الخميس، 27 سبتمبر 2012

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري


شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري
العدد 13 - تفسير سفر العدد




التجسس على كنعان


بعد أن سقط الشعب في تجربة الشهوة والإشتياق لأرض العبودية (الكرات والبصل ) أراد الرب أن يكشف لهم عن خيرات أرض الميعاد. وكان عليهم أن يؤمنوا بأنها أرض تفيض لبنًا وعسلًا ولكنهم شكّوا , وأرادوا أن يتأكدوا بأن يرسلوا جواسيس لهذه الأرض فطلبوا من موسى (تث 23،22:1) , وموسى سأل الرب وها نحن نرى أن الله يوافق على إرسال جواسيس. ونحن لنا جواسيس تجسسوا لنا ما في أورشليم السماوية مثل بولس " ما لم تره عين ولم تسمع به أذن.." , ويوحنا في رؤياه وأشعياء وحزقيال. فلنصدق أن هناك أفراح. فالجواسيس عادوا معهم بكروم , والكروم رمز الفرح. ولاحظ أن الله سمح لهم بالتجسس ليختاروا , فالله يريدنا أن نختاره بحريتنا واقتناعنا. والعجيب أن يطلبوا التجسس على أرض سبق الله وتجسسها لهم لكن الله يسمح بهذا ليزيد إيمانهم , كما عمل مع توما. أما موسى حين أرسلهم كان واثقًا كما كان يوحنا المعمدان واثقًا في المسيح حين أرسل تلاميذه له.


الايات 1-16:-
ثم كلم الرب موسى قائلا. ارسل رجالا ليتجسسوا ارض كنعان التي انا معطيها لبني إسرائيل رجلا واحدا لكل سبط من ابائه ترسلون كل واحد رئيس فيهم. فارسلهم موسى من برية فاران حسب قول الرب كلهم رجال هم رؤساء بني إسرائيل. و هذه اسماؤهم من سبط رأوبين شموع بن زكور. من سبط شمعون شافط بن حوري. من سبط يهوذا كالب بن يفنة. من سبط يساكر يجال بن يوسف. من سبط أفرايم هوشع بن نون. من سبط بنيامين فلطي بن رافو. من سبط زبولون جديئيل بن سودي. من سبط يوسف من سبط منسى جدي بن سوسي. من سبط دان عميئيل بن جملي. من سبط أشير ستور بن ميخائيل. منسبط نفتالي نحبي بن وفسي. من سبط جاد جاوئيل بن ماكي.هذه اسماء الرجال الذين ارسلهم موسى ليتجسسوا الأرض ودعا موسى هوشع بن نون يشوع.
كما إتضح أن الله قال لموسى أن يرسل جواسيس حسب طلبهم ليزيد إيمانهم إلا أن الله كان يفضل لو آمنوا دون أن يروا بالعيان. ونلاحظ أن الجواسيس ليسوا هم رؤساءالأسباط. ونلاحظ أن موسى غير اسم هوشع ليشوع ليشبه اسم يسوع. ولنلاحظ أن الجاسوسين الممتازين هما يشوع وكالب. ويشوع معناها مخلص فهو رمز للمسيح المخلص ويشوع هو الذي أدخلهم أرض الميعاد (فنحن ندخل السماء بالنعمة وليس بالناموس
(موسى). وكالب اسمه يعنى قلب فهو يعمل العمل بكل قلبه في إخلاص وبلا خوف واثقًا في مواعيد الله. وإرتباط يشوع بكالب معناه أننا إذا أعطينا قلبنا ليسوع ندخل السماء. أي يكون قلبنا جادًا مخلصًا هذه هي الناحية البشرية ويمثل يشوع نعمة المسيح المجانية. فدخول السماء يشترط عمل نعمة المسيح مع الإرادة الحرة القلبية من الإنسان.

الآيات 17-20:-
فارسلهم موسى ليتجسسوا ارض كنعان وقال لهم اصعدوا من هنا إلى الجنوب و اطلعوا إلى الجبل. وانظروا الأرض ما هي والشعب الساكن فيها اقوي هو ام ضعيف قليل ام كثير. و كيف هي الأرض التي هو ساكن فيها اجيدة ام ردية وما هي المدن التي هو ساكن فيها امخيمات ام حصون. وكيف هي الأرض اسمينة ام هزيلة افيها شجر ام لا وتشددوا فخذوا من ثمر الأرض واما الأيام فكانت ايام باكورات العنب.
تتلخص الأوامر الصادرة لهم بأن إصعدوا وتشددوا وخذوا من ثمر الأرض. وكل معلم ينبغى أن يصنع نفس الشيء ليشهد للحق، فعليه أن يتذوقه بصعوده بقلبه وإرتفاعه على جبل الوصية وتحليقه في السماويات ويتشدد بالإيمان واثقًا أن الله سينفذ وعوده. وبعد أن يتذوق هو الثمر عليه أن يعرض لمخدوميه.
إصعدا إلى الجنوب
= وهذا غريب لأنهم هم الآن في الجنوب (جنوب كنعان) وكلمة إصعدا معناها إذهبا للشمال. لكن المقصود تجسسوا الأرض كلها فبعد أن تذهبوا للشمال إذهبوا للجنوب وغالبًا فقد إنقسمت الجماعة لجماعات صغيرة. كل جماعة ذهبت لمكان.
وأما الأيام فكانت أيام باكورات العنب
= يمكن تفسيرها حرفيًا. ويمكن تفسيرها روحيًا بمعنى أنهم كانوا على وشك أن يفرحوا بدخولهم للفرح الروحي والجسدي. ونحن الآن في باكورة الفرح.
الآيات 21-24:- فصعدوا وتجسسوا الأرض من برية صين إلى رحوب في مدخل حماة. صعدوا إلى الجنوب واتوا إلى حبرون وكان هناك اخيمان وشيشاي وتلماي بنو عناق واما حبرون فبنيت قبل صوعن مصر بسبع سنين. واتوا إلى وادي اشكول وقطعوا من هناك زرجونة بعنقود واحد من العنب وحملوه بالدقرانة بين اثنين مع شيء من الرمان والتين. فدعي ذلك الموضع وادي اشكول بسبب العنقود الذي قطعه بنو إسرائيل من هناك.
رحوب
= تعنى مكان رحب أو متسع وهي مدينة أرامية على حدود كنعان الشمالية. ومدخل حماة = حماة على بعد 130 ميل شمال شرق دمشق ومدخل حماة يعنى الطريق المؤدى لحماة. وحبرون = تعنى صحبة أو رباط وهي كانت أول كرسي لداود وملك فيها 2/1 7 سنة , وتسمى حاليًا مدينة الخليل نسبة لإبراهيم
وأشكول
= تعنى عنقود ولا يعرف هل هذا الاسم كان قبل موسى أم أطلق عليها بعد هذه الحادثة وهو وادى شمال حبرون بالقرب منها وحبرون جنوب غرب أورشليم وتبعد عنها 19 ميل.
وهذه المرحلة للجواسيس من برية صين (ومعناها تجربة) إلى أن حصلوا على العنقود هو رحلة كل نفس تريد أن تعبر إلى الملكوت لتنال السيد المسيح نفسه كعنقود عنب يهب حياة. فهي تعبر عن برية صين حيث التجارب والضيقات وتذهب إلى رحوب أي لا تعيش في كآبة وتذمر بل تتحول التجارب لتعزيات. ويذهب لمدخل حماة أى هو متمتع بالحماية الإلهية , وهو في حبرون متمتع بصحبة المسيح. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وحتى بنى عناق الجبابرة أي الشياطين لا يقدرون عليه. وتصل هذه النفس وتعبر لأشكول وتحمل عنقود الحياة , والعجيب أنهم حملوا العنقود على خشبة فكلمة دقرانة = عصا وزرجونة = فرعًا من شجرة العنب والخشبة رمز الصليب الذي عُلق عليه الكرمة الحقيقية الذي سكب دمه كشراب يهب خلاصًا للمؤمنين. وبنى عناق = الطوال القامة الأقوياء. وحبرون بنيت قبل صوعن فمصر أقدم الحضارات ولكن حبرون أقدم. فعطايا الله لشعبه أجود العطايا.
الآيات 25-29:- ثم رجعوا من تجسس الأرض بعد اربعين يوما. فساروا حتى اتوا إلى موسى وهرون و كل جماعة بني إسرائيل إلى برية فاران إلى قادش وردوا اليهما خبرا والى كل الجماعة واروهم ثمر الارض. واخبروه وقالوا قد ذهبنا إلى الأرض التي ارسلتنا اليها وحقا انها تفيض لبنا وعسلا وهذا ثمرها. غير ان الشعب الساكن في الأرض معتز والمدن حصينة عظيمة جدا وايضا قد راينا بني عناق هناك. العمالقة ساكنون في ارض الجنوب والحثيون واليبوسيون والاموريون ساكنون في الجبل والكنعانيون ساكنون عند البحر وعلى جانب الاردن.
لاحظ قولهم غير أن في (آية 28) هذه هي المشكلة دائمًا , ما دامت الأرض جيدة فما العذر إلا قلة الإيمان خصوصًا بعد أن رأوا عمل الله في شق البحر وهزيمة عماليق ومازالت هي مشكلتنا خلق المعاذير لأنفسنا. هم تأكدوا من صدق وعود الله لكن ما أضعف إيمانهم
آية 30:- لكن كالب انصت الشعب إلى موسى وقال اننا نصعد ونمتلكها لاننا قادرون عليها.
لكن كالب أنصت الشعب
= هنا نجد تركيز على كالب وحده دون يشوع وتكرر هذا بعد ذلك وهذا لأن يشوع مرتبط بموسى وهذا معروف وسط الشعب ونحن الآن أمام ثورة ضد موسى ولن يفلح دفاع يشوع عنه أمام الشعب لصلته به وموسى الآن بكتهم أمام الشعب فلا يصح أن يدافع عنه صديقه يشوع. وكلمة أنصت الشعب تعنى هدأهم ليسمعوا موسى فهم كانوا في حالة ثورة. ولاحظ إيمان كالب = إننا نصعد ونمتلكها. فمن بركات الإيمان: 1) يعطى القلب ثقة وشجاعة 2) ويُصير الإنسان شاهدًا للحق 3) فمن ثم يرث الأرض. وهذا ما حدث مع كالب.
آية31:- و اما الرجال الذين صعدوا معه فقالوا لا نقدر ان نصعد إلى الشعب لانهم اشد منا
الرجال قالوا لا نقدر
= هنا نرى نتائج عدم الإيمان: 1) خوف ورعب 2) خسارة وفقدان 3) تأديب 4) موت 5) الرب لا يكون معهم إذًا لا ميراث
آية32:- فاشاعوا مذمة الارض التي تجسسوها في بني إسرائيل قائلين الأرض التي مررنا فيها لنتجسسها هي ارض تاكل سكانها وجميع الشعب الذي راينا فيها اناس طوال القامة


أرض تأكل سكانها
= قد يكون هذا بسبب الأوبئة أو لكثرة الحروب بينهم وهذا أو ذاك بسبب الخطية المتفشية وسطهم. وهذا الخبر عن ضعفهم كان المفروض أن يشجعهم فالله يقلل عدد أعدائهم
آية33
:- . وقد راينا هناك الجبابرة بني عناق من الجبابرة فكنا في اعيننا كالجراد و هكذا كنا في اعينهم
كنا في أعيننا كالجراد
= أي حينما رأينا قوتهم احتقرنا أنفسنا كما لو كنا جراد وهذا من نتائج عدم الإيمان، صغر النفس. هم لضعف إيمانهم إرتعبوا وأرعبوا كل الجماعة فالجماعة كلها إيمانها ضعيف أيضًا. وإنحط الجميع لليأس. أما المؤمنون وإن كانوا ضعفاء فهم لا ينظرون لأنفسهم وقوتهم فهي لا شيء. لكنهم ينظرون إلى الله الساكن فيهم ويتقدمهم ويدافع عنهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق