ما تحت الأرض ؟ ما المقصود بعبارة " وما تحت الأرض " في قول الكتاب " لكى تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء، ومن على الأرض وما تحت الأرض " (في 10:2).
المعنى الإجمالى هو: كل كائن حي، في كل مكان.
عبارة " كل ركبة " تعنى كل كائن حى. لأن الملائكة الذين في السماء ليس لهم ركب، كذلك أرواح القديسين ليس لها ركب. ولكنه تعبير عن الكائنات الحية ملائكة أو بشراً، أو حتى الشياطين.
فمثلاً الأرواح التى كانت تحت الأرض، التى رقدت على رجاء، وقد بشرها السيد المسيح وهي في " أقسام الأرض السفلى " (أف 9:4). هؤلاء أيضاً كانوا يجثون للرب يسوع..
وحتى الشياطين، تحت الأرض، قال عنهم القديس يعقوب الرسول إنهم " يؤمنون ويقشعرون " (يع 19:2).
حالياً يوجد كثيرون من البشر تحت الأرض يعملون أو يسافرون.
فالذين يسافرون مثلاً في قطارات ال Underground في إنجلترا أو روسيا، أو غيرهما، حيث توجد أنفاق للمترو على عمق 50 متراً، أو ثلاثين، يمكنهم أن يصلوا أو يسجدوا تحت الأرض.
وبنفس الوضع الذين يشتغلون في المناجم على عمق 200 متراً تحت الأرض أو أكثر جداً في أنفاق محفورة للتفتيش على الذهب والأحجار الكريمة، يمكنهم أيضاً أن يسجدوا تحت الأرض.
وأيضاً الغواصون وما يشبههم.
إجمالاً – كما قلنا – يقصد الرسول جميع الكائنات الحية.
+++++
حول سفر النشيد ؟ هل سفر النشيد هو عبارات جنسية؟
أو حب جنسى بين رجل وإمرأة؟ أو نشيد يقال في يوم زواج؟
ليس هو كذلك طبعاً، لأن له روحانيته. كذلك لا يمكن فهم سفر النشيد إلا بطريقة ( التفسير الرمزى ).
إنه يعبر عن حالة حب الله والنفس البشرية، أو بين الله والكنيسة. والأدلة علي ذلك كثيرة منها:
1- الحب الجنسى يتصف بالغيرة.
سواء من جهة المرأة، أو من جهة الرجل. كل منهما يحرص على من يحبه، ليكون له وحده، وليس لغيره.
وهذا غير موجود في سفر النشيد، بل عكسه هو الموجود.
حيث تقول عذراء النشيد في فرح " لذلك أحبتك العذارى.. بالحق يحبونك. أجذبنى وراءك فنجرى " (نش 4،3:1)... لو كان الأمر حباً جسدياً، لكانت تغار من حب هؤلاء العذارى له..
كذلك أيضاً فيما تقول عن نفسها " أنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليم " (نش 5:1)، نراها تقول لهن " أحلفكن يا بنات أورشليم بالظبأ وبأيائل الحقل، ألا تيقظن أو تنبهن الحبيب حتي يشاء " (نش 5:3).. لو كان الأمر حباً جسدانياً، لكانت هذه السوداء تغار من بنات أورشليم، ولا تدعهن يقتربن من حبيبها.. بل تطردهن عنه.
ولكن عبارة " بنات أورشليم " تعنى هنا اليهود المؤمنين.
والسوداء الجميلة تمثل الكنيسة التى من المؤمنين من الأمم الأخرى.
هذه التى تنتظر مجئ موعد الرب لخلاصها " متى شاء"...
نقطة أخرى نقولها في موضوع النشيد لإخراجه من نطاق الحب الجسدانى، وهى ما فيه من أوصاف:
الأوصاف التى توصف بها الحبيبة:
ومنها " شعرك كقطيع ماعز رابض عند جبل جلعاد " " أسنانك كقطيع نعاج صادرة من الغسل " (نش 3،2:4). أية إمرأة تقبل أن توصف من حبيبها بهذا الوصف.. لكنه يفسر طريقة رمزية.
أو من تقبل أن يقول لها حبيبها أنها " مرهبة كجيش بألوية " (نش 10:6). يمكن أن يقال هذا عن النفس القوية التى تكون في حروبها قوية مرهبة للشياطين وكل قواتهم.
لنا في هذا الموضوع كلام طويل سننشره إن شاء الله في كتابنا الذى ننوى أن نصدره عن سفر النشيد، وقد سبق أن ألقينا عنه محاضرات عديدة كتأملات في روحانياته.
+++++
حول سلسلة الأنساب ؟ النسوة الخاطئات في سلسلة الأنساب: لماذا ترك البشير في سلسلة الأنساب أسماء النسوة القديسات مثل سارة ورفقة وغيرهما، وأورد ذكر نسوة زانيات مثل ثامار وراحاب وإمرأة أوريا الحثى، وإمرأة غريبة الجنس هى راعوث؟
الجواب : لقد أراد أن يبطل تشامخ اليهود الذين يفتخرون بأجدادهم. فأظهر لهم كيف أن أجدادهم قد أخطأوا. فيهوذا زنى مع ثامار أرملة ابنه وانجب منها فارص وزارح. وداود سقط في الزنى مع إمرأة أوريا الحثى. وبوعز الجد الكبير لداود أنجبة سلمون من راحاب الزانية.. فلا داعى إذن للإفتخار.
وحتى لو كان أجدادهم فاضلين، فلن تنفعهم فضيلة أجدادهم. لأن أعمال الإنسان – لا أعمال آبائه – هي التى تقرر مصيره في اليوم الأخير.
ويقول القديس يوحنا ذهبى الفم في ذلك:
إن السيد المسيح لم يات ليهرب من تعييراتنا، بل ليزيلها. إنه لا يخجل من أى نوع من نقائصنا. وكما أن أولئك الأجداد أخذوا نسوة زانيات، فكذلك ربنا وإلهنا خطب لذاته طبيعتنا التى زنت.
الكنيسة كثامار: تخلصت دفعة واحدة من أعمالها الشريرة ثم تبعته.
وراعوث يشبهه حالها أحوالنا: كانت قبيلتها غريبة عن إسرائيل، وقد هبطت إلي غاية الفقر. ومع ذلك لما أبصرها بوعز، لم يزدر بفقرها، ولا رفض دناءة جنسها. كذلك السيد المسيح لم يرفض كنيسته وقد كانت غريبة وفي فقر من الأعمال الصالحة.. وكما أن راعوث لو لم تترك شعبها وبيتها لما ذاقت ذلك المجد، فكذلك الكنيسة التى قال لها النبى " أنسى شعبك وبيت أبيك، فيشتهى الملك حسنك "...
بهذه الأمور أخجلهم ربنا، وحقق عندهم ألا يتعظموا.
وعندما سجل البشير أنساب المسيح أورد فيها أولئك النسوة الزانيات. لأنه لا يمكن لأحدنا أن يكون فاضلاً بفضيلة أجداده، أو شريراً برذيلة أجداده. بل أقول إن الشخص الذى لم يكن من أجداد فاضلين وصار صالحاً، فذلك شرف فضله عظيم.
فلا يفتخر ولا ينتفح أحد بأجداده، إذا تفطن في أجداد سيدنا، ولينظر إلي أعماله الخاصة. وحتى فضائله لا يفتخر بها. لأنه بأمثال هذه المفاخر صار الفريسى دون العشار.
فلا تفسدن أتعابك وتحاضر باطلاً. لا تضيع تعبك كله بعد سعيك فيه فراسخ كثيرة. لأن سيدك يعرف الفضائل التى أحكمتها أكثر منك. لأنك إن ناولت ظمآن قدح ماء بارد، فلن يغفل الله عن هذا ولا ينساه.
إنك إن مدحت ذاتك، فلن يمدحك الله أيضاً. أما إن نسبت الويل لها ولمتها، فلا يكف هو عن إذاعة فضلك.. وهو يسعى بكل وسيلة لكى يكللك عن طريق أتعاب كثيرة. ويجول طالباً حججاً يستطيع أن يخلصك بها من جهنم. حتى إن عملت في الساعة الحادية عشرة يعطيك أجرة عمل النهار كله.. وإن ذرفت ولو دمعة واحدة، لخطفها بإسراع وجعلها حجة لخلاصك.
فلا نترفعن إذن، لكن ينبغى أن ندعو ذواتنا مرفوضين. وننسى كل ما قد عملناه من صلاح، ونتذكر خطايانا.
إن محامدك التى يجب ألا يعرفها إلا الله وحده، هي عنده في صيانة تحوطها، فلا تكرر ذكرها لئلا يسلبها منك سالب، ويصيبك ما أصاب الفريسى إذ أورد ذكر محامده، فاختلسها ابليس المحتال.
+++++
ذبيحة الخطية، وذبيحة الإثم .. ما الفرق بين ذبيحة الخطية، وذبيحة الإثم، مادام الهدف منهما واحد وهو مغفرة الخطية، ومادامت شريعتهما واحدة، كما قال الكتاب " ذبيحة الإثم كذبيحة الخطية، لهما شريعة واحدة " (لا 7:7).
الفرق بينهما أن واحدة منهما عن الخطايا الإرادية والآخرى عن خطايا السهو أو الجهل.
أى أن الخاطى لم يكن يدرك وقتها أنه قد أخطأ، ثم أعلم بذلك، حينئذ يأتى بذبيحة عن هذه الخطية التى لم يكن يعرفها.
وذلك يقول سفر اللاويين " إذا أخطأت نفس سهواً في شئ من جميع مناهى الرب التى لا ينبغى عملها، وعملت منها.." (لا2:4). " وإن سها كل جماعة إسرائيل، وأخفى أمر عن أعين المجمع، وعملوا واحدة من جميع مناهى الرب التى لا ينبغى عملها وأثموا، ثم عرفت الخطية التى أخطأوا بها.." (لا 14،13:4). وإن أخطأ واحد من عامة الأرض سهواً بعملة واحدة من مناهى الرب التى لا ينبغى عملها وأثم بخطيئته التى أخطأ بها.." (لا 27:4). " أو إذا حلف أحد مفترطاً بشفتيه، للاساءة أو للإحسان مما يفترط به الإنسان في اليمين، وأخفى عنه ثم علم، فهو مذنب.. فإن كان يذنب في كل شئ من هذه، يقر بما قد أخطأ به، ويأتى إلي الرب بذبيحة لإثمه.." (لا5،4:5). إذن فالخطية التى عملت بسهو أو بجهل، كانت تقدم عنها ذبيحة مثل الخطية التى تعمل بمعرفة وبنية سيئة. إن كلاً منهما خطية، لأنها كسر لإحدى وصايا الرب، أو هي إرتكاب لشئ من مناهى الرب التى لا ينبغى عملها. ولعل هذا يذكرنا بما ورد في صلاة الثلاثة تقديسات حيث نقول " حل واغفر، واصفح لنا يا الله عن سيئاتنا التى صنعناها بإراداتنا والتى صنعناها بغير إرادتنا، التى فعلناها بمعرفة والتى فعلناها بغير معرفة، الخفية والظاهرة. يارب إغفر انا من أجل أسمك القدوس الذى دعى علينا " . ونحن نشكر ربنا يسوع المسيح، لأنه مات عن كل خطايانا. وكان على الصليب ذبيحة خطية وذبيحة إثم. ودفع ثمن الكل، ما نعرفه وما لا نعرفه من الخطايا. وحينما نحاسب أنفسنا، لا نعتذر بأننا لم نكن نعرف، أو أننا فعلنا شيئاً سهواً. ففى كل ذلك كسرت وصية الله، سواء عن معرفة أو عن جهل، بإراداتنا أو بغير إرادتنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق