آفة الخدمة والمخدومين
الغرور والكبرياء بقلم: المتنيح الأنبا غريغوريوس
النفخة أو شيء من الغرور والكبرياء.. عندما يحس الإنسان أنه أصبح خادما, والبعض يرفض أن يتعلم الجديد,أو يكتسب معرفة جديدة,ويظن أنه أصبح يباشر الخدمة,وأحيانا مع بالغ الأسف تجد خدام التربية الكنسية حياتهم أو سيرتهم المسيحية ليست طبقا للإنجيل ولا طبقا لمقتضيات الدعوة المسيحية ومع ذلك يحس في نفسه عندما أحد يكلمه يقول:أنا خادم نحن نري ذلك عند بعض الناس مصحوبة بشيء من الإحساس أنه وصل إلي شيء أو كأنه أصبح معصوما من الخطأ أو أنه أصبح قديسا أو روحانيا بينما أنه ممكن جدا أن يكون خادما ومع ذلك ليس له أهلية الخدمة الروحية.. لم يبلغ إلي المستوي الروحي مازال قزما في الحياة الروحية وقزما في المعرفة الدينية.. كل ما هنالك أن الضرورة اقتضت أن يرفعوه لدرجة خادم أو يضعوه في الخدمة بينما هو في حاجة إلي أن يخدم وفي حاجة إلي ما يعرف بأولويات المسيحية.
بهذه المناسبة أقول إن مدارس الأحد حاليا تبعثرت, علي الرغم من انتشار مدارس التربية الكنسية وامتدادها وكثرة الخدام الذين فيها,فإننا نجد مستويات الخدمة انخفضت, فعندما نقارن الأيام التي فيها كان عدد الخدام قليلا من30 سنة أو 40 سنة ربما كانت الأحوال أفضل من الأحوال الحاضرة مع انتشار الخدمة,السبب أن المسألة أصبح فيها كثرة عددية ولكن متطلبات الخدمة أو الصفات التي ينبغي أن تتوافر في الخادم لكي يؤدي خدمة نافعة ومفيدة, هذه المتطلبات اليوم فيها تساهل كبير,يوجد بعض الناس القوامين علي الخدمة تطغي عليهم فكرة احتياج الخدمة لدرجة أنه يتساهل في مواصفات الخادم ولذلك أصبحنا نجد أن الخدمة تبعثرت كثيرا ومع ذلك مستوي الخدمة أصبح منخفضا أو انخفض عن المستويات القديمة لأنه في القديم كانت الفروع قليلة ولكن كان الناس الذين يقومون بالخدمة قلة لكنها قلة مختارة لكن الآن لكي نقدر أن نسد الفراغات الكبيرة يكون الخدام عشرات ومئات يوجد فروع فيها 80 خادما ومائة خادم ويكونوا فرحين لأن هذا العدد الكبير يغطي القري المحيطة ومع ذلك تجد الناحية الشكلية ناحية البروباجندا واضحة جدا.. أن الخدمة أصبحت واسعة وفتحنا فروعا وعملنا ,وعملنا,وعملنا ولكن عندما ننظر إلي العمق في هذه الخدمة نجد أن الخدمة ضحلة وسطحية ولا نحس أننا استطعنا أن نقدم للمسيح الخدمة المطلوبة أو المرضية.
أرجو أن لا تتضايقوا من هذا الكلام هذه مسائل لابد أن توضع أمامكم في الاعتبار يوجد ناسيشعوطواالخدمة قبل الأوان مثلا قطعة اللحم عندما ترفع علي النار وتكون النار شديدة فتحرق من الخارج ومن الداخل تظل نيئة.. الطباخ الجيد يخفض النار عليها لكي تستوي من الداخل.
السطحية:
الواقع أنه في زماننا الحاضر خطيئتنا الواضحة في الخدمة هي خطيئة السطحية والشعوطة التي من الخارج يوجد خدام كثيرون ينضجون قبل الأوان وناس يخرجون إلي دور المعلم قبل أن يمروا طويلا بدور التلميذ هذا الكلام أقوله بمرارة النفس.. ناس يقفزون قفزا إلي دور المعلم قبل أن يمروا طويلا بدور التلمذة.. نحن محتاجون أن نفهم التلمذة وأن التلمذة الطويلة هي التي تخرج خادما جيدا أو خادما مقبولا أمام الله أو خادما نافعا للخدمة إنما طريقة السرعة التي نسير عليها في الوقت الحاضر لكي نغطي احتياجاتنا.. هذه آفاتنا في زماننا الحاضر.. آفة سرعة تخريج خدام لكي نسد فراغات في الخدمة ولكن ما هي الخدمة في مفهوم أولئك الخدام السطحيين, هذه الآفة تظهر أيضا ليس في التخريج السريع ولكن الخدام اليوم ليس عندهم وقت هم مشغولون لايوجد وقت لأي شيء مجرد أنه يحضر الدرس أو يقرأ كلمتين حول الدرس.وأحيانا قبل الدرس بنصف ساعة ولكنه أساسا يعتمد علي الاحساس بأنه ذكي وأنه يقدر أن يغطي نقصه بارتفاع الصوت وطريقة الشرحالفهلوةفيصير مثل الأراجوزيرتفع وينخفض ويمد يديه ويمد رجليه وبهذه الطريقة يكون فرحا أنه استطاع ملء ساعة من الوقت بالكلام طول الوقت يتكلم والتلاميذ منصتة إليه.
نحن محتاجون إلي أن نغير هذه المفهوم إلي مفهوم آخر وهو أن يكون الإنسان أعمق من ذلك والحقيقة هذه آفة جيلنا كله.. اليوم العلم نسميه علم أفقي من زمن كان العلم رأسي, العلم الأفقي يعني العلم للجميع محاضرات يحضروها بالمئات وبالألوف اجتماعات عامة إنما من زمن كان يوجد قلة من العلماء لكي يعطوا حياتهم ووقتهم يوجد مثل إنجليزي يقول:المعرفة القليلة خطيرة جدايوجد أشخاص بهذه المعرفة القليلة يغترون بأنفسهم ويتصورن أنهم أصبحوا في غير حاجة أن يتعلم أو يكتسب من جديد وأحيانا تجد عنده روح الجدل والمناقشة لمن هو أكبر منه سنا ليظهر أنه أكثر معرفة لأنه يشعر أنه يتكلم الند للند فهو غير محتاج أن ينصت قليلا لايوجد عنده صبر علي الإنصات لكي يري وجهة النظر للناس الأكبر منه والأقدم منه في الخدمة والأقدم منه في المعرفة لايوجد عنده صبر.. ولماذا يحترم فلانا أو غيره نحن في عصر الحرية وكل واحد يقدر أن يقول رأيه وعلي قدم المساواة لا يوجد أحد أكبر من أحد وضاعت القيم القديمة التي كانت موجودة حتي في الجيل الماضي أن الواحد يتكلم مع الأكبر منه سنا بشيء من الاحترام والتؤدة.. لايقاطعة في الحديث قبل أن ينصت.. كل هذه القيم ضاعت تحت تأثير الثقافة السطحية التي تسود العالم في الوقت الحاضر وتحت تأثير فكرة الحرية غير المقيدة وفكرة الشخصية وبناء الشخصية وأن الواحد يكون له شخصيته ومعني شخصيته أنه يقول أي كلام غير مدروس ويعاند ويصر علي هذا الكلام ويناقش بهذه المعلومات القليلة الآخرين الأقدم منه لأنه يحس من فلان هذا؟ لماذا لا أكون أحسن منه فروح الاحترام للقيادات الأكبر والأقدم ضاعت في هذا الجيل.
هذه آفة نجدها واضحة في كنيستنا في الوقت الحاضر مع الأسف البالغ, كنيستنا التي هي كنيسة التراث العميق يوجد عندنا سطحية كبيرة جدا الآن وفي الخدام علي مختلف درجات المسئولية, مجرد أنه من كثرة الدروس وكثرة الكلام وكثرة الأشياء التي أكسبته لباقة في الحديث أو مجرد فهلوة خارجية إنما غير مبنية علي عمق ولا علي دراسة.
نريد أن نغير هذا المفهوم ويكون عندنا اهتمام بالتلمذة الطويلة وإنه حتي لو كان الظرف اقتضي أنك تخرج إلي الخدمة قبل أن تنضج فلابد أن تضع في الاعتبار أنك لابد أن تدرس وتطيل الدراسة وتطيل فترة التلمذة ولابد أن يكون عندك وقت لاتبعثر كل وقتك في الخدمة هنا وهناك ولايبقي عندك وقت أن تتلمذ وأن تسمع لغيرك الأكبر منك,هذه الأمثلة أراها بعيني أشخاص صغار ثم كبروا في نشاطات الخدمة المختلفة وأصبح يذهب لعدد من الخدمات في الأسبوع ولساعة متأخرة بالليل إلي الساعة 12 أو الساعة الواحدة ويقول الخدمة, الخدمة, الخدمة, وهو شخصيا غير مدرك ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟؟لايوجد عنده أي وقت لحياته الخاصة لايوجد وقت للصلاة أو وقت للقراءة وإذا كان بعض الخدام المتقدمين يشتكوا من هذه الحالة فما بالك بالخدام الصغار الذين ينضجون قبل الآوان.
أنا أشبه هذا بمثل غير لطيف, أشبه بعض الخدام بما يسموه حمار السبخلأنهم يحملوه الحمل من صغره فطول عمره يكون حيوانا قميئا بمعني أنه لاينمو أبدا فتجده لاينمو في الطول أو في العرض أوفي الارتفاع لماذا؟لأنهم حملوه الحمل قبل أن ينضج جسمه ويصير قادرا علي أن يحمل الأحمال فكان ينبغي أن يظل مدة يتدرب علي الأحمال الصغيرة قبل أن يصل إلي الأحمال الكبيرة هذا بالضبط ما يحدث لكثيرين من الخدام.
وهناك مثل آخر عندما يكون واحد عنده محل تجاري في زقاق أو في شارع صغير والناس أقبلوا عليه وتجارته ناجحة فيأتي صديق يقول له:لماذا أنت تدفن نفسك في هذا المكان اخرج وافتح في شارع كبير أو شارع أساسي أو رئيسي وتحت تأثير هذه الكلمات المغرية ومن دون أن يحسب حسابه ينقل بضاعته الصغيرة للشارع الكبير فتكون النتيجة أنه بعد شهر أو أقل من شهر يفلس لأنه غير معقول بهذه البضاعة والرصيد القليل أن يفتح في شارع من الشوارع الكبيرة فيجد أنه لايستطيع أن يدفع أجرة المحل الكبير ولابد أنها مرهقة ولايقدر أن يغطيها هذا هو ما أراه في كنيستنا في الوقت الحاضر يوجد أشخاص كثيرة تفلس روحيا ولايحسون بأنفسهم أنهم أصبحوا بدون رصيد وقد يكونون من الأسماء اللامعة.
لا أقصد أن تتراجعوا عن الخدمة إذا كنتم تسلمتموها فعلا إنما قصدي من هذا أن الخادم ينظر بخوف وبتوقير لهذه الخدمة ويشعر أن لها متطلبات وأنه ينبغي أن يتواصل وأن يتصف بالصفات والمواصفات التي ينبغي أن يكون عليها وأنه إذا كان حتي معلم لكن ينبغي أن يواصل التلمذة وهو معلم, في بعض الأحيان وزارة التربية والتعليم اضطرت أن يحضروا طلبة في السنة النهائية ويعينوهم مدرسين وبهذه المعلومات التي أخذها من السنوات القليلة في الكلية يقنع بها, طبعا سيظل طول حياته مدرسا فاشلا حقا قد يكون فهلويا يعرف أن يرفع صوته ويملأ الحصة لكن عادة تكون الحصة فارغة ويأتي وقت من الأوقات يكون التلاميذ أحسن من المعلم لكن المفروض أن المعلم الذي يفهم مهمته جيدا أن يواصل التلمذة علي مستوي أعلي لكي يبقي هناك فرق واسع بينه وبين التلاميذ لأن التلميذ يحترم المعلم كلما أحس أن المعلم عنده شيء مفقود لديه إنما طالما أن التلميذ يشعر أن المعلم مثله وأنه قد يكون أفضل منه فلا فائدة فالمعلم سيصير محتقرا في نظر تلاميذه.
أريد أن أقول لو أن بسبب مقتضيات الخدمة أن الكاهن أو أحد المسئولين أعهد إليك أن تقوم بالخدمة لانخدع ولانظن أننا وصلنا إلي مرحلة الاكتفاء ولكن نواصل التلمذة علي مستويات أعلي وهذا يقتضي أن الخادم يقتصد في الخدمة ولا يملأ وقته كله بالخدمة لكي يكون عنده فرصة للتلمذة.
الأمر الثاني أنه أحيانا خدام يضرون أنفسهم يكونون طلبة في مرحلة ثانوية أو في المرحلة الجامعية فلا يكون عنده وقت للمذاكرة وقد يقول ربنا يساعدني وإن لم يساعدني أين بركات الخدمة و...و... ويقع في أزمات نفسية روحية ويتصور أن الله لابد أن يساعده ضدا للقانون الطبيعي فلا يذاكر والله ينجحه كيف؟وإن لم ينجح يتضايق من الله ويتصور أن الله خان المباديء أين كلام الكتاب المقدس والمواعيد الدينية هذه مواعيد غير صادقة أين المساعدة؟لماذا الله لم يساعدني:؟لماذا سقطت؟كيف أخدم وأعطي دروسا وكل وقتي للخدمة والله لايساعدني هذا خطأ يقع فيه بعض شبابنا يفهم أن الدين هو أن يخرج للخدمة ويذهب للقري ويقصر في واجباته العلمية وفي واجباته كطالب وكتلميذ في كلية ويظن في نفسه أنه أصبح يوحنا المعمدان غير مقيد ببرامج ودراسة.
فإذا كنت أنت طالبا فلا تنس أنك طالب ولا تنس أن عليك واجبات وأنك ينبغي أن تنظم وقتك وتعمل نوعا من التنسيق بين واجباتك الروحية الخاصة وبين واجبات الخدمة أيضا وواجبات التلمذة وواجبات العمل الذي أنت تعمله إذا كنت طالبا أو إذا كنت موظفا.
نريدكم كخدام أن تشعروا أنكم في حاجة إلي التلمذة الطويلة حتي مع وجودكم كخدام وأنكم تقتصدون بقدر الإمكان في تشعب الخدمة لأن الخدمة المشعبة تضر صاحبها وتضر العمل نفسه فلا يجب أن نجري وننتشر هنا وننتشر هناك علي حساب الإتقان وعلي حساب الأمانة الروحية والعلمية هذا أمر لايمكن قبوله في كنيسة المسيح علي أساس أنه مبدأ سليم.. هذه السطحية لايمكن أن تبني بناء حقيقيا لكنيسة المسيح.
الغرور والكبرياء بقلم: المتنيح الأنبا غريغوريوس
النفخة أو شيء من الغرور والكبرياء.. عندما يحس الإنسان أنه أصبح خادما, والبعض يرفض أن يتعلم الجديد,أو يكتسب معرفة جديدة,ويظن أنه أصبح يباشر الخدمة,وأحيانا مع بالغ الأسف تجد خدام التربية الكنسية حياتهم أو سيرتهم المسيحية ليست طبقا للإنجيل ولا طبقا لمقتضيات الدعوة المسيحية ومع ذلك يحس في نفسه عندما أحد يكلمه يقول:أنا خادم نحن نري ذلك عند بعض الناس مصحوبة بشيء من الإحساس أنه وصل إلي شيء أو كأنه أصبح معصوما من الخطأ أو أنه أصبح قديسا أو روحانيا بينما أنه ممكن جدا أن يكون خادما ومع ذلك ليس له أهلية الخدمة الروحية.. لم يبلغ إلي المستوي الروحي مازال قزما في الحياة الروحية وقزما في المعرفة الدينية.. كل ما هنالك أن الضرورة اقتضت أن يرفعوه لدرجة خادم أو يضعوه في الخدمة بينما هو في حاجة إلي أن يخدم وفي حاجة إلي ما يعرف بأولويات المسيحية.
بهذه المناسبة أقول إن مدارس الأحد حاليا تبعثرت, علي الرغم من انتشار مدارس التربية الكنسية وامتدادها وكثرة الخدام الذين فيها,فإننا نجد مستويات الخدمة انخفضت, فعندما نقارن الأيام التي فيها كان عدد الخدام قليلا من30 سنة أو 40 سنة ربما كانت الأحوال أفضل من الأحوال الحاضرة مع انتشار الخدمة,السبب أن المسألة أصبح فيها كثرة عددية ولكن متطلبات الخدمة أو الصفات التي ينبغي أن تتوافر في الخادم لكي يؤدي خدمة نافعة ومفيدة, هذه المتطلبات اليوم فيها تساهل كبير,يوجد بعض الناس القوامين علي الخدمة تطغي عليهم فكرة احتياج الخدمة لدرجة أنه يتساهل في مواصفات الخادم ولذلك أصبحنا نجد أن الخدمة تبعثرت كثيرا ومع ذلك مستوي الخدمة أصبح منخفضا أو انخفض عن المستويات القديمة لأنه في القديم كانت الفروع قليلة ولكن كان الناس الذين يقومون بالخدمة قلة لكنها قلة مختارة لكن الآن لكي نقدر أن نسد الفراغات الكبيرة يكون الخدام عشرات ومئات يوجد فروع فيها 80 خادما ومائة خادم ويكونوا فرحين لأن هذا العدد الكبير يغطي القري المحيطة ومع ذلك تجد الناحية الشكلية ناحية البروباجندا واضحة جدا.. أن الخدمة أصبحت واسعة وفتحنا فروعا وعملنا ,وعملنا,وعملنا ولكن عندما ننظر إلي العمق في هذه الخدمة نجد أن الخدمة ضحلة وسطحية ولا نحس أننا استطعنا أن نقدم للمسيح الخدمة المطلوبة أو المرضية.
أرجو أن لا تتضايقوا من هذا الكلام هذه مسائل لابد أن توضع أمامكم في الاعتبار يوجد ناسيشعوطواالخدمة قبل الأوان مثلا قطعة اللحم عندما ترفع علي النار وتكون النار شديدة فتحرق من الخارج ومن الداخل تظل نيئة.. الطباخ الجيد يخفض النار عليها لكي تستوي من الداخل.
السطحية:
الواقع أنه في زماننا الحاضر خطيئتنا الواضحة في الخدمة هي خطيئة السطحية والشعوطة التي من الخارج يوجد خدام كثيرون ينضجون قبل الأوان وناس يخرجون إلي دور المعلم قبل أن يمروا طويلا بدور التلميذ هذا الكلام أقوله بمرارة النفس.. ناس يقفزون قفزا إلي دور المعلم قبل أن يمروا طويلا بدور التلمذة.. نحن محتاجون أن نفهم التلمذة وأن التلمذة الطويلة هي التي تخرج خادما جيدا أو خادما مقبولا أمام الله أو خادما نافعا للخدمة إنما طريقة السرعة التي نسير عليها في الوقت الحاضر لكي نغطي احتياجاتنا.. هذه آفاتنا في زماننا الحاضر.. آفة سرعة تخريج خدام لكي نسد فراغات في الخدمة ولكن ما هي الخدمة في مفهوم أولئك الخدام السطحيين, هذه الآفة تظهر أيضا ليس في التخريج السريع ولكن الخدام اليوم ليس عندهم وقت هم مشغولون لايوجد وقت لأي شيء مجرد أنه يحضر الدرس أو يقرأ كلمتين حول الدرس.وأحيانا قبل الدرس بنصف ساعة ولكنه أساسا يعتمد علي الاحساس بأنه ذكي وأنه يقدر أن يغطي نقصه بارتفاع الصوت وطريقة الشرحالفهلوةفيصير مثل الأراجوزيرتفع وينخفض ويمد يديه ويمد رجليه وبهذه الطريقة يكون فرحا أنه استطاع ملء ساعة من الوقت بالكلام طول الوقت يتكلم والتلاميذ منصتة إليه.
نحن محتاجون إلي أن نغير هذه المفهوم إلي مفهوم آخر وهو أن يكون الإنسان أعمق من ذلك والحقيقة هذه آفة جيلنا كله.. اليوم العلم نسميه علم أفقي من زمن كان العلم رأسي, العلم الأفقي يعني العلم للجميع محاضرات يحضروها بالمئات وبالألوف اجتماعات عامة إنما من زمن كان يوجد قلة من العلماء لكي يعطوا حياتهم ووقتهم يوجد مثل إنجليزي يقول:المعرفة القليلة خطيرة جدايوجد أشخاص بهذه المعرفة القليلة يغترون بأنفسهم ويتصورن أنهم أصبحوا في غير حاجة أن يتعلم أو يكتسب من جديد وأحيانا تجد عنده روح الجدل والمناقشة لمن هو أكبر منه سنا ليظهر أنه أكثر معرفة لأنه يشعر أنه يتكلم الند للند فهو غير محتاج أن ينصت قليلا لايوجد عنده صبر علي الإنصات لكي يري وجهة النظر للناس الأكبر منه والأقدم منه في الخدمة والأقدم منه في المعرفة لايوجد عنده صبر.. ولماذا يحترم فلانا أو غيره نحن في عصر الحرية وكل واحد يقدر أن يقول رأيه وعلي قدم المساواة لا يوجد أحد أكبر من أحد وضاعت القيم القديمة التي كانت موجودة حتي في الجيل الماضي أن الواحد يتكلم مع الأكبر منه سنا بشيء من الاحترام والتؤدة.. لايقاطعة في الحديث قبل أن ينصت.. كل هذه القيم ضاعت تحت تأثير الثقافة السطحية التي تسود العالم في الوقت الحاضر وتحت تأثير فكرة الحرية غير المقيدة وفكرة الشخصية وبناء الشخصية وأن الواحد يكون له شخصيته ومعني شخصيته أنه يقول أي كلام غير مدروس ويعاند ويصر علي هذا الكلام ويناقش بهذه المعلومات القليلة الآخرين الأقدم منه لأنه يحس من فلان هذا؟ لماذا لا أكون أحسن منه فروح الاحترام للقيادات الأكبر والأقدم ضاعت في هذا الجيل.
هذه آفة نجدها واضحة في كنيستنا في الوقت الحاضر مع الأسف البالغ, كنيستنا التي هي كنيسة التراث العميق يوجد عندنا سطحية كبيرة جدا الآن وفي الخدام علي مختلف درجات المسئولية, مجرد أنه من كثرة الدروس وكثرة الكلام وكثرة الأشياء التي أكسبته لباقة في الحديث أو مجرد فهلوة خارجية إنما غير مبنية علي عمق ولا علي دراسة.
نريد أن نغير هذا المفهوم ويكون عندنا اهتمام بالتلمذة الطويلة وإنه حتي لو كان الظرف اقتضي أنك تخرج إلي الخدمة قبل أن تنضج فلابد أن تضع في الاعتبار أنك لابد أن تدرس وتطيل الدراسة وتطيل فترة التلمذة ولابد أن يكون عندك وقت لاتبعثر كل وقتك في الخدمة هنا وهناك ولايبقي عندك وقت أن تتلمذ وأن تسمع لغيرك الأكبر منك,هذه الأمثلة أراها بعيني أشخاص صغار ثم كبروا في نشاطات الخدمة المختلفة وأصبح يذهب لعدد من الخدمات في الأسبوع ولساعة متأخرة بالليل إلي الساعة 12 أو الساعة الواحدة ويقول الخدمة, الخدمة, الخدمة, وهو شخصيا غير مدرك ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟؟لايوجد عنده أي وقت لحياته الخاصة لايوجد وقت للصلاة أو وقت للقراءة وإذا كان بعض الخدام المتقدمين يشتكوا من هذه الحالة فما بالك بالخدام الصغار الذين ينضجون قبل الآوان.
أنا أشبه هذا بمثل غير لطيف, أشبه بعض الخدام بما يسموه حمار السبخلأنهم يحملوه الحمل من صغره فطول عمره يكون حيوانا قميئا بمعني أنه لاينمو أبدا فتجده لاينمو في الطول أو في العرض أوفي الارتفاع لماذا؟لأنهم حملوه الحمل قبل أن ينضج جسمه ويصير قادرا علي أن يحمل الأحمال فكان ينبغي أن يظل مدة يتدرب علي الأحمال الصغيرة قبل أن يصل إلي الأحمال الكبيرة هذا بالضبط ما يحدث لكثيرين من الخدام.
وهناك مثل آخر عندما يكون واحد عنده محل تجاري في زقاق أو في شارع صغير والناس أقبلوا عليه وتجارته ناجحة فيأتي صديق يقول له:لماذا أنت تدفن نفسك في هذا المكان اخرج وافتح في شارع كبير أو شارع أساسي أو رئيسي وتحت تأثير هذه الكلمات المغرية ومن دون أن يحسب حسابه ينقل بضاعته الصغيرة للشارع الكبير فتكون النتيجة أنه بعد شهر أو أقل من شهر يفلس لأنه غير معقول بهذه البضاعة والرصيد القليل أن يفتح في شارع من الشوارع الكبيرة فيجد أنه لايستطيع أن يدفع أجرة المحل الكبير ولابد أنها مرهقة ولايقدر أن يغطيها هذا هو ما أراه في كنيستنا في الوقت الحاضر يوجد أشخاص كثيرة تفلس روحيا ولايحسون بأنفسهم أنهم أصبحوا بدون رصيد وقد يكونون من الأسماء اللامعة.
لا أقصد أن تتراجعوا عن الخدمة إذا كنتم تسلمتموها فعلا إنما قصدي من هذا أن الخادم ينظر بخوف وبتوقير لهذه الخدمة ويشعر أن لها متطلبات وأنه ينبغي أن يتواصل وأن يتصف بالصفات والمواصفات التي ينبغي أن يكون عليها وأنه إذا كان حتي معلم لكن ينبغي أن يواصل التلمذة وهو معلم, في بعض الأحيان وزارة التربية والتعليم اضطرت أن يحضروا طلبة في السنة النهائية ويعينوهم مدرسين وبهذه المعلومات التي أخذها من السنوات القليلة في الكلية يقنع بها, طبعا سيظل طول حياته مدرسا فاشلا حقا قد يكون فهلويا يعرف أن يرفع صوته ويملأ الحصة لكن عادة تكون الحصة فارغة ويأتي وقت من الأوقات يكون التلاميذ أحسن من المعلم لكن المفروض أن المعلم الذي يفهم مهمته جيدا أن يواصل التلمذة علي مستوي أعلي لكي يبقي هناك فرق واسع بينه وبين التلاميذ لأن التلميذ يحترم المعلم كلما أحس أن المعلم عنده شيء مفقود لديه إنما طالما أن التلميذ يشعر أن المعلم مثله وأنه قد يكون أفضل منه فلا فائدة فالمعلم سيصير محتقرا في نظر تلاميذه.
أريد أن أقول لو أن بسبب مقتضيات الخدمة أن الكاهن أو أحد المسئولين أعهد إليك أن تقوم بالخدمة لانخدع ولانظن أننا وصلنا إلي مرحلة الاكتفاء ولكن نواصل التلمذة علي مستويات أعلي وهذا يقتضي أن الخادم يقتصد في الخدمة ولا يملأ وقته كله بالخدمة لكي يكون عنده فرصة للتلمذة.
الأمر الثاني أنه أحيانا خدام يضرون أنفسهم يكونون طلبة في مرحلة ثانوية أو في المرحلة الجامعية فلا يكون عنده وقت للمذاكرة وقد يقول ربنا يساعدني وإن لم يساعدني أين بركات الخدمة و...و... ويقع في أزمات نفسية روحية ويتصور أن الله لابد أن يساعده ضدا للقانون الطبيعي فلا يذاكر والله ينجحه كيف؟وإن لم ينجح يتضايق من الله ويتصور أن الله خان المباديء أين كلام الكتاب المقدس والمواعيد الدينية هذه مواعيد غير صادقة أين المساعدة؟لماذا الله لم يساعدني:؟لماذا سقطت؟كيف أخدم وأعطي دروسا وكل وقتي للخدمة والله لايساعدني هذا خطأ يقع فيه بعض شبابنا يفهم أن الدين هو أن يخرج للخدمة ويذهب للقري ويقصر في واجباته العلمية وفي واجباته كطالب وكتلميذ في كلية ويظن في نفسه أنه أصبح يوحنا المعمدان غير مقيد ببرامج ودراسة.
فإذا كنت أنت طالبا فلا تنس أنك طالب ولا تنس أن عليك واجبات وأنك ينبغي أن تنظم وقتك وتعمل نوعا من التنسيق بين واجباتك الروحية الخاصة وبين واجبات الخدمة أيضا وواجبات التلمذة وواجبات العمل الذي أنت تعمله إذا كنت طالبا أو إذا كنت موظفا.
نريدكم كخدام أن تشعروا أنكم في حاجة إلي التلمذة الطويلة حتي مع وجودكم كخدام وأنكم تقتصدون بقدر الإمكان في تشعب الخدمة لأن الخدمة المشعبة تضر صاحبها وتضر العمل نفسه فلا يجب أن نجري وننتشر هنا وننتشر هناك علي حساب الإتقان وعلي حساب الأمانة الروحية والعلمية هذا أمر لايمكن قبوله في كنيسة المسيح علي أساس أنه مبدأ سليم.. هذه السطحية لايمكن أن تبني بناء حقيقيا لكنيسة المسيح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق