقي القادر أن يفيض عليهم من نعمته. وسيقبلوا ضد المسيح الباطل ليخسروا كل نعمة.
 
آية (9): "أما أنا فبصوت الحمد اذبح لك وأوفي بما نذرته للرب الخلاص."
كل مؤمن مملوء من الروح القدس، وكل تائب شاعر بغفران الله لا يستطيع إلا أن يعبر عن فرحه بالتسبيح بعد أن يملأه الروح فرحًا وتعزية.
 
آية (10): "وأمر الرب الحوت فقذف يونان إلى البر."
درس آخر ليونان في الرحمة. فها هو الحوت يلقيه دون أن يؤذيه. فكيف يرفض هو خلاص أهل نينوى. البحارة أعطوه درسًا والحوت أعطاه درسًا آخر. لكن هذه الآية نبوة عن قيامة المسيح. فما كان ممكنًا للقبر أن يظل مغلقًا عليه " لأنك لا تترك نفسي في الهاوية ولا تدع قدوسك يرى فسادًا" (مز10:16) ويونان رمز للمسيح.

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري يونان 1 - تفسير سفر يونان

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري

يونان 1 - تفسير سفر يونان


آية (1، 2) "وصار قول الرب إلى يونان بن أمتاي قائلًا. قم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة وناد عليها لأنه قد صعد شرهم أمامي."
المدينة العظيمة: كان محيط نينوى 96كيلو متر وأبعادها 16 × 32 كيلو متر (وهذا معنى مسيرة 3 أيام 3:3) وارتفاع أسوارها 100قدم وسمك أسوارها بحيث تسير عليه من 3 إلى 4 مركبات حربية. وعلى الأسوار 1500 برج ارتفاع كل برج 200قدم. صعد شرهم أمامي= في الترجمة السبعينية صعد صراخ شرهم أمامي. وهذا يشبه "صوت دم أخيك صارخً إليَّ من الأرض" (تك10:4) وصراخ سدوم وعمورة قد كثر (تك20:18). وكانت دعوة يونان للكرازة والخدمة في نينوى من نوع فريد. فهو النبي الوحيد الذي دعي لخدمة مدينة أممية لا ليتنبأ عنها بالدمار بل يدعوها للتوبة. ونينوى كانت عاصمة أشور ألد أعداء إسرائيل. وهرب يونان بسبب هذه الصعوبة. لكن الله المحب استغل حتى هروبه هذا في تحقيق مقاصده الإلهية. فقد آمن بحارة السفينة بالله. ونفس الشيء حدث مع بولس ومرقس، فلقد استغل الله خلافهما ليرسل مرقس ليبشر في مصر.
 
آية (3): "فقام يونان ليهرب إلى ترشيش من وجه الرب فنزل إلى يافا ووجد سفينة ذاهبة إلى ترشيش فدفع أجرتها ونزل فيها ليذهب معهم إلى ترشيش من وجه الرب."
لماذا هرب يونان من المهمة التي كلفه بها الله؟
[1] هناك سبب مذكور في (2:4) وهو أنه عرف أن الله في رحمته سيقبل توبتهم فيصير يونان في أعينهم ككاذب.
[2] يونان كان يتمنى هلاك أشور لأنها ألد أعداء إسرائيل، وليس الصفح عنهم، لذلك خرج بعد أن وجه إنذاره لنينوى وصنع له مظلة أمام المدينة منتظرًا خرابها.
[3] ربما خاف يونان من شر الأشوريين فهم دمويون وربما قتلوه لو أنذرهم. [4] ذهابه لأشور عدو إسرائيل يعتبر خيانة لملك إسرائيل، وربما اتهموه بالتجسس للعدو.
[5] ذهابه لشعب وثني ضد فكر ومزاج شعب إسرائيل الذين يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار، وبذلك سيسقط من نظر شعبه، وكهنة وأنبياء شعبه.
ترشيش = ربما تكون في جنوب أسبانيا أو شمال غرب أفريقيا، وهي أبعد بلد معروفة وقتئذ. فهو يريد أن يهرب من الله لأبعد مكان ممكن، وهذا جهل بالله.
وكلمة ترشيش تعني بحر.
وكلمة يافا تعني جمال.
نزل.. نزل.. نزل = تتكرر كلمة نزل في هذه الآية مرتين ثم تأتي ثانية في آية (5). فهو نزل إلى يافا ثم إلى السفينة ثم نزل إلى جوف السفينة. وبهذا تكررت كلمة نزل 3مرات، وهكذا لأنه ترك الله وهرب منه نجده في نزول مستمر وبالخطية عمومًا نكون في نزول مستمر. وهو نزل إلى يافا أولًا (هذه تشير لمن يترك الله وينجذب لجمال العالم فيافا تعني جمال) ثم نزل إلى السفينة والسفينة في البحر، وماء البحر مالح، من يشرب منه يعطش (وهذه تشير لمن ينجذب لجمال العالم ويبدأ يشبع شهواته من العالم) ثم نزل لقاع السفينة حيث نام نومًا عميقًا، ولم يوقظه هياج البحر (وهذه إشارة لمن عاش في الخطية، ففقد حواسه الروحية، أي أطفأ الروح القدس فيه، ولم يعد يسمع صوت تبكيت الروح وإنذاراته). مثل هذا الخاطئ ماذا يفعل معه الله؟ لا حل سوى تجربة صعبة. وهذا ما حدث فلقد رموه في البحر ومنه إلى جوف الحوت. ودفع أجرتها = اتكاله الآن على موارده الذاتية إذ انفصل عن الرب أما من يكلفه الرب بعمل ما يقوم الرب بتسديد كل احتياجاته. والخادم الذي يخدم الله بأمانة تجده يتكلم بكلمات هي من الروح القدس يعطيها له. أما الخادم المنفصل عن الله بسبب خطاياه تجده يتكلم من فلسفاته البشرية.
 
آية (4): "فأرسل الرب ريحا شديدة إلى البحر فحدث نوء عظيم في البحر حتى كادت السفينة تنكسر."
St-Takla.org Image: Map of Nineveh
فأرسل الرب ريحًا شديدة = كان خطأ يونان أنه ظن أنه بهروبه سيهرب من الله، ولم يدري أن الله في كل مكان. هذا ما عبر عنه داود في مز139 وبالذات الآية (7، 8) "أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب"..  (مز1:139-12). وبسبب هروبه من الله وجهله بالله، جلب على نفسه هذه العواصف. كان يليق به أن يهرب إلى الله، لا أن يهرب منه. هو هرب من الله، فما عاد يسمع صوت الله الهادئ المنخفض الخفيف الذي سمعه إيليا (1مل12:19) (فهذا لا يسمعه إلا من كان قريبًا من الله). ولأن يونان ابتعد وهرب من الله حدثه الله بلغة أخرى هي لغة الضيقات المتوالية (ريح شديدة- نوء عظيم- حوت..) ليكشف عما في داخله من ريح عصيان عنيف واضطراب داخلي. هذا ما حدث أيضًا للابن الضال، فحين ترك أبوه جاءت عليه المجاعة. فإنه متى يكون الرب غير راضٍ، لا يكون شيء في أمان. فحين صلب المسيح اضطرب نظام الكون وصارت هناك ظلمة. علينا إذًا أن نعرف سبب أي ضيقة تمر بنا فقد يكون وراءها خطية جعلتنا نبتعد عن الله فما عدنا نسمع صوت تبكيته المنخفض.
 
آية (5): "فخاف الملاحون وصرخوا كل واحد إلى إلهه وطرحوا الأمتعة التي في السفينة إلى البحر ليخففوا عنهم وأما يونان فكان قد نزل إلى جوف السفينة واضطجع ونام نوما ثقيلا."
خاف الملاحون: هم خبراء بالبحر، ولكن سبب خوفهم أنهم شعروا أن وراء العاصفة شيء غير عادي، فهي هبَّت فجأة وبدون مقدمات وكانت عنيفة جدًا. وصرخوا كل واحد إلى إلهه = هم شعروا بأن هناك شيء غير عادي فلجأوا لآلهتهم بينما يونان نام نومًا ثقيلًا= كأنه لا يريد أن يرى أمواج غضب الله عليه، هو نوم الهروب وليس نوم السلام، هو يهرب من واقعه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وتضيف السبعينية أن غطيط نوم يونان هو الذي لفت أنظار الربان إليه. وطرحوا الأمتعة= لم تكن أمتعتهم مهما كانت عزيزة عليهم، أغلى من حياتهم، فهم رموا ما كان غاليًا عليهم ليشتروا حياتهم الجسدية، فهل نقبل أن نلقي ملذاتنا العالمية لنشتري حياتنا الأبدية وهي الأهم.
 
آية (6): "فجاء إليه رئيس النوتية وقال له ما لك نائما قم اصرخ إلى إلهك عسى أن يفتكر الإله فينا فلا نهلك."
هنا رئيس النوتية يوبخ يونان، بل يطلب إليه أن يصلي. وهذا شيء مخجل أن يطلب هذا الوثني من نبي الله أن يصلي. فبسبب هروبه فقد مركزه كنبي مرسل ليوبخ ملك أشور العظيمة، وجلس يتلقى التعليم من هذا الوثني. عسى أن يفتكر الإله فينا = كانوا كوثنيين يشعرون أن آلهتهم الكثيرة هي واسطة بينهم وبين الإله الأعظم الذي لا يعرفونه.  ومازال ليومنا هذا كثير من الناس يبحثون مضطربين وسط عقائد كثيرة ولا يعرفون أين يوجد الله ولا كيف يجدونه. ولكن الله يتكلم محاولًا أن يصل صوته لكل واحد. فهو كلم يونان برؤيا، ولما هرب منه كلمه بالطبيعة الثائرة. ثم ها هو يكلمه عن طريق بحار وثني. فياليتنا نسمع صوته ومن له أذنان للسمع فليسمع.
 
آية (7): "وقال بعضهم لبعض هلم نلقي قرعا لنعرف بسبب من هذه البلية فالقوا قرعا فوقعت القرعة على يونان."
نلقي قرعة = الله يكلم كل واحد بحسب ما يفهمه. فالله كلم المجوس بالنجم مثلًا وهو لا يوافق على طريقتهم. وهنا الله لا يوافق على القرعة ولكنه كلمهم بها فهم لا يفهمون سواها. فوقعت على يونان = وربما كان في السفينة من هو أشر من يونان ولكن الله أرسل العاصفة قاصدًا يونان، فالله يؤدب أولاده " الذي يحبه الرب يؤدبه".
 
آية (8): فقالوا له اخبرنا بسبب من هذه المصيبة علينا ما هو عملك ومن أين أتيت ما هي أرضك ومن أي شعب أنت.:
كل هذه الأسئلة ليريحوا ضمائرهم. كانت أسئلتهم بطريقة لطيفة وأثبتوا أنهم حكماء. وكانت أسئلتهم توبيخًا لطيفًا ليونان. ففيما هم يسألونه كان يليق بيونان أن يراجع نفسه في كل تصرفاته ويعترف بلسانه بخطيته وعصيانه. وهم في حكمتهم لم يشاؤوا أن يظلموه، لذلك ها هم يستفهون منه.
 
آية (9): "فقال لهم أنا عبراني وأنا خائف من الرب إله السماء الذي صنع البحر والبر."
هنا إجاباته على أسئلتهم. وعن سؤالهم ما هو عملك قال "أنا خائف من الرب. والرب الذي أعبده هو خالق البحر والأرض والسماء. وليس كما تظنون أن هناك آلهة كثيرة. وربما أخبرهم أنه نبي.
 
آية (10): فخاف الرجال خوفا عظيما وقالوا له لماذا فعلت هذا فان الرجال عرفوا أنه هارب من وجه الرب لأنه اخبرهم."
فهم عرفوا أن إله البحر غاضب فخافوا خوفًا عظيمًا فهم رأوا ماذا يستطيع هذا الإله أن يفعل. وكان سؤالهم "إذا كان إلهك هكذا قويًا وأنت نبيًا له فلماذا فعلت هذا.
 
آية (11): "فقالوا له ماذا نصنع بك ليسكن البحر عنا لأن البحر كان يزداد اضطرابا."
وإذ عرفوا أنه نبي سألوه عن علاج لهذه المصيبة التي هم فيها، فاضطراب البحر بهذه الصورة يشهد عن غضب الله.
 
آية (12): "فقال لهم خذوني واطرحوني في البحر فيسكن البحر عنكم لأنني عالم انه بسببي هذا النوء العظيم عليكم."
ربما قال يونان هذا بعد أن صلي وأرشده الله. وهو قال هذا الحل بصراحة وشجاعة، فهو لا يريد أن يهلك أحد بسببه. وقوله هذا يشير لتسليمه الكامل لحياته في يد الله.. فهو فهم أن الله يريد أن يؤدبه. وهنا يونان بإلقائه في البحر فيهدأ كان ممثلًا للسيد المسيح، الذي كان لابد أن يُلقَي به على الصليب ويُسَلَّم للقبر لينعم المؤمنون به الذين كانوا في اضطراب كالبحر، ينعمون بالسلام،هكذا نجا البحارة بإلقاء يونان في البحر، وهكذا نخلص بموت المسيح.
 
الآيات (14، 13): "ولكن الرجال جذفوا ليرجعوا السفينة إلى البر فلم يستطيعوا لان البحر كان يزداد اضطرابا عليهم. فصرخوا إلى الرب وقالوا آه يا رب لا نهلك من اجل نفس هذا الرجل ولا تجعل علينا دما بريئا لأنك يا رب فعلت كما شئت."
لم يرد هؤلاء البحارة الطيبون إلقاء يونان في البحر، بل حاولوا إنقاذه برجوعهم إلى البر فلم يستطيعوا. لاحظ تصرفاتهم الطيبة فهم لم يستعملوا خبرتهم أولًا بإلقاء الأمتعة، لكنهم صلوا أولًا. وهم بعد وقوع القرعة على يونان لم يوبخوه بكلمة ولا جرحوا مشاعره مع أنه السبب في كل خسائرهم. وهم لم يطرحوه مباشرة بل حاولوا إنقاذه. ألم تكن تصرفات هؤلاء لتخجل يونان الذي رفض أن يذهب لأمثالهم الوثنيين في نينوى!! لقد أظهر الله له أنه لا يوجد في إسرائيل إيمان مثل هذا ولا رقة مشاعر مثل هذه. بينما شعب إسرائيل ولهم الناموس والأنبياء يتمادون في خطاياهم. وكان تصرفهم مثل بيلاطس الذي غسل يديه قائلًا: " أنا برئ من دم هذا البار". لأنك يا رب فعلت كما شئت = أنت يا رب الزمتنا أن نفعل هكذا. وما نحن سوى أدوات في يدك. فلتكن مشيئتك.
 
آية (15): "ثم اخذوا يونان وطرحوه في البحر فوقف البحر عن هيجانه."
هم طرحوه بكل احترام وإكرام = ثم أخذوا يونان. لنلق عنا خطايانا فتهدأ حياتنا.
 
آية (16): "فخاف الرجال من الرب خوفا عظيما وذبحوا ذبيحة للرب ونذروا نذورا."
في التقليد اليهودي أن البحارة حينما عادوا للبر آمنوا بإله إسرائيل واختتنوا وانضموا لشعب الله. فخاف الرجال من الرب = هذا معناه أنهم آمنوا به. وذبحوا ذبيحة للرب = هذا يرمز لتقديم الذبيحة الآن بعد موت المسيح. فلقد صار من حقنا تقديم ذبيحة المسيح بعد موت المسيح وقيامته. نذروا نذورًا = غالبًا نذورهم كانت أن يؤمنوا بالله إله إسرائيل ويقدموا له ذبيحة لو نجوا من هذه العاصفة.
يخرج من الجافي حلاوة :- الجافي هو هروب يونان من الله... وانظر كيف استعمله الله في أن يجعل هؤلاء البحارة الوثنيون يؤمنون به.
آية (17): "وأما الرب فاعد حوتا عظيما ليبتلع يونان فكان يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال."
الأمور تسير بتدبير إلهي فها هو الحوت ينتظر يونان في الماء ليهبه مبيتًا آمنًا لا موتًا. فالله لا يريد الانتقام من يونان بل أن يصلحه لكي يرسله من جديد. وهكذا كل تجربة يسمح بها الله لنا، هو أن ينصلح حالنا ونكمل عملنا الذي خلقنا الله لأجله (اف10:2) ونصلح لملكوت السموات. وكما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالي هكذا كان المسيح في القبر ثلاث أيام وثلاث ليالي. والمسيح مات يوم الجمعة وقام فجر الأحد أي أنه قضى في القبر جزء من يوم الجمعة ويوم السبت كاملًا وجزء من يوم الأحد. ولكن هذه المدة تحسب ثلاث أيام وثلاث ليالي.. لماذا؟ [1] يعتبر اليهود أجزاء اليوم يومًا كاملًا في حسابهم [2] يُعبِّر اليهود عن اليوم بقولهم صباح ومساء (تك إصحاح 1 + دا 14:8 + تث18:9 + 1مل8:19).

دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي مقدمة في سفر يونان " Jonah "

دراسة كتاب مقدس: عهد قديم - القس أنطونيوس فهمي

مقدمة في سفر يونان " Jonah "


الاختصار: يون= JON

** محور السفر:-
+ سيادة الله، رسالة الله إلي كل العالم، التوبة، رأفة الله
+ الله يترفق بالجميع (نينوى، بلعام الوثني الذي تنبأ عن المسيح ، أصدقاء أيوب، وكلهم ليسوا يهودا) رؤوا رؤى سماوية (أبيمالك ملك الفلسطينيين أيام أبونا إبراهيم، لم يدعه يخطأ لسارة - ملكي صادق كان كاهنًا لله ألعلي، بل وبارك إبراهيم، ولم يكن يهوديًا فرعون ونبوخذنصر بأحلام - إرسالة إيليا لصيدون، وإليشع لأرام).
+ ترقب مجئ المسيح
+ توبة اهل نينوى عن طريق مناداة يونان، وبينما نجد اليهود يقاومون الأنبياء ويضطهدونهم. حتى رفضوا المسيح وقبله الأمم.

** أهم الشخصيات:
يونان

** أهم الأماكن:
البحر - نينوى

** غاية السفر:
+ أكد العهد القديم حقيقة أن الله محب لكل البشرية وذلك قبل مجيء السيد المسيح بسبعة قرون، فبعث يونان النبي اليهودي في إرسالية إلى نينوى عاصمة أشور للتوبة وقد اشتهر الآشوريون بالعنف.
+ بحث الله عن كل نفس بشرية لأجل خلاصها برجوعها إليه، فيهتم بيونان النبي العاصي وأهل السفينة الوثنين وأهل نينوى القساة!
+ رحمة الله على الجميع، وتقديمه الخلاص لكافة البشر دون محاباة.

** يونان النبي :-
+ نبي من جت حافر، وهي تبعد مسافة ساعة سيرًا على الأقدام عن الناصرة التي من منطقة الجليل.
+ يقال أنه ابن أرملة صرفه الذي أقامه إيليا النبي من الموت (1 مل 17: 17 - 24) ويرى البعض أنه كان مناسبًا أن يُرسَلْ يونان للأمم حيث أن أمه أممية.
+ تنبأ يونان بن أمتاي في أيام يربعام الثاني ملك السامرة (2مل 25:14) وقد تنبأ أن الله يرد حدود السامرة إلى مدخل حماة شمالًاو إلى بحر العربة جنوبًا
+ كان نبيًا لإسرائيل (مملكة الشمال) حوالي سنة 825 - سنة 784 ق.م.
+ تنبأ بعد اليشع النبي وقبل عاموس و هوشع وعاصر عاموس النبي.
+ نينوى عاصمة مملكة أشور. وهي على نهر دجلة مكان مدينة الموصل حاليًا. وكان أهلها أغنياء ويعبدون الآلهة عشتاروت. وسماها ناحوم النبي مدينة الدمار ملآنة كذبًا واختطافا. عُرِف ملوكها بالعنف الشديد. وكانت تسليتهم جذع أنوف الأسرى وقطع أيديهم وآذانهم وعرضهم للسخرية والهزأ أمام الشعب. وقد دمَّر نبوبلاسر ملك بابل نينوى.
** قصة السفر: -
+ أراد يونان أن يهرب من أمام وجه الرب فنزل في سفينة نحو ترشيش في الاتجاه المضاد لنينوى.
+ الله تفقده فأرسل ريحا عاصفة علي البحر فكادت السفينة أن تغرق.
+ عرف بحارة السفينة أن تلك البلية كانت بسبب يونان إذ أخبرهم أنه هارب ومخالف لأمر الرب وطلب أن يلقوه في البحر
+ لما ألقوه هدأت الرياح والأمواج فخافوا ومجدوا إله يونان وذبحوا له ذبيحة تسبيح.
+ أعد الله حوتا عظيما ابتلع يونان حيث ظل في جوفه ثلاثة أيام وثلاث ليال مصليا إلى الله بتضرعات.
+ أمر الله الحوت فقذف يونان إلى البحر
+ ذهب يونان إلى نينوى حسب قول الرب ودعا أهلها للتوبة وإلا تنقلب المدينة بعد 40 يومًا دون أن يقدم كلمة رجاء ولا صنع آية واحدة
+ آمن كل أهل نينوى بالله وصاموا ولبسوا مسوحا وصرخوا إلى الله.
+ لقد ظن يونان إنه يقدر أن يهرب من الله، بينما أهل نينوى عرفوا كيف يهربون إلى الله.
+ لما رأي توبتهم ورجوعهم عن طرقهم الرديئة رفع غضبه عنهم وغفر لهم.
+ أغتاظ يونان إذ عفا الله برحمته عن أهل نينوى فلم تنقلب حسب مناداته عليها.
+ يكشف هذا السفر عن بحث الله عن كل نفس بشرية لخلاصها برجوعها إليه فيهتم بيونان النبي العاصي وأهل السفينة الوثنين وأهل نينوى القساة
+ هاجم هذا السفر بعض النقاد بكونه مجرد قصة رمزية أو تشبيه كما جاء في أرميا "ابتلعني كتنين وملء جوفه من نعمى، طوَّحنى" (أر51: 34).
+ لكن ما جاء في (2 مل 14: 25) (إقرأ بموقع كنيسة الأنبا تكلا نص السفر كاملًا). يؤكد أن يونان شخصية واقعية وقد أكد السيد المسيح ذلك (مت 12: 39 - 41) و(لوقا 29:11- 32 ) هذا ولم يقل السفر: "صار قول الرب إلى إنسان ما" إنما حدد "إلى يونان بن أمتاى".
** تحليل السفر:
+ عصيان النبي ص 1
- عصي يونان الله حتى وإن كان بسب غيرته علي شعبه ودفع الأجرة (ع 3)
- استخدم الله الأمميين لإيقاظ قلب النبي (ع 6 )، فكشف له عن عينة ممتازة من الأمميين الذين خافوا الرب وصرخوا إليه وذبحوا له ذبيحة تسبيح خلال كرازة يونان لهم بعصيانه لكي يرق قلبه للكل.
- الكرازة تتم للأمم تحت أي ظرف. فتظهر يد الله العاملة بقوة فهو الذي أرسل يونان وأرسل الريح الشديدة وأعد الحوت وأرسل الدودة تأكل اليقطينة.

+ دفنه في الأعماق ص 2
- في الرحب هرب من وجه الرب ومن خدمة الأمم، وفي الضيق وجد الرب ملجأ له، فقدم أجمل تسبحة خاصة بعمل الرب الخلاصي ودفنه وقيامته .
- انطرح في البحر (المرارة) فأحاط به نهر ( عذوبة) ولعل البحر يشير للأمم إذ ينزع الله مرارتهم ويهبهم العذوبة.
- تيارات الله عليه يمثل ما احتمله السيد عنا بحمله خطايانا.
- ختم تسبحته بقوله: " للرب الخلاص "
- يونان عصي الرب والحوت أطاعه!

+ عودته للعمل ص 3
- تمتعت نينوى بالخلاص إذ هي " مسيرة ثلاثة أيام " تحمل علامة القيامة مع السيد المسيح القائم في اليوم الثالث.
- التحم النسك مع التوبة إذ رجع أهل نينوى عن طريقهم الرديئة (ع 8)
- اتسم أهل نينوى بالرجاء المفرح فإن كان يونان لم يقدم لهم كلمة واحدة عن التوبة لكنهم قالوا: " لعل الله يعود ويندم ويرجع عن حمو غضبه فلا نهلك " ع 9
- تمتع أهل نينوى بالخلاص لكن جاءت الأجيال التالية ترفض فهلكت.

+ توبيخه ص 4
- فرحت السماء بتوبة أهل نينوى أما يونان فأغتم واغتاظ.
- تشير اليقطينة إلى الأمة اليهودية من حيث:
- لم يتعب فيها يونان لأن الله نفسه هو الذي رعاها عبر الأجيال
ب - دعاها " بنت ليلة " إذ رفضت أن تكون " بنت النهار وبنت النور "
ج - ظللت يونان، إذ عاش كيهودي.
د - أصابتها دودة جحد المسيح فهلكت.

** سماته:-
+ من أروع القصص التي تكشف عن أبوة الله للبشرية بلا تمييز.. فهو يطلب الأمم أيضًا متى وجد استعدادا لقبوله وفي الوقت نفسه يؤدب بنيه.
+ يكشف عن عدم العصمة فقد عصي النبي والرب أدبه مستخدما خطأه كجزء من خطته الإلهية للخلاص فصار في ابتلاع الحوت له رمزًا لدفن السيد وقيامته في اليوم الثالث (مت 12: 38 - 42)، كما يري البعض فيه رمزًا لإسرائيل الرافض للكرازة بين الأمم، فألقوا في بحر الأمم حتى يقومون من جديد حين يقبلون السيد المسيح.
** محتويات السفر: -
أولا: عصيان النبي ص 1:
- دعوة الله الأولي والثانية ليونان (1 - 2)
- يعصي الله ويدفع الأجرة (ع 3)
- يعصي الله وينام
- رحمة الله علي يونان
- الله يعمل في البحر العظيم
- الله يستخدم الأمم لإيقاظ قلب النبي "مالك نائما قم أصرخ إلى إلهك عسي أن يفتكر الإله فينا فلا نهلك" (ع 6).
- يتحول عصيانه إلى علة لخلاص الأمميين إذ "خاف الرجال خوفا عظيما"، "صرخوا إلى الرب، وذبحوا ذبيحة للرب ونذروا نذورا".
- كان الملاحون الأمميون يتمتعون بصفات جميلة.. لذلك أرسل الله لهم يونان يكرز لهم خلال عصيانه.
- الرب هو الذي أرسل يونان وهو الذي أرسل الريح الشديدة وهو الذي أعد الحوت وهو الذي أرسل الدودة لتأكل اليقطينة.

ثانيا: دفنه في الأعماق ص 2:
- "وأما الرب فأعد حوتا عظيما ليبتلع يونان"
- في الوسع هرب يونان من وجه الرب وفي الضيق لم يجد غيره فلجأ له !
- صرخات يونان من الأعماق حملت نبوة وإشارة للسيد المسيح الذي حمل خطايانا عل كتفية ومن أجلنا دخل إلى الجحيم لكي يحررنا منه.. لذا يختم صلاته بقوله "للرب الخلاص"
- ما هي تيارات الله ولججه (ع 3) إلا التي جازت فوق رأس السيد المسيح لإيفاء العدل الإلهي حقه حين حمل خطايانا كنائب عنا.
- أمر الرب الحوت فقذف يونان إلى البر !!! النبي عصى الرب والحوت يطيع.

ثالثا: عودته للعمل (ص 3)
- رحمة الله علي نينوي
- الله يعمل في المدينة العظيمة
- يونان يشير إلى السيد المسيح القائم من الأموات الذي بقيامته يهب القيامة، لذا يقول له الرب "قم، اذهب".. (ع 2)، وأيضا رقم 3 يشير إلى القيامة. فقد كانت نينوى مسيرة ثلاثة أيام (ع3) وكأن المدينة حملت قوة قيامة السيد.
- أن كان الكل.. الملك والعظماء والشعب قد قدم صوما ونسكا وصراخا إلى الله لكن الله رفع غضبه عنه بسبب رجوعهم عن طريقهم الرديئة (ع 10).
- يقول القديس يوحنا ذهبي الفم أن أهل نينوى لم ينعموا بما ناله اليهود، لم يكن لهم الناموس ولا منهم كان الآباء والأنبياء ولا قدمت لهم وعود.. بل ورسالة يونان كانت مقتضبة وبغير رجاء، لكنهم نالوا مراحم الله بتوبتهم فصاروا مثلًا حيًا للتوبة.

رابعا: توبيخه ص 4
- فرحت السماء بتوبة أهل نينوى أما يونان فاغتم غما شديدًا واغتاظ، لأنه كان يهتم أن كلماته تتحقق ولو هلكت المدينة كلها بدلا من أن يفرح لخلاصهم!!!
- بينما اغتاظ يونان لمراحم الله أعد الله له يقطينه تظلل رأسه وتفرح قلبه.. ويعطيه خلالها درسا في الحب والرعاية.
- يونان يفرح من أجل يقطينة ظهرت ولم يفرح بخلاص الآلاف من البشر.
- ظهور الدودة التي أكلت اليقطينة إنما كشف لدودة "الأنا" التي أفسدت قلب النبي وافقدت البصيرة الروحية الحقة.
- الله يتفاهم ويتحاجج مع يونان.. أنه يود أيضًا خلاصه خلال روح الحب والصداقة (4: 11).

# يونان بن أمتاي والسيد المسيح
+ قد لا توجد نبوة صريحة من فم يونان النبي عن المسيح في هذا السفر إلاّ أنه:-
+ يونان أو يونا " بالعبرية تعني " حمامة " أو "متألّم"، والسيد المسيح تألم لأجلنا ليهبنا روحه القدوس "الحمامة".
+ أمتاي تعني "الحق"، والسيد المسيح هو الحق.
+ السيد المسيح حلَّ عليه الروح القدس مثل حمامة ليمسحه فيصير رئيس كهنة ليقدم ذبيحة نفسه.
+ صار رمزًا لدفن المسيح وقيامته (مت 12: 38 - 42) كبقاء يونان ثلاثة أيام في جوف الحوت.
+ ثم كان خروج يونان من جوف الحوت رمزًالقيامة المسيح.
+ رفض يونان النبي الكرازة بين أهل نينوى لأنه عرف أن قبول الأمم للإيمان يتحقق برفض اليهود للإيمان. وتحقق هذا في السيد المسيح الذي قبله الأمم ورفضه اليهود.
+ إنذار لنينوى بخرابها إن لم تتب كان نبوه، لكنها لتوبتها لم تهلك كما أنذر السيد المسيح أورشليم ولكنها لم تقبله.
+ ذهابه للأمم الوثنية (نينوى) كان نبوه عن قبول الأمم.
+ هو من جت حافر في الجليل وهي تبعد مسافة ساعة سيرًاعلى الأقدام عن الناصرة فهو جليلي كما كان المسيح من الجليل.

# مقارنة بين يونان والبحارة
+ يونان + البحارة
- ينتسب لشعب يعبد الله يؤمن بالله الواحد - تمردوا وبالتأدب رجعوا ينتسبوا لشعب لا يعبد الله.
ساقطون في تعدد الآلهة.
- مدعو من الله للعمل. - بلا علاقة مع الله.
- لم يسلك الطريق الروحي - سلكوا الطريق الروحي الحق.
- قاوم إرادة الله. - أرادوا معرفة إرادة الله.
- لم يظهر حنوا نحو نينوي. - أظهروا حنوا نحو يونان.
- عرفوا الرب وعبدوه.

# عمل الله مع نينوى
- الله يهتم بنينوي لصالحهم وبما لخيرهم. لأن الله خالق الكل.
- يتحنن الله علي أهل نينوى ويطلب الله أبدية أهل نينوى ويفرح الله بتوبة أهل نينوى
- يدافع الله ضد الشرير مقاوم البشرية.

# عمل يونان مع اليقطينة
- يهتم يونان باليقطينة لصالح نفسه.، يهتم يونان بها لنفعه الخاص
- يونان لم يتعب في اليقطينة، لم يصنع يونان شيئا لليقطينة
- ينشغل يونان بنبات " بنت ليلة "
- يطلب يونان ما لراحته
- ينشغل يونان بدودة تهلك اليقطينة

## تأملات:
+ نرى الله في هذا السفر سيدًا على كل الخليقة فهو:-
(1) يُرسل نوءًاعظيمًاثم يوقفه حين يريد.
(2) يعد حوتًا ليبتلع يونان ثم يلقيه حين يريد الله.
(3) ينبت يقطينة ثم يأمر دودة لتأكلها وتتلفها.
(4) يرسل ريحًا شرقية لتضرب يونان. وقد تبدو هذه الأفعال أنها عنيفة ولكنها كانت لتحقق مصالحة الله مع الإنسان وتعلن محبة الله. ولقد تاب يونان فعلًاو استفاد من الدرس وهكذا تابت نينوى ولم يهلك شعبها. ربما كان الدواء ُمرًالكنه يؤتى نتائج مبهرة

سفر يونان مقسم بالأصحاحات الكتاب المقدس - العهد القديم

الكتاب المقدس - العهد القديم
سفر يونان


1 | 2 | 3 | 4
St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة المسيحية القبطية الأرثوذكسية: الأنبا تكلا هيمانوت

الإصحاح الأول

1: 1 و صار قول الرب الى يونان بن امتاي قائلا
1: 2 قم اذهب الى نينوى المدينة العظيمة و ناد عليها لانه قد صعد شرهم امامي
1: 3 فقام يونان ليهرب الى ترشيش من وجه الرب فنزل الى يافا و وجد سفينة ذاهبة الى ترشيش فدفع اجرتها و نزل فيها ليذهب معهم الى ترشيش من وجه الرب
1: 4 فارسل الرب ريحا شديدة الى البحر فحدث نوء عظيم في البحر حتى كادت السفينة تنكسر
1: 5 فخاف الملاحون و صرخوا كل واحد الى الهه و طرحوا الامتعة التي في السفينة الى البحر ليخففوا عنهم و اما يونان فكان قد نزل الى جوف السفينة و اضطجع و نام نوما ثقيلا
1: 6 فجاء اليه رئيس النوتية و قال له ما لك نائما قم اصرخ الى الهك عسى ان يفتكر الاله فينا فلا نهلك
1: 7 و قال بعضهم لبعض هلم نلقي قرعا لنعرف بسبب من هذه البلية فالقوا قرعا فوقعت القرعة على يونان
1: 8 فقالوا له اخبرنا بسبب من هذه المصيبة علينا ما هو عملك و من اين اتيت ما هي ارضك و من اي شعب انت
1: 9 فقال لهم انا عبراني و انا خائف من الرب اله السماء الذي صنع البحر و البر
1: 10 فخاف الرجال خوفا عظيما و قالوا له لماذا فعلت هذا فان الرجال عرفوا انه هارب من وجه الرب لانه اخبرهم
1: 11 فقالوا له ماذا نصنع بك ليسكن البحر عنا لان البحر كان يزداد اضطرابا
1: 12 فقال لهم خذوني و اطرحوني في البحر فيسكن البحر عنكم لانني عالم انه بسببي هذا النوء العظيم عليكم
1: 13 و لكن الرجال جذفوا ليرجعوا السفينة الى البر فلم يستطيعوا لان البحر كان يزداد اضطرابا عليهم
1: 14 فصرخوا الى الرب و قالوا اه يا رب لا نهلك من اجل نفس هذا الرجل و لا تجعل علينا دما بريئا لانك يا رب فعلت كما شئت
1: 15 ثم اخذوا يونان و طرحوه في البحر فوقف البحر عن هيجانه
1: 16 فخاف الرجال من الرب خوفا عظيما و ذبحوا ذبيحة للرب و نذروا نذورا
1: 17 و اما الرب فاعد حوتا عظيما ليبتلع يونان فكان يونان في جوف الحوت ثلاثة ايام و ثلاث ليال
St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة المسيحية القبطية الأرثوذكسية: الأنبا تكلا هيمانوت

الإصحاح الثاني

2: 1 فصلى يونان الى الرب الهه من جوف الحوت
2: 2 و قال دعوت من ضيقي الرب فاستجابني صرخت من جوف الهاوية فسمعت صوتي
2: 3 لانك طرحتني في العمق في قلب البحار فاحاط بي نهر جازت فوقي جميع تياراتك و لججك
2: 4 فقلت قد طردت من امام عينيك و لكنني اعود انظر الى هيكل قدسك
2: 5 قد اكتنفتني مياه الى النفس احاط بي غمر التف عشب البحر براسي
2: 6 نزلت الى اسافل الجبال مغاليق الارض علي الى الابد ثم اصعدت من الوهدة حياتي ايها الرب الهي
2: 7 حين اعيت في نفسي ذكرت الرب فجاءت اليك صلاتي الى هيكل قدسك
2: 8 الذين يراعون اباطيل كاذبة يتركون نعمتهم
2: 9 اما انا فبصوت الحمد اذبح لك و اوفي بما نذرته للرب الخلاص
2: 10 و امر الرب الحوت فقذف يونان الى البر
St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة المسيحية القبطية الأرثوذكسية: الأنبا تكلا هيمانوت

الإصحاح الثالث

3: 1 ثم صار قول الرب الى يونان ثانية قائلا
3: 2 قم اذهب الى نينوى المدينة العظيمة و ناد لها المناداة التي انا مكلمك بها
3: 3 فقام يونان و ذهب الى نينوى بحسب قول الرب اما نينوى فكانت مدينة عظيمة لله مسيرة ثلاثة ايام
3: 4 فابتدا يونان يدخل المدينة مسيرة يوم واحد و نادى و قال بعد اربعين يوما تنقلب نينوى
3: 5 فامن اهل نينوى بالله و نادوا بصوم و لبسوا مسوحا من كبيرهم الى صغيرهم
3: 6 و بلغ الامر ملك نينوى فقام عن كرسيه و خلع رداءه عنه و تغطى بمسح و جلس على الرماد
3: 7 و نودي و قيل في نينوى عن امر الملك و عظمائه قائلا لا تذق الناس و لا البهائم و لا البقر و لا الغنم شيئا لا ترع و لا تشرب ماء
3: 8 و ليتغط بمسوح الناس و البهائم و يصرخوا الى الله بشدة و يرجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة و عن الظلم الذي في ايديهم
3: 9 لعل الله يعود و يندم و يرجع عن حمو غضبه فلا نهلك
3: 10 فلما راى الله اعمالهم انهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم ان يصنعه بهم فلم يصنعه
St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة المسيحية القبطية الأرثوذكسية: الأنبا تكلا هيمانوت

الإصحاح الرابع

4: 1 فغم ذلك يونان غما شديدا فاغتاظ
4: 2 و صلى الى الرب و قال اه يا رب اليس هذا كلامي اذ كنت بعد في ارضي لذلك بادرت الى الهرب الى ترشيش لاني علمت انك اله رؤوف و رحيم بطيء الغضب و كثير الرحمة و نادم على الشر
4: 3 فالان يا رب خذ نفسي مني لان موتي خير من حياتي
4: 4 فقال الرب هل اغتظت بالصواب
4: 5 و خرج يونان من المدينة و جلس شرقي المدينة و صنع لنفسه هناك مظلة و جلس تحتها في الظل حتى يرى ماذا يحدث في المدينة
4: 6 فاعد الرب الاله يقطينة فارتفعت فوق يونان لتكون ظلا على راسه لكي يخلصه من غمه ففرح يونان من اجل اليقطينة فرحا عظيما
4: 7 ثم اعد الله دودة عند طلوع الفجر في الغد فضربت اليقطينة فيبست
4: 8 و حدث عند طلوع الشمس ان الله اعد ريحا شرقية حارة فضربت الشمس على راس يونان فذبل فطلب لنفسه الموت و قال موتي خير من حياتي
4: 9 فقال الله ليونان هل اغتظت بالصواب من اجل اليقطينة فقال اغتظت بالصواب حتى الموت
4: 10 فقال الرب انت شفقت على اليقطينة التي لم تتعب فيها و لا ربيتها التي بنت ليلة كانت و بنت ليلة هلكت
4: 11 افلا اشفق انا على نينوى المدينة العظيمة التي يوجد فيها اكثر من اثنتي عشرة ربوة من الناس الذين لا يعرفون يمينهم من شمالهم و بهائم كثيرة