أفريكانر
في أحد ايام الشتاء من عام 1818م اجتمع اهل
القبيلة في لاتاكار بأفريقيا الجنوبية وهم يهتفون بأعلى اصواتهم بأسم
افريكانر رئيسهم . فاليوم عيد سعيد حيث قتل لهم زعيمهم صيدا جديدا من
جيرانهم سكان ارض البوير وبعدما سجدوا للأوثان أشعلوا النيران تحت القدر
الملآن لسلق هذا الانسان واذ بأفريكانر الذي لايعرف اي معنى للحنان يمارس
هوايته في مثل هذه الاحيان حيث كان يصنع الكؤوس من جماجم الرؤوس ويعمل طبول
عبادته الوثنية من جلود بطون فرائسه البشرية وبقلب ملئ بالجفاء والعداء
ملأ الجماجم القديمة بالدماء في استعداد لشربها جميعها في المساء بدلا من
الماء اثناء تناول العشاء وبينما هم يرقصون ويهتفون بصورة تذهل العقول
ويدقون الطبول بدقات تثقب في الآذان الطبول اذ بهم في ذهول يلمحون شبحا لشئ
مجهول يتحرك فيما جاورهم من حقول .تركوا القدر ليروا ماأتى به القدر
واسرعوا نحو هذا الخيال في لمح البصر فاذا به شاب ابيض يبدو عليه التعب من
طول السفر فمضوا به الى الزعيم بعد ان اوثقوه وعند قدميه القوه. التفت
افريكانر الى هذا الشاب الخائر بازدراءثم ضحك ضحكة تعالت نحو السماء مجلجلة
في الهواء فأيقظت سكون المساء وتردد صداها في ارجاء هذا المكان الخلاء
وعندها تعالت مرة اخرى هتافات القبيلة ووصيحاتهم في شكر لآلهتهم التي ارسلت
اليهم صيدا جديدا بل وابيض في هذه المرة.سأل افريكانر الشاب المربوط عن
اسمه وبلده فأجاب اسمي روبرت موفات وبلدي اسكتلندا لكني جئت الى هنا من
لندن فقاطعه الزعيم قائلا :تقصد انك تهت الى هنا فبحق الآلهة لم أر انسانا
نظيرك يتيه حظه الاسود الى عرين الاسود فأجابه موفات بكل ثبات ..كلا ..لم
أته ولم آت الى هنا بالحظ بل قصدت وجئت هذا المكان بأرادتي .وقف افريكانر
وسأل روبرت موفات بأهتمام : هل سمعت عن افريكانر ؟ اجابه موفات :نعم واعرف
كل شئ عنه ولقد حذرني كل من رآني من اهل البوير من المجئ الى هنا ولكني
تحديت كل هذه التحذيرات وها أنا قد جئت اليكم فسأله افريكانز بكل شغف :اذا
كيف لم تخف ؟ فرد موفات قائلا :أتيت لكي اخبرك عن الأله الحقيقي وعن محبة
الرب يسوع المسيح لك ولقبيلتك .ساد صمت لمدة دقائق قليلة مضت على المبشر
وكأنها اعوام طويلة وكان اثناءها يصلي في قلبه لأجل كل القبيلة وفجأة صرخ
الزعيم عدة صرخات وقال لآكلي لحوم البشر كلها لن نقتل موفات لن نأكل موفات
وكرر هذه العبارات عدة مرات وأردف قائلا :ان الشجاعة أعظم صفات الحياة لذلك
سيبقى موفات كمثال للشجاعة وأمر النساء فصنعوا كوخا صغيرا من القش سكن فيه
موفات بجوار كوخ افريكانز الكبير وفي كل صباح كان المرسل يجمع الاطفال
ليحكي لهم عن المسيح كان افريكانر يجلس ليسمع معهم وفرح الزعيم بمعجزات
المسيح العظيم ولكنه حزن عندما سمع من موفات عن صرخات وآلامات وجراحات
الرب يسوع وحينما عرف انه قد مات شعر لأول مرة في حياته انه يقاوم دموعه من
النزول ثم لأول مرة في تاريخ هذا القاتل الفظ ينهار في البكاء ولكن سرعان
ماتهلل مع الاولاد عندما علم من موفات ان رئيس الحياة قد قام من الاموات
واذ فهم قصة الفداء وقوة تأثير دم المسيح كانت المعجزة عندما ركع وصرخ بكل
مرار واعترف بالخطية والعار والاقذار ثم طلب من الله ان يطهره دم المسيح
البار وتغير زعيم القتل والخصام الى صانع العدل والسلام بين كل القبائل
المجاورة .وفي عام 1819 اراد روبرت موفات ان يرجع الى مدينة رأس
الرجاء الصالح واذ كان يحتاج الى رفيق في رحلته اقترح افريكانر ان يذهب مع
المبشر ولكن روبرت رفض وذكره بأنه طريد الحكومة وان حكومة رأس الرجاء
الصالح رصدت 1000 جنيه استرليني جائزة لمن يأتي برأسه ولكن الزعيم بعد ان
صلى أصر على الذهاب مع المبشر فذهبا معا بعد ان لبس افريكانر بعض ملابس
موفات ولما وصلا الى ارض البوير استضافهما فلاح ولما سأل المبشر عن اسمه
اجابه المبشر :اسمي روبرت موفات فصرخ الفلاح في رعب كلا ..بل انت شبحه لأن
روبرت موفات قد مات منذ عام فات فلقد قتله وأكله أفريكانر الشرير ورأى شهود
العيان عظامه فرد موفات :انها فقط اشاعات فأنا روبرت موفات بل ان افريكانر
نفسه قد تجدد وصار صانعا للسلام فقال الفلاح لن اصدق هذا الا اذا رأيته
بعيني فأفريكانر منذ سنوات قتل عمي ولو كان تجدد فعلا ستكون هذه اعجب
المعجزات واعظم من عجائب الدنيا السبع مجتمعة وانا على استعداد ان اسافر
الاميال لأرى هذه المعجزة وعندها قال موفات :لن تحتاج للسفر فأفريكانر يجلس
بجوارك, ركض الفلاح بعيدا ..وارتمى على مقعد في الخلف وهو في اضطراب وفزع
لايقوى حتى على الهروب ..ولكن افريكانر المحبوب ذهب اليه وقال له :كنت
مخيفا قبل ان اتوب وانحنى وقبل الفلاح , وعندما وصلا الى المدينة
استقبلهما اللورد تشارلس سومرست الحاكم وفرح جدا لتوبة افريكانر فأفرج عنه
واهداه عربة تجرها الخيول ليحمل بها امتعة روبرت معه. ظل افريكانر 4 سنوات
يبشر بالمسيح في افريقيا فربح المئات وفي يوم 4 مارس سنة 1833 التف حوله
قومه ومئات ممن ربحهم للمسيح حيث اوصاهم بأتباع الرب للنهاية ورنم معهم
ترانيم السماء وانطلق في سلام ليكون مع المسيح .صديقي .. صديقتي :هل تصدق
أم لاتصدق ما قرأت ؟ انا اصدقه ليس فقط لأنه تاريخ صادق ولكن الرب يسوع
المسيح الذي غيرني وغير شاول الطرسوسي (أعمال9) وانسيمس(رسالة فليمون
)واللص التائب (لوقا 23)والسامرية (يوحنا 4)وملايين كثيرة غيرهم يقدر ان
يغير أفريكانر بل ويقدر ان يخلصك انت الآن مهما كانت خطاياك فأمكانيات دمه
وعمله أعظم من كل شرورك فأركع الآن في مكانك وانت تقرأ هذه الكلمات وصله ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق