تعريف التوبة :
+ ما دامت الخطية هي انفصال عن الله ، فالتوبة إذن هي رجوع إلى الله .و الرب يقول في ذلك " ارجعوا إليّ ، أرجع إليكم " ( ملا 3 : 7 ) . و الابن الضال حينما تاب ، رجع إلى أبيه ( لو 15 : 18 – 20 ) . حقاً إن التوبة هي حنين الإنسان إلى مصدره الذي أُخذ منه . و هي اشتياق قلب ابتعد عن الله ، ثم شعر انه لا يستطيع أن يبعد أكثر ...
+ ما دامت الخطية هي انفصال عن الله ، فالتوبة إذن هي رجوع إلى الله .و الرب يقول في ذلك " ارجعوا إليّ ، أرجع إليكم " ( ملا 3 : 7 ) . و الابن الضال حينما تاب ، رجع إلى أبيه ( لو 15 : 18 – 20 ) . حقاً إن التوبة هي حنين الإنسان إلى مصدره الذي أُخذ منه . و هي اشتياق قلب ابتعد عن الله ، ثم شعر انه لا يستطيع أن يبعد أكثر ...
+ و ما دامت الخطية خصومة مع الله ، تكون التوبة هي الصلح مع الله
+ التوبة أيضاً يقظة روحية ، لأن الإنسان الخاطئ هو إنسان غافل ، لا يحس ما هو فيه . لذلك يخاطبه الكتاب قائلاً " إنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم " ( رو 13 : 11 ) .
+ و ما دامت الخطية تعتبر موتاً روحياً ، كما يقول الكتاب المقدس عن الخطاة إنهم " أموات بالخطية " ( أف 2 : 5 ) ، تكون التوبة إذاً انتقالاً من الموت إلى الحياة حسب تعبير القديس يوحنا الإنجيلي ( 1 يو 3 : 14 ) . التوبة هي قلب جديد طاهر يمنحه الرب للخطاة ، يحبونه به . فهي عمل الهي يقوم به الرب في داخل الإنسان .
+ التوبة هي التحرر من عبودية الخطية و الشيطان ... و من أغلال العادات الخاطئة ، و من السير وراء الشهوات ، و لا يمكن أن ننال هذه الحرية بدون عمل الرب فينا . لذلك يقول الإنجيل " إن حرركم الابن ، فبالحقيقة تكونون أحراراً " ( يو 8 : 36 ) . إذن التوبة هي ترك الخطية ، و لكن من أجل محبة الله و من أجل محبة البر . لأنه ليس كل ترك للخطية يعتبر توبة . فقد يبتعد الإنسان عن الخطية بسبب الخوف ، أو الخجل ، أو المشغولية مع بقاء محبتها في القلب . فلا تعتبر هذه توبة .
نمو التوبة :
التوبة كأية فضيلة ، ينمو فيها الإنسان و يتدرج . و يظل ينمو حتى يصل إلى كمالها .
فهناك نقطة قبل ترك الخطية ، و هي الرغبة في التوبة لأن كثيرين لا يريدون أن يتوبوا . بل يجدون لذة في الخطية تدعوهم للبقاء فيها . أو إن طباعهم جميلة في أعينهم لا يريدون أن يغيروها ...
أحبائي .. أهم من ترك الخطية بالفعل ، تركها بالقلب و الفكر فهناك من يترك الخطية بالعمل و لكن محبتها ما تزال في قلبه ، و كمال التوبة هي كراهية الخطية أي يصل إلى الوضع الذي يكره فيه الخطية من كل قلبه و يشمئز منها و لا يحتاج أي جهد في مقاومتها لأنها لم تعد تتفق و طبيعته ، و هنا يصل الإنسان إلى حافة النقاوة .
التوبة إذن ليست مرحلة و تنتهي ، إنما تستمر معنا . لأنه ليس أحد بلا خطية و لو كانت حياته يوماً واحداً على الأرض . فكلنا نخطئ و نحتاج إلى توبة . و هكذا تصير التوبة بالنسبة إلينا عملاً يومياً ، لأننا في كل يوم نخطئ . " إن قلنا إننا لم نخطئ ، نضل أنفسنا و ليس الحق فينا " ( 1 يو 1 : 8 ) . إذن التوبة لازمة لكل منا ، و في كل يوم من حياتنا .
دعوة إلى التوبة :
إن الله المحب للبشر ، بدافع من محبته لأولاده ، يدعوهم للتوبة . ذلك لأنه " يريد أن الجميع يخلصون " ( 1 تي 2 : 4 ) . و هو لا يشاء أن يهلك أحد ، بل أن يقبل الجميع إلى التوبة ( 2 بط 3 : 9 ) . و هو من أجل خلاصهم مستعد أن يتغاضى عن أزمنة الجهل ( أع 17 : 30 ) . هو يحبنا ، و يريدنا بالتوبة أن نتمتع بمحبته .
كانت الدعوة للتوبة ، أهم موضوع في الكتاب المقدس لكي يتنقى الناس و يخلصوا ... و لما كانت التوبة لازمة للخلاص أرسل السيد المسيح له المجد قدامه يوحنا المعمدان يهيئ الطريق أمامه بالتوبة فنادى بالتوبة قائلاً " توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات " ( مت 3 : 2 ) . وقدم للناس معمودية التوبة . وهكذا عمل التوبة سبق عمل الفداء . و المعمدان سبق السيد المسيح .
أهمية التوبة :
أهم ما في التوبة ، أنه بدونها لا يتم الخلاص . يقول الرب " إن لم تتوبوا ، فجميعكم كذلك تهلكون " ( لو 13 : 3 ) . و قد " أعطى الله الأمم التوبة للحياة " ( أع 11 : 18 ) .
إن التوبة هي التي تنقل استحقاقات دم المسيح في المغفرة . فالخلاص مقدم للكل و دم المسيح كاف للكل و لكن لا ينال منه إلا التائبون . حقاً إن " دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية " ( 1 يو 1 : 7 ) ... و لكنه لا يطهرنا إلا من كل خطية نتوب عنها . و قد اشترط الرسول لهذا التطهير أمرين و هما " إن سلكنا في النور " ( 1 يو 1 : 7 ) ، و أيضاً " إن اعترفنا بخطايانا " ( 1 يو 1 : 9 ) . وهذان الشرطان متعلقان بحياة التوبة .
عوائق التوبة :
لا يوجد شيء يحاربه الشيطان أكثر من التوبة وذلك لأنها تضيع كل تعبه السابق . لذلك تبدو أحياناً صعبة على البعض . فالشيطان دائماً يضع العراقيل و العثرات التي تعطل التوبة ، و منها :
+ العثرات ، سواء كانت إغراءات أو فرص غير متاحة من قبل .
+ مقارنة الخاطئ نفسه بمستويات ضعيفة فيظن أنه في حالة حسنة لا تحتاج إلى توبة .
+ ضعف الشخصية ، بحيث يمكن أن تنقاد للوسط المحيط بها .
+ تأجيل التوبة .
+ اليأس والشعور بأن التوبة صعبة وغير ممكنة .
+ البر الذاتي ، الذي فيه لا يشعر الإنسان أنه مخطئ . كذلك لا يتوب من لا يبكت نفسه و من يرفض تبكيت الآخرين . فالتوبة سهلة للمتواضعين ، وصعبة على الأبرار في أعين أنفسهم .
+ من عوائق التوبة أيضاً عدم وجود مخافة الله في القلب .
التوبة و الكنيسة :
الكنيسة لها عمل كبير في توبة كل إنسان : يدخل في نطاقه عمل التعليم و الإرشاد ، و عمل الرعاية و الافتقاد ، و نقل أعمال الروح القدس و عطاياه من أجل خلاص كل أحد و نقل استحقاقات الدم الكريم . و الكنيسة هي الوسط الروحي الذي يساعد على حياة التوبة و هي التي تقدم للتائب سر الاعتراف و تمنحه الحل و الغفران . و في الكنيسة يجد التائب القلب الذي يأتمنه على أسراره .
وسائل التوبة:
قد يكون لكل إنسان الأسلوب الذي يصل به إلى التوبة ، و الذي تراه النعمة مناسباً له أو لظروفه ... على أن هناك قواعد عامة – في الطريق إلى التوبة – تناسب الكل و لعل من أهمها :
+ اجلس مع نفسك ، حاسبها ، و اخرج بقرار .
+ لا تلتمس لنفسك الأعذار .
+ لا تؤجل التوبة. ابدأ من الآن وانتهز الفرصة .
+ اهتم بخلاص نفسك .
+ ابعد عن الخطوة الأولى للخطية .
+ ابعد عن قساوة القلب عند عمل النعمة فيك.
+ أعد تقييم سلوكك .
+ ابعد عن الثعالب الصغار المفسدة للكروم .
+ اهتم بالاعتراف و التناول .
+ اهتم بعلاج نقاط الضعف التي فيك ، و بالذات الخطايا المحبوبة منك .
+ اهتم بمحبة الله لتطرد منك محبة الخطية .
+ صارع مع الله و خذ منه قوة ، لكي بهذه القوة تتوب و تحيا حياة التوبة.
( اذكروني في صلواتكم )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق