امنا تماف ايريني فخر الرهبنة - tamaf ayryny fakhar alrahbina
امنا تماف ايريني فخر الرهبنة - tamaf ayryny fakhar alrahbina
ولدت تماڤ ايرينى أو الطفلة "فوزية يسى خلة" يوم 9 فبراير 1936 من أبويين تقيين. تعثرت الام "جنفياف متى الفيزى" في ولادة ابنتها البكر ولم تتوجه إلى طبيب رغم آلامها، فتوجه والدها إلى كنيسة الشهيد مار جرجس في طهطا وظل يصلى ويبكى لكي يتحنَّن الله على ابنته وفي نفس الوقت كانت جنفياف تتضرع للقديسة العذراء مريم. فشاهدت الحجرة وقد أضاءت بنور سماوي وظهرت والدة الإله وكان الشهيد مار جرجس يقف خلفها. فتقدم الشهيد وخبط بيده ثلاث خبطات على ظهر الأم، وفى الحال نزلت طفلة جميلة تلقتها السيدة العذراء على يديها ورشمتها بعلامة الصليب وقدمتها لأمها قائلة: "دي مش بتاعتكم دي بتاعتنا... لكن اهتموا بتربيتها."
المعمودية والعناية الإلهية:
و بسبب كلام العذراء كان القلق ينتاب الأسرة على الطفلة فوزية وظنوا أنها ستموت. وقد نالت الطفلة المباركة سر المعمودية المقدس على يد الأنبا بطرس أسقف أخميم وسوهاج (1920-1951) في دير الأنبا شنودة رئيس المتوحدين. وكانت الأسرة تلاحظ أن العناية الإلهية تحيط بالطفلة فوزية. وذات يوم كان الوالدان في منزل الجد متى ومعهما طفلتهما التي كانت بين ثمانية أشهر وسنة. وفي المساء صعدوا جميعا إلى سطح المنزل وكانت الأم تحمل ابنتها التي كانت تبكى كثيرًا وتريد أن تلعب ولم تريد الأم خوفًا عليها، ولكنها أصرت أن تنزلها، وفي الحال بمجرد أن أنزلتها الأم إلى الأرض، أخذت تصرخ وصار جسمها كقطعة الثلج وفقدت الوعي وظنوا أنها ماتت. وفى الوقت رأت الأم عقربًا على الأرض فعلمت أنه لدغها عقرب فصرخت "أرصده يا أنبا شنودة". فرأت القديس طائرا في الجو وأخذ الطفلة من حجر والدتها ونفخ في وجهها ورشم على جبهتها علامة الصليب وقال للأم "ماتخافيش عليها دى بتاعتنا". وعلى الفور استردت الابنة الوعي، وعادت إلى الحياة. وكانت الأسرة تقوم بالذهاب سنويا لدير الأنبا شنودة رئيس المتوحدين ومعها عطايا كثيرة. وقد بارك الله الأسرة فأصبحت الأسرة مكونة من خمس شقيقات وشقيقين.
مدرسة الصلاة:
وتعلمت تماف الصلاة من والدتها وكذلك السجود والميطانيات metanoia وكانت تسمع تسابيح وصلوات في الليل، وعندما سألت الأم الكاهن عن ذلك، أجاب أنها صلوات السواح.
تعرضت والدة تماف لآلام في المعدة ولم يجد الأطباء علاجا لها وكانت متألمة جدا وكانت تماف تقول لها أن العذراء ستشفيها. وفى نفس الليلة ظهرت القديسة العذراء مريم للأم وكانت ترتدي فستان لون السماء وبه نجوم لامعة وسألتها عن سبب بكائها فقالت لها أن أولادها ما زالوا صغارًا، وطلبت بلجاجة أن تمتد حياتها حتى تكبر ابنتها وترعاهم. فطمأنتها أم النور وقالت لها "تعالى معايا أنا أوديك لدكتور شاطر قوى" وذهبت معها إلى مزارع وحدائق جميلة، حيث وجدت سرير وطبيب. وقالت السيدة العذراء لهذا الطبيب: "تعال يا جورج (مار جرجس) اكشف عليها" فقال لها:"يا ست يا عدرا أنت عارفة أن قضيتها منتهية؟" قالت له: "هي اتشفعت بي وأنا طلبت من ابني الحبيب فالقضية اتأجلت، فهل نتركها عيانة؟"
نامت والدة تماف على السرير وقالت السيدة العذراء لمارجرجس: "حط إيدك على بطنها" فقال لها: "ايدك انت الاول يا ست يا عدرا" فوضعت العذراء ومارجرجس يديهما مكان الألم وضغطا على المعدة والصدر حتى خرج من فم والدة تماف قطعة لحم سوداء كريهة الرائحة، وضعاها في قطنة وقالا لها أن هذا كل المرض وأعاداها إلى البيت. أيقظت الوالدة كل من في البيت وقصت عليهم ما حدث وقاموا بعمل تمجيد للقديسة العذراء مريم والشهيد مار جرجس وشكروا الله على محبته.
بيوت صلاة... بيوت طهارة... بيوت بركة:
وكانت الأسرة مداومة على تقديم أعمال رحمة كثيرة، وكانت الأم تهتم بخدمة الملاجئ، وتعلم أولادها ذلك. وكانت تماف ايرينى طفلة بارة تحب الكنيسة والصلاة والمواظبة على حضور القداسات والتناول، وشديدة التمسك بالعقيدة الأرثوذكسية، وكانت ترد على كل من يشكك فيها أو في شفاعة القديسين. وقد كانت تصوم صوم العذراء انقطاعيًا حتى المساء ثم تأكل خبز وملح ولا تأكل أي نوع من الفاكهة. وكذلك فترات الصوم تؤديها بنسك شديد. وكانت تمضى وقتها هي وصديقاتها في الكنيسة للتعبد ثم يقمن بتنظيف الكنيسة حتى ظهرت لهن العذراء في يوم كان شاق جدًا عليهن وشكرتهم على الاهتمام بالكنيسة المقدسة.
فِكر الرهبنة:
كانت تماف تشتاق لحياة الرهبنة جدًا لكنها لم تكن تعرف شيئًا عن الأديرة الأرثوذكسية. فذهبت في أحد المرات إلى الراهبات الأجانب الكاثوليك بالمدرسة التي كانت تدرس فيها وطلبت منهن الالتحاق بالحياة الرهبانية بشرط أن تعترف وتتناول في كنيستها الأرثوذكسية، فرفضن. وعندما رأى والدها شدة اشتياقها للرهبنة، عرض عليها أن يبنى لها قلاية فوق السطوح. وكانت خالة تماف "مفيدة" والتي تكبرها بسنوات قليلة في السن، تشاركها نفس الاشتياق، ولكن أجبرتها الأسرة على الخطوبة فذهبت مفيدة لصورة القديسة العذراء وأخذت تبكى وتشتكى لها فتجسمت الصورة وقالت لها العذراء مريم "قولي لوالدتك أن ما كنتوش هاترضوا أروح الدير، العذراء هاتاخدنى عروسة للمسيح" ولم تصدق والدتها هذا الكلام. ولكن حدث أنه بينما كانت مفيدة تقوم بعمل الكحك والبسكويت للزفاف، شعرت بصداع شديد أثناء نزولها السلم ثم وقعت وفارقت الحياة في الحال.
عندما علمت تماف -وكانت وقتها صغيرة السن- بما حدث، بكت بحرقة فرأت في رؤيا عذارى كثيرات في ثياب بيضاء ومعهن صلبان من الألماظ ويرتدين تيجان على رؤوسهن وكانت معهن مفيدة، ففرحت تماف جدًا، وطلبت مفيدة من تماف ألا تبكى لأنها سعيدة في الفردوس, وأخبرتها أن مكانها جميل، وأجمل ما فيه رب المجد يسوع المسيح، وقالت لتماف أن الرب سمح لها أن تراها لكي تتعزى وتفرح. وسألتها تماف عن العذارى اللاتي معها، فقالت لها: "انهن أيضًا عشن بطهارة وجاهدن، والرب حسبهم كراهبات، وقالت لها أيضًا: إنهن ذاهبات ليزرن الشهيدة دميانة والأربعين عذراء ليعيدن معهن" وقالت مفيدة لتماف أنها ستدخل الرهبنة وستصبح رئيسة دير وسيكون لها بنات كثيرات ثم ستذهب لمفيدة. وقصت تماف الرؤيا لعائلتها فتعجبوا كثيرًا.
الشهيد أبي سيفين:
و كانت تماف تصلى أن يرشدها الله. وفى أحد الأيام حيث كانت تصلى بدموع رأت شابًا جميلًا منيرًا يقول لها: "ياللا على ديري" فسألته عن هويته فقال لها انه الشهيد ابى سيفين وكانت تماف أول مرة تسمع أو تعرف أن هناك شهيد بهذا الاسم. فذهبت في اليوم التالى إلى الكاهن وروت له ما حدث، حيث أراها سيرة القديس في السنكسار cuna[arion فقرأتها وتعجبت لأنها لم تكن تعرفه.
وبينما كانت تماف تصلى في اليوم التالي تكررت الرؤية مرة أخرى فأخبرت أبونا وظهر لها الشهيد في الليلة التالية بملابسه الرسمية. ودار هذا الحديث بين الشهيد أبو سيفين وتماف ايرينى:
قال: "أنا عايزك لديري في مصر! أنا هاخدك وأفرجك على الدير، وبعض الراهبات هناك يستضفن أقاربهن عندي، وستراك راهبة أو أكثر ويسألونك أنت مين؟ فلا تجيبى بكلمة .. ابتسمى فقط.."
فرشمت تماف الصليب ورشم القديس الصليب ثم قال "يالا متخافيش" ووجدت نفسها على الحصان، وفى ثوان كانت في الدور الثاني في الدير.
قال: "شوفي ديري؟"
فقالت:"آه، بس آجي إزاي؟" فقال "الهي هيدبرها لك" وبعد ما رأت تماف الدير أعادها أبو سيفين بسرعة إلى منزلها في جرجا. ويشاء الله أن تأتى أمنا ماريا من دير أبو سيفين لزيارة شقيقها في بلدة قريبة وحضرت قداسات صوم يونان في كنيسة الملاك في جرجا وتعرفت عليها أحد صديقات تماف وقالت لها وفعلًا قابلتها وأخذتها لقضاء فترة الصوم في منزل عائلتها وسمع والد تماف عن نظام الدير من أمنا ماريا وأزداد قلقًا على تماف ورفض ذهابها رفضًا باتًا. بعدها وعدت أمنا ماريا تماف أن تقول لتماف كيريا واصف رئيسة الدير عنها. وبدأت أمنا ماريا تراسل تماف وفى يوم ما رأى والد تماف إحدى الخطابات وكانت تقول فيه لتماف أن تركب القطار وسوف تنتظرها على المحطة. فقال لها والدها أنها لا يجب أن تغضب أباها وأمها ويجب عليهم أن يصوموا ويصلوا وإذا أراد الله فسوف يأخذها الدير بنفسه. وفعلًا صامت الأسرة خمسة عشر يومًا مع حضور قداسات وميطانيات.
وفى أحد الأيام رأت والدة تماف رؤيا. حيث شاهدت ملائكة تبنى وقالوا أنهم يقيمون الأساس لأن الملكة وأم الملك قادمة. وأحضروا كرسى فخم جدًا ومرصع بالذهب والجواهر وزفوا العذراء وجلست على الكرسى. وسجدت والدة تماف للعذراء وقالت لها "السلام لك يا أم النور" قالت لها "أنت ناسية الكلام اللى قلته لك ساعة ولادة بنتك البكر.. دي بتاعتنا وأنا خطبتها لابني.. فما تخافيش عليها وسيبيها تترهبن وهى في حماه والا هناخدها دلوقتي" قالت لها الأم "خلاص يا ست يا عدرا تترهبن وأنا هاقنعهم." وكان الأب متردد حتى جاء راهب كانت تماف تعترف عنده اسمه أبونا متياس وقال للأب "أتركها وهى هترجع لك بنفسها بعد أسبوع واحد لأنها لن تتحمل" وذات ليلة كانت تماف تقرأ سيرة القديس يوحنا صاحب الإنجيل الذهب فظهر لها وقال لها "خلاص أنا كنت عند ماما وبابا وهما خلاص هدأوا.." وفعلا هذا ما حدث.
دخلت تماف الدير في الصوم الأربعيني عام 1954. وكانت دائمة الصوم والصلاة. وأحبت حياة العفة والطهارة، وسوف تجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ وأقوال الآباء. وقد تعرضت تماف لمتاعب وحروب كثيرة. كانت في البداية بدون قلاية وكان والدها يكتب لها دائما لكي ترجع.
أول يوم في القلاية والحروب الروحية:
وعندما أعطيت قلاية كانت مظلمة جدا ولم يوجد غطاء فكانت تستعين بالبالطو كغطاء. وبعد ساعات رأت فجأة أمامها شخص أسود اللون، طويل القامة، رأسه تصل للسقف، له قرون حمراء وفى يده سكين وكان يتوعدها ويخيفها فصرخت "انجديني يا قوة الله... احفظينى يا قوة الله" ثم وقعت على الأرض في حالة رعب شديد، وجاءت لها أمنا تواكليا وأخذتها في حضنها فروت لها ما حدث، فطلبت منها ألا تخاف لأنه الشيطان وانه مثل القش بعلامة الصليب يمشى في الحال ورجعتها قلايتها. وأحيانا عند عمل الميطانيات كانت ترى ثعابين وعقارب وقالت لإحدى الراهبات فقالت لها انه الشيطان فيجب أن ترشم علامة الصليب حتى تختفي.
سيامة مباركة:
وفى 26 أكتوبر 1954 تم سيامة تماف راهبة في دير الشهيد العظيم أبى سيفين واختارت رئيسة الدير اسم إيريني لشدة محبتها لراهبة متنيحة بذات الاسم. وكان ملاكها الحارس يوقظها لحضور التسبحة.
وكانت لديها أعمال كثيرة في الدير وكثيرا لم تتمكن من الذهاب للقداس لكثرة العمل ولكنها كانت تشتاق للمناولة حتى أن في أحد الأيام وجدت شخص أمامها يقول لها "تعالى نصلى مع السواح وحارجعك قبل ميعاد الشغل.. امسكي في جلابيتى" وارتفعت ووجدت نفسها في كنيسة عليها صليب في الصحراء وحضرت القداس وأخذت المناولة مع السواح وأعطوها قربانة ولما سألت عن هذا المكان قيل لها أنها كنيسة السواح في جبل الأنبا أنطونيوس ثم وجدت نفسها في القلاية مملوءة فرح وتعزية. وأبلغت أمنا الرئيسة فوزعت القربانة على الراهبات للبركة.
وفى أحد الأيام أثار عدو الخير رئيسة الدير عليها حتى أنها طلبت منها أن تذهب إلى بيت والدها فتوسلت إليها تماف أن تبقيها حتى الصباح فوافقت. ومكثت تماف تبكى طوال الليل خائفة من الرجوع فرأت أبى سيفين الذي طمأنها وقال لها أنه سيكلم أمها الرئيسة. وفى الصباح ذهبت للأم الرئيسة وطلبت أن تسامحها فاحتضنتها وقالت لها أن أبو سيفين جاء لها. وظلت تماف في الدير.
في قطار الصعيد:
وبعد ثلاث سنوات من دخول تماف الدير تنيحت والدتها وأمرتها الرئيسة بالذهاب لتعزية الأسرة ومعها أمنا كيريا اسكندر. فذهبتا بالقطار الذي تحرك الساعة الرابعة ظهرا وقبل وصوله إلى أسيوط علم الجميع أن هناك قطار مقلوب ونزل كل الركاب يتسابقون ليلحقوا بقطار آخر على مسافة بعيدة وكان الظلام حالكًا فكانتا الراهبتان تصليان وانتظرتا قليلا حتى يخف الزحام ويتمكنا من النزول لأن القطار كان بعيدًا عن الرصيف وكان عليهما أن تقفزا وإذا بهما يجدا ضابطًا أمامهما يسود ملامحه الهدوء والروحانية والسلام وقال "يا أمهات ماتخافوش ربنا معاكم" فقالتا "ربنا معانا ومعاك" فقال لتماف "ادينى إيدك علشان تنزلي السلم" فرفضت وشكرته وكرر الكلام لأمنا كيريا فشكرته أيضًا وأمسكت بيد تماف وقفزتا والعجيب أنهما لاحظتا نورا ينبعث من هذا الضابط وكانت تماف وأمنا كيريا تسرعان فقال لهما الضابط "ماتخافوش القطر مش ح يقوم غير لما أنتم تركبوا فيه" ووصلتا للقطار الذي كان مزدحمًا جدًا وكان هناك عساكر جالسين فقاموا لأداء التحية للضابط فقال لهم "دول راهبات تعبانين" فقاموا وجلست تماف وأمنا كيريا وشكرتا الضابط وطلبتا التعرف باسمه فقال لهما "أنا أبو سيفين" واختفى وتعجب كل الحاضرين في القطار الذين سألوا عن سيرة الشهيد ومكثت تماف وأمنا كيريا يرويان سيرة الشهيد طول السكة. ومكثت تماف عام كامل في منزل الأسرة وكانت ترى والدتها كل يوم ترشدها إلى ما تفعله. ثم رجعت الدير.
كانت تماف تعانى من صداع شديد وألم في العينين وذهبت لأطباء كثيرين دون جدوى فاصطحبتها أمنا كيريا اسكندر إلى أبونا مينا المتوحد البراموسي (البابا كيرلس السادس) ليصلى لها فقال لها أن هذه حرب من الشيطان لأنه مغتاظ من أن تماف تقرأ كثيرًا. وقال لأمنا كيريا أن تماف ستصبح رئيسة للدير وفى عهدها سيكون هناك أكثر من مذبح وراهبات كثيرات، ثم انصرفتا. وفى مرة أخرى حلمت تماف بثلاثة أشخاص منيرين يرتدون صلبان وقالوا أنهم يصنعون لتماف كرسي مقاسها. فسألتهم عن هويتهم فقالوا لها انهم الثلاث مقارات. وفى أحد المرات رأت ثلاثة أشخاص يشبهون الرهبان وكانوا مضيئين جدًا وكانوا يرتدون صلبان وفى أيديهم صلبان وكانت أمنا الرئيسة واقفة ومعها قنديل زيت فأخذوه من يدها وأعطوه لتماف ايرينى. وعندما قالت ذلك لأمنا الرئيسة ابتسمت وقالت أنها كانت تصلى ليرشدها الله لمن ستأخذ المسئولية بعدها. وقالت لها أن الثلاثة هم الأنبا أنطونيوس والأنبا شنودة رئيس المتوحدين والأنبا باخوميوس والرؤيا معناها أن أيرينى ستمسك المسئولية بعدها.
سيامة مباركة:
وتوالت الأيام وكان البابا كيرلس السادس يريد أمنا ايرينى أن تكون رئيسة لدير مارجرجس ولكنها رفضت فانتدبها للاهتمام بشئون الدير ثم رسم البابا كيرلس السادس أمنا كيريا أسكندر رئيسة لدير الشهيد مارجرجس. وكانت تماف تحاول الهرب من رئاسة الدير حتى ظهر لها أبو سيفين وقال لها: "اسمعى أنا مش عايز حد يمسك الدير غيرك......" وأعطاها المفاتيح ولكنها كانت ترفض وتلقيها، فيعطيها لها مرة أخرى فتلقيها....وهكذا. ولم تروي تماف هذا الموضوع لأحد. وتنيحت تماف كيريا واصف عام 1962 وفى اليوم التالي جاء الأنبا كيرلس أسقف البلينا وأعطاها خطاب يعلمها فيه برئاسة الدير فرفضت استلامه وجلست تبكى. وفى يوم 15 أكتوبر 1962 بعد صلاة التسبحة علموا أن البابا كيرلس السادس سوف يحضر لعمل قداس وجاء سيدنا وطلب من الأمهات أن يحضروا لايرينى الملابس وقادها أبونا بيديه الاثنين وكانت تبكى عندما بدأت تفهم الموقف وكانت الراهبات يشدونها وهى تبكى حتى أتم البابا الصلاة وألبسها إسكيمه `cxhma الخاص.
حياة الشركة الباخومية:
وكان النظام السائد في الدير هو أن كل راهبة تطهو لنفسها وتأكل في قلايتها ولم يكن نظام المائدة الواحدة معمولًا به. وكانت صلاة المجمع (أي صلاة الراهبات معًا) مرة واحدة في اليوم. فخصصت تماف ثلاثة أيام صوم وصلاة وميطانيات ليرشدها الله وفى أحد الليالي أخذها ملاك إلى الفردوس وسجدت أمام رب المجد وكان عن يمينه السيدة العذراء وطلب من الملاك أن يأخذها للأنبا باخوميوس لتسمع منه عن نظام الدير فقال لها "عاملي الجميع معاملة واحدة والكل يأكل على مايدة واحدة ويكون لهم زى واحد" وقال لها عن مخطوط بالدير به نظام الشركة وقوانينها. وقد طبقت تماف إيريني قانون حضور صلاة نصف الليل والتسبحة في الكنيسة، الذي باركته العذراء مريم بنفسها حين ظهرت للراهبات وهن ذاهبات لحضور صلاة نصف الليل، وكانت تبتسم وتعطي لكل راهبة ذاهبة للصلاة بفرح قنديل مضيء، وأما الراهبات اللاتي ذهبن لحضور الصلاة وهن متضررات فقد أعطتهن قنديلًا مطفأ واللاتي لم يذهبن لم ينلن هذا القنديل من يد السيدة العذراء. واهتمت تماف إيريني ببناء كنيسة داخل الدير فأصبح هناك أكثر من مذبح مثلما تنبأ البابا كيرلس السادس. وكانت دائمًا تعظ بناتها وتنصحهن وتشجعهن وكانت تساعدها العناية الالهية.
وفي إحدى الليالي كانت تماف إيريني تصلى طالبة المعونة فتجسدت صورة العذراء وأنارت القلاية ورشمت على تماف علامة الصليب وقالت لها: "بنعمة ابني الحبيب ناجحة.. ناجحة.. ناجحة".
كانت تماف دائمًا تتمنى الاستشهاد على اسم يسوع المسيح وفى رحلاتها العلاجية كان دائما يظهر لها احد القديسين لمساعدتها. وتعرضت تماف لأمراض كثيرة. وأُجري لها 27 عملية جراحية منها عملية قرحة بالمعدة عام 70، استئصال الرحم 76، وكانت قد أوشكت أن تُجرى لها عملية بتر في القدم اليمنى لولا تدخل السيدة العذراء والشهيد أبى سيفين، وفى أواخر الثمانينيات أصيبت بجلطة في القلب وسافرت إلى الولايات المتحدة حيث أُجريت لها عملية قسطرة للقلب والتي أظهرت انسداد بالشرايين التاجية، وخضعت لعملية توصيل الشرايين التاجية عام 1992. ثم اكتشف الأطباء سرطان بالغدد الليمفاوية وسافرت مرة أخرى للولايات المتحدة وظهر ضعف في عضلة القلب وبدأت العلاج الكيماوي وزاد ضعف عضلة القلب. ثم عادت لمصر، وعندما عادت مرة أخرى للولايات المتحدة للمتابعة لم يجدوا أثرًا للسرطان واعترفوا أنها معجزة بجميع المقاييس مما جعل الطبيب المعالج يؤمن بالسيد المسيح.
وساءت عضلة القلب لذلك نصح الأطباء بزراعة قلب لكنها رفضت تمامًا وقرر الأطباء أنها لن تعيش أكثر من ستة أشهر وكان ذلك في 1999. وفى 2001 أصيبت بهبوط شديد بعضلة القلب وتوقف القلب تمامًا وتم إنعاشه بالأدوية والصدمات الكهربائية فعاد القلب ينبض لكن بعد فترة توقف مدة طويلة وتم تركيب قسطرة ومنظم للقلب. ثم رجعت تماف للدير، ولكنها كانت تذهب كثيرًا للمستشفى لعلاج القلب، وكانت أيضا تعالج من مرض السكر لمدة ثلاثين عاما بحقن الأنسولين مرتين يوميا. وكانت تضطر أخذ مدرات للبول.
انطلاق الروح:
وفى المرة الأخيرة دخلت تماف مركز الحياة، حيث كانت عضلة القلب قد ضعفت تماما بعد مجهود عيد أبى سيفين وفى أثناء وجودها بالمستشفى في 16 أكتوبر 2006 أصيبت بكسر في القدم اليمنى وتم تجبيسها، وتدهورت وظيفة الكلى ولم تتحسن الحالة ولم تستجب للعلاج وتنيحت في 31 أكتوبر 2006 م.
ويوجد حاليًا في دير أبوسيفين مزار لها بالقاهرة به جسدها.