قصة دير الأنبا هيدرا معالم دير الانبا هيدرا من هو الانبا هيدرا احداث تاريخية دير الانبا هيدرا
The Monastery of Saint Simeon
Deir Anba Samaan Heidra
Deir Anba Samaan Heidra
القديس الأنبا سمعان الشهير بالأنبا هيدرا الأسوانى :
إن المعروف عن هذا القديس ليس بالكثير فلقد عاش الأنبا هيدرا فى الفتره ما بين النصف الاخير من القرن الرابع الميلادى و حتى النصف الأول من القرن الخامس الميلادى ( 350 - 395 م) و كان اسمه الحقيقى سمعان بمعنى يستمع و اشتهر باسم هيدرا و ذلك أغلب الظن لان الناس كانت تشاهدة و هو يحمل جرة ماء Pitcher من مياه النيل ثم يمضى بها إلى صومعته فمن كان من الناس لا يعلم اسمه الحقيقى كان يشير إليه بأنه أبو هيدرا اى أبو جرة إذ أن هيدرا باللغة اليونانية و القبطية هى الجرة التى يحمل فيها الماء و من ثم اطلق علية اسم الأنبا هيدرا و قد جاء عن القديس سمعان فى كتاب السنكسار تحت اليوم الثانى عشر من شهر كيهك و كذلك فى المخطوطة رقم 319 ميامر بدير السيدة العذراء بالسريان بوادى النطرون أنه نشاء فى أسوان من ابويين مسيحيين تقيين ربياه فى مخافة الله و علماه طريق الفضيلة منذ نعومة أظفاره فأخذ ينمو قليلاُ قليلاً فى تقوى الله و عبادته حافظاً للكتاب المقدس وديعاً طاهراً عفيفاً ملازماً للأصوام و الصلوات مواظباً على دخول الكنيسة باكراً و عشية و لما بلغ سمعان الثامنة عشرة من عمره أراد والداه و أهله أن يزوجوه بابنة عذراء من اقاربه أما هو فكان عازفاً عن الزواج و متجهاً بكل قلبه إلى الزهد و النسك و كان يسأل الله ليلاُ و نهاراً أن يرشده إلى الطريق المستقيم و فى إحدى الليالى رأى شخصاً روحانياً منيراً يناديه باسمه و يقول له : " هيدرا هيدرا لا تتوان عن النهوض بما اهتممت به من فكرً صالح بل قم مسرعاً و تمم ما فى ذهنك " فنهض فى الصباح و ذهب إلى الكنيسة كعادته و سأل الله أن يعينه و أن يرشده إلى ما فيه خلاص نفسه الأبدى و كان يتلو المزمور القائل : " طوباهم الذين بلا عيب فى الطريق السالكون فى شريعة الرب " (مز 118: 1) و هناك فى الكنيسة سمع من أقوال الكتاب المقدس ما استراحت له روحه فتعزى تعزيات روحية جميلة و عند خروجه من الكنيسة رأى رجلاً ميتاً محمولاً على الأعناق و المشيعين ذاهبين به إلى الدير بمنف ليدفنوه هناك فسار مع المشيعيين و كان يحدث نفسه قائلاً : " ليس هذا الرجل المحمول هو فقط الذى مات و لكنك أنت إيضاً يا سمعان قد مت عن هذا العالم الزائل " و لما وصلوا بالرجل الميت إلى الدير دفنوه هناك أما سمعان هيدرا فأحب الإقامة فى الدير و لبث هناك مع الرهبان يمارس الصلاة معهم إذ رآهم قديسين كملائكة الله و لم يعد إلى بيته فلما علم أقرباؤه و أهله بذلك أتوا إليه و أخذوا يحضونه على العودة إلى بيته قائلين : "ما هذا الذى قد فعلته؟ إنك تركت أهلك و أموالك و إنك بعملك هذا تجلب علينا حزناً عظيماً كما أنك تؤلم قلب خطيبتك أما عن العبادة فإنه يمكنك أن تعبد الله فى أى مكان تشاء " فلم يسمع لقولهم و ظل صامتاً و لما رأوا أنهم لم يفلحوا فى إرجاعه عن رأيه تركوه و عادوا يائسين و الحزن يملأ قلوبهم أما هو فتمادى فى عبادة حارة و نسك عظيم و صوم دائم و صلوات متواترة و مطانيات لا عدد لها فلما رأى القديس بيمن أب الدير قوة عزمه و نشاطه الروحى و كثرة نسكياته ألبسه الشكل الملائكى للرهبنة و جعله تلميذاً له فتتلمذ سمعان هيدرا على يد القديس بيمن مقتدياً به و مسترشداً بتعاليمه الصالحة حتى صار ابناً خاصاً له و سار السيرة الملائكية و استنارت نفسه من التعاليم الإلهية و ظل مداوماً على الأصوام الطويلة و الصلوات و المطانيات و قراءة الكتاب المقدس ساهراً فى المجاهدات الروحانية و اقتناء الفضائل المسيحية و بعد أن أمضى القديس سمعان هيدرا فى هذا الجهاد الروحى ثمانى سنوات سأل أباه الروحى و معلمه القديس بيمن أن يسمح له بالانفراد فى البرية الداخلية ليمارس حياة التوحد المطلق فصحبه معلمه القديس بيمن إلى مكان يسمى بالمتوحدين و قد أخذا معهما قليلاً من الخبز و الماء و أقاما معاً فترةً ما دربه فيها الانبا بيمن على قتال الشياطين على ما تعلمه من سيرة حياة القديس الأنبا انطونيوس الكبير كوكب البرية و أبى الرهبان و وضع له قوانين لأصوامه و صلواته و مطانياته و أوصاه أن لا يتوقف عن العمل و الاشتغال بيديه ثم تركه الأنبا بيمن و عاد إلى ديره فى منف أما القديس سمعان هيدرا فأقام فى مغارته يجاهد الشياطين عن نفسه بعبادة حارة و زهد عظيم حتى إن بعض الإخوة السواح لما رأوا تعبه فى العبادة و شدة تقشفه أشفقوا عليه ونصحوه بالاعتدال لكنه أجابهم باتضاع أخجلهم فاتعظوا به وتركوه ومضوا وكانوا يأتون إليه من وقت إلى آخر لينتفعوا بتعاليمه ويقتدوا بسيرته متعجبين من كثرة اتضاعه و انسحاق قلبه و ظهر له الشيطان مرة و بيده سيف مسلول و هو يريد قطع يديه فصرخ القديس إلى الرب فاختفى عنه الشيطان فى الحال و حدث أن خرج من مغارته فى أحد الأيام و لما عاد إليها وجد بها تنيناً عظيماً بداخلها فصلى إلى الرب قائلاً : " يا ربى و سيدى يسوع المسيح إذا كانت هذه إرادتك أن اسكن مع هذا الوحش فلتكن مشيئتك " و عندئذ تطلع إلى التنين فوجده و قد تقطع جسمه إلى ثلاثة أجزاء و هكذا انتصر القديس سمعان على التنين و على غير ذلك من الخيالات الشيطانية التى كانت تظهر له لتحاربه حتى يكف عن مجاهداته الروحية و سمع الناس بسيرة القديس سمعان هيدرا و تقاطروا عليه و كانوا يأتون إليه بالمرضى والمعذبين من الأرواح النجسة فكان يصلى على زيت ويدهنهم به فيبرأون وأما الأرواح النجسة فكانت تصرخ قائلة : " يا و يلاه منك يا هيدرا لقد أحرقتنا بصلواتك وطردتنا من البرارى! " وسمع عنه رهبان من الشام فجاءوا إليه وسألوه عن مسائل اشكلت عليهم فى الكتاب المقدس ففسر لهم معانيها فأعجبوا بعلمه و فهمه و أجوبته و رجعوا يقولون: " لقد طفنا جبالاً و ديارات كثيرة و زرنا معلمين و فلاسفة فلم نجد من يفسر لنا هذه المسائل كما فسرها لنا هذا القديس سمعان " و لما اشتهر أمره و كثرت زيارات الناس له كره الشهرة فقصد أن يهرب منها إلى مكان لا يعرفه فيه أحد فاستشار فى ذلك أباه الروحى و معلمه القديس بيمن المتوحد عند لقائه به فأذن له بذلك فصليا معاً ثم افترقا و ودع أحدهما الآخر و مضى القديس سمعان هيدرا إلى البرية الداخلية و كان وهو يمشى يسأل الله أن يدبر له مكاناً مناسباُ يختاره و بعد مسيره ثلاثة أيام وجد مكاناً هادئاً فوقف فيه يصلى و لما وجد فى هذا المكان وحوشاً بسط يديه و صلى قائلاً : " يا ربى يسوع المسيح يا من أخضع الأسود للنبى دانيال فى القديم اصنع رحمة مع عبدك و أبعد عنى شر هذه الوحوش الكاسرة " فاستجاب الرب لصلاته و كسر شراسة الوحوش عنه فلم يؤذوه بل صاروا مستأنسين له و إذ ضعف جسده من كثره النسك و قد أنهك الصوم الطويل قوته البدنية أشفق الله عليه فظهر له و هونائم كائن نورانى و بيده إناء مملوء من الدهن فسكب منه على رأسه و هو يردد بصوت مسموع قائلاً " لقد شفيت يا هيدرا من جميع أمراضك " فاستيقظ القديس سمعان هيدرا معافى تماماً و أحس فى نفسه انه قد شفى فعلاً شفاءً شاملاً و استرد صحته كاملةً و كأنه لم يصب البتة فأدرك عندئذ أن رحمة الله قد شملته و أن قوة الله قد خلصته من قتال الشيطان و الأرواح النجسة و مع ذلك حسده الشيطان من جديد و صار هو و جنوده يحاربونه بالخيالات و يخيفونه بالأشكال المخيفة و يتهددونه بالمضايقات و المعاكسات أما هو فكان يرسم على نفسه و عليهم علامة الصليب المجيد فيهربون من أمامه مذعورين و هو يهتف قائلاً : " أيها الرب إلهى الذى هزم إبليس و جنوده الأشرار بصليبك المحيى خلصنى من هؤلاء الأشرار المحيطين بى القائمين على " و كان يردد قول المزمور : " خاصم يا رب من يخاصمنى و قاتل من يقاتلنى امسك مجناً و ترساً و انهض إلى معونتى و اشرع رمحاً و صد تلقاء مطاردى " قل لنفسى : " إنى أنا خلاصك " ليخز و ليخجل الذين يطلبون نفسى ليرتد إلى الوراء و بخجل المتفكرون بإساءتى ليكونوا مثل العصافة قدام الريح و ملاك الرب داحرهم ليكن طريقهم ظلاماً و زلقاً و ملاك الرب طاردهم " ( مز 34 : 1 - 7) و كان الأب القديس بيمن معلمه و أبوه فى الطريق يفتقده من وقت إلى آخر ليطمئن عليه و لينفعه بنصائحه و يشجعه فى طريق الجهاد و يرشده فيما يسأله عنه و يزوده بخبرته و بسيرة القديس أنطونيوس و جهاده فى قتال الشياطين و الأرواح النجسة و كلما شدد الشيطان على الأنبا هيدرا القتال كانت تتداركه مراحم الرب فيظهر له ملاك من السماء يشدده و يعينه و يرفع عنه الآلام و يشفيه من الأمراض و قد وقف الأب القديس بيمن على كل ذلك أو بعضه ففرح لذلك فرحاً عظيماً و علم أن تلميذه و ابنه هيدرا سائر فى المنهج الصحيح و كان يصلى معه ثم يغادره ليعود إلى ديره و إلى صومعته و كان الأنبا هيدرا يلبس فى الشتاء مسحاً خشناً من الشعر و فى الصيف ثوباً من الجلد اما عندما يتفقد ليتناول من الأسرار المقدسة فكان يلتحف جبة من الصوف الأبيض قد خصصها لهذا الغرض و قد منحه الرب موهبة شفاء المرضى و إخراج الشياطين فكان يضع يده على المرضى فيشفون و كان يصلى على من بهم الأرواح النجسة فتخرج منهم
دعوته إلى الأسقفية
فلما رأى القديس ان الناس يتوافدون عليه للصلاة على مرضاهم أراد أن يهرب مرة أخرى فترك المكان إلى موضع آخر متوغلاً فى البرية الداخلية و أقام فى صومعتة متعبداً فى هدوء و سكون و تأمل و خشوع و هكذا تكون سيرة السواح الذين عاش القديس الأنبا سمعان هيدرا كواحد منهم غير أن لله حكمته التى تسمو على كل تدبير فرأى بتدبيره الحكيم و لخير كنيسته أن ينتفع المؤمنين بخبرات هذا القديس و روحانياته و إذ كان القديس سمعان هيدرا قد سلك طريق الرهبان السواح و انطلق بعيداً إلى أعماق الصحراء و لم يكن بالطبع يخطر لباله أن يعود إلى العالم مرة أخرى بعد أن خرج منه طلباً للهدوء و العبادة فى سكون و صمت لذلك و قد أراد الله أن يدعوه لخدمته لم يشأ أن يكتفى بدعوة المؤمنين له فقد كان من البديهى لقديس فى مرحلة السياحة أن يرفض العودة للخدمة فى العالم لذلك شاء الله أن يدعوه و هو فى صومعته برؤيا إلهية تشرق على قلبه و روحه قبل أن يتلقى الدعوة البشرية من الناس فإذا به فى إحدى الليالى و هو فى ذلك المكان القصى و البعيد فى أعماق الصحراء يرى فى الرؤيا انساناً فى زى الأسقفية جالساً على كرسى يخاطبه و هو جالس و يوصيه بأن يتمسك بالإيمان الذى تسلمه من الآباء القديسين و يحافظ على وديعة الإيمان بالثالوث القدوس الإله الواحد الأحد الآب و الابن و الروح القدس و لا يدع أحد يتشكك أو يشك فى الإيمان بالله و وحدانيته و كمال صفاته و أنه الواحد وحده كلى القدرة و كلى الصلاح و الحكمة و المعرفة و الجودة و أنه و هو الرحيم بعباده شاء أن يتجسد فى الزمان و أن يظهر فى هيئة الناس و أن يفديهم و يخلصهم بأن يحمل خطايهم و أن يقبل فى جسده حكم الموت عنهم ليعتقهم من العقوبة الأبدية و يردهم مرةً أخرى إلى الفردوس بعد أن خرجوا منه مطرودين فى أبيهم آدم و بعد أن تمم المسيح له المجد الخلاص و الفداء عاد إلى السماء التى منها نزل و استرد صورة المجد التى أخلى ذاته منها بإرادته محبةً فى خلاص الناس و لسوف يجئ ثانيةً مرةً أخرى ليدين الأحياء و الموتى و يجازى كل إنسان على حسب أعماله و رأى القديس سمعان هيدرا أن محدثه الروحانى بعد أن فرغ من خطابه القوى إذ به ينهض من على كرسيه و يشير بيده إلى الأنبا هيدرا و يقول له : " ها إنى قد وهبتك هذا الكرسى لتجلس عليه " قال هذا ثم اختفى عنه فتعجب القديس سمعان هيدرا من هذه الرؤيا و أخذ يتفكر فى معناها و مغزاها و أحس أنها تحمل إليه رسالة إلهية و دعوة سمائية و ظل مدة فى حالة من الذهول و الدهشة و هو يتأمل متفكراً فيما عسى أن تكون دلالة هذه الرؤيا غير أنه لإحساسه الواضح بها و أثرها العميق فى نفسه و روحه دونها بخطه و لم يستطع نسيانها و كانت تلح على ذهنه من وقتً إلى آخر فكان يذكرها و إن لم يفهمها تماماً و لم يذكرها لأحد إلا بعد أن تحققت بالرسامة الأسقفية و حدث بعد هذا أن رقد فى الرب أسقف أسوان (فى عام ما يقع فى الفتره ما بين اعوام 385 - 395) فسعى المؤمنون فيها للبحث عن خليفة له يحمل المسئولية الرعائية من بعده فذهبوا إلى الدير و هناك اجتمعوا بالرهبان الذين حضروا من الشام و هؤلاء أثنوا على القديس سمعان هيدرا فبحثوا عنه و لما وجدوه أخذوه عنوة على الرغم منه و سافروا به إلى الاسكندرية و طلبوا من البابا ثيئوفيلوس ، الثالث و العشرين من بطاركة الكرسى الاسكندرى ( 385 - 412 م ) أن يرسمه لهم أسقفاً على أسوان قد كان من البديهى لراهب سائح من طراز الأنبا هيدرا أن يرفض هذه الرسامة أو يعتذر عنها و لكنه لم يقاوم كثيراً بسبب الرؤيا التى سبق و أن رأها القديس سمعان هيدرا فى صومعته و مهما يكن من أمر فقد رسموه اسقفاً على أسوان و لما جلس على كرسى الأسقفية عكف على الصلاة و على وعظ شعبه و تعليمهم طريق الحياة الأبدية و كان يحضهم على مخافة الله و تقواه و على العمل بتعاليم الكتاب المقدس و وصايا الكنيسة الرسولية و أخذ الأنبا هيدرا يهتم بالفقراء و المساكين و إيواء الغرباء و افتقاد المحبوسين و قد صنع الله على يديه معجزات كثيرة فكان يشفى المرضى بصلواته و يخرج الشياطين و كان لا يفتر عن تعليم الشعب و تثبيتهم على الإيمان المستقيم محذراً إياهم من الهراطقة و الخوارج و المبتدعين و المنحرفين و الضالين و كان لابد أن تصيبه بعض المحن و التجارب فإن خدام الإنجيل : " موضوعون لهذا " ( 1 تس 3 : 3 ) " مدعون لهذا " (1 بط 2: 21 ) " و كل إناء مختار ينبغى أن يتألم من أجل اسم المسيح " (اع 9: 16) (14: 22) " و القيود و المشقات تنتظره " (اع 20: 23) (21: 11) (1 كو 4: 9) و لكن الأسقف الأنبا سمعان هيدرا احتمل التجارب و صبر على الآلام و لم تلن له قناة و قد أنقذه الرب من جميع آلامه ( 2 تيمو 3 : 11 ) و كانت الكنيسة فى أيام أسقفيته تتمع بالأمن و السلام بفضل صلواته و هكذا أتم الأسقف القديس رسالته بنجاح حتى بلغ شيخوخةً صالحةً و قد شاء الرب أن ينقله من هذا العالم الزائل فمرض القديس سمعان هيدرا قليلاً و اضطجع على الأرض و أحس الكهنة و الرهبان و الشعب بأنه سيفارقهم فاجتمعوا من حوله لتوديعه و هم فى ألم شديد و حزن على فراقه و قالوا له: " كيف تتركنا يا أبانا و تمضى عنا و نحن محفوظون بصلواتك؟ " فعزاهم بكلامه الروحى و أوصاهم بأن يثبتوا على الإيمان المستقيم و حفظ وصايا الله و المثابرة على الصلوات و الأصوام و أعمال الرحمة بالفقراء و قال لهم : " اعلموا يا أولادى أننا عندما نقف فى الكنيسة نمثل قائمين أمام الله فليكن وقوفنا أمامه بورع و تقوى و أدب يليق بحضرته المقدسة حتى نستحق الرحمة فى يوم الدين عندما نقف أمام كرسيه للقضاء و لتكن سيرتنا أمامه بلا لوم و أحبوا بعضكم بعضاً بقلب سليم و أعطوا كل إنسان حقه و لا تظلما أحداً و لا تحبوا بالوجوه و مجدوا الله فى حياتكم و كونوا دائماً ساهرين و مستيقظين و مستعدين للموت فإنكم لا تعلمون فى أية ساعة تنتهى حياتكم و لا تتوانوا عن أفعال الخير و البر و الرحمة و لا تتهاونوا فى عمل الصالحات فتنالوا الجزاء المبارك فى الحياة الأبدية " ثم باركهم و ودعهم و أسلم روحه بيد الرب فى اليوم الثانى عشر من شهر كيهك ( الموافق 21 ديسمبر ) فى عهد الأمبراطور ثيئودوسيوس الأول ( 379 - 395 م ) فناح الجميع عليه و كفنوه بما يليق بكهنوته و دفنوه فى الكنيسه المقدسه و قد أكرمه الله فجرت من جسده أشفية كثيرة و عجائب و آيات و كان الناس يأتون من جهات مختلفة يتباركون به و يستشفعون بصلواته فينالوا خيراً ببركاته و كان إيضاً الاب الروحى The spiritual father و رئيس الدير The abbot
تأسس الدير ما بين القرون الخامس و الثامن الميلاديين :-
و أغلب المبانى الحاليه أضيفت إلى الدير كنوع من التوسعه و الترميم و اعادة بناء المبنى الاصلى للدير القديم و هى ترجع إلى القرنين العاشر و الحادى عشر الميلادى و كان الدير مزدهراً جداً بالرهبان اذ أنه احتوى فى وقت من الأوقات على 300 راهب مقيم فى الحصن و حوالى 100 زائر و من الجدير بالذكر ان رهبان هذا الدير هم الذين حولوا نباتا إلى المسيحية و لقد دمر صلاح الدين الايوبى الدير فى أول عهدة فى الاعوام ما بين 1170 - 1173 م خوفاً من أن يستغله النوبيين المسيحيين - الذين كانوا يثيرون الشغب فى جنوب مصر فى ذلك الوقت - كمكان للاختباء و نتيجه لذلك الدمار الذى حل بالدير رحل الكثير من الرهبان من الدير خلال القرنيين الثانى عشر والثالث عشر الميلاديين و لم يكن هذا السبب هو العامل الوحيد لهجرة الدير فبالاضافه إلى ذلك كانت هجمات البربر البدو على الدير شديدة الوطاءه كما قلت المياه من ابار الدير بصورة كبيرة و فى عام 1321 دمر العرب المسلمين احدى عشر كنيسة فى منطقة اسوان وحدها ثم قتل اخر الرهبان الاقباط الذين كانوا لا يزالون يقيمون فى الدير فى القرن الرابع عشر الميلادى على يد العرب المسلمين و نتيجة لهذا الامر هجر الدير نهائياً و لم يعد يستخدم اطلاقاً فأستغله المسلمون كاستراحة فى اثناء موسم الحج لا سيما بالنسبة للحجاج القادمين من اقصى شرق الساحل الشمالى لافريقيا ونتيجة لهجرة الرهبان من الدير وعدم استخدام المسلون للدير كاستراحة اثناء موسم الحج غطت الرمال الدير وحفظته من عوامل التعريه بعد ان استخدم لمدة 700 عام فقط و كانت أول خريطة ترسم للدير من عمل الاثرى دى مورجان فى عام 1893 و تم الكشف النهائى عن الدير و ترميمه فى الاعوام 1912 و 1925 - 1926 و 1978
الوصف الاثرى:
هذا الدير من الاديرة الباخومية Pachomius على نظام الشركه Community (2 تس 3 : 10 و أع 2 : 44 - 45 و 4 : 32 - 34 ) اذ كان يعيش كل 5 رهبان معاً فى قلاية واحدة فى الحصن و ربما أنه شيد على انقاض قلعه رومانيه مهجوره لكثرة الابراج بالاسور التى تحيط بالدير The enclosure or girdle or surrounding walls و هو يعد من اجود الامثله الجيدة الحفظ للاديره القبطيه فى مصر قاطبهً و يحيط بالدير اسوار تتباين ارتفاعاتها ما بين سته و عشره امتار و اساسات الاسوار مشيده من الحجر بعضها احجار مهذبه و البعض الاخر احجار غير مهذبه أما باقى ارتفاع الاسوار فهى مشيده من الطوب اللبن الخشن المجفف فى الشمس و يصل طول الدير من الشمال إلى الجنوب إلى حوالى 100 متر و يصل عرضه من الشرق إلى الغرب إلى حوالى 90 متراً و تبلغ المساحة الكلية للدير 5.880 متر مربع أى 1.4 فدان أو 1.5 أكر أى 0.6 هكتار و ينقسم الدير إلى طابقين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق