يوجد مُحب ألزَقُ منَ الأخِ
يحتاج الإنسان في مختلف مراحل حياته إلى الصداقة والصديق، من عمر الطفولة إلى سن الشباب وحتى إلى المشيب. ففي الطفولة هو صديق اللعب والمنافسة، وفي الشباب هو رفيق الدراسة والنجاح، شريك الفرح والمرح وأحياناً في الحزن والإكتئاب. وفي المشيب لا غنى عن الصديق والرفيق وحتى الشريك، ففي الجلسات والسهر يحلو الحديث عن الكثير من الذكريات وما مضى، والحديث عما حصل اليوم، وحتى ما بقي من مستقبل وأمل. أنت وأنا نحتاج إلى صديق إلى رفيق لا يتغير ولا يتبدل، يبقى وفيّ مخلص يسمع لنا، يشعر معنا يفهمنا، ونستطيع أن نثق به نشاركه كل أسرارنا وأحمالنا واحتياجاتنا، وقادر أن يحتملنا ويحملنا فوق همومنا ونستريح إذ يسمع لنا ولا يُعيرنا. وأهم شيء إنه يحبنا كما نحنُ فلا نحتاج للتظاهر أمامه أو لبس أيّ من
الأقنعة.
يا تُرى هل يوجد عندك صديق بهذه الصفات؟
أو، هل أنتَ نفسكَ صديقٌ وفيّ ومحب لشخص آخر؟
مكتوب في الكتاب المقدس، كلمة الله أن "المُكثرُ الأصْحابِ يُخربُ نفسهُ، ولكن يوجد مُحبُّ ألزقُ من الأخ" أمثال 18: 24
من هو المُحب والصديق الأقرب إليك؟
اظهر يسوع صداقة مميزة وفريده لعائلة من قرية بيت عنيا حيثُ سكنت مرثا ومريم وأخوهم لعازر، وجد يسوع في بيتهم اجمل الاستقبال والترحاب في كل مرةٍ زارهم فيها.
مرثا إمرأة نشيطة مليئة بالحيوية والخدمة تقوم بإعداد الطعام اللذيذ لضيفها العزيز مرحبة به، وهي مشغوله دائماً.
أما مريم فلم تكن ترتبك بالأعمال المنزلية خاصةً عند زيارة المُعلم، فكانت تفضل الشركة الحلوة المباركة المقدسة معه، وقد اعطته المكانة الأولى، فكانت تجلسُ في مكانها المفضل عند قدميه بكل هدوء وتأمل تأخذ المعرفة والفهم والبركة.
اختين لهما شخصيتين مختلفتين، ولكلٍ منهم موهبتها الخاصة التي تُلفت الإنتباه وتستحق الإعجاب. كتب الوحي المقدس
"أن يسوع كان يُحب مرثا واختها ولعازر."
يوحنا 11: 5
وفي يومٍ من الأيام أرسلت الأختان إلى يسوع تقولان:"يا سيد، إن الذي تحبه مريض." يوحنا 11: 3
طلبوا حضور يسوع لأن مرض أخيهما كان شديداً، كانتا مؤمنتين بأن صديق العائلة المُميزْ المُحب قادر أن يشفي أخاهم لأنهما شاهدتا معجزاته. ولما تأخر يسوع كان لعازر المحبوب قد مات وله أربعة أيام في القبر، لكن يسوع كان يعلم أن "هذا المرض ليس للموت بل لأجل مجد الله، ليتمجد ابن الله به". انظروا واسمعوا إيمان الفتاتين بيسوع وثقتهم الكبيرة فيه، "فقالت مرثا ليسوع: يا سيد، لو كُنتَ ههنا لمْ يَمُتْ أخي! لكني الآن أيضاً أعلمُ أنَّ كُلَّ ما تطلبُ من الله يُعطيك اللهُ إياه. قال لها يسوع سيقومُ أخوك، قالت له مرثا: أنا أعلمُ أنه سيقوم في القيامةِ، في اليوم الأخير. قال لها يسوع: (أنا هو القيامةُ والحياةُ، منْ آمنَ بي ولوْ مات فسيحيا) وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد. أتؤمنين بهذا؟ قالت له: نعم يا سيّد. ( أنا قد آمنتُ أنكَ أنتَ المسيحُ ابنُ الله، الآتي إلى العالم.)" يوحنا 11: 21-27
أما مريم عندما رأت يسوع "خرتْ عند رجليه كعادتها، ولمّا رآها تبْكي، انزعج بالروح واضطرب، وتحركت أحشائه بالحزن والألم وظهرت عليه مشاعر الشفقة والحنان، حتى بكى يسوع تعاطفاً معهم لأنه كان يفهم الآلامهم وكان يحب لعازر. فأمر أن يدحرج الحجر ونادى بصوت عظيم: لعازر، هلُمَّ خارجاً! فخرج الميت ويداه ورجلاه مربوطات بأقمطة، ووجهه ملفوفٌ بمنديل، فقال لهم يسوع: حُلوهُ ودعوه يذهب.
أيها القارىء العزيز،
لم يحضر يسوع ليُعزيهم بأخيهم، بل جاء يسوع لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل. هذا هو يسوع الذي نستطيع أن نعهد له بهمومنا ومسئولياتنا وأحزاننا ويكون معنا في أفراحنا وهو قادر ان يهتم بنا. قد داس الموت هو بنفسه يوم رُفع على صليب الجُلجُثة ، قدم لنا جسده حتى نحصل على غفران لخطايانا، وحتى يوصلنا بالسماء ويصالحنا مع الله القدوس، نحنُ اللذين ملنا إلى طرقنا الخاصة بعيداً عن الله الآب.
ألا تقبله كأفضل صديق قريب إليك! وهو اليوم حيٌّ جالس عن يمين الاب يشفع فيك، ويقول كل من يقبل إليَّ لا اخرجه خارجاً بل تكون له الحياة الأبدية.
ويقول للكل، تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم، احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لأن نيري هين وحملي خفيف فتجدوا راحةً لنفوسكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق