صداقة
القديسين مار مينا والبابا كيرلس السادس
الحلو هو الكنيسة، الحلو هو الشعب المجتمع فيها ، الحلو هو صورة هذا الشهيد القديس مار مينا شهيد ربنا يسوع المسيح.
"حلو هو اسمك الطاهر يا مختار المسيح ، الشجاع القوي المبارك القديس مار مينا".
"طوباك بالحقيقة أيها الكوكب المضيء، ذو الأسم الحلو الممتلئ مجداً القديس مار مينا".
"اسمك ذاع مجداً في جميع كور الأرض إذا أعطانا الرب موهبة القديس مار مينا".
"حسن أنت، حسن هو الاسم الذي ختمت به، يا شهيد المسيح القديس مار مينا".
"اطلب من الرب عنا أيها الشهيد المجاهد القديس مار مينا ليغفر لنا خطايانا".
+++
"اسمك عظيم في كورة مصر أيها الطوباوي القديس المكرم في جميع القديسين أبونا الطاهر البابا أنبا كيرلس".
"السلام لقبرك المملوء نعمة ، السلام لجسدك المقدس الذي نبع منه شفاء لكل الأمراض".
"طوباك بالحقيقة يا أبانا القديس البابا أنبا كيرلس لأنك رفضت هذا العالم الباطل".
"فلنذهب باجتهاد إلى داخل ديرك لكي ننال شفاء أمراضنا ونجد رحمة عند الرب".
"اطلب من الرب عنا يا أبانا الطاهر البار القديس البابا أنبا كيرلس السادس ليغفر لنا خطايانا".
صداقة القديسين
"هوذا ما أحسن ، وما أجمل أن يسكن الأخوة معاً"
(مز 133 :1)
أول ما يتبادر إلى الذهن، أن صاحب المزمور يتكلم عن سكنى الأخوة المؤمنين المجاهدين هنا في الجسد معاً بالمحبة والتآخي حيث يكون الله معهم. ولكن ترى ماذا يكون الحال، إذا استطاع الإنسان المجاهد على الأرض، أن يساكن أولئك الذين أكملوا جهادكم ورحلوا عن أرضنا، وتخلصوا من ثقل الجسد واصبحو في حرية مجد أبناء الله أرواحاً بهية، ظفرت وانتصرت وتكللت بأكاليل المجد الروحية: أكاليل بتولية، أكاليل شهادة، أكاليل غلبة على أهواء الجسد، أو ......، ليكونوا ضمن سحابة الشهود المحيطين بنا (عب 12: 1) ؟!
إن هؤلاء الظافرين الغالبين المكللين ، لا تنقطع صلتهم بأخوتهم الذين على الأرض في الكنيسة المجاهدة ، أذ يؤكد الرسول أنهم محيطون بنا (عب 12 : 1) يشهدون لنا بعظمة الله وبره.
تُرى ماذا يكون الحال، لو إستطاع إنسان على الأرض أن يتسامى في طهر ونقاء إلى أن يحوز صداقة هؤلاء القديسين – وأن يعاشرهم وهم في موكب نصرتهم؟!
كان للبابا كيرلس السادس علاقة وطيدة بشهداء وقديسي كنيستنا المنتصرين – فكان كل مساء يقوم برفع بخور عشية – ثم يقدم التحية والسلام للقديسين والشهداء الذين ستحتفل الكنيسة بذكراهم في صبيحة اليوم التالي وذلك بعمل التماجيد لهم.
ولكن كانت للشهيد العظيم مار مينا ، بين هؤلاء القديسين والشهداء جميعاً ، منزلة خاصة في قلب البابا كيرلس السادس ، نشأت منذ أن كان البابا كيرلس طفلاً صغيراً، إذ تعودت أسرته أن تحتفل بذكرى الشهيد العظيم مار مينا كل عام، فكانت تذهب لتقضي اسبوعاً كاملاً في كنيسة مار مينا المقامة بديره بأبيار غربية، وإزدادت هذه العلاقة قوة ومتانة ، إذ شاءت عناية الله، أن يتسمى البابا كيرلس عند رهبنته باسم "مينا" ، وعبّر البابا كيرلس السادس عن هذه العلاقة الوطيدة القوية في صورة تماجيد وتشفعات كان يقدمها صباحاً ومساءً، كما بنى وهو راهب كنيستين اسماهما باسم الشهيد مارمينا: الأولى في طاحونة الهواء بجبل المقطم، والثانية بمنطقة الزهراء بمصر القديمة. وقام بنسخ سيرته بخط يده بالطريقة التي كان الرهبان قديماً ينسخون بها الكتب ، ووضع نسخاً منها في الكنيستين المذكورتين.
وما أن صار بطريركاً حتى بادر بتحقيق أمنية كانت تجيش بصدره منذ زمن طويل.... فأنشأ دير مار مينا بصحراء مريوط وجعله باكورة أعماله.
وبادله الشهيد مار مينا العجائبي الحب، فكان يأتيه ويجالسه ويحدثه ويعزيه ويؤازره، ويكشف له الكثير من الأسرار الخفية ، وكانت للبابا كيرلس السادس دالة عظيمة عند صديقه مار مينا ، كثيراً ما كان يعلنها ، فنجده يقول لمن يقصده "سوف أرسل لك مار مينا"، وكان الشهيد مار مينا يذهب فعلاً، ويقضي لذلك الشخص حاجته ، كأن يشفيه من مرض أو ينجيه من ضيقة شديدة.
وتُظهر الوقائع الثابتة التي رواها أصحابها ، العلاقة القوية بين الشهيد مار مينا والبابا كيرلس والتي استمرت إلى ما بعد رحيل البابا كيرلس السادس.
الواقعة الأولى: يتشفعون بالبابا كيرلس فيأتيهم مار مينا
ذهب د. عزت ناشد وأسرته إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتقدم لإمتحان المعادلة لكي يستطيع أن يمارس مهنة الطب ، بعد استذكار وسهر لمدة سنتين متواصلتين، ونجح في امتحان المعادلة، وحاول أن يعمل كطبيب بأحدى المستشفيات هناك، ولكنه فشل في ذلك لوجود منافسة قوية له من الأمريكيين الحاصلين على نفس شهادته، حتى داخله يأس شديد. ولكن زوجته أخذت تصلي وتتشفع بالبابا كيرلس السادس وكانت تقرأ كتب معجزاته وتطلب شفاعته.
وفي أحدى الليالي استيقظت الزوجة من النوم على حلم جميل : فقد رأت الشهيد العظيم مار مينا العجائبي، بوجهه الملائكي ولبسه المعتاد الذي كان كله من الذهب اللامع البراق. وقصت على زوجها هذا الحلم واستبشرا خيراً، ولم تمض أيام حتى استدعته إحدى المستشفيات التي كان قد تقدم إليها وأفادته قد تم قبوله للعمل بها.
وهكذا قام الشهيد العظيم مارمينا العجائبي بنجدتهم بمجرد استشفاعهم بحبيبه البابا كيرلس السادس.
الواقعة الثانية: تطلب مار مينا فيأتيها البابا كيرلس
السيدة أوديت صموئيل ، بمصر الجديدة، تقول:
أُصبت بإرتفاع في درجة الحرارة. وكان تشخيص الأطباء إنه إلتهاب بالحلق، وعولجت بالمضادات الحيوية ولكن استمرت درجة الحرارة في الإرتفاع حتى وصلت إلى 40 ، وأصبت بقيء مستمر وصداع غير محتمل ، وحاول الأطباء تخفيض درجة الحرارة بالحقن والمضادات الحيوية ولكن دون جدوى. ومرت الأيام وأنا في هذه التجربة الطويلة حتى نقص وزني أكثر من أربعة وعشرين كيلو جراماً، وحار الأطباء في التشخيص، حيث رجحوا المرض على أنه تيفود أو بارا تيفود أو مرض في الكبد، وقرروا إعطائي عقار الكورتيزون لتخفيض درجة الحرارة، وكانت درجة الحرارة ما تلبث أن تنخفض ثم ترتفع مرة أخرى.
وكنت أبكي وأطلب من الله أن يرحمني وقلت "يا مار مينا أنت عملت معجزات كثيرة ليه ما بتعملش معايا معجزة وتشفيني..؟" وحدث أني نمت نوماً عميقاً أفقت منه على رؤيا جميلة: رأيت البابا كيرلس السادس يقف أمامي ويقول لي "مالك ومال مارمينا عيزه منه أيه ...؟ "أنا زعلانة منه لأنه عمل معجزات وأنا ما عملش معايا ولم يرد علي" فقال لي "ما تزعليش. أنت خلاص خفيتي" وأخذ يرشم جسدي كله من الرأس حتى القدمين وهو يبتسم، وفي الصباح إنخفضت درجة الحرارة إلى معدلها الطبيعي، وتماثلت للشفاء تماماً، وكنت مندهشة من هذه الرؤيا، إلى أن ذهبت إلى دير مار مينا بمريوط، وعرفت هناك مدى ارتباط الشهيد العظيم مار مينا بالبابا كيرلس السادس.
تذكر صاحبة تلك المعجزة أنها لم تكن تربطها بالبابا كيرلس علاقة ما ، ولا تعلم شيئاً عن العلاقة بين مار مينا والبابا كيرلس ، ترى هل كان مار مينا يهدف أن يكرم حبيبه الذي أذاع ونشر اسمه في أيامنا حتى لا تكاد تخلو عائلة من اسم مينا تبركا بالشهيد العظيم مار مينا الذي أذاع البابا كيرلس صيته وجذب أنظار الناس إليه؟
لقد سألها البابا كيرلس عندما حضر إليها "أنت عايزه إيه من مار مينا" فأفهمها أنه أتى نيابة عن مار مينا وبتكليف منه.
حقاً ما أعظم إكرام البابا كيرلس لشفيعه مار مينا ، وما أعظم إكرام مار مينا لحبيبه البابا كيرلس !
أليست صداقة القديسين هي طيب ينسكب على آلام الناس وجراحاتهم فيشفيها حقاً "ما أحسن وما أجمل أن يسكن الأخوة معاً مثل الدهن الطيب" (مز 133: 1).
+++
مار مينا في رسائل البابا كيرلس
تؤمن كنيستنا بشفاعة القديسين: سواء كان بالجسد على الأرض أو منتقلين إلى السماء. وتعتبر شفاعتهم جزءاً من عبادتنا ومن حياتنا على الأرض. فليس للكنيسة المجاهدة غنى عن معونة القديسين المنتقلين.
لم يرد في تاريخ الكنيسة، أنه كان هناك دير باسم الشهيد مار مينا، به رهبان يحملون اسم "آفا مينا". ولكن كان يوجد قبر الشهيد العظيم مار مينا بجهة مريوط، ثم بنيت حوله كنائس كثيرة وأماكن للإقامة والإستشفاء.
وبذا تأسست مدينة كبيرة تسمى مدينة "بومينا". فلأول مرة في تاريخ الكنيسة يقام دير باسم مار مينا ، به رهبان يحملون اسم "آفا مينا"، وذلك في عهد وعلى يدي البابا كيرلس السادس.
وهذا، لا شك، يعكس صلة وعلاقة غير عادية بين البابا كيرلس والشهيد العظيم مار مينا ، كما يؤكد أن هناك تعاملاً بين البابا كيرلس السادس وبين الشهيد مار مينا قد تخطى الحدود المألوفة للشفاعة المقبولة أو الطلبة المستجابة بل هو إكرام متبادل، وصداقة قوية وفيّة ، ومعايشة وتلازم، وظهورات لمار مينا ، يراه فيها البابا كيرلس رؤيا العين، ويتخاطب معه ويناقشه ، وبدالة الحب يرسله ليحل المشاكل هنا وهناك، فكان مار مينا جزءاً من حياة البابا كيرلس لا غنى له عنه ، ومعيناً وعضداً. ونرى البابا كيرلس يشهد بهذا شهادة الواثق مما يقول، فكان مار مينا دائم الحضور في حياة البابا كيرلس وعلى لسانه وفي رسائلة وخطاباته حتى يخيل إليك أنهما لا يفترقان.
فكم من مرة كان البابا يعلن عن معاونة مار مينا له في إتمام الأعمال الحسنة ، وتمجيد اسم الله القدوس: فكثيراً ما كان البابا يبدأ صلاته في دير مار مينا بالصحراء، وأنه أرسل صديقه مار مينا ليدلهم على الطريق، ويمر بعض الوقت وإذ بالوافدين يأتون مقرين أنهم ضلوا الطريق، وأن شاباً لطيفاً رافقهم إلى الدير ثم اختفى عنهم، أو أن حمامة صارت تظهر أمامهم في الصحراء وهم يتبعونها ثم غابت عنهم عند باب الدير.... وكم .... وكم من مواقف عديدة مماثلة.
وتظهر خطابات البابا كيرلس ورسائله ، قبل وبعد رسامته بطريركاً، حضور مار مينا في حياته ، وإليك بعض المقتطفات من الخطابات التي عثر عليها بخط البابا وهي خير شاهد على ذلك.
1 – ففي سنة 1950م يُظهر أبونا مينا المتوحد شوقه الزائد لبناء دير مار مينا وهو بعد راهب فقير، إذاً فبناء دير مار مينا كان، رغبة قديمة تتوق نفسه إلى تحقيقها وليس فكرة طارئة خطرت له بعد أن صار بطريركا، وظلت هذه الرغبة في نفسه ثابتة جياشة، تملك على مشاعره حتى صار دير مار مينا باكورة أعمال البابا كيرلس، فهو أول مشروع له، بدأ في تنفيذه بعد أن صار بطريركاً مباشرة: ففي خطاب له إلى أحد أحبائة سنة 1950 م كتب يقول:
"أنا آمل مقابلة يوسف سكرتير غبطة البطريرك وتهديه سلامي وصالح الدعوات، وتسأله ماذا تم في دير مار مينا ونحن على استعداد تام في تعمير هذا الدير إذا طلب منا رسميا من البطركخانة بدون أي مساعده مادية منهم والرب القادر يحقق أملنا في عمارة هذا الدير".
لا شك أن الراهب الفقير مينا المتوحد كان واثقاً من مساعدة الشهيد العظيم مار مينا له في بناء الدير وتعميره، لو سمحت له البطريركية بذلك.
2 – قام الراهب مينا المتوحد ببناء كنيسة مار مينا بمنطقة الزهراء بمصر القديمة وأسماها أيضاً ميناء الخلاص، وكان دائماً يقول أن مؤسس ميناء الخلاص هو الرب يسوع وأن مديره هو الشهيد العظيم مار مينا وذكر ذلك في خطاب له عام 1957 :
"وهذا الفضل كله يرجع لمؤسس ميناء الخلاص يسوع الحلو والسلام لمديرها مار مينا العجائبي".
3 - وإليك ديباجة خطاب أرسله القس مينا البراموسي المتوحد في 6 يونيه 1944 حين كان رئيساً لدير الأنبا صموئيل المعترف ، وذكر في أن "المهتم بطلبات الدير وأحواله هو الشهيد مار مينا العجائبي".
وصار يردد ذلك في خطاباته التالية جميعاً مدة رئاسته للدير. فنرى نفس الديباجة في خطاب آخر له سنة 1944 وفيه يظهر أيضاً فضل الشهيد العظيم مار مينا ومعاونته له في العمل في دير الأنبا صموئيل المعترف، كما يتضح من أسلوب البابا كيرلس مدى الدالة والصداقة التي بينه وبين مار مينا فنراه يقول:
"وعم مار مينا جدع جداً وقام بخدمة عظيمة لأنبا صموئيل إذ شرع في بناء كنيسة صغيرة في عزبة الدير إذ أن الكنيسة الموجودة أصبحت معرضة للسقوط" أليس هذا كلام من يرى بعينيه؟
4 - وفي عام 1945 في أول صوم السيدة العذراء يرسل خطاباً لأحد أحبائه جاء في ديباجته،
( شيري بي أجيوس آفا مينا بي مار تيروس) السلام للقديس مارمينا الشهيد.
5 – وبعد أن صار أبونا مينا المتوحد "بطريركاً ، كتب إلى أحد أحبائه في 22/11/1962 قبل عيد مار مينا بيومين يظهر ثقته بعجائبه فيقول:
"اليوم عيد الملاك الجليل ميخائيل شفاعته تكون معكم وتخلصكم، عيد مار مينا يوم السبت وهو ملقب بالعجائبي يصنع معنا أعجوبة ويحل المشاكل".
6 – ولم يكن أبونا المتوحد (البابا كيرلس فيما بعد) متعصباً أو متحيزاً لمار مينا، بل كان صديقاً لجميع القديسين ، إذ القداسة الحقيقية لا تعرف التعصب، كما يقول معلمنا بولس الرسول لأهل كورنثوس، عندما كان الواحد منهم يقول أنا لبولس والآخر أنا لأبلوس "إذ فيكم حسد وخصام وأنشقاق الستم جسدين" (1كو 3:3).
فيذكر في خطاب له بتاريخ 2/2/1944 : "وسلام الرب على مارمينا البطل الشجاع ومار جرجس البطل الهمام ونعم أن القديس الأنبا صموئيل القديس العظيم سلام الرب عليه دعانا لهذه الخدمة".
فيذكر في خطاب له بتاريخ 7/2/1944: "تجد الشهيد العظيم مار جرجس ومار مينا والقديس العظيم الأنبا صموئيل اتفقوا معاً اتفاقاً واحداً في مساعدتنا وتقديم طلباتنا أمام عرش النعمة".
كما يذكر أيضاً في خطاب آخر بتاريخ 18/3/1960 بعد أن صار بطريركاً: "أكتب إليكم هذا من دير مار مينا العجائبي (ميناء الخلاص) قبل إقامة القداس الإلهي متضرعاً إلى مراحمه العظيمة وبشفاعة القديسة مريم والدة الإله ومار مينا الشهيد العظيم أن يحافظ عليكم جميعا...".
7 – كان اسم مار مينا محبباً إلى قلب أبينا الأنبا كيرلس. وكان هذا الاسم يثير في نفسه دائماً حنيناً خاصاً، تأمل ماذا كتب بعد أن صار بطريركاً، وبدأ بتعمير دير مار مينا، وأحاطت به أمجاد البطريركية وأبهتها، تأمل ماذا يقول: "اليوم توجهت إلى دير مار مينا بمصر القديمة ، هناك تذكرنا الأيام الأولى وكم كان سرورنا وتعزيتنا في هذا المكان المبارك".
وقد صدر هذا الخطاب كعادته بآية جميلة: "أصعد إلى الجبال العالية يا مبشر صهيون ونادى بالسلام في حصونها" ، نعم، ماذا كنت ترى يا أبانا الطوباوي في كنيسة مار مينا بمصر القديمة... ((هذه الكنيسة أنشئت عام 1947 في منطقة غير عامرة تقع تحت سفح جبل المقطم وكانت ولا تزال متواضعة جداً في مظهرها الخارجي، ولكن كان البابا كيرلس السادس يراها بعينيه الروحيتين أنها وأن كانت متواضعة في مظهرها إلا أنها في الحقيقة مرتفعة جداً أعلى من الجبال))! هل كنت تراها فوق الجبال العالية ؟! أي أنها شابهت ربها ، الذي وهو في السماء كل حين، أعلى من كل الخليقة، تراه وديعاً متواضعاً يمشي على أرضنا. هل كانت نفسك ترى عظمة قداسة بيت الله؟! "الكنيسة بيت الملائكة"، فكانت تعلو في حسك فوق كل الجبال، وكنت تراها ميناء للخلاص وحصناً للسلام لكل من يأوي تحت ظل أسرارها.
العجائب والمعجزات
"لأن ملكوت الله ليس بكلام بل بقوة" (1كو 4: 20).
العجائب والمعجزات تلازم الكنيسة في كل زمان ومكان:
قال الرب يسوع إن الآيات تتبع المؤمنين (مر 16 :17).
كما قال أيضاً: "من يؤمن بي فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضاً ويعمل أعظم منها" (يو 14: 12).
وقال أيضاً "لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل ولا يكون شيء غير ممكن لديكم" (مت 17: 20).
كما قال "وأدعني في يوم الضيق أنقذك فتمجدني" (مز 50 : 15).
من هذا يتضح أنه حيثما وجد الإيمان والمؤمنون فهناك يصنع الله آيات كثيرة.
العجائب والمعجزات هي من عمل روح الله:
قال الرب يسوع لليهود "إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله" (مت 12: 28).
وقال معلمنا بولس "فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد.... فإنه لواحد يُعطى بالروح كلام حكمة.... ولآخر مواهب شفاء بالروح الواحد ولآخر عمل قوات ولآخر نبوة.... ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء" (1كو 12: 4 – 11).
من هذا النص نلاحظ: أن هناك اناساً في الكنيسة أعطاهم الله السلطان أن يشفوا المرضى، ويخرجوا الشياطين، ويعملوا قوات ...، وهذه كلها يعملها الروح القدس: "شاهداً الله معهم بآيات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس حسب إرادته" (عب 2: 4).
العجائب والمعجزات هي برهان الروح والقوة:
يقول معلمنا بولس الرسول "وأنا لما أتيت إليكم أيها الأخوة أتيت ليس بسمو الكلام أو الحكمة منادياً لكم بشهادة الله ... وكلامي وكرازتي لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية المقنع بل ببرهان الروح والقوة لكي لا يكون إيمانكم بحكمة الناس بل بقوة الله" (1كو 2: 1 – 4).
فالآيات والمعجزات تشهد لصاحبها أن الله معه وهو ما يقصده بولس الرسول بقوله برهان الروح والقوة، وهي أعمال قوية تفوق قدرة البشر ، يصنعها روح الله ، وتشهد لمن أجريت على يديه أنه مرسل من الله فهي من علامات الرسالة "إن علامات الرسول صنعت بينكم في كل صبر بآيات وعجائب وقوات" (2كو 12: 12).
فالآيات هي أعمال يجريها الله على أيدي رسله وأنبيائه وقديسيه، تشهد لهم بصدق رسالتهم وصحة إيمانهم، ولها قوتها التي لا غنى عنها "لأن ملكوت الله ليس بكلام بل بقوة" (1كو 4: 20).
إذاً الآيات والمعجزات هي لغة فائقة يخاطب الله بها البشر ولا يستطيع أحد غيره أن يتكلم بها ، وأعطى أناساً مختارين أن يتكلموا بها لإرشاد الناس إلى الإله الحقيقي.
فحينما أرسل الله موسى إلى بني إسرائيل زوده بالآيات الباهرة لكي يثبت لهم: أن الله أرسله لخلاصهم (خر 4: 1 –9).
فهي برهان الروح والقوة الذي تكلم به موسى وبهذه اللغة عينها تكلم موسى مع فرعون حتى أخرج بني إسرائيل من عبوديته.
وحينما أرسل الرب يسوع تلاميذه إلى كل موضع كان مزمعاً أن يذهب إليه ، أعطاهم أن يتكلموا بهذه اللغة( لغة الآيات والمعجزات) حتى يؤمن الناس بتعاليمهم إذ قال لهم "أشفوا مرضى طهروا برصاً. أقيموا موتى أخرجوا شياطين" (مت 10: 8) فرجعوا فرحين متعجبين قائلين له "حتى الشياطين تخضع لنا باسمك" (لو 10: 17).
وحينما قُدم للسيد المسيح له المجد رجل مفلوج، قال له "مغفورة لك خطاياك (مت 9: 2) فتذمر عليه الكتبة والفريسيون ، وقالوا أنه يتكلم بتجاديف، من يقدر أن يغفر الخطايا إلا الله وحده؟ ولكن الرب يسوع قدم لهم المعجزة التي يستطيعون أن ينظروها لكي يثبت بها الأمر الذي لا يستطيعوا أن ينظروه: وهو غفران الخطية ، فقال للمفلوج "قم أحمل سريرك واذهب إلى بيتك" (مت 9: 6)، فقام في الحال وحمل سريره ومشى ، فلو كان رب المجد مجدفاً ، كما قالوا ، لما استطاع أن يجري هذا العمل الاعجازي، وبذا ثبت لهم أن له سلطان مغفرة الخطايا على الأرض.
الله يريدك أن تلجأ إليه:
يفرح الله بأولاده عندما يقصدونه في أمراضهم وضيقاتهم طالبين الشفاء والخلاص وهو الذي قال "أدعني في يوم الضيق أنقذك فتمجدني" (مز 50: 15) وقال أيضاً "تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا اريحكم" (مت 11: 28).
ولكنه يحزن جداً عندما يجد أن أبناءه ينسونه في أمراضهم وضيقاتهم ويلجأون لغيره قبل أن يأتوا إليه، فها هوذا الكتاب المقدس يعيب على آسا الملك لأنه في مرضه طلب الأطباء ولم يطلب الله مع أنه قد سبق له أن اختبر قوة الله العظيمة معه للخلاص في الحروب "مرض آسا في السنة التاسعة والثلاثين من ملكه في رجليه حتى اشتد مرضه وفي مرضه أيضاً لم يطلب الرب بل الأطباء" (2 اي 16: 12).
فالله يريدك أن تلجأ إليه أولاً كما يقول يشوع ابن سيراخ في سفره "يا بني إذا مرضت فلا تتهاون بل صل إلى الرب .... ثم أجعل موضعاً للطبيب" (يشوع بن سيراخ 38 : 9 ، 12) "لأن عيني الرب تجولان في كل الأرض ليتشدد مع الذي قلوبهم كاملة نحوه" (2أي 16: 9).
وهاك باقة من المعجزات التي تنطق برحمة الله وحنانه والتي تشهد أن الله يمجد قديسيه ويقبل شفاعتهم، كما نستشف منها ايضاً، أن قراءة سير القديسين كانت سبب نوال بركة هذه المعجزات.
إليك أيها القارئ الحبيب بعض من المعجزات كما رواها أصحابها ، والتي يظهر فيها التلازم العجيب بين مار مينا والبابا كيرلس ، هذ التلازم الذي يعجز عن وصفه كل لسان!!
شفاء الذبحة الصدرية:
السيدة/عزيزة صليب ، استراليا، تقول:
تقدمت لسفارة استراليا بالقاهرة لأجراء المقابلة لأجل إنهاء أوراق الهجرة للحاق بباقي أفراد أسرتي باستراليا. وفي اثناء ذلك أصبت بذبحة صدرية ولزمت الفراش كأمر الأطباء. وابتدأت تمر أمامي صور العقبات التي ستواجهني بسبب هذا المرض عندما أتقدم للكشف الطبي في السفارة. فتوجهت لحبيبتي أم النور مريم وحبيبها الشهيد العظيم مار مينا العجائبي وحبيبه البابا كيرلس السادس وأخذت أتشفع بهم ، وفي الصباح استيقظت على رؤيا جميلة:
لقد ظهرت لي السيدة العذراء ومعها الشهيد مار مينا العجائبي والبابا كيرلس السادس وقامت العذراء مريم بالكشف على صدري بالسماعة وقالت "الذبحة راحت" وكذلك قام الشهيد مار مينا العجائبي بوضع السماعة أيضاً على صدري وقال "الذبحة راحت" ونظر إلي البابا كيرلس وقال لي "ما تبكيش تاني لأن الذبحة راحت".
وقمت فعلاً وقد تماثلت للشفاء ونجحت في الكشف الطبي. ولحقت بأولادي هناك، ووجدت كل منهم يروي مشاكله. فتوجهت إلى حبيبي البابا كيرلس السادس وبكيت أمام صورته وتشفعت به عند حبيبي الرب يسوع المسيح له المجد ، فظهرت لي رؤيا جميلة:
رأيت البابا كيرلس السادس قد حضر عندي وقال لي "أنت صعبانة علي لأنك طول عمرك بتبكي كثير ولكن الرب يسوع ينجيك ويحل كل مشاكلك" وفعلا ابتدأت كل المشاكل تحل بطرق إعجازية.
شفاء المياه البيضاء بالعين"
وتستطرد السيدة/عزيزة صليب فتقول:
حضرت إلى مصر بعد غيبة. وكانت عيناي بهما مرض (المياه البيضاء) فتوجهت إلى دير مار مينا بمريوط وأنا أصرخ وأقول "يا مار مينا كن معايا واشفع فيّ".
وعلى باب الدير وجدت راهباً شاباً أعطاني زيتاً في زجاجة وقال لي "ادهني عينيك بهذا الزيت والرب يشفيك".
ودخلت الدير وزرت مزار الشهيد مار مينا العجائبي ومزار البابا كيرلس السادس وطلبت من أحد أباء الدير أن يدهني بهذا الزيت ، فشعرت بالراحة وبدأت أشعر بالشفاء.
ثم سافرت بعد ذلك إلى استراليا وظهر لي البابا كيرلس السادس في رؤيا وقال لي:
"مار مينا كان مستنيكي في الدير وأعطاك زيتاً وقالك أرشمي عينيك به أنت دلوقتي عينيك كويسة" وفعلاً استيقظت من النوم ووجدت أن عيني قد اكتمل شفاؤهما وأصبحتا وكأن لم يكن بهما أي مرض من قبل.
شفاء مولود أعمي:
السيدة/ن. ز. ح. بوسطن ، أمريكا، تقول:
حدثت المعجزة التالية في شهر يوليه 1990 حيث كنا في حاجة إلى تغير شبكة كهرباء المنزل. فاتصلنا بكهربائي، وحضر للمعاينة وفي سياق الحديث علمنا منه أنه قد رزق بطفل أعمى عمره الآن ثلاثة أشهر وأسمه راين كارلس. واكتشف أنه أعمى عندما لاحظت اسرته أن عينيه لا تتأثران مطلقاً بضوء فلاش الكاميرا مثل باقي الأطفال عند التقاط الصور له وعندما عرض الطفل على الأطباء ، قرروا أنه أعمى 100% وأنه لا فائدة من العلاج. وكان الأب يبكي وحزيناً جداً وهو يذكر لنا هذه القصة.
فطلب مني زوجي أن أعطيه زجاجة من زيت مار مينا (بركة صلواته تكون معنا) فاعطيته زجاجة بعد أن دهنت بها عيني ابني أمامه كي يطمئن قلبه. وقلت له "ادهن بها عيني الطفل كل يوم والزيت ده مقدس وفيه بركة" وأعطيته أيضاً صورة للشهيد مار مينا ليضعها تحت رأس الطفل.
وتم الاتفاق أن يحضر طرفنا لبدء الأعمال الكهربائية بعد عشرة أيام. ولكنه لم يحضر في الميعاد المحدد فقمنا بالاتصال به، فاعتذر عن عدم حضوره لأنه انشغل بابنه ، الذي لاحظ عليه انه بدأ يتابع حركة الأشياء وابتدأ يرى.
أنه وإن كانت هذه المعجزة لم تحدث لي. أو لأحد من أفراد اسرتي إلا أنني أشعر أنه من الواجب عليّ أن اسجلها لأفي جزءاً من الدين الذي عليّ لمار مينا والبابا كيرلس بركة صلواتهما تكون معنا آمين.
مار مينا ومار جرجس يشفيان الشلل:
بطرس متى بطرس، الورديان، الاسكندرية، يقول:
حدثت مشاكل عائلية في أسرتي وأصبت بعدها بشلل في وسط جسمي حتى فقدت الإحساس الكلي بنصف جسمي الأسفل. ودخلت في دوامة موحشة من التفكير مصحوبة بالألم والبكاء ، فلدي أسرة مكونة من زوجة وأطفال وقد أصبحت عاجزاً عن السعي لإعالتهم، وكان الأصدقاء والأقرباء يواسونني مما كان يزيد من حسرتي وآلامي النفسية ، وترددت على العديد من الأطباء حتى أنفقت كل ما أملك، بل واستدنت من أصدقائي، ولكن دون فائدة.
وأخيراً ، أشار علي أحد أطباء الاسكندرية المشهورين أن أعالج بجهاز يوضع على الساقين لتنبيه الأعصاب . وفعلاً، خضعت لنصيحته واستسلمت لهذا النوع من العلاج رغم تكاليفه الباهظة بالإضافة إلى ما تكبدته من مشقة، فقد كنت أحمل ذهاباً وأياباً من منزلي إلى عيادة الطبيب. وقد كان هذ يكلفني في اليوم الواحد أكثر مما أتقاضاه من عملي في شهر كامل. وكنت أتضرع إلى الله بالبكاء كل يوم ولا من تعزية.
وبعد ثلاثة أيام من هذا العلاج الباهظ، ابتدأت أحس برجلي واستطعت أن أقف عليهما ولكن كطفل يتعلم المشي. وفعلاً، أمرني الطبيب بالمشي ولو كطفل. وكان أصدقائي يحضرون كل يوم لمساندتي حتى أستطيع المشي في الحجرة، وأنزل سلم المنزل وأمشي قليلاً في الشارع، وكان كل من يراني في الطريق ينظر لي ويتحسر، وربما كان هذا بترتيب من الله، حتى يشاهد الجميع هذا المريض الذي سيشفى بأعجوبة، وكنت أسير كل يوم كمن يعاني من شلل رعاش وسط أصدقائي الذين يحضرون لمساندتي.
وكنت في وسط كل ذلك أصرخ للرب يسوع المسيح وللقديسة العذراء مريم والشهيد العظيم مار جرجس، والشهيد مار مينا العجائبي والبابا كيرلس السادس، وكل القديسين، وكانت فترة المرض هذه ، رغم آلامها المرة، فترة تقربت فيها إلى الله، الذي كنت قبلاً مشغولاً عنه وعن تنفيذ وصاياه والذهاب إلى الكنيسة.
وفي يوم، زارني صديق وأعطاني زيتاً أحضره معه من دير مار مينا اثناء زيارته للدير فأخذته ووضعته تحت وسادتي، وبعد خروجه زارني زميل لي في العمل وأعطاني أطياباً للشهيد العظيم مار مينا العجائبي كان قد أحضرها أيضاً من دير مار مينا بمريوط، وبعد ذلك حضر زميل ثالث وأعطاني صليباً قد أحضره من دير مار مينا أيضاً.
وهنا اندهشت: إذ حضر الثلاثة في يوم واحد وبدون اتفاق سابق. وتأملت في منزلي فلم أجد به صورة للشهيد مار مينا بالرغم من وجود صور للعديد من القديسين.
وفي هذا اليوم الذي زارني فيه هؤلاء الأصدقاء الثلاثة، ساندتني زوجتي ودخلت للاستحمام وقامت زوجتي بدهان جسمي كله بالزيت الذي أحضره صديقي من دير مار مينا بمريوط، كما وضعت لي منه بعض النقط على كوب ماء وأعطتني فشربته، ثم ساعدتني إلى أن وصلت إلى حجرتي، وجلست على سريري حتى نصلي معاً قبل النوم. ولكنني لم استطع من شدة التعب والارهاق فاستأذنتها واستغرقت في نوم عميق. أما هي فسهرت بجواري تصلي بدموع وتتشفع بالشهيد مارمينا العجائبي وكان ذلك ليلة أحد الشعانين سنة 1988. وفي حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وأنا بين اليقظة والنوم، رأيت ضوءاً عجيباً ملأ أرجاء الحجرة ورأيت قرصاً كقرص الشمس، أبتدأ يكبر، ثم خرج منه جمل صغير وعمل حركة صليب، ثم رفع رجليه وقفز فوق السرير ووقف فوقي، وأخذ يضغط علي بقدميه فأخذت أصرخ قائلاً "حوشوا الجمل". وسمعت زوجتي صوتي فأخذت تنبهني ولكن دون جدوى.
بعد ذلك فوجئت بخروج حصان من نفس القرص الذي خرج منه الجمل. وكان الحصان أبيض بلون سماوي، وأشار الحصان للجمل فنزل من فوقي، وصعد الحصان فوقي وأخذ يضغط بقدميه على جسمي. فأخذت أصرخ قائلاً: "حوشوا الحصان". وبعد ذلك نزل الحصان وصعد الجمل مرة أخرى، وأنا أصرخ وزوجتي تبكي، مدركة أن الجمل هو جمل مارمينا والحصان هو حصان مار جرجس.
وأخذت تصرخ متشفعة بهما وتوقظني من نومي إلى أن أفقت وقمت أجري وراء الجمل والحصان، وفتحت باب الحجرة وباب المنزل وأسرعت وراءهما في الشارع حوالي مائتي متر وأنا في حالة اللاشعور، وكنت أصرخ وأقول "الجمل والحصان"، وهما يجريان أمامي في الطريق وأنا أجرى وراءهما محاولاً اللحاق بهما حتى استوقفني أحد الخفراء الموجودين في جراج قريب. وهدأ من روعي كأني مجنون، ولحقت بي زوجتي، واستيقظ بعض الجيران، واندهش الجميع من وقوفي بمفردي بدون مساندة أحد وأخذ الجميع يهللون والنساء يزغردن، حتى استيقظ جميع الجيران الذين رأوني من قبل وأنا مشلول، فأخذت أصيح قائلاً: مار جرجس شفاني ، مار مينا شفاني، والجميع يتعجبون من وقوفي في وسطهم وهم مندهشون من كلامي عن هؤلاء القديسين.
وفي الصباح ذهبت إلى كنيسة الشهيد مار جرجس بالمكس وكشفت ظهري للناس، فكانت آثار حوافر الحصان وخفي الجمل واضحة في ظهري، وظلت هذه العلامات في ظهري مدة طويلة وذهبت إلى دير مار مينا، وشكرت الرب، وعملت تمجيداً كبيراً للشهيد العظيم مار مينا العجائبي والشهيد العظيم مار جرجس الروماني، وعادت إلي صحتي، وعدت لعملي وسط دهشة الجميع، وعلقت صورتي الشهيد مار مينا وحبيبه البابا كيرلس على جدران حجرتي والمجد لله.
+++
(ومن الخطابات التي عثر عليها بخط البابا كيرلس من حياة مار مينا)
بسم الله
بسم الآب والأبن والروح القدس إله واحد له المجد إلى الأبد آمين
نبتديء بعون الله وحسن توفيقه بنسخ تاريخ حياة الشهيد العظيم مار مينا العجائبي من أقوال آباء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بركته المقدسة وشفاعته المقبولة أمام يسوع المسيح إلهنا تحافظ علينا وتخلصنا
مقدمة
الحمدلله الذي تحنن علينا وباركنا ، وأنار بوجهه علينا . وعرفت في الأرض طريقه، وعلم في كل الأمم خلاصة مز 67: 1 و 2، نشكره ونمجد اسمه القدوس باطنا وظاهراً ، ولا ننسى كل حسناته لأنه غفر جميع ذنوبنا وشفى كل أمراضنا وفدى من الحفرة حياتنا مز 103: 4. أما بعد+
فلما كانت الكتب المقدسة تأمرنا أن نتحدث دائماً بذكر عجائبه تعالى. إذ قال الله تعالى على لسان مرنم إسرائيل، أصغ يا شعبي إلى شريعتي، أميلوا آذانكم إلى كلمات فمي: أفتح بمثل فمي. أذيع الغازاً منذ القدم التي سمعناها وعرفناها وآباؤنا أخبرونا بها. لا تخفي عن بنيهم إلى الجيل الآخر مخبرين بتسابيح الرب وقوته وعجائبه التي صنع التي أوصى آباءنا أن يعرفوا بها ابناءهم ، لكي يعلم الجيل الآخر. بنون يولدون فيقومون ويخبرون ابناءهم فيجعلون على الله اعتمادهم ولا ينسون أعمال الله بل يحفظون وصاياه مزمور 78 : 1 – 7
ولما كانت هذه العجائب يجريها الله دائماً على أيدي قديسيه فآياته بمصر (خروج ص 7 :2) ، وشق البحر الأحمر (خروج ص 14)، وجميع القوات التي أجراها في البرية ويسمعكم الصوت الفرح القائل تعالوا إلي يا مباركي أبي رثوا الملك المعد لكم من قبل إنشاء العالمين ويجعل باب بيعته مفتوحاً في وجوهناعلى ممر الدهور والسنين ، ويخذل ويزول سائر الأعداء والمناصبين والأشرار المقاومين لها والمعاندين وأن يحفظ لنا وعلينا حياة وقيام الآب المكرم الفاضل والقديس المعلم الفاضل العالم آب الأيتام وقاضي الأرامل المختار من الله الحبر الكامل راعي الرعية المرقسية لسان التعاليم البولسية وتاج بني المعمودية أبينا ورأسنا ورئيسنا الساهر عن خلاص نفوسنا السيد الأب البطريرك فلان بطريرك المدينة العظمى الاسكندرية والديار المصرية والحبشة والنوبة والخمس مدن الغربية إلى السماء يثبته على كرسيه سنيناً عديدة وأعواماً متصلة مديدة صافية من الهم والغم والأكدار وخالصه من الخطايا والأوزار بشفاعة الست السيدة مرتمريم طهر الأطهار والشهيد الجليل العظيم المقدار مار مينا العجائبي صاحب هذا التذكار وكافة الشهداء والقديسين والأبرار والسواح والمجاهدين قفوا بخوف من الله وانصتوا لسماع انجيله المقدس فصل شريف من بشارة معلمنا (....) البشير بركاته على جميعنا آمين
تم وكمل بسلام من الرب كتاب تاريخ حياة الشهيد العظيم مار مينا العجائبي وكان الفراغ من نسخ هذا الكتاب في يوم الاثنين الموافق 26 مسرى سنة 1657 ألف وستماية سبعة وخمسون للشهداء الأطهار السعداء الأبرار نفعنا الله بقبول طلباتهم آمين وهذا الكتاب وقف على بيعة الشهيد العظيم مار مينا العجائبي بالجبل الشرقي بمصر القديمة شفاعته تكون معنا والناقل الحقير المقر بالعجز والتقصير المدعو بالاسم القس مينا المتوحد أحد رهبان دير السيدة العذراء براموس بوادي النطرون وقد صار نقله من كتاب مطبوع تاريخه 16 هاتور 1622 للشهداء))
أبناء البابا كيرلس السادس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق