ومضت الأيام والقمص مينا البراموسي تختاره العناية الإلهية ليصبح بطريركا,
وبيده الطاهرة يقوم يسيامة الأم إيريني يسي
رئيسة علي دير أبي سيفين للراهبات في عام1962...
وظلت الأم إيريني علي امتداد الأيام والسنين تخدم بغيرة حارة
فشهد الدير في عهدها عمرانا,
والحياة الرهبانية نموا,
ومحبو المكان عاينوا بركة,
إلي أن أراد الله أن يريحها من أتعاب العالم وينقلها إلي المجد المعد لها...
وهو ما عبر عنه نيافة الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة
في كلمته يوم وداعها :
قال نيافة الأنبا رافائيل:
أمنا إيريني تمثل قيمة عظيمة في الكنيسة القبطية...
وهي الآن تحصد الأكاليل التي يكللها بها الله بيد الملائكة..
.في التسبحة نقول أيتها العذاري, أحببن الطهارة, لكي تصرن بنات للقديسة مريم..
وهي لمحبتها للبتولية والطهارة صارت ابنة مخلصة للعذراء مريم متمثلة بالقديسة الشهيدة دميانة,
فكما جمعت القديسة دميانة حولها بنات عذاري صرن تلميذات لها,هكذا فعلت أمنا أيريني...
وأمنا إيريني لم يكن جهادها فقط في الجهاد الروحي,
لكن جسدها أضناها بأتعاب كثيرة وأمراض عديدة لأكثر من خمسة وعشرين عاما
فاحتملت المرض شاكرة وأما فاضلة, فأخذت إكليل النصرة والاحتمال في جهاد الجسد...وإكليل جهاد النفس,
ولأنها رئيسة للدير تقع عليها مسئوليات كثيرة جدا وقد احتملت كل هذا...
أيضا أخذت إكليل حسن التدبير, فهذا الدير بكل ما فيه من العمران الروحي والمعماري يدل علي مقدار تعبها في التدبير, ولها أبناء وأصدقاء في كل مكان تمتعوا بإرشادها وصلواتها وكلماتها المملوءة بالتعزية والتشجيع...
لها لمسة في قلوب الكثيرين من الآباء الأساقفة والآباء الكهنة والرهبان والراهبات والشعب...
والآن نودعها إلي صفوف السمائيين حيث تشترك معهم في التسبيح الذي لا ينقطع,
فلقد صعدت إلي السماء حيث المجد الأبدي.
الأنبا سلوانس وهو يلقى نظرة الوداع :
الأم إيريني مصدر بركة كبيرة لمصر القديمة وحبها لأبو سيفين كحب البابا كيرلس لمارمينا ودعت الكتيسة والشعب القبطي يوم الخميس 2/11/2006م تماف إيريني رئيسة دير الشهيد العظيم أبو سيفين للراهبات بمصر القديمة بعد حياة رهبانية قدمت فيها الكثير من الخدمة الروحية والمجتمعية واحتلت مكانة عظيمة في الكنيسة القبطية ,
وفي قلوب كل من عرفها وتعامل معها لبساطتها ووداعتها عطاءها للجميع ومبادئها السامية وأفكارها البناءة.
أقيمت صلاة الجنازة بكنيسة دير أبو سيفين بمصر القديمة ,
وأوفد قداسة البابا شنودة الثالث نيافة الأنبا رويس الأسقف العام الذي حضر من أمريكا خصيصا حيث كان يرافق قداسته في رحلة العلاج, وشارك في الصلاة عشرة من أساقفة الكنيسة وعدد كبير من الآباء الكهنة والرهبان والراهبات وأراخنة الكنيسة.
حضر الصلاة ماجد جورج وزير الدولة لشئون البيئة, واللواء سعيد سيدهم مدير مباحث القاهرة نائبا عن وزير الداخلية.
يذكر أن الأم إيريني كانت تواجه المرض منذ سنوات طويلة,
وقد اشتد عليها في الأيام الأخيرة, وظلت متحاملة بصبر وإيمان كامل
إلي أن شاء الله لانتقالها مساء الثلاثاء الماضي أثناء أقامتها بالمستشفي ,
وقد نقلت إلي الدير بعد إعلان خبر وفاتها ,
وأتيح للآلاف أن يلقوا نظره الوداع لي جسدها المسجي داخل كنيسة الدير إلي أن أقيمت صلاة الجنازة
ودفنت في مقبرة أعدت خصيصا داخل الدير.
وكان قداسة البابا شنودة الثالث-الذي يكن لها محبة خاصة - يتابع أخبارها في الأيام الأخيرة لمرضها أثناء وجوده في أمريكا للعلاج, وتألم لانتقالها
وأوفد للمشاركة في صلاة الجنازة صاحب النيافة الأنبا رويس الأسقف العام الذي كان يرافق قداسته في رحلة العلاج...
شارك لفيف من أحبار الكنيسة الآباء الأساقفة, ورؤساء ورئيسات الأديرة, وعدد كبير من الرهبان والراهبات والآباء الكهنة والشمامسة وخورس الكلية الإكليريكية.
كان جسد الأم أيريني قد وصل من المستشفي الذي كانت ترقد فيه إلي الدير في العاشرة والنصف من مساء الثلاثاء الماضي بعد ساعتين من صعود روحها الطاهرة فاستقبلته بناتها الراهبات بحزن شديد وإيمان وتسليم كامل, وصعدن به إلي كنيسة الملاك ميخائيل بالدور العلوي حيث تم وضع الجسد في الصندوق وحملنه إلي كنيسة أبو سيفين بالدور الأرضي, وأمضين الليل كله في تسابيح وصلوات...
وبعد صلاة باكر والقداس الإلهي فتح الدير أبوابه حيث توافد الألوف من محبيها وانتظموا في طابور للمرور أمام جسدها لوداعها.. واستمر طابور الوداع إلي ساعة متأخرة من مساء الأربعاء وامتد إلي ما بعد أسوار الدير...
واستمرت الراهبات في التسبيح حتي صلاة باكر حيث حملن الجسد إلي كنيسة السيدة العذراء ووضعوه أمام المذبح حيث رفعت صلاة القداس الإلهي التي أقامها أصحاب النيافة الآباء الأساقفة الأنبا أرسانيوس أسقف المنيا وأبو قرقاص, والأنبا رويس الأسقف العام, والأنبا ميصائيل أسقف برمنجهام بإنجلترا, والأنبا أغاثون أسقف البرازيل, واشترك معهم لفيف من الآباء الكهنة والرهبان, وحضرها كل راهبات الدير, والكثير من محبي الأم إيريني الذين نالوا بركة وداعها بعد القداس.
داخل كنيسة السيدة العذراء بحديقة الدير-التي شيدتها الأم إيريني بعد رؤية ودعوة إلهية لبركة المكان-
أقيمت صلاة الجنازة التي شارك فيها أصحاب النيافة
الأنبا متاؤس أسقف ورئيس دير السريان,
والأنبا تادرس أسقف بورسعيد,
والأنبا سلوانس أسقف مصر القديمة,
والأنبا رافائيل أسقف وسط القاهرة,
والأنبا مارتيروس أسقف كنائس شرق السكة الحديد,
والأنبا كيرلس آفامينا رئيس دير مارمينا...
وفي خورس الكنيسة اصطف بناتها الراهبات وأبناؤها محبوها في صمت يغلفه حزن عميق...
وبينما كانت رائحة البخور تعبق المكان,
وصلوات وتسابيح الآباء الأساقفة والكهنة والشمامسة تنطلق في روحانية عميقة من القلوب الخاشعة...
كان موكب بناتها الراهبات يمر حول جسدها المسجي أمام المذبح المقدس يلتمسن بركتها ويودعنها بكل ما يحملن لها في قلوبهن من محبة فياضة...
وفي لحظة مؤثرة انهمرت فيها الدموع أغلق الصندوق, وتقدمت بناتها الراهبات تحملنه علي أكتافهن ويطفن به الكنيسة يتقدمهن خورس الشمامسة والآباء الكهنة,في موكب مهيب يطوف الكنيسة,
ويخرج عبر طريق طويل ازدان بالورود البيضاء إلي المدفن الذي أعد بجوار حجرة المعمودية ليبقي مزارا وسط الدير للبركة ولتذكير المقيمين في الدير ومرتاديه بتعاليم المحبة والسلام التي زرعتها الأم إيريني في قلوبهم...
وتواري الجسد الطاهر داخل القبر...
ولكن سيرتها العطرة ستبقي إلي مدي الأيام وشفاعتها ستبقي بركة لكل المؤمنين.
تدافع الآلاف من الأقباط نحو دير أبو سيفين يوم الأربعاء الماضي
ليودعوا بنظرة أخيرة الأم(تماف) إيريني رئيسة دير أبو سيفين للراهبات بمصر القديمة مصطحبين أولادا وبنات يؤمنون أنهم رزقوا بهم ببركة صلوات أمنا إيريني بعد أن فقدوا الأمل في الإنجاب,
ومعظم هذه المعجزات بالإضافة إلي معجزات شفاء لاحصر لها مسجلة في سبعة أجزاء من الكتب التي أصدرها الدير في أعياد أبو سيفين ومن المنتظر في عيده القادم في 4 ديسمبر أن يصدر الجزء الثامن من المعجزات مع كتاب شامل عن حياة أمنا إيريني.
ملاك السماء
وفي حديث مع نيافة الأنبا متاؤس رئيس دير السريان وأسقف عام كنائس مصر القديمة سابقا الذي كان ضمن المشاركين في الصلاة علي جثمان أمنا إيريني وحول أهم ما يعرفه عنها قال:
نالت تماف إيرني عدة أكاليل هي البتولية,والجهاد والعبادة والتدبير والاحتمال.
وتلمذت الأم إيريني رئيسات لأديرة أخري عديدة منهن الأم يوأنا المتنيحة رئيسة دير مارجرجس مصر القديمة, والأم إدروسيس الرئيسة الحالية لدير الأمير تادرس بحارة الروم مع العلم بأنه يوجد في مصر ستة أديرة للراهبات.
وتم العديد من الإنجازات في فترة رئاستها للدير حيث توسعت في مباني الدير وضمت أراضي إليه وتم تعميره وإنشاء قلالي للراهبات كذلك تم إنشاء دير أبو سيفين في سيدي كرير ومزرعة للدير بالقناطر.
مبتسمة دائما
كل من عرف الأم إيريني وتعامل معها عرف كم كانت بشوشة الوجه محبة
تعطي طمأنينة وراحة وتعزية لكل من يتحدث معها..
حدثنا الراهب كيرلس الأنطوني وكان قد شارك في الصلاة يوم الخميس الماضي في الدير علي جثمانها الطاهر وقال:
كنت ممن خدموا في إنشاءات الدير في السبعينيات حيث عملت مهندسا قبل دخولي في سلك الرهبنة
وكانت الأم إيريني مثالا للمحبة وبشاشة الوجه ورغم معاناتها من السرطان والعلاج الكيماوي بالخارج إلا أنها تحملت صليب المرض حيث كانت كفاءة القلب عندها حوالي 16% وتجمعت مياه علي الرئة ولكن لم يمنعها كل هذا من لقاء زوار الدير خاصة في أعياد أبو سيفين حتي آخر عيد له حيث كانت تجلس في حديقة الدير وتسرد معجزات أبو سيفين,
وكانت علاقتها قوية بالعذراء مريم وببركة صلواتها هناك العشرات بل المئات من الأسر كانت محرومة من الإنجاب وأنجبت بعد سنوات من المعاناة والعلاج,وكل هذا مدون في كتب المعجزات التي أصدرها الدير.
لاقت في البداية العديد من المضايقات عند بناء دير آخر في سيدي كرير ولكن استطاعت أمنا إيريني ببركة الصلاة أن تنهي كل المشاكل والمضايقات حتي أن اللواء يسري الشامي شارك من ماله الخاص في نفقات بناء الكنيسة.
معرفة وثيقة
كان اللقاء مع المهندسة ماري عبد الملك زوجة القس برسوم فريد راعي كنيسة أبي سيفين الأثرية بمصر القديمة والمتاخمة لدير أبي سيفين للراهبات وهي أيضا أخت القمص متي عبد الملك راعي كنيسة القديسة دميانة بالهرم,
وحول علاقتها بالأم إيريني وأسرتها قالت:
نحن علي صلة وثيقة بأسرة أمنا إيريني وهي الشقيقة الخامسة لأربع بنات إحداهن راهبة الآن في دير أبو سيفين وهي أصغر من أمنا إيريني (الأم تريفينا) ولها ابنة أخت راهبة في الدير,
وكان للأم إيريني عمتان راهبتان في الدير قبل رهبنتها.
حضرت الأم إيريني إلي القاهرة وكان عمرها 17 عاما وأخذت تتردد علي الدير بدعوة من أبو سيفين الذي أرشدها إلي ديره, وتمت رسامتها علي يد البابا كيرلس السادس وسنها 20 عاما..
وبعد وفاة والديها حضر إخوتها إلي القاهرة وأقاموا بسكن قريب من الدير قرب منطقة الزهراء,
وهي من عائلة يسي الطرابيشي من جرجا بسوهاج.
منذ عشر سنوات كانت الأم إيريني تجلس بعد القداس كل يوم جمعة في حديقة الدير وتلقي كلمة روحية علي زوار الدير ثم تقوم برشمهم بالزيت واستمر في هذا التقليد لمدة ثلاث سنوات (توقف هذا منذ 7 سنوات تقريبا) واقتصرت لقاءاتها في أعياد أبو سيفين وكان آخرها في 31 يوليو هذا العام حيث جلست في حديقة الدير وكانت تسرد علي الزوار المعجزات التي تمت بشفاعة أبو سيفين.
وأضافت أنه من المعجزات التي سمعتها منها شخصيا أنها واجهت صعوبة شديدة في إدخال المرافق للدير في سيدي كرير وكانت تقيم صلوات من أجل هذا الموضوع,
وفي هذه الفترة كانت تأخذ علاجا كيماويا عند طبيب في أمريكا, وكان الطبيب يعرف المعوقات التي تواجهها في استكمال مرافق الدير, ويشاء الله أن يذهب شخص يشغل منصبا سياسيا رفيعا لإجراء جراحة في أمريكا عند الطبيب,
وبعد الجراحة الناجحة طلب من الطبيب أن يقوم له بأية خدمة في مصر فتذكر الطبيب موضوع دير سيدي كرير,
وكان مطلبه من هذا المسئول تسهيل إجراءات البناء, وبالفعل تم إنهاء جميع المشاكل واستكملت المرافق بسلام.
الأم إيريني أصبحت رئيسة للدير عام 1962 ووصل عدد الراهبات في عهدها إلي أكثر من مائة راهبة,
وكانت تنتقي الراهبات الحاصلات علي أعلي مستوي تعليمي منهن المهندسات والطبيبات وفي شتي التخصصات وتقضي الفتاة تحت الاختبار داخل الدير مدة ثلاثة سنوات.
وتماف إيريني تعطي فرصة للفتاة قبل رسامتها للرهبنة للتفكير والتراجع إن أحبت أن تخرج وتتزوج لأن ابنة أخي ضمن 15راهبة كن آخر من قامت أمنا إيريني برسامتهن منذ ثلاث سنوات في الصيام الكبير عام 2003
تقليد أصيل
رغم الحزن الشديد الذي خيم علي جنبات المكان
إلا أن تقليد فتح أبواب الدير لأهالي الراهبات يوم الجمعة الأولي من الشهر استمر.
كلمات من نور
ومن كلمات المناجاة إلي الله التي كتبتها أمنا إيريني في مقدمة الجزء الأول من كتاب معجزات الشهيد العظيم فيلوباتير مرقوريوس أبو سيفين :
أحببتني قبلا حتي بذلت ذاتك عني ,
وقفت عاليا فوق الجبل العالي جبل الجلجثة فاتحا ذراعيك علي عود الصليب مثبتا نظرك نحوي ..
لقد دفعت الثمن كاملا حتى إذا ما رفعت عيني إلي الجبال أري كل شيء وأدرك جميع ما تريدني أن أدرك..
أنر عيني..
أمسك يميني..
ثبتني فيك إلي الأبد لأخبر بتسبيحك وأعمالك لجميع الأمم |
تاماف إيرينى كانت قديسة و تعلم بأحداث قبل و قوعها
و الدليل على ذلك الرؤية التي شاهدتها يوم 23 يوليو 1999
حيث رأت شهداء حادثة أتوبيس خدام كنيسة مارجرجس هليوبوليس
و هم منطلقون إلى السماء فى حلل بيضاء و اكاليل ذهبية حاملين الشموع
و ذلك أثناء وقوع الحادثة تماماً و قبل معرفة الخبر...
-------------------------------------
المصدر: جريدة وطنى بتاريخ 5/11/2006م السنة 48 العدد 2341
الأستاذ فيكتور سلامة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق