شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري
العدد 14 - تفسير سفر العدد
شهوة الرجوع إلى العبودية
الآيات 1-10:-
بعد أن قدم الرجال تقريرهم. وإنقسموا. المجموعة المؤمنة صدقت مواعيد الله وهم يشوع وكالب فقط ومجموعة غير مؤمنة، صدق الشعب المجموعة الثانية لأن قلبهم هم أيضًا كان غير مؤمن. فحدث تذمر وبكاء = رفعت كل الجماعة صوتها. بل إشتهوا لو كانوا في مصر تحت العبودية = ليتنا متنا في أرض مصر. وشككوا في محبة الله لهم, لماذا أتى بنا الرب؟. بل صمموا على إختيار قيادة جديدة غير موسى ليعود بهم إلى أرض مصر. نقيم رئيسًا ونرجع إلى مصر. بل قرروا رجم موسى وهرون ويشوع وكالب ولكن قال كل الجماعة أن يُرجما بالحجارة. هنا نجد نقطة تحول , ظهر فيها عدم استعداد الشعب لدخول أرض الميعاد. وحاول رجال الله إرشاد هذه الجماعة المتمردة فقد سقط موسى وهرون أمامهما ومزق يشوع وكالب ثيابهما أمامهم. وكانت محاولات خدام الرب هذه هي محاولات من الله بواسطة خدامه لعقد صلح معهم وأخذوا يشرحون لهم أن الله لن يتخلى عنهم وأن هؤلاء الأعداء لا يقدروا أن يؤذوهم طالما أن الله معهم ويظهر من (نح 17:9) أنهم اختاروا فعلًا رئيسًا آخر غير موسى
آية1:- فرفعت كل الجماعة صوتها وصرخت وبكى الشعب تلك الليلة.
بكى الشعب = حزن العالم ينشيء موتًا. ما أصاب هذه الجماعة لا يرجع لعدو من الخارج بل من عدم إيمانهم فلا يستطيع أحد أن يؤذى الإنسان ما لم يؤذ هو نفسه ولاحظ أن سر مرارتهم يرجع لمرض القلب الداخلي وليس للظروف المحيطة
آية2:- و تذمر على موسى وعلى هرون جميع بني إسرائيل وقال لهما كل الجماعة ليتنا متنا في ارض مصر أو ليتنا متنا في هذا القفر.
عوض الشكر لله عن كل ما عملهُ معهم ها هم يتذمرون عليه وتقسوا قلوبهم ضده
آية5:- فسقط موسى وهرون على وجهيهما أمام كل معشر جماعة بني إسرائيل.
سقوط موسى وهرون كان لتهدئة الجماعة ولصرف روح الغضب عن الله حتى لا يفنيهم
الآيات 6-9 :- و يشوع بن نون وكالب بن يفنة من الذين تجسسوا الأرض مزقا ثيابهما. وكلما كل جماعة بني إسرائيل قائلين الأرض التي مررنا فيها لنتجسسها الأرض جيدة جدا جدا. ان سر بنا الرب يدخلنا إلى هذه الأرض ويعطينا اياها ارضا تفيض لبنا وعسلا. انما لا تتمردوا على الرب ولا تخافوا من شعب الأرض لانهم خبزنا قد زال عنهم ظلهم والرب معنا لا تخافوهم.
عظمة يشوع وكالب أنهم لم يصنعا مثل باقي الجواسيس ولم يخافا من الرجم بل شهدا للحق. زال عنهم ظلهم = هو تعبير شرقى يعبر عن الحماية. أي أنهم الآن بلا حماية فالله تخلى عنهم بسبب خطاياهم, وهم نضجوا للخراب. والعكس كان الله سحابة تظلل على شعبه. راجع (مز 1:91 + 5:121 + تك 16:15 + لا 25:18 + لا 23:20).
آية10: - و لكن قال كل الجماعة ان يرجما بالحجارة ثم ظهر مجد الرب في خيمة الاجتماع لكل بني إسرائيل.
رجم كالب ويشوع هنا مساوى لقتل شاهدى سفر الرؤيا (رؤ 11). ورفض الشعب لكلامهم هو رفض الناس لكلام الله على لسان خدامه. وقد يكون رفض دعوة التوبة هى آخر فرصة للإنسان قبل أن يُعلن الله غضبه. فهؤلاء برفضهم كلام خدام الله تاهوا في البرية 40 سنة بعد أن كانوا على مسيرة أيام من أرض الميعاد
ثم ظهر مجد الرب = حين أهانوا الله سكت الله, لكن حين حاولوا قتل ورجم رجال الله كانوا كمن مس حدقة عينه فأحاط بخدامه الأمناء ليحميهم هنا مساندة إلهية حتى لو رفضهم كل الناس
الآيات 11-19:-
مرة أخرى نرى عظمة موسى أنه يرفض مجده الشخصي ويشفع في شعبه هو يمثل المسيح من جهتين فالمسيح ترك مجده ليصير شفيعًا عن البشر ومن ناحية أخرى فقول الله أنى أضربهم وأبيدهم وأصيِّرك شعبًا أكبر = هذا تم فعلًا مع المسيح فنحن نموت مع المسيح في المعمودية ونقوم لنصبح شعبًا أكبر بل نصبح جسد المسيح. بل كان موسى في شفاعته، عينه على مجد الله
آية16:- لان الرب لم يقدر ان يدخل هذا الشعب إلى الأرض التي حلف لهم قتلهم في القفر.
تقول الشعوب لأن الرب لم يقدر أن يدخل هذا الشعب إلى الأرض. موسى لا يحتمل أن يلحق لاسم الرب أي إهانة من الشعوب الوثنية. ولاحظ أن فرح الوثنيين بهلاك شعب الله هو نفسه فرح الشيطان بموت الإنسان وهلاكه. وكان موت الإنسان تحدى لعقل الله وفرح الشياطين وشماتتهم أن الله لم يقدر أن يدخلنا لنصيبنا السماوي ولهذا إنبرى عقل الله، اللوجوس، كلمة الله المسيح ليعيد لنا بشفاعته نصيبنا السماوي فكانت شفاعة موسى هنا رمزًا لشفاعة المسيح. ولاحظ هنا في آية (12،11):- أن الله لمحبته لموسى يخبره بعزمه على تأديب الشعب كما فعل مع إبراهيم في موضوع سدوم. هنا الله يعطى موسى فرصة للشفاعة. ولاحظ أن الشعب الأكبر والأعظم هو شعب المسيح.
آية18:- الرب طويل الروح كثير الاحسان يغفر الذنب والسيئة لكنه لا يبرئ بل يجعل ذنب الاباء على الابناء إلى الجيل الثالث والرابع.
هنا نرى تفسير: كيف يحتمل الأبناء ذنب الآباء؟ فهم تاهوا في البرية مع أبائهم المذنبيين لمدة 40 سنة. مثل الأب الذي يخطىء وتضيع نقوده فلا يجد أبنائه طعامهم ولكن هذه الآية لا تنطبق من الناحية الروحية إلا لو إقتدى الابن بأبيه. وهنا مثلًا دخل الأبناء لأرض كنعان ولم يدخل الآباء.
الآيات 20-35:-
نرى هنا طريقة الله. الله صفح لكن هناك تأديب ينبغى أن يتم لهذا الشعب. وجميلة هي معاملات الله , فالله يؤدبهم بحرمانهم من أرض الميعاد وبموتهم في البرية لكنه لم يتركهم وظل يقودهم. ولماذا يشتكى يشوع وكالب من توهانهم وهم أمناء إذا كان الله معهم في البرية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فالله يؤدب أبناؤه لكنه لا يتخلى عنهم ويفارقهم. ولاحظ أن في رد الله على موسى تشديد, وهو لن يغير قراره , وإلا لما أتى التأديب بثماره ولكن شفاعة موسى أفلحت في عدم هلاكهم في التو واللحظة وفي أن الله صفح لكن على أن يكمل تأديب الشعب. وحين يستعلن الله قوته وصفحه وقداسته تملأ الأرض كلها من مجده. فكما أن مجد الله يظهر في الصفح فهو يُظهر مجده أيضًا في عدم قبوله للخطية وعقوبته للأشرار (مز 8:99) = فتملأ كل الأرض من مجد الرب
آية22:- ن جميع الرجال الذين راوا مجدي واياتي التي عملتها في مصر وفي البرية و جربوني الان عشر مرات ولم يسمعوا لقولي.
جربونى عشر مرات = غالبًا عشر مرات أي عدد كامل بمعنى أنهم جربونى كثيرًا ورقم 10 هو رقم الوصايا أي هم كسروا كل الوصايا. وراجع (خر 12،11:14 + 23:15 + 2:16 + 1:17 + خر 32 + عد 4،1:11) وكونهم حجزوا للمن لصباح الغد (خر 20:16) وذهبوا في السبت لجمع المن.
آية 24:- و اما عبدي كالب فمن اجل انه كانت معه روح اخرى وقد اتبعني تماما ادخله الى الأرض التي ذهب اليها وزرعه يرثها.
عبدى كالب... يرثها = قطعًا فكالب دخل مع يشوع. ولكن هذه الآية لها رنين خاص فكالب من سبط يهوذا. وهو رمز للمسيح الذي جعلهُ وارثًا لكل شيء (عب 2:1)
آية25:- و اذ العمالقة والكنعانيون ساكنون في الوادي فانصرفوا غدا وارتحلوا إلى القفر في طريق بحر سوف.
العمالقة ساكنون في الوادى = هنا تظهر رحمة الله وأبوته فهو يؤدب ولكنه ها هو يتجسس لهم اماكن أعدائهم ليحميهم حتى لا يقعوا في أيديهم وكلمة ساكنون هنا تعنى إقامة وقتية. فغالبًا هم سمعوا بوجودهم فخرجوا ليضربوهم وكمنوا لهم في الوادى والله يطلب منهم أن يسيروا في طريق آخر في طريق بحر سوف حتى لا يقعوا في الشرك.
فالعمالقة والكنعانيين كما يظهر من آية 43 ساكنين في الجبل ولكنهم هنا في الوادى في كمين للشعب
الآيات 29-31:- في هذا القفر تسقط جثثكم جميع المعدودين منكم حسب عددكم من ابن عشرين سنة فصاعدا الذين تذمروا علي. لن تدخلوا الأرض التي رفعت يدي لاسكننكم فيها ما عدا كالب بن يفنة ويشوع بن نون. واما اطفالكم الذين قلتم يكونون غنيمة فاني سادخلهم فيرفعون الأرض التي احتقرتموها.
كانت عقوبة الشعب هي خطيتهم نفسها، فهم قالوا لا ندخل أرض الميعاد وهي نفس العقوبة التي وقعت عليهم. وأولادهم الذين خافوا عليهم هم دخلوا. وكان فنائهم في القفر حتى ينتهي ذلك الجيل الذي تعود العبودية في مصر "من ينقذنى من جسد هذا الموت "
آية35:- انا الرب قد تكلمت لافعلن هذا بكل هذه الجماعة الشريرة المتفقة علي في هذا القفر يفنون وفيه يموتون.
سؤال لنا!! كم من السنين تقابل الأيام التي نعيشها في الخطية
آية37:- فمات الرجال الذين اشاعوا المذمة الرديئة على الأرض بالوبا امام الرب.
ضربة واضحة لمن كانوا السبب حتى يفهم الباقين الدرس. الوبأ = ضربة مفاجئة
آية40:- ثم بكروا صباحا وصعدوا إلى راس الجبل قائلين هوذا نحن نصعد إلى الموضع الذي قال الرب عنه فاننا قد اخطانا.
هى طبيعة العصيان التي فينا حين يقول الرب إصعدوا لا يصعدوا وحين يقول لا تصعدوا يصعدوا
ملحوظة :- كالب يدعى القنزى وكلمة قنز تشبه قفص في العربية بمعنى صياد. فالقنزيين = صيادين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق