الثلاثاء، 22 مايو 2012

الأنبا إشعياء... Bishop Isaiah


الأنبا إشعياء
من تعاليم الأنبا إشعياء للمبتدئين
قال: أيها الحبيب إن كنتَ قد تركتَ العالمَ الباطل وقربَّت نفسَك لله لتتوب عن خطاياك السالفة، فإياك أن تتراجعَ عما عزمت عليه من نحو حفظِ وصايا السيد المسيح وإتمامها، وإلا فلن يغفرَ لك خطاياك القديمة. احفظ الخصالَ الآتية ولا تحتقرها: إياك أن تأكلَ مع امرأةٍ أو تؤاخي غلاماً حديثَ السنِّ، لا ترقد مع آخر في فراشٍ واحدٍ، كن متحفظاً لعينيك. وإذا نزعتَ ثيابك فإياك أن تبصرَ شيئاً من جسدِك، إن أردتَ أن تشرب بعضاً من الشراب لا تزد على ثلاثِ كؤوس. إياك أن تحلَّ الوصيةَ من أجلِ الصداقةِ. احذر أن تسكنَ في موضعٍ قد أخطأتَ فيه قدام الله. لا تتوانَ في صلواتِ الساعات لئلا تقع في أيدي أعدائك. اجهد نفسَك في تلاوة المزامير، فإن ذلك يحفظُك من خطيةِ الدنس. أحبَّ التعبَ والمشقةَ في كلِّ شيءٍ لتخفَّ عنك أوجاعُك. احذر من أن تعتبرَ نفسَك شيئاً في أيِّ أمرٍ من الأمورِ فإن ذلك يُفقدك النوحَ على خطاياك. احفظ نفسَك من الكذبِ فإنه يطرد من الإنسانِ خوفَ الله. لا تكشف أسرارَك لكلِّ أحدٍ لئلا تسبب عثرةً لقريبك. اكشف أفكارَك لآبائك الشيوخ لتجد معونةً بمشورتهم. أتعب نفسَك في عملِ يديك وخوفُ الله يسكن فيك. إذا أبصرتَ إنساناً قد أخطأ فلا تحتقره ولا تزدرِ به لئلا تقع في أيدي أعدائك. إياك أن تتمادى في ذِكر خطاياك القديمة والتلذُّذ بها لئلا تنتابك الأتعابُ. أحب الاتضاع فهو يحفظك من الخطيةِ. لا تكن معانداً أو متمسكاً بكلمتِك لئلا يسكنك الشرُ. لا تضع في نفسِك أنك حكيمٌ فتقع في أيدي أعدائك. عوِّد لسانك دائماً أن يقول: «اغفر لي»، فيأتيك الاتضاع. إذا جلستَ في قلايتك فاهتم بهذه الثلاث خصال: ابدأ عملَ يديك وادرس مزاميرك وصلاتك، تفكَّر في نفسِك أنه ليس لك شيءٌ في هذه الدنيا سوى اليومِ الذي أنت فيه فلن تخطئَ. لا تكن نهِماً في الأطعمةِ لئلا تتجدد فيك خطاياك القديمة. لا تتضجر من الأتعاب مطلقاً فيأتيك النياح من قبل الله سريعاً. مثل بيتٍ خربٍ خارج المدينةِ يُرمى فيه كلُّ نتنٍ، هكذا نفسُ الراهبِ العاجز تصير مأوى لكلِّ شرٍ. جاهد في أن تصلي دائماً ببكاء لعل الله يرحمك ويخلِّصك من الإنسانِ العتيق ويعطيك الملكوت. ثبِّت نفسَك في هذه الخصال التي أقولها لك: التعزية، المسكنة، الصمت، فهذه كلها تجلب لك الاتضاعَ، والاتضاعُ يغفرُ الخطايا كلها. الاتضاع هو أن يعتقدَ الإنسانُ في نفسِه أنه خاطئٌ وأنه ما عمل شيئاً من الخيرِ أمام الله، وأن يلازم الصمتَ، وألا يعتبر نفسَه شيئاً، وأن يرفض هواه ولا يقيم كلمتَه، ويكون نظرُه إلى الأرضِ، وأن يضعَ الموتَ بين عينيه، وأن يحفظَ نفسَه من الكذب، وألا يتحدث بكلامٍ باطل، وألا يناقش من هو أكبر منه، وأن يتحمل الشتيمةَ بفرحٍ، ويُبغض الراحةَ، ويدرِّب نفسَه على التعب، وألا يُحزن أحداً.
وقال أيضاً: يا ابني كن مستعداً إزاء كلِّ كلمةٍ تسمعها لأن تقول: «اغفر لي»، وبذلك تهزم كلَّ قوةِ العدو. وليكن وجهُك دائماً معبّساً، إلا إذا أتاك إخوةٌ غرباء فكن بشوشاً فيسكن خوفُ الله فيك. إن سرتَ مع إخوةٍ في طريقٍ، فتباعد عنهم قليلاً ولتكن صامتاً. وإذا مشيتَ فلا تلتفت يُمنى ولا يُسرى بل ادرس في مزاميرك وصلِّ لله بفكرك. وأيَّ موضعٍ دخلتَه لا توجِد لنفسِك دالةً مع أهلهِ، وكن جاداً في كل أمرٍ من أمورك. أيُّ شيء يوضع أمامك فمد يدَك إليه بتغصبٍ، وإن رقدت في موضعٍ فلا تتغطَ أنت وآخر بغطاءٍ واحدٍ. وصلِّ صلاةً طويلة قبل أن تنام. وإن كنتَ قد تعبتَ من السيرِ في الطريقِ وأردت أن تدهن جسدَك بقليلٍ من الزيت فليكن لك ذلك بحياء، ولا تدع أحداً يدهن لك جسدك وأنت صبي. إذا كنت جالساً في قلايتك وأتاك أخٌ غريبٌ فادهن رجليه وقل له: أظهر محبةً وخذ قليلاً من الزيت وادهن به جسدك، فإن لم يُرد فلا تُكرهه إذا كان شيخاً عمالاً. إذا جلستَ على المائدة وأنت شابٌ فلا تتجرأ وتدعو إنساناً إلى الأكلِ وتشكر له في الطعام، بل اذكر خطاياك لئلا تأكل بلذةٍ، ومد يدك إلى ما هو قدامك فقط، ولتغطِ ثيابُك رجليك، وركبتاك مضمومتان إحداهما إلى الأخرى. وإذا زارك غرباءٌ فأعطهم حاجتهم برضى، وإذا كفوا عن الطعام فقل لهم مرتين أو ثلاثة: اصنعوا محبةً وكلوا قليلاً. وإذا كنتَ تأكلُ فلا ترفع وجهَك في قريبك ولا تتلفت لا هنا ولا هناك ولا تتكلم كلمةً فارغة، وإذا شربتَ الماءَ فلا تدع حلقَك يُحدث صوتاً كما يفعل العلمانيون. وإذا كنتَ جالساً مع الإخوةِ واضطررت للبُصاق فلا تبصق في وسطِهم بل قم خارجاً وألقِهِ. لا تتماطأ في وسطِ الناس، وإذا جاءك التثاؤب فلا تفتح فمَك فيذهب. احذر من فتح فمِك بالضحك، فإن الضحك يوضِّح عدم وجود خوف الله. لا تشتهِ شيئاً لصاحبك، لا ثوبه ولا قلنسوته ولا غير ذلك مما له. ولا تتمِّم شهوةَ جسدِك وتصنع لك مثله. إن عملتَ لك مجلداً فلا تزينه فإن ذلك عثرة. إن أخطأت في أمر ما فلا تستحِ وتكذب، بل أسرع وقر بذنبك واستغفر فيُغفر لك. إذا وجه إليك إنسانٌ كلمةً قاسية، فلا تشمئز أو يستكبر قلبُك، ولكن بادر واصنع مطانية ولا تلُمه في قلبك، وإلا فالغضبُ يثور عليك. إن افترى أحدٌ عليك بشيءٍ لم تصنعه فلا تجزع ولا تغضب، بل اتضع واصنع مطانية، وسواء كنتَ قد فعلتَ أم لم تفعل ففي كلتا الحالتين قل: «اغفر لي فلن أعود لمثلِهِ مرةً أخرى». إذا كنتَ تقوم بعملِ يديك فلا تتوانَ البتة ولكن اهتم به بخوفِ الله لئلا تخطئ بدون وعي، وكلُّ عملٍ تؤديه لا تستحِ أبداً من أن تسأل من يعلمك قائلاً: «اصنع محبة وأرني»، وخذ رأيَه أيضاً فيما لو كان عملُك جيداً أم لا. إن دعاك أخوك وأنت جالسٌ تقوم بعمل يديك فاترك عملَك واسْعَ في راحتِهِ، إذا انصرفتَ من المائدة فادخل قلايتك ولا تجلس تتحدث مع من لا ينفعك، فإن كان الجالسون شيوخاً يتكلمون كلامَ الله فاستأذن معلِّمك أولاً فإن أذِنَ لك فاجلس واسمع كلامَهم، وكما يأمرك به افعله. إن أمرك معلمُك بقضاء حاجةٍ خاصة به فاسأله عن المكان الذي تذهب إليه لقضائها وما يشير به عليك لا تزد عليه ولا تُنقص منه. إن سمعتَ كلاماً غيرَ لائق فلا تبلِّغه لآخر. إن أردتَ أن تصنع أمراً لا يهواه الأخ الساكن معك فاقطع هواك واسعَ في خيرهِ لئلا يقع بينكما شكٌ وتجربةٌ. إذا عزمتَ على السكنى مع إخوة فلا يكن لك مع أحدِهم دالة ما. ولا تخلط كلامَك بكلامِهم. إن فعلت ذلك فإنك تمكث زمانك كلَّه معهم في سلامةٍ. وإن طالبوك بأمرٍ لا تهواه فارفض مشيئةَ نفسِك وتمِّم ما يقولونه لك لئلا تحزنهم فتفقدون السلامَ فيما بينكم. إذا كنتَ ساكناً مع أخٍ وسألك قائلاً: «اطبخ لنا شيئاً»، فاسأله عما يُحب، فإن ترك لك حرية الاختيار فمهما وجدتَه موافقاً له اطبخه بخوفِ الله. وكلُّ عملٍ تعملانه اشتركا فيه ولا يطلب أحدُكم راحةَ جسدهِ لئلا يضطرب فكرُ أخيه».
وقال أيضاً: إذا قمتَ باكرَ كلِّ يومٍ فقبل أن تقومَ بأيِّ عملٍ اقرأ كلامَ الله وبعد ذلك إن كان لك في القلايةِ عملٌ فاعمله بهمةٍ ونشاط. إذا جاءك أخٌ غريبٌ ليكن وجهُك له صبوحاً حين سلامك عليه، واحمل عنه ما يحمله بفرحٍ، وكذلك إذا أراد الانصرافَ ليفارقك بفرحٍ ولتودِّعه بخوفِ الله وبشاشة كي تكونا عند الفراق رابحيْن نفسيكما. وكذلك في حال وصوله إليك إياك أن تسأله عن أمورٍ لا تُخلِّص نفسَك، بل دعه يصلي أولاً، فإذا جلس قُل له: «كيف أنت؟ وكيف حالك»؟ ولا تزد على ذلك. وأعطه كتاباً ليقرأ فيه. فإذا كان قد جاء متعباً فاتركه حتى يستريح واغسل رجليه. فإن كان قد أتاك حاملاً إليك كلاماً ليست فيه منفعة فقل له: «اغفر لي يا أخي فإني ضعيفٌ ولست أقوى على سماعِ هذا الكلام». وإن كان ضعيفاً وثيابُه رثة فاغسلها له وخيطها إذا احتاجت إلى خياطة. وإذا جاءك أحدٌ من الطوافين وتصادف أن كان عندك رجلٌ قديس في نفس الوقت، فلا تُدخله عليه، ولكن اصنع معه رحمةً من أجلِ محبةِ اللهِ وأَخلِ سبيلَه. وإن كان مسكيناً فلا تصرفه من عندك فارغاً، بل أعطه من البركة التي أعطاك الله إياها. واعلم أن كلَّ شيءٍ لك ليس ملكك فأعطهِ من أجلِ الربِّ. إذا استودعك أخٌ وديعةً، إياك أن تفتحها لتعرف ما فيها إلا بحضرتِه، وإن كانت الوديعةُ ثمينةً جداً، فاسأله أن يسلمها لك ويعرِّفك بحقيقتها. وإن ذهبتَ إلى ضيعةٍ ونزلت عند إنسانٍ في قلايتِه واضطر أن يخرج هو لأمرٍ ما وتركك وحدَك في القلاية فإياك أن ترفع نظرَك لتبصر شيئاً مما في قلايتِه أو تُحرك شيئاً من موضعِه، ولكن عند خروجه قل له: «أعطني شيئاً أقومُ بعملِه»، وكلُّ شيء يوصيك به فافعله بلا كسل. إذا دخلتَ بيتَ الراحةِ لقضاء حاجة الطبيعة فلا تتباطأ، بل اذكر أن الله ينظر إليك دائماً.
إن قمتَ في قلايتك لتصلي ساعاتك فإياك أن تكون صلاتُك بتهاونٍ لأنك بذلك بدلاً من تُكرم الله تغضبه. ولكن قف بخوفٍ ورعدةٍ ولا تتكئ على الحائط ورجلاك مرتخيتان ولا تقف بواحدةٍ وترفع الأخرى. وإن كنتم تقرءُون صلواتكم وأنتم مجتمعون فليقدِّم كلُّ واحدٍ منكم صلاةً، فإن وُجد معكم غريبٌ فاطلبوا منه بمحبةٍ أن يصلي ولا تلحُّوا عليه أكثر من مرتين أو ثلاث. وإذا كنتَ واقفاً في القداسِ فراقب أفكارَك لكي توقف جسدَك وحواسَك بخوفِ الله لتستحق أن تتناولَ من القربان الذي هو جسدُ المسيح ودمه الأقدسين، فيشفيك الربُّ.
إياك أن تترك جسدَك في حالةٍ لا تليق بسبب قذارتِه لئلا يسرقك المجدُ الباطل. ولكن إذا كنتَ شاباً فاترك جسدَك ليظهر بكلِّ سماجةٍ. لا تلبس ثوباً جيداً حتى تبلغ الكبر وتدخل في سن الشيخوخة. إذا سرتَ مع أخٍ أكبر منك سناً فلا تتقدمه البتة. وإذا تكلم من هو أكبر منك مع آخرين فإياك أن تحتقره وتجلس، ولكن قف حتى يسمح لك. إذا ذهبت إلى مدينةٍ أو قريةٍ فلتكن عينُك ناظرةً للأرضِ لئلا تسبب لك محاربات في قلايتك. إياك أن تبيت في قريةٍ وتنام في بيتٍ تخشى أن تخطئ فيه بقلبك. إذا دُعيت لتأكل عند إنسانٍ وعلمتَ أن هناك امرأةً جالسةً ستأكل معك فارفض ولا تأكل هناك البتة، لأنه خيرٌ لك أن تُحزن ذاك الذي دعاك من أن تزني بفكرك في الخفاء. حتى وإن رقدت فلا تبصر ثيابَ النساءِ بعينيك. وإن كنتَ في طريقٍ ولقيتك امرأة فجاوبها بفمِك فقط. وإذا ذهبت في طريقٍ وكان معك شيخٌ فلا تدعه يحمل أحمالَه البتة بل احملها أنت عنه. وإن كنتم سائرين في طريقٍ وكان معكم إنسانٌ ضعيف فليكن هو المتقدم وذلك لكي يمكنه أن يجلسَ إذا أراد الجلوس. إن كنتم شباباً واجتمعتم عند إنسانٍ وأراد أن يغسل أرجلَكم وسألكم أن تباركوا على المائدة فاسبقوا أولاً واعرفوا منزلةَ كلِّ واحدٍ منكم حتى إذا حان وقتُ الأكلِ لا ترتبكون ولا تتزاحمون. وليكن جلوسُكم بترتيبٍ: الأول فالثاني فالثالث وهكذا.
وقال أيضاً: إن سألك شيخٌ عن أفكارِك فاكشفها له بصراحةٍ متى تأكدتَ أن له أمانةً ويحفظُ كلامَك. ولا تنظر إلى كبر السن بل اعتمد على من له علمٌ وعملٌ وتجربةٌ ومعرفةٌ روحانية، لئلا يُزيدك سِقماً بدلاً من أن يهبك شفاءً. إذا تحدث أناسٌ بأفكارٍ لم تبلغها بعد ولم تُحارَب بها فامتنع من سماعِ كلامِهم هذا لئلا تجلب على نفسِك ذلك القتال. ألزِم نفسَك كلَّ يومٍ بأن تصلي في نصفِ الليل صلواتٍ كثيرةً لأن الصلاةَ هي ضوءُ النفس. راجع نفسَك كلَّ يومٍ عما صنعته فيه من الخطايا وصلِّ إلى الله من أجلِها فيغفرها لك. إن سمعتَ أخاً يدين آخر فلا تستحِ منه أو توافقه لئلا يغضب الله. بل قل باتضاعٍ: «اغفر لي يا أخي فإني شقيٌ وهذه الأمور التي تذكرها أنا منغمسٌ فيها ولستُ أحتمل ذكرها». إن أساء إليك أخٌ وجاء آخر وعاب فيه عندك فاحفظ قلبَك لئلا يتجدد فيه ذكرُ الشرِ الذي أساء به إليك ذلك الإنسان. إذا مضيْت إلى ضيعةٍ مع إخوةٍ لا تعرفهم فأعطهم التقدم في كل شيءٍ ولو كانوا أصغر منك. وإن نزلتَ عند صديقٍ لك فليكونوا هم المتقدمين عليك في كلِّ شيء على المائدة وغيرها. لا تظن في نفسِك أنه بسببِك يكرمهم صديقُك، بل قل لهم: «إنه بسببِكم يصنع بي الرحمةَ». إن مررتَ في طريقٍ مع أخٍ وحدث أن قابلتَ صديقاً لك وأردتَ أن تسأله في أمرٍ ما واستأذنت الأخَ قائلاً: «استرح قليلاً حتى آتي إليك»؛ فإن دعاك صديقُك أن تدخلَ لتأكلَ عنده، فإياك أن تلبي دعوتَه دون أن تُشرك الأخَ الذي معك. إذا دخلتَ قلايةَ أخٍ ليس لك به سابق معرفة فحيثما أجلسك اجلس ولا تتحرك من الموضع الذي أجلسك فيه إلا بدعوةٍ منه. إن كنتَ ساكناً في قلايةٍ فإياك أن يكون لديك إناءٌ يمنعك من حفظ وصيةِ ربك، وإن سألك أخٌ أن تعيره إناءَك فأعطه إياه، رغم حاجتك إليه ورغم عدم وجود غيره عندك، وإياك أن تجلس بعد ذلك متضايقاً مرتبكاً، فخير لك أن يهلك أحدُ أعضائِك من أن يذهب جسُدك كلُّه إلى جهنم. الذين فارقتَهم حباً في الله لا تُكثر ذكرَهم في قلبك لئلا ينشغل عقلُك بهم، بل اذكر الموتَ والدينونة وكيف أنه لا يستطيع أحدٌ منهم أن يعينك في ذلك اليوم. إذا كنتَ في قلايتك وتذكرتَ أن إنساناً أساء إليك وأحزنك، فقم في الحال وصلِّ من أجلهِ من كلِّ قلبِك أن يغفرَ الله له، وبذلك تنطفئ عنك محبة مكافأة الشرِّ بالشرِّ. إذا أنت ذهبتَ لتتناول جسدَ المسيح ودمَه الأقدسين فإياك أن يكون في قلبك حقدٌ أو غيظٌ على إنسانٍ، فإن علمتَ أن في قلب إنسانٍ عليك شيئاً فاذهب واستغفر منه أولاً لئلا تأخذ دينونةً لنفسِك وهلاكاً. إن قوتلت بزنى في أحلامِ الليل، فاحفظ فكرَك من تذكُّرها بالنهار ولا تذكر أيضاً تلك الأجساد التي أبصرتَها في أثناء نومِك لئلا تتدنس بلذتِها وتجلب على نفسِك حزناً، ولكن ألقِ ضعفك أمام الله وهو يعينك لأنه رحومٌ يرثي لضعف الإنسان. فإذا ألزمت نفسَك بصومٍ كثيرٍ وصلاة مستمرة فلا تثق بأنك ستخلص بعد ذلك، ولكن قل في فكرِك: «إني أرجو من الله بصلاة قديسيه أن يصنع مع ضعفي رحمةً من أجل الشقاء الذي شقي به جسدي». إن شتمك إنسانٌ فلا تُجبه حتى يسكت. وفتش نفسَك بخوف الله فإنك سوف تجد أن ما قد سمعتَه كائنٌ فيك وأن العلةَ هي منك. فاصنع له مطانية مثل إنسانٍ يعرفُ بالحقيقةِ أنه هو الذي أخطأ.
إن كنتَ ماضٍ مع إخوةٍ في طريقٍ وكانت بينك وبين أحدٍ محبةٌ فلا تكن لك دالةٌ معه أمامهم لئلا يكون فيهم أحدٌ ضعيف فيموت من الغيرة منكما. وتكون الخطية عليك لأنك سبَّبت له عثرةً. إن أردتَ الذهاب إلى أناسٍ فلا تضع في قلبك أنهم سوف يفرحون جداً بلقائك. فإن قبلوك اشكر الله على قبولهم لك. إذا أصابك مرضٌ وأنت ساكنٌ في قلايتك فلا تصغر نفسُك بل اشكر الله على ذلك. إن مضيتَ إلى إخوةٍ وقال لك أحدهم: «إني لا أستطيع النجاح ما دمتُ مع هؤلاء وأودُ أن أسكن معك»؛ فإياك أن تبادر بموافقتِه على ذلك لئلا تصير عثرةً له ولكثيرين غيره. فإن أباح لك بأفكارٍ مكبوتةٍ فيه وعلمتَ إزاءها أنه سيهلك بوجوده في وسطهم فعرِّفه بأن يهرب إلى مكانٍ آخر وارفض سكناه معك. إذا كنت ساكناً في قلاية فاجعل لطعامِك مقداراً معيناً، ووقتاً معروفاً لا تتعداه. وأعطِ جسدَك حاجته بالقدر الذي به تستطيع أن تخدم الله في صلاتك. ارفض محبةَ الخروجِ والجولان فيما لا ينفعك. وإن عرض لك أمرٌ هام كافتقاد أخٍ أو الذهاب إلى ديرٍ وقدموا لك طعاماً لذيذاً، فلا تشبع منه، وأسرع في العودةِ إلى قلايتك.
وقال أيضاً: «إن أشغل الشياطينُ قلبَك بأتعابٍ تفوق طاقتك، فلا تُطعهم لأنهم يشغلون قلبَ الإنسان بأمورٍ لا يقوى عليها حتى إذا ضعف وقع في أيديهم، فيضحكون عليه لأن كلَّ أمورِ العدو هي بلا نظام وبلا حدود. ولكن كُلْ مرةً واحدةً في النهار، وأعطِ جسدَك حاجته بقدرٍ بحيث تكف عن الطعام وأنت لا زلت تشتهيه. كذلك سهرك يكون بقدرٍ، اسهر نصفَ الليلِ في الصلاةِ والنصف الآخر لراحة جسدِك. ومن قبل أن تنام اسهر ساعتين مصلياً ومزمراً، وإذا اقتنيتَ طولَ الروح فاصنع قانونك بحرصٍ واجتهاد، وإن أبصرتَ جسدَك قد كسل فقُل له: «أتريد أن تستريح في هذا الزمان اليسير وتذهب إلى الظلمةِ الخارجية، أليس من الأفضل لك أن تتعب زماناً يسيراً لتتنيَّح مع القديسين إلى الأبد». وبهذا الكلام يذهب الكسلُ وتأتيك المعونةُ.
إن أنت بعت شغلَ يديك فلا تتشدَّد في الثمن كالعلمانيين. كذلك إذا أردتَ أن تشتري شيئاً فزِد على ثمنهِ قليلاً وخذه، وإن لم يكن معك ما يساوي قيمته فاتركه بسكوت. إن أودع أخٌ عندك إناءً واحتجت إليه احتياجاً شديداً فاحذر أن تمسَّه بأذيةٍ. إن ذهبتَ إلى قريةٍ وأوصاك أخٌ أن تشتري له شيئاً فاشتَرِهِ له كما لو كنتَ تشتريه لنفسِك. وإن كان معك إخوةٌ وقتئذ فأشركهم في هذا الأمر. إن اتفق لك قضاء مصلحةٍ هامة في بلدِك فاحفظ نفسَك من أهلك وأقربائك ولا يكن لك معهم دالةٌ ولا خلطة في كلامٍ أو في غيرهِ. إن استعرتَ من أخيك فأساً أو غيره فلا تتوانَ في أن تردَّه إليه عند قضاءِ حاجتك ولا تتركه حتى يطلبه منك، فإن انكسر فجدِّده له. إن أنت أقرضت إنساناً مسكيناً شيئاً وعرفت أنه ليس له ما يوفيك، فلا تُحزنه ولا تضيِّق عليه في شيءٍ مما أعطيته سواء كان ثياباً أم وزنات أم غير ذلك. إن أقمتَ في مكانٍ وبنيتَ لك فيه قلايةً وأنفقت في بنائها نفقةً ما، ثم بدا لك بعد حين أن تخرج منها، وأقام فيها أخٌ آخر، وأردتَ الرجوع إليها مرة أخرى، فاحذر من أن تُخرج ذلك الأخ منها، ولكن ابحث لنفسِك عن قلايةٍ أخرى، وإن كنتَ وقت خروجِك منها أولاً قد تركتَ فيها متاعاً ووجدت أن الأخ قد أحرقه فلا تطالبه بشيءٍ منها، وإن أردت أن تنتقلَ من قلايةٍ إلى أخرى فاحذر من أن تأخذ معك شيئاً من متاعِها، بل اتركه للأخ الذي سيسكن فيها والله يرزقك أنت حيثما كنت. كلُّ فكرٍ يحاربك اكشفه ولا تستحِ أن تقول به لمن هو أكبر منك بالروحانية، فيخفَّ ذلك الفكرُ عنك ويذهب، واعلم أنه لا يوجد شيءٌ يَفرح له الشياطين مثل إنسانٍ يُخفي أفكارَه، رديئةً كانت أم جيدةً. وإذا طغى أخوك بجهلهِ بسبب الهراطقة، ثم رجع إلى الإيمان القويم فلا تحتقره واحفظ نفسَك من مجادلةِ المخالفين بحجة أنك تريد الدفاع عن الإيمان، لئلا يؤثِّر كلامُهم فيك فتهلك. وإن وجدت كتاباً من كتبهم فلا تقرأ فيه لئلا يمتلئ قلبُك بسمِ الموتِ، بل تمسَّك بأمانتك كما أضاءت لك المعمودية، كن على حذرٍ من تعليم الكذاب المضاد».
وقال أيضاً: «إن سمعتَ أخبارَ القديسين وأعمالَهم الشريفة فلا تطمع في اقتنائها بلا تعبٍ. إن لم تشفِ نفسَك أولاً وتتأهل لها، حتى إذا أقدمتَ على عملِها جاءتك من تلقاء نفسِها. احفظ نفسَك من الملل فإنه يُتلف ثمرةَ الراهبِ. إن كنت مقهوراً من وجعٍ وأنت تجاهده فلا تمل، بل ألقِ نفسك قدام الله وقل: «أعني يا ربُّ أنا الشقي فإني لا أقوى على هذا الوجع»؛ فيُعينك سريعاً إن كانت طِلبتُك بقلبٍ مستقيمٍ. إن كنتَ في شيءٍ من تعبِ الرهبانية ورأيتَ الشياطين قد انهزموا منك وغُلبوا في القتالِ، فلا تطمئن، بل كن على حذرٍ منهم. واعلم أنهم يهيئون لك قتالاً أشرَّ من الأول، ويكمُنون لك به من وراء، فإن أنت ناصبتهم تظاهروا بأنهم طُردوا بمكرٍ منهم، وذلك ليستكبر قلبُك وتثق بقوتِك، فإذا أبصروك قد خرجت هكذا عن فضيلة الاتضاع، قام الكمينُ عليك من ورائك وهاجمك الآخر من قدامك وأحاطوا بنفسك التي لم يكن لها ملجأ وقتئذ. فلا تمل إذاً من الصلاةِ إلى الله بأن يخلِّصك ويدفع عنك كلَّ بليةٍ تأتيك، فإن لم يسمع منك سريعاً فلا تمل من التضرع إليه لأنه يعرف ما فيه خيرك أكثر منك. وإذا صليتَ إلى الله فلا تقل له: «ارفع عني هذا وهبني ذاك». بل قل: «يا ربي يسوع أنت عوني ورجائي وأنا في يديك، وأنت تعرف ما هو صالحٌ لي، فأعني ولا تتركني أخطئ إليك أو أتبع هواي، ولا ترفضني فإني ضعيفٌ ولا تسلِّمني لأعدائي، فإني لجأتُ إليك فخلصني بتحننك، ليخزَ كلُّ الذين يقومون عليَّ لأنك أنت القادر على كل شيءٍ، ولك المجد إلى الأبد، آمين».
وقال أيضاً: إن الإنسانَ لا يستطيعُ أن يتحفَّظ من الخطيةِ إن لم يحفظ نفسَه مما يلدها. وهذه هي الأشياء التي تلد الخطيةَ: صغرُ النفس، الملل، إتمام الهوى، حبُّ الاتساع، طلب الرئاسة، حديث العالم، التماس ما لا ينبغي، عدم الحذر من الناس، سماع الوقيعة، نقل الكلام من أناس إلى أناس، الذي يحبُّ أن يُعلِّم دون أن يسأل، الذي يدين القريب، فهذه الأمور وغيرها لَمِّما تلدُ الخطيةَ. فمن أراد أن ينجحَ ويتقدم في الأعمالِ الصالحة، فليحفظ نفسَه من كلِّ شيء يلد الخطيةَ، فإن الخطيةَ منها وبها. فمن حرص فهو يجد خيراً في الأعمال الصالحة، ومن تهاون وتغافل فهو يعدُّ نفسَه للعذاب، لأنه واجبٌ على كلِّ معتمدٍ أن ينقي نفسه من كلِّ الشرور، فإن أنت قطعتَ هواك بمعرفةٍ اقتنيتَ لنفسِك التواضع، أما الذي يريد أن يتمِّم هواه فذاك يُعدم الصلاحَ كلَّه. فلنهرُب من اللجاجةِ (أي من العنادِ والمجادلة) فإنها تهدمُ كلَّ بنيان الفضيلة وتصيِّر النفسَ مظلمةً لا تبصر شيئاً من الصلاحِ. فتحفَّظ من هذا الوجع الرديء الذي إذا اكتنف أيَّ صلاحٍ أعدمه، لأن ربنا ما أن طلع على الصليب حتى طوَّح يوداس من وسطِ تلاميذه. فإن لم يقطع الإنسانُ هذا الوجع الرديء (أي اللجاجة) فلن يستطيعَ أن يدركَ شيئاً من أمورِ الله، لأن كلَّ شرٍ في الدنيا يلحقُ صاحبَ هذا الوجع. وهذا الوجع هو نتيجة الكبرياء، لأن المتكبر لا يقدر أن يتحمَّل شيئاً من الموعظةِ وهو محبٌّ لمجدِ الناس والغلبة، ويسكن في نفسِه كلُّ أمرٍ يبغضه الله، لأن المستكبرَ لا يقدر أن يكونَ بغير عثرةٍ، وهو يسلِّمُ نفسَه بنفسِه إلى أيدي أعدائه. وحينئذ يصنعون بها شروراً كثيرة، فلنهرب من المجدِ الباطل ولنذكر في كل حين مجدَ العالم العتيد ولنقطع أهويةَ قلوبنا ولنلتمسَ مشيئة الله ونتممها.
فالنفس التي تريدُ أن تقفَ أمام الله بغير ذنبٍ فلتحرص كالتاجر الذي يطلب الأرباحَ ويفرُ من الخسائرِ، أما خسائر تجار المسيح فهي: طلب مجد الناس، الكبرياء، تزكية الذات، التكلم بما يغضب السامعين، محبة الأخذ والعطاء؛ هذه كلها خسائر ولا يستطيع أحدٌ أن يُرضي الله وهذه كلُّها في خزانةِ قلبه. فمن أراد أن يجيء إلى نياح الرهبنة فليتباعد من الناس في كلِّ الأمور، ولا يمدح إنساناً، كما لا يزدري به ولا يدينه ولا يزكيه، ولا يترك في قلبه هماً من ناحيةِ إنسانٍ، وليرفض من كلِّ قلبه مقابلة شر إنسان بشرِهِ لئلا تكون خدمتهُ باطلةً، لأن الذي لا يهتم بأحدٍ ويدين نفسَه وحدَه ويلومها فحياته تكون هادئةً مستريحةً. لأن النقي يحبُّ أن يكونَ كلُّ الناسِ أنقياء، أما الذي في قلبه وجعٌ، فلا يرى أحداً نقياً بل كنحو أوجاعِه يفكر في قلبه عن كلِّ أحدٍ، وإن سمع مديحاً في إنسانٍ يحسده. وهذا أقوله لكي تتحفظ فلا تزدري بإنسانٍ وأبطل معرفتك واقطع هواك. فإنَّ من وثق بمعرفتِه وتمسك بهواه لا يستطيع أن يفلتَ من أيدي الشياطين ولن يبصرَ نقائِصَه ولن يجد راحةً، أما إذا خرج من هوى الجسد فبتعبٍ يجدُ رحمةً، ومجمل هذا كله أن تراقب اللهَ من كلِّ قلبك ومن كلِّ قوتك وتترحم على كلِّ الخليقة وتطلب من الله العونَ والرحمةَ في كلِّ ساعة.
وقال أيضاً: «السكوت هو أن تَرضى بكلِّ شيءٍ ولا ينبغي أن تشغل قلبَك بأمرٍ لا يعنيك. النقاوة هي عقلٌ متيقظ وحسٌ ملتصق بالله. أحبَّ السكوتَ أكثرَ من الكلامِ، لأن السكوتَ يجمعُ، والكلامَ يبدِّدُ. الراهب لا يستطيع أن يحفظَ جهادَه إلا بالسكوتِ وبالهدوء، وأن لا يحسبَ نفسَه شيئاً في أمرٍ ما. من هو في السكوتِ فهو محتاجٌ إلى هذه الثلاث خصال: خوفُ الله، صلاةٌ دائمة، أن لا يدع قلبَه يُسبى بأمر ما. من هو في السكوتِ ينبغي له أن يجعلَ خوفَ ملاقاة الله متقدماً كلّ نَفَسٍ من أنفاسِه. ما دام القلبُ يخضعُ للخطيةِ فما صار خوفُ الله فيه بعد، وهو لا زال بعيداً عن الرحمةِ. ذلك الإنسان الذي يتكلم بكلام العالم أو يسمعه مراراً كثيرة، لا يقدر أن يكونَ له في قلبهِ دالةٌ قدام الله في صلاتهِ. أبغض كلَّ ما في العالم من نياح الجسد لأن ذلك يُصيِّرك عدواً لله. فقاتل الجسدَ كمن يقاتل عدواً لدوداً جداً. الذي يطلب الربَّ بوجع قلبٍ يسمع منه إن هو سأله باهتمامٍ ومعرفةٍ وهو غيرُ مرتبطٍ بشيءٍ من العالم إلا بنفسِه فقط، وذلك لكي يوقفها قدام الرب بلا عيبٍ كنحو قوتِهِ.
وقال أيضاً: «ثلاثُ فضائل يحتاج إليها العقلُ دائماً: تركُ الغضب، عدم التهاون، الشجاعة. وثلاث فضائل أخرى إذا ازدان بها العقلُ يثق بأنه قد بلغ الحياةَ وهي: إفراز الجيد من الرديء، التبصُّر في الأمورِ قبل الإقدام عليها، عدم الخضوع لأمرٍ غريب. وثلاث فضائل كذلك تبعث في العقل ضوءاً مستديماً وهي: أن لا يعرف شرَّ إنسانٍ، أن يصنعَ الخيرَ مع الذي يصنعُ به الشرَّ، أن يتقبل ما يجلبه العدو عليه بلا ضيق صدرٍ. فالذي لا يعرف شرَّ إنسانٍ فقد أدرك المحبةَ، والذي يفعل الخيرَ مع من يفعل به الشرَ فقد أدرك السلامةَ، والذي يقبل ما يأتيه من العدو بلا ضيقِ صدرٍ فقد اقتنى الوداعةَ. كذلك أربع فضائل تزكي النفسَ: السكون، حفظ الوصايا، الانفراد، الاتضاع. الصيام يُذل الجسدَ والسهرُ ينقي العقلَ والسكوتُ يجلب النوحَ، والنوحُ يغسل الإنسانَ ويصيِّره بلا خطية. طوبى لمن اهتم من أجل جراحاتهِ لتُشفى، وعرف خطاياه وطلب من أجلِها الغفران. إن أراد العقلُ أن يرتفعَ على الصليبِ فإنه يحتاج إلى طلبةٍ كثيرة ودموعٍ غزيرة وخضوعٍ في كلِّ ساعةٍ قدام الربِّ، ويسأل من طيبته المعونةَ حتى يقيمه غيرَ مقهورٍ متجدداً بالروح القدس. لأن شدائدَ كثيرةً عند ساعة الصليب، وهو محتاجٌ إلى صلاةٍ وإيمانٍ صحيح وقلبٍ شجيع ورجاءٍ بالله إلى آخر نفس. الذي له المجد إلى الأبد، آمين.
وقال أيضاً: إذا صليتَ ولم يَرِد على فكرِك شيءٌ من الشرِّ فقد صرتَ حراً. الذي يلوم أخاه أو يحتقره أو يشي به قدام آخرين أو يُظهر له غضباً، فقد صار بعيداً من الرحمةِ. إن قال إنسانٌ: «إني أريدُ أن أتوبَ عن خطاياي»، وهو لا يزال يفعلُ شيئاً منها فهو كذاب. من يريد أن يلازمَ السكوتَ من غير أن يقطع علل الأوجاع فهو أعمى. الذي يتجاهل خطاياه ويريد أن يقيمَ آخرين فهو جاهلٌ. من لا يدين أحداً فقد استحق النوح، إذا انشغلتَ عن خطاياك وقعت في خطايا أخيك. إن كافأتَ شراً بشرٍ فذلك يُبعدك من النوح. إن قبلتَ شيئاً من السُبح الباطل ابتعد منك النوحُ. إن صنعتَ هواك طردت عنك النوحَ. إن قلتَ إن فلاناً صالحٌ وفلاناً شريرٌ خزيتَ نفسَك، إذ تركت الاهتمام بخطاياك واهتممت بما لا يعنيك. إن قيل عنك كلامٌ لا تعرفه فتسجست فقد أبعدت عنك النوح. إن كلَّمك إنسانٌ فلا تجادله محاولاً تثبيت كلمتك، وإلا فليس فيك نوحٌ. فهذه الأمور كلِّها تدلُّ على أن الإنسانَ العتيق لا يزال حياً فيك. إن حفظت وصايا المسيح كلَّها وعملتها، قل: «إني لم أُرضِ الله قط». يا إخوتي، تأكدوا بحرصٍ أن تكون شهوتنا بالله، لنسلَم من الشرور. لنلازم محبةَ المساكين لنخلُص من حبِّ الفضة. لنكن متصالحين مع كلِّ أحدٍ لنخلص من البغضِ. لنكن محبين لجميع الناس لنخلص من الغيرة. لنتحمل تعيير إخوتنا إذا هم رذلونا لنخلص من العظمةِ. لنحرص على كرامةِ إخوتنا لكي ما نخلص من الدينونةِ. لنرفض شرفَ العالم وكراماته لنتخلص من المجدِ الباطل. لتكن ألسنتُنا ملازمةً ذكر الله والعدل لكي ما نخلص من الكذب. لننقِ قلوبَنا وأجسادَنا من الشهوةِ الرديئة لكي ما نخلص من النجاسةِ.
وقال أيضاً: الحكيمُ هو الذي يحرص إلى الموت على مرضاة الله. لنعمل بقدر قوتِنا والله يُعينُ ضعفَنا. ليكن فكرُك بالله وهو يحفظك. أمورُ العالمِ لنتركها وننطلق. وما تصنعه من أجلِ اللهِ فهو يعينك في ساعةِ شدَّتِك التي هي ساعةُ الموت. أبغض كلامَ العالم ليفرح قلبُك بالله. أحبَّ الصلاةَ في كلِّ حينٍ ليضيء قلبُك بأسرارِ الله. أبغض الكسلَ لكيلا تحزن. إذا قمتَ في موقفِ الأبرارِ احتفظ بلسانك ليسكن في قلبك خوفُ الله. أعط المحتاجين بعينٍ واسعةٍ حتى لا تحزن بين القديسين. لتكن محباً للمؤمنين لتحلَّ عليك رحمةُ الله. لتكن محباً للقديسين لتغار بأعمالهم الصالحة. اذكر دائماً أبداً ملكوتَ السماوات وما أُعد فيه للقديسين ليقودك الشوقُ إليه. كن متفكراً في كلِّ حينٍ بجهنم لكي ما تُبغض الأعمالَ المؤدية إليها. إذا قمتَ باكر كلِّ يومٍ تذكَّر أنك ستعطي لله جواباً عن أعمالِك فإنك بذلك لن تخطئ ومخافةُ الله تسكن فيك. هيئ نفسَك دائماً أبداً للقاء الله لكي ما تصنع مشيئَته. تفرَّس في نفسِك كلَّ يومٍ لتعلم أيَّ وجعٍ غلبتَ ومن أيِّ وجعٍ أنت مغلوب، أعني الشهوات الجَسَدَانية. ولتكن مجتهداً بكلِّ قوتك في أن تغلبَ كلَّ الشهواتِ الرديئة. كن دائماً أبداً حذراً منتبهَ العقلِ في كلِّ حينٍ. وإياك أن تفكِّر بالعظمةِ أو تقبل هذه الفكرة، لأن بذلك صار رئيسُ الملائكةِ شيطاناً. كلُّ من يريد أن يغلبَ بالكلامِ فبلا شكٍّ قد دلَّ على أن مخافةَ اللهِ ليست فيه ولا اتضاع، الذي يحبُّ اللهَ لا يهتم إلا ببُغض الشهواتِ النجسة وعمل الصلاح وتعب الجسد بمعرفةٍ، أما الغفلةُ والتواني فهما يولِّدان فينا أوجاعَ الجسدِ النجسة. من يُغلب من لسانِه فهو ما زال عبداً. أما من غَلب لسانَه فقد صار حراً. قلةُ الرحمةِ تُعبِّر عن أننا لا نحبُّ اللهَ. كثرةُ المناصبةِ أي الوقوف في وجه الغير المقرون بالشتائم والانتقادات والكلام اللاذع، تدلُّ على أننا أشرار. البركةُ تلدُ البركةَ. والصلاحُ يلدُ الصلاحَ. فأما الغضبُ فمن قساوة النفسِ. كثرةُ النومِ فيها خسارةُ العقلِ، وجفافُ العينين، وتغلُّظ القلب. الرقادُ بمعرفةٍ في السكوتِ أفضلُ من الكلامِ الباطلِ مع السهرِ».
وقال أيضاً: من لازم النوحَ فهو يهربُ من كلِّ الشرورِ ومن كلِّ سجسٍ. من كفَّ عن شرِ الناس فذاك بالحقيقة قد انطبع فيه اتضاعُ سيدنا يسوع المسيح وأخزى الشيطان. من يُحبُ مدحَ الناسِ فهو شقيٌ وقد شملته الظلمةُ. ضبطُ البطنِ يُذهب الأوجاعَ، أعني الشهوات الرديئة. أما شهوةُ الأطعمةِ فتجلبها. من يحبُّ اللهَ فذاك قد تغرَّب عنه شيطانُ التهاون. ومن تحاشى الحديثَ الرديء الربُّ يحفظه من السقطات. أما كثرةُ الحديث فمنها تأتي الرعونةُ والملل. من قطع هواه من أجلِ أخيه لمرضاة الله فقد أنبأ عن نفسِه أنه قد اقتنى الفضائل. أما الذي يُرضي هواه فقد أظهر أنه غيرُ خائفٍ من الله. من لازم مخافة الله فذاك قد اقتنى حكمةً سمائية. وأما من ليس فيه مخافةُ الله فقد عَدِمَ كلَّ خيرٍ. محبةُ المالِ تضايق العقلَ. من أحبَّ كلامَ العالمِ فقد أقفرت نفسُه من كلِّ صلاحٍ. من كتم خطاياه عن صاحبِ سرِّه فقد دلَّ على تعاظمه، وقد تملَّك عليه عدوه. أما الذي يُفشي أفكارَه فيستريح. بدءُ الصلاحِ هو المحبة والاتضاع والمسكنة، وعدم الدالة، أما خرابُ النفسِ فهو حبُّ البطنِ. الخلطة مع العلمانيين تمنع التوبةَ وتبرِّد الحرارة. والفرار منهم ينشِّط إلى العمل الروحاني. محبةُ أمورِ العالم تجعل النفسَ تُظلم. الكسلُ يجلبُ علينا الأعداءَ. لا تقبل أفكارَ السوءِ وتجلس تتحدث عنها لئلا تكون جالساً تحادث الشيطان مشافهةً. لأن الأفكارَ الرديئة من فمِه تخرجُ، فافطن له ونبِّه عقلَك مقابله وتقوَّ عليه باسم ربنا يسوع المسيح. ولا تكن متكِلاً على قوتِك وصلاحك. بل كن طالباً العونَ والرحمةَ من المسيح لكي ما يفرح بك وينيحك. احذر لئلا تكون بينك وبين الناسِ معاملةٌ ما دمتَ في التوبةِ فإن الخلطةَ تشغلك عن الروحانية. احتفظ بقلبك وعينيك فلن يصيبك بأسٌ في جميعِ أيامِ حياتك. كلُّ من نظر في وجه أخيه بلذةٍ شيطانية فقد فسق. لا تقبل أن تسمعَ ضعفات أخيك أو تلومه، وإلا فأنت هالكٌ. اعمل لكي ما تعطي المساكين من عرقِ جبينك لأن البطالةَ موتٌ وهلاكٌ، واحرس قلبك قبل كلِّ شيءٍ كي يكون لك عملٌ روحاني في كلِّ رهبنتك. لا تعمل عملاً في توبتك بدونِ مشورةٍ، فتعبُر أيامك بنياحٍ.

كل يوم مقولة من كنز اقوال الاباء القديسين الى كل شخص تعالى شوف البابا كيرلس هيقولك ايه 23/5/2012





كل يوم مقولة من كنز اقوال الاباء القديسين الى كل شخص تعالى شوف البابا كيرلس هيقولك ايه 23/5/2012








دليــــل مفتـــــاح الـــــدول +.


.+ دليــــل مفتـــــاح الـــــدول +.

(( بالترتيب الهجائي ,, من خارج الدوله 00 أو + ))

[ حرف الألف أ ]

الأرجنتين 54+

الأردن 962+

الأمارات العربيه المتحدة 971+

الباكستان 92+

البحرين 973+

البرازيل 55+

البرتغال 351+

البوسنه والهرسكـ 387+

الجزائر 213+

الدنماركـ 45+

السودان 249+

السويد 46+

الصين 86+

الفلبين 63+

الكاميرون 247+

الكويت 965+

المغرب 21+

المملكه العربيه السعويه 966+

المملكه المتحدة (بريطانيا) 44+

النرويج 47+

النمسا 43+

الهند 91+

الولايات المتحدة الأمريكيه ، كندا 1+

اليمن 967+

اليونان 30+

إيسلندة 354+

أذربيجان 994+

أرمينيا 374+

أستراليا 61+

أستونيا 372+

أفغانستان 93+

ألمانيا 49+

أندروا 376+

أوزبكستان 7+

أوكرانيا 380+

إسبانيا 34+

إندونيسيا 62+

إيران 98+

إيرلندا ، بحيرة إري 353+

إيطاليا 39+

[ حرف الباء ب ]

بروناوى 673+

بلجيكا 32+

بلغاريا 359+

بنجلاديش 880+

بوتان 975+

بونسوانا 267+

بولونيا_بولندا 48+

[ حرف التاء ت ]

تايلاند 66+

تايوان 886+

تركيا 90+

تشيلي 56+

تنزانيا 255+

توجو 228+

تونس 216+

[ حرف الجيم ج ]

جبل طارق 350+

جزر الموريشيوش 230+

جمهوريه التشيك 420+

جنوب أقريقيا 27+

جيرسي 44+

[ حرف الراء ر ]

روسيا 7+

رومانيا 40+

[ حرف الزاء ز ]

زمبابوي 263+

[ حرف السين س ]

ساحل العاج 225+

سريلانكا 94+

سكوتلندة 44+

سلوفاكيا 421+

سلوفينيا 386+

سنغافورة 65+

سوريا 963+

سويسرا 41+

[ حرف الصاد ص ]

صربيا 381+

[ حرف العين ع ]

عمان 968+

غانا 233+

[ حرف الفاء ف ]

فرنسا 33+

فلسطين 970+

فنلندة 358+

فنزويلا 58+

فيتنام 84+

[ حرف القاف ق ]

قبرص 357+

قطر 974+

[ حرف الكاف كـ ]

كرواتيا 385+

كمبوديا 855+

كوريا الجنوبيه 82+

كوريا الشماليه 850+

[ حرف اللام ل ]

لاتفيا 371+

لبنان 961+

لكسمبورغ 352+

ليتوانيا 370+

ليسوتو 266+

[ حرف الميم م ]

ماكاو 853+

مالطا 356+

ماليزيا 60+

ماينمار 95+

مصر 20+ ^ ^

مقدونيا 389+

موزانبيق 258+

[ حرف النون ن ]

نامبيا 264+

نيبال 977+

نيوزيلندا 64+

[ حرف الهاء هـ ]

هنجاريا 36+

هولندا 31+

هونج كونج 852+

[ حرف الياء ي ]

يوغسلافيا 381+

برنامج الموسوعة القبطية الأرثوذكسية



برنامج الموسوعة القبطية الأرثوذكسية
1- الكتاب المقدس المتضمن : -
+ عرض الكتاب المقدس عربى و قبطى
+ البحث الشامل عربى و قبطى
+ تفسير الانجيل للقمص تادرس يعقوب
+ شخصيات الكتاب المقدس .
+ إستحالة تحريف الكتاب المقدس .
+ خرائط الكتاب المقدس .
+ قاموس مفردات الكتاب المقدس .
+ تأملات لقداسة البابا شنودة الثالث فى الأناجيل الأربعة .
- السنكسار :-
+ عرض سير القديسين المذكورة فى السنكسار مع توافر إمكانية البحث .
+ قاموس سير القديسين و الذى يحتوى على اكثر من 2400 سيرة مع توافر إمكانية البحث .
- المكتبة :-
+ عرض كتب دينية و قد تم تجميع أكبر قدر ممكن من كتب قداسة البابا شنودة الثالث .
- بستان الرهبان :-
+ عرض كتاب بستان الرهبان مع فصل أقوال الأباء .
+ صلوات الكنيسة القبطية الاجبية و الخولاجى و الدفنار و صلوات الخدمات
+ قاموس قبطى عربى و العكس .
يحتوى فقط على 4000 كلمة و سيتم استكمالة فى الاصدار الثانى
+ قاموس يونانى عربى للعهد الجديد و العكس
يحتوى فقط على 4000 كلمة و سيتم استكمالة فى الاصدار الثانى
قاموس انجليزى / عربى و العكس يحتوى على أكثر من مائة ألف كلمة فى كافة المجالات منها العام و المحاسبى و القانونى و الطبى و الدينى .
تاريخ مصر و الكنيسة القبطية
+ تاريخ البطاركة مع إمكانية البحث عن بطريرك من خلال اسمه او ترتيبه فى الجلوس على كرسى البطريركية أو القرن الذى نصب فيه .
+ تاريخ مصر منذ الفتح العربى و حتى الآن و ربطه بتاريخ البطاركة .
+ شخصيات و أحداث تاريخية عامة أثرت فى تاريخ مصر و العالم .
برنامج الموسوعة القبطية الأرثوذكسية
رابط التحميل
http://copticpedia.cwahi.net/copticpedia1.rar
او
http://www.mediafire.com/?y2dmi20tngt
بعد تحميل البرنامج قم بفك الضغط عن الملف ثم
اضغط على ايقونة setup.exe
ثم اتبع التعليمات حتى تظهر شاشة بها زر close
فتجد البرنامج على الديسك توب

سر الإفخارستيا....The mystery of the Eucharist




 سر الإفخارستيا


+ الاشتراك في سر الأفخارستيا هو شركة في حياة السيد المسيح له المجد.

إنها بذرة الخلود تفعل فينا كما تفعل الخميرة في العجين. ميتالبسس Metalepsiss شركة حياة أبدية.

+ تتحد بالمسيح كما تلتصق قطعتان من الشمع بواسطة النار.

+ انتفع من الغفران بدم الصليب.

+ انتفع من الحياة الأبدية بجسد القيامة اللي بأخذه زي الخميرة في العجين.

+ أساس الميتالبسس هو الميتاأكسس ومعناها حلول الروح القدس الذي يحول الخبز والخمر لكي يكون حلول السيد المسيح على المذبح حلول حقيقي.

+ يقول القديس كيرلس الأورشليمى } انه إمداد للحياة التي تغلب الموت وتضاد أهواء الجسد وتُعيد الإنسان إلى رتبته الأولى في العلاقة مع الله {.

+ ويستخدم القديس كلمة كاتاى كائين ومعناها شركة حلول حقيقي وفعل حقيقي في الإنسان على مستوى الفكر والعقل والعاطفة والروح.

+ يقول } أن تناولنا من الجسد والدم يُخمد حُمى الانفعالات غير الملائمة في حياة المؤمنين ويقويهم روحياً ويحفظهم لنفسه لكي يعملوا مرضاته {.

+ واستخدم لفظ سيسيموى (جسد واحد) بمعنى أعضاء اشتركوا مع بعض بطريقة سرائرية فكونوا جسد واحد لذلك مش ممكن واحد يخطئ أو يكون بينهم خصومة.

+ فعل التناول في المؤمن رأسي في علاقته بالسيد المسيح
أفقي في علاقته بالمؤمنين

وحينما يلتقي البعد الرأسي مع الأفقي تتكامل ذبيحة الصليب في فعلها.
 

الافخارستيا و فاعليتها الروحية

ما هي الأفخارستيا؟ هي جسد الرب، جسد ذلك الذى هو حى بالطبيعة... أي جسد الله لإبن الكلمة الذى هو الحياة إذ فيه ملء قوة الابن الكلمة – القوة التى تهب الحياة لكل الخليقة، ولإصلاح الخليقة...

يقول القديس كيرلس الكبير: إن الجسد المقدس الذي هو جسد الابن الكلمة الخاص هو مزود بفاعلية قوته ومزروع فيه القوة الإلهية التي للابن، لذلك فلنتمسك به بواسطة الافخارستيا السرية لكي يحررنا من أمراض النفس ومن هجمات الشيطان.

# ليس هو مجرد جسد إنسان وإنما هو الجسد الخاص الثابت في الابن الكلمة بكل فاعلية ومجد وكرامة وقوة الإبن الكلمة...

ويكمل القديس كيرلس: إن الرب دخل بيت بطرس ولمس يدها فنالت الشفاء من جسده الإلهي الذي يملك قوة الشفاء لأنه جسد الله وكان ممكناً أن يقول لها كإله قومي ولكن لمسها. وهذا ورد في (إنجيل لوقا 8: 15)...

إننا في الأفخارستيا لا نلتقي بالله على مستوى القلب والفكر فقط بل نقبله على مستوى الاتحاد الجسدي الفعال فينا... وحينئذ يطفى حمى اللذات غير اللائقة ويقيمنا من موت الخطية كما أقام الموتى ويجعلنا أقوياء حتى في الأمور الروحية وبذلك فقط نفعل ما نرضيه...

إنها لمسه تطرد الأمراض الروحية والنفسية وتحل قوة الشيطان وتأثيره كما تحل النار الشمع ولكن بموافقتنا واشتياقنا والقديس كيرلس والآباء يشبهون جسد الرب بما فيه من قوة إلهية إنه بمثابة الروح للجسد (للحياة الإنسانية)..

أى فيه قدرة الروح المحيية التى هى سر حياة الإنسان..

لكن الروح تهب الحياة الأرضية للجسد بينما جسد الرب يهب الحياة الروحية القوية.



أولا: أسماؤه

1) سر الشكر: لان الرب في تأسيس السر شكر وبارك وكسر لذلك افخارستيا تعنى شكر.

2) سر الأسرار: هدف الأسرار.... الثبات فى المسيح.

3) سر القربان: تتحول القرابين إلى جسد الرب ودمه الاقدسين استمراراً لذبيحة الصليب.

4) سر التناول: تناول المؤمنين من السر... إشتراكهم في الجسد والدم.

5) العشاء الرباني أو العشاء السري: فهو عشاء الرب الذي منح للتلاميذ جسده ودمه وهو سرى أو سرائرى.

6) المائدة المقدسة أو الذبيحة المقدسة: لأنه طعام الحياة الأبدية ويقدم على مائدة سماوية.

ثانيا: رموز السر
1) شجرة الحياة: التي مَنْ أكل منها يحيا إلى الأبد ولذلك حرسها الرب ولم يسمح لآدم وحواء الأكل منها بعد الخطية (سفر التكوين 3: 22).

2) ذبيحة ملكي صادق: الوحيدة غير الحيوانية (تك14: 18).

3) ذبيحة الفصح: " لان فصحنا المسيح قد ذبح لأجلنا " (رسالة كورنثوس الأولى 5: 7).

ذهبي الفم } كما انه في الفصح اليهودي كان لحم الخروف ودمه ضروريين لنجاة الإسرائيليين من الهلاك الذي نزل بالمصريين كذلك لا ينجو المؤمن من هلاك الخطية ولا تكون له حياة فيه ما لم يأكل جسد ابن الإنسان ويشرب دمه {.

4) المن المحفوظ: (سفر الخروج 16: 23 – 35) الخبز النازل من السماء.

5) خبز الوجوه الساخن: لا يحل أكله إلا للكهنة وله مائدة خاصة اسمها مائدة خبز الوجوه، ساخن وحي دائماً.

6) الخمر المسكوب: (خر29: 40) في الصباح والمساء على المذبح (على الذبيحة).

7) ذبيحة السلامة: يشترك فيها الشعب مع الكهنة (سفر اللاويين 7: 20)، والمسيح هو ذبيحة سلامنا " تأديب سلامنا عليه " (سفر إشعياء 53: 5).

8) يوناثان والعسل واستنارة العينين: (سفر صموئيل الأول 14: 27) رمز للاستنارة الحقيقية الداخلية التي يحصل عليها المؤمن من التناول... وهذا ما حدث لتلميذي عمواس حين كسرا الخبز فانفتحت أعينهما وعرفاه (لو24: 30، 31).

9) جمرة المذبح التي مَس بها السيرافيم شفتي إشعياء (إش6: 6، 7).

10) نبوات عديدة عن السر:

(سفر المزامير 23: 5) " تهيئ قدامى مائدة تجاه مضايقي، كأسك روتني مثل الصرف ".

(مز111: 4) " الرب حنان ورؤوف أعطى الذين يتقونه غذاء ذكر ميثاقه ".

(سفر الأمثال 9: 1 – 6) " الحكمة بنت بيتها نحتت أعمدتها السبعة، ذبحت ذبحها، مزجت خمرها... هلموا كلوا من طعامي واشربوا من خمرى التي مزجتها، اتركوا الجهالات فتحيوا وسيروا في طريق الفهم... "

(إش66: 20)، (سفر ملاخى 1: 11)، (سفر حزقيال 16: 8-13)، والعجل المسمن (آنجيل لوقا 15: 22).

ثالثا: أفكار حول التحول
1) قول الرب: هذا هو جسدي، هذا هو دمى.

2) " الخبز الذي أنا أعطى هو جسدي الذي ابذله عن حياة العالم " (إنجيل يوحنا 6: 51).

3) الذي حَول الماء لخمر ألا يستطيع تحويل الخبز إلى جسد.

4) الجهاز الهضمي وخاصية الامتصاص والتمثيل الغذائي تحول الخبز إلى جسد (لحم ودم).

5) " كأس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح والخبز الذي نكسره أليس شركة جسد المسيح " (1كو10: 16).

" في الليلة التي سُلم فيها اخذ خبزاً وشكر فكسر وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي " (1كو11: 23، 24).



فاعلية الافخارستيا

1- هي شركة في حياة المسيح

بمعنى أننا نأخذ جسد الرب ودمه الحقيقيين اللذين عاشا بهما حياة نقية بارة مقدسة كإنسان مثالي وصل إلى قمة الحياة المقدسة.

لذلك يقول القديس كيرلس: إنها بذرة محييه بذرة الخلود، تعمل فينا كما تعمل الخميرة في العجين، وتأثيرها فينا ليس فقط تأثيراً روحياً وإنما أيضاً تأثيراً جسدياً بمعنى أن تذوق الجسد المقدس والدم الكريم هو تلامس واتحاد مع المسيح واهب الحياة. وهذا هو المعنى المباشر لعبارة القديس بولس: أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في...

كما تمزج قطعتين من الشمع معاً لتكمل البقاء بدل الفناء...

والمقصود بشركة الحياة، شركة الفكر والمنطق والنفس والروح بكل الهبات الروحية التي يمنحنا الله إياها في هذا السر المقدس..

شركة الغلبة والنصرة على كل حرب، وكل نقص، وكل انحراف وكل تخلف عن الركب المقدس...

يقول القديس كيرلس: إن الرب يغرس ويزرع حياته فينا لكي تأتى بثمر روحي. إنها عطية النعمة على أعلى مستوى من عطائها، وبأعلى نسبة فاعلية فينا.. فالنعمة تعنى منحه إلهية مجانية تعطى للإنسان كل ما ينقصه من فضائل يجاهد لأجلها، وتساعده على الوصول إلى المرتبة الروحية والصفات الحميدة التي يحاول الوصول إليها.

لذلك بالتناول ينال المؤمن الحقيقي عطايا روحية جزيلة تسهل له طريق التقوى الملئ بالأشواك والآلام والأتعاب الكثيرة والمحاربات والضعفات البشرية والعثرات المحيطة بالإنسان...إلخ.

لذلك يقول القديس كيرلس: إن الأافخارسيتا تحقق أسمى نموذج للاتحاد الممكن مع المسيح، إنها تحقق المشاركة في حياة الكلمة المتجسد.



2- هي إعادة الإنسان لوضعه الأول ولإحيائه وتجديده

إن حياة الإنسان المسيحى فى جملتها صراع فى معركة لا تهدأ ضد قوى البشر، وضد أهواء الجسد... لذلك فمائدة الافخارستيا مجال لإعادة الإنسان لوضعه قبل السقوط بمعنى استحيائه بقوة تنصره فى هذه المعركة... فهي قوة مجدده ومصلحة تريحه من طبيعته القديمة التى تود أن تثور فيه مستخدمة كل غرائز وطبائع الجسد وهى أيضاً قوة غامرة تريح الإنسان من عناء الاحساس بالذنب.. إذ يحصل بتوبته واعترافه وتناوله على العفو والغفران. إن المذبح هو مكان قوة اللوغوس لمجابهة نزوات الجسد للتغلب عليها، إنه المكان الذى يتسلط فيه القوة الروحية الإلهية ضد كل قوى إبليس ومعاونيه وضد قوى الشر الكامنة فى الجسد فى الافخارستيا يدخل المسيح حياة المؤمن ويُسكن ذلك الناموس الذى يثور فى أعضاء الجسد ويُضرم ويُشعل روح التقوى والورع ومخافة الله فى الجسد ويُحطم كل الأهواء، ويشفى كل الأمراض وكرعى صالح يعصب ويضمد جراح من يتعرض للهلاك ويقيم من يسقط.

إن التلامس مع الراعي الصالح من خلال الأفخارستيا يفتح القلوب والعقول فيطفئ حمى الانفعالات غير الملائمة بأن يقيم النفس ويقويها فتتمكن من حفظ نفسها من الشر والانتصار عليه...

لذلك يقول القديس كيرلس: إن المائدة السرية جسد المسيح تمدنا بالقوة ضد النزوات وضد الشياطين ذلك لأن الشيطان يخاف من هؤلاء الذين يشتركون في الأسرار بوقار وتقوى...

ويقول القديس سرابيون: يا إله الحق ليأت كلمتك القدوس على هذا الخبز وعلى هذه الكأس ليصبح جسد الكلمة ودم حق وأجعل الذين يتناولون منه يتلقون دواءً للحياة لشفاء كل عاهة ولتقوية كل نمو وكل فضيلة لا لدينونتهم، يا إله الحق وللحكم عليهم أو لخزيهم. (من ليتورجية القديس سرابيون).

# الأفخارستيا قوة تعيد الإنسان إلى حالة البر قبل معرفة الشر وذلك بسيطرة الخير على الشر والقضاء على بذور الشر فيه.



3- الافخارستيا توحد المؤمنين معاً

بسبب اشتراك المؤمنين في الجسد الواحد متحدون معاً كأعضاء في هذا الجسد وهنا يظهر نوعان من الاتحاد: الأول رأسى بين المؤمن والمسيح في اتجاه عمودي... والثاني: أفقي بين المؤمنين بعضهم ببعض.

وهنا يتساءل القديس كيرلس قائلاً: مَنْ يقدر أن يفصل أو يفرق هذا الاتحاد الطبيعي بين المؤمنين بعضهم وبعض، هؤلاء الذين من خلال جسد المسيح الواحد المقدس ارتبطوا باتحاد مع المسيح...

إن هذه الوسيلة التي اختارها ابن الله (حكمة الله) أقنوم الحكمة لكي يرتبط المؤمنين معاً ويكونوا في اتحاد مع الله ومع بعضهم البعض بالرغم من تميزهم الواحد عن الآخر كأفراد كتميز أعضاء الجسد الواحد في الإنسان فالعين غير الأذن غير اللسان وهكذا بقية الأعضاء ولكنها جميعاً جسد واحد متحدة بعضها ببعض.

وهذا يسميه الآباء الاتحاد النسبى أي اتحاد بنسبة معينة وليس اتحاداً مطلقاً كاتحاد الناسوت باللاهوت مثلاً... فالحقيقة هي: المسيح له المجد هو أصل الاتحاد.. كيف؟

إن كون المسيح له نفس جوهر الآب هذا يجعله أساس الاتحاد بين الله والإنسان وكون المسيح قد اتخذ طبيعتنا البشرية واتحد بها فهذا يجعله أساس الاتحاد بين الإنسان وأخيه الإنسان..



الروح يوحد المؤمنين معاً: يقول القديس كيرلس: كما أن قوة الجسد المقدس تجعل هؤلاء الذين تحل فيهم أعضاء في نفس الجسد هكذا أيضاً يفعل الروح الواحد غير المنقسم والذين يسكن فينا جميعاً فهو يربط المؤمنين جميعاً في وحدة روحية.



وبهذا نرى الوحدة المتكاملة:

فقوة الجسد المحيى تخلق جسداً واحداً لهؤلاء الذين يشتركون فيه (الأفخارستيا) وروح الله الواحد غير المنقسم الذي يسكن فينا جميعاً يدخل نفس البشر في وحدة روحية وهذا يعبر عن الوحدة التي يخلقها المسيح في سر الأفخارستيا عندما يعمل روحياً في النفس البشرية.


 

 أقوال الآباء في سر الشكر


+ قال القديس اغناطيوس الثيؤفوروس ] المتوشح بالله من آباء الجيل الأول الأنطاكى المستشهد عام 110 تقريبا [:

} إن الرب يسوع المسيح جسداً واحداً وهناك كذلك كأس واحدة للاتحاد بدمه ومذبح واحد وان تعدد في أماكن كثيرة {

(رسالة القديس إلى أهل فلادفيا فصل4).

+ وقال القديس يوسيفوس الشهيد ] (110 –115) م الجيل الثاني [:

} نقدم باسمه ذبيحة قد أمر الرب يسوع أن تقدم وذلك في شكر الخبز والكأس ذبيحة مقدمة من المسيحيين في كل مكان على الأرض ذبيحة طاهرة ومرضية لله { (خطاب إلى تريفون TRUPHO فصل117).

+ يقول القديس إيريناوس أسقف ليون ] (120 / 140 – 202) م [:

} إن المسيح علمنا ذبيحة جديدة للعهد الجديد.... فالكنيسة تسلمتها من الرسل وتقدمها في كل المسكونة بحسب نبوة أحد الأنبياء الإثني عشر وهو ملاخى حيث يقول " لا إرادة لي بكم.... " (ملا1: 10) وينادى بأن الشعب الأول (أي اليهود) سيكف عن أن يقدم لله ذبائح، وانه في كل مكان ستقدم ذبيحة طاهرة لاسمه الممجد في الأمم {.(إيريناوس: "الرد على الهرطقة 4: 17: 5").

+ ويقول القديس هيبوليطوس ] (170 – 230) م [:

} إننا بعد صعود المخلص نقدم بحسب وصيته (ذبيحة) طاهرة وغير دموية { (هيبوليطوس: "في المواهب فصل 26"). مصدر البحث: موقع كنيسة الأنبا تكلا.

+ ويقول القديس كبريانوس ] المتوفى 258م القرن الثالث [:

} إن دم المسيح لا يقدم ما لم يكن في الكأس خمر، وتقديس ذبيحة الرب لا يتم قانونياً ما لم يكن قرباننا وذبيحتنا مطابقين لآلامه.... لأنه إذا كان إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح – وهو رئيس الكهنة العظيم لله الآب – قد قدم نفسه ذبيحة للآب وأمرنا أن نصنع ذلك لذكره، فلا يتمم الكاهن على الحقيقة عمل المسيح ما لم يعمل عمل يسوع المسيح نفسه، أعنى أن يقدم في الكنيسة للإله الآب الذبيحة الحقيقية بتمامها تابعاً في ذلك مثل المخلص نفسه { (رسالة 62 فقرة 2، 14).

+ وقال القديس يوحنا ذهبي الفم ] (347 – 407) م [:

} ألسنا نحن نقدم كل يوم قرابين؟ نعم نقدم، وكنا نصنع تذكار موته. وهذه الذبيحة التي نقدمها كل يوم هي واحدة لا اكثر لأنه قدم مرة واحدة... لأننا دائماً نقدم حملاً واحداً بعينه ولا نقدم الآن خروفاً وغداً خروفاً آخر، بل الحمل نفسه دائما فالذبيحة إذن هي واحدة أو هل المسحاء كثيرون لان الذبيحة تقدم في مجالات كثيرة؟ حاشا، لان المسيح واحد في كل مكان وهو هنا بكليته جسد واحد وكما انه يقدم في أماكن متعددة ولا يزال جسداً واحداً لا أجساداً كثيرة هكذا الذبيحة هي أيضاً واحدة {

(على العبرانيين مقالة 16: 23 ومقال 24: 4 على رسالة كورنثوس الأولى 10: 13 – 17).

انظر أيضا (1كو10: 15 – 17) " نحن الكثيرين خبز واحد، جسد واحد لأننا جميعا نشترك في الخبز الواحد"

+ ويقول أيضا } أن رئيس كهنتنا العظيم قدم الذبيحة التي تطهرنا ومن ذلك الوقت إلى الآن نقدم نحن أيضاً هذه الذبيحة نفسها... وهذه الذبيحة غير الفانية وغير النافذة (لأنها غير المحدودة) هي نفسها ستمم إلى انقضاء الدهر حسب وصية المخلص "وهذا اصنعوه لذكرى " فيعلمنا إذن تذكار تلك لذبيحة على الصليب نتمم الذبيحة التي تممها رئيس الكهنة العظيم نفسها { (على عبرانيين 13: 10 مقالة 22: 3).

+ قال القديس امبروسيوس ] (340 – 397) م في القرن الرابع [:

} كلما تناولنا القرابين المقدسة التي تتحول سرياً بالطلبة المقدسة إلى جسد المسيح ودمه، نخبر بموت الرب {

(في الإيمان 4: 10: 124).

+ وقال القديس غريغوريوس النيسى ] (335 – 364) م [:

} إننا لا نقدم ذبيحة أخرى بل نتمم تذكار تلك الذبيحة الواحدة الخلاصية (أي يعنى الاستحالة) {.

+ وقال القديس كيرلس الكبير ] المعروف بالإسكندري في رسالته إلى نسطور والتي ثبتها مجمع أفسس الأول (المسكونى الثالث) عام 431 م [:

} إننا نتمم في الكنائس الذبيحة غير الدموية وهكذا نقترب من الأسرار المقدسة المباركة ونتقدس باشتراكنا بالجسد المقدس، جسد يسوع المسيح مخلص العالم كله، وبدمه الكريم { (مجموعة Minge للآباء الذين كتبوا باليونانية Patr Graec الجزء 77، (أعمال القديس كيرلس الإسكندرى الجزء العاشر عمود 105 وما يليه)).

+ وقال القديس يوحنا ذهب الفم:

} (إن الخروف الفصحى) كان رمزاً لخروف آخر روماني وتلك النعجة كانت رمز إلى نعجة أخرى فكان ذلك ظلاً، وهذه هي الحقيقة فلما ظهرت شمس العدل تقلص الظل، وزال إزاء الشمس على مائدة واحدة ثم كل من الفصحين الرمز والحقيقة... كان الفصح اليهودي فانحل.... وحل مكانه الفصح الروحي، الذي وصفه المسيح فبينما هم يأكلون ويشربون أخذ خبزا وكسر وقال "هذا هو جسدي..... " { (عظة في خيانة يهوذا).

+ ويقول القديس أثناسيوس الرسولي:

} إن اتحادنا بالمسيح بتناولنا من جسده ودمه أسمى من كل اتحاد{.

+ وقال القديس أوغسطينوس:

} هذه التي نسميها جسد المسيح ودمه هي جوهر مأخوذ من أثمار الأرض ولكنها إذ تقدست بصلوات التقديس فهي تناول لنا لخلاص أنفسنا ولتذكار آلام المخلص وموته الذي احتمله من أجلنا { (في الثالوث، كتاب 3، فصل4، فقرة 10، القديس أغسطينوس (354 – 430) م).

+ ويقول القديس ذهبي الفم:

} إنه لم يكتف بأن يصير إنسانا ويضرب ويٌذبح عنا بل أن يمزج ذاته فنيا، لا بالإيمان فقط بل بالفعل أيضاً جاعلاً إيانا جسداً له. فأي شئ ينبغي أن لا يكون اقل نقاوة من الذي يتمتع بهذه الذبيحة وأي شعاع شمس يجب أن لا يكون بهاءًا من اليد التي تقطع هذا الجسد والفم الذي يمتلئ من النار الروحانية واللسان الذي يصطبغ بالدم المخوف، فتأمل الكرامة التي كرمتها والمائدة التي تتمتع بها. إن الذي تنظر إليه الملائكة وترتعد ولا تجسر أن تحدق به بلا خوف من البرق الساطع منه. هذا نفسه نحن نغتذى به وبه نعجن وقد صرنا جسداً واحداً للمسيح لحماً ودماً... من يتكلم بعظائم ويجعل تسابيحه مسموعة، أي راع يغذى خرافه بأعضائه ومالي اذكر الراعي. كثيراً ما دفعت أمهات أولادهن بعد أوجاعهن إلى مرضعات أخر وهو لم يطق أن يفعل ذلك بل شاء هو نفسه أن يغذينا بدمه ويجعلنا مرتبطين ومتحدين بذاته بكل الوسائط { (تفسير متى مقالة82: 5).

+ وقال القديس مارأفرايم السريانى ] المعروف بقيثارة الروح القدس (363 – 379) م [:

} إن جسد الرب يتحد بجسدنا على وجه لا يلفظ به ودمه أيضاً الطاهر يصب في شرايننا- وهو كله بصلاحه الأقصى يدخل فينا { (جزء 3: 424).

+ وقال القديس اميروسيوس:

} هذا هو الجسد الذي تقدمه في سر الشكر قد جاء من البتول ولماذا تبحثون هنا وتطلبون العمل الطبيعي والموضوع هو جسد يسوع المسيح. أفلم يولد الرب نفسه من البتول بحال تفوق الطبيعة. هذه هي بشرة (جسد) يسوع المسيح المصلوبة والمدفونة فهذا هو إذن سر الجسد بعينه بكل الحقيقة (أي أن الأفخارستيا امتداد للصليب) { 0(في الأسرار 9: 53، 8: 27 و48).



ليتورجية القداس تمثل وحدة المؤمنين وبعض هذه الملامح أنها خدمة سماوية يشترك فيها المؤمنين مع الطغمات السماوية..

+ يقول القديس كيرلس الأورشليمى: "إذ نترنم بهذه التسبحة اللاهوتية التى جاءت إلينا عن السيرافيم نشارك القوات العلوية تسبيح الحمد".

+ ويقول البعض: "أن هذه التسبحة (قدوس الله قدوس القوى قدوس الحى الذى لا يموت ارحمنا) مكررة ثلاث مرات أعلنت برؤيا إلهية فى القسطنطينية فى أيام البطريرك بروكلس 424 – 446 بكونها تسبحة يتغنى بها الملائكة فى السماء.

كما يعتقد بعض الكنائس الشرقية أن أصل هذه التسبحة يرجع إلى دفن السيد المسيح عندما كان نيقوديموس ويوسف الرامى يكفنان السيد المسيح إذ دهشا من هذه التسبحة للملائكة وهى ما نشترك معهم فيها فى الليتورجيا..

+ ويقول القديس أمبروسيوس: "نحن معشر البشر لا يمكننا أن نجد ما نمدح به ابن الله أفضل من أن ندعوه (قدوساً) كما تسبحه الملائكة بكل طغماتها هكذا بنفس الكلمة نرفع قلوبنا لنشارك الملائكة تسبيحهم حتى نستحق الاشتراك فى الخبز الواحد لكى نكون جسداً واحداً وبنياناً واحداً مقدساً لله"..

+ ويقول القديس أغريغوريوس: "إننا نترنم بهذه التسبحة علامة مصالحتنا مع الملائكة واتحادنا معهم واتفاقنا معاً فى التسبيح دلالة على أننا وهم صرنا كنيسة واحدة"..



سر الإفخارستيا....The mystery of the Eucharist



 سر الإفخارستيا


+ الاشتراك في سر الأفخارستيا هو شركة في حياة السيد المسيح له المجد.

إنها بذرة الخلود تفعل فينا كما تفعل الخميرة في العجين. ميتالبسس Metalepsiss شركة حياة أبدية.

+ تتحد بالمسيح كما تلتصق قطعتان من الشمع بواسطة النار.

+ انتفع من الغفران بدم الصليب.

+ انتفع من الحياة الأبدية بجسد القيامة اللي بأخذه زي الخميرة في العجين.

+ أساس الميتالبسس هو الميتاأكسس ومعناها حلول الروح القدس الذي يحول الخبز والخمر لكي يكون حلول السيد المسيح على المذبح حلول حقيقي.

+ يقول القديس كيرلس الأورشليمى } انه إمداد للحياة التي تغلب الموت وتضاد أهواء الجسد وتُعيد الإنسان إلى رتبته الأولى في العلاقة مع الله {.

+ ويستخدم القديس كلمة كاتاى كائين ومعناها شركة حلول حقيقي وفعل حقيقي في الإنسان على مستوى الفكر والعقل والعاطفة والروح.

+ يقول } أن تناولنا من الجسد والدم يُخمد حُمى الانفعالات غير الملائمة في حياة المؤمنين ويقويهم روحياً ويحفظهم لنفسه لكي يعملوا مرضاته {.

+ واستخدم لفظ سيسيموى (جسد واحد) بمعنى أعضاء اشتركوا مع بعض بطريقة سرائرية فكونوا جسد واحد لذلك مش ممكن واحد يخطئ أو يكون بينهم خصومة.

+ فعل التناول في المؤمن رأسي في علاقته بالسيد المسيح
أفقي في علاقته بالمؤمنين

وحينما يلتقي البعد الرأسي مع الأفقي تتكامل ذبيحة الصليب في فعلها.
 

الافخارستيا و فاعليتها الروحية

ما هي الأفخارستيا؟ هي جسد الرب، جسد ذلك الذى هو حى بالطبيعة... أي جسد الله لإبن الكلمة الذى هو الحياة إذ فيه ملء قوة الابن الكلمة – القوة التى تهب الحياة لكل الخليقة، ولإصلاح الخليقة...

يقول القديس كيرلس الكبير: إن الجسد المقدس الذي هو جسد الابن الكلمة الخاص هو مزود بفاعلية قوته ومزروع فيه القوة الإلهية التي للابن، لذلك فلنتمسك به بواسطة الافخارستيا السرية لكي يحررنا من أمراض النفس ومن هجمات الشيطان.

# ليس هو مجرد جسد إنسان وإنما هو الجسد الخاص الثابت في الابن الكلمة بكل فاعلية ومجد وكرامة وقوة الإبن الكلمة...

ويكمل القديس كيرلس: إن الرب دخل بيت بطرس ولمس يدها فنالت الشفاء من جسده الإلهي الذي يملك قوة الشفاء لأنه جسد الله وكان ممكناً أن يقول لها كإله قومي ولكن لمسها. وهذا ورد في (إنجيل لوقا 8: 15)...

إننا في الأفخارستيا لا نلتقي بالله على مستوى القلب والفكر فقط بل نقبله على مستوى الاتحاد الجسدي الفعال فينا... وحينئذ يطفى حمى اللذات غير اللائقة ويقيمنا من موت الخطية كما أقام الموتى ويجعلنا أقوياء حتى في الأمور الروحية وبذلك فقط نفعل ما نرضيه...

إنها لمسه تطرد الأمراض الروحية والنفسية وتحل قوة الشيطان وتأثيره كما تحل النار الشمع ولكن بموافقتنا واشتياقنا والقديس كيرلس والآباء يشبهون جسد الرب بما فيه من قوة إلهية إنه بمثابة الروح للجسد (للحياة الإنسانية)..

أى فيه قدرة الروح المحيية التى هى سر حياة الإنسان..

لكن الروح تهب الحياة الأرضية للجسد بينما جسد الرب يهب الحياة الروحية القوية.



أولا: أسماؤه

1) سر الشكر: لان الرب في تأسيس السر شكر وبارك وكسر لذلك افخارستيا تعنى شكر.

2) سر الأسرار: هدف الأسرار.... الثبات فى المسيح.

3) سر القربان: تتحول القرابين إلى جسد الرب ودمه الاقدسين استمراراً لذبيحة الصليب.

4) سر التناول: تناول المؤمنين من السر... إشتراكهم في الجسد والدم.

5) العشاء الرباني أو العشاء السري: فهو عشاء الرب الذي منح للتلاميذ جسده ودمه وهو سرى أو سرائرى.

6) المائدة المقدسة أو الذبيحة المقدسة: لأنه طعام الحياة الأبدية ويقدم على مائدة سماوية.

ثانيا: رموز السر
1) شجرة الحياة: التي مَنْ أكل منها يحيا إلى الأبد ولذلك حرسها الرب ولم يسمح لآدم وحواء الأكل منها بعد الخطية (سفر التكوين 3: 22).

2) ذبيحة ملكي صادق: الوحيدة غير الحيوانية (تك14: 18).

3) ذبيحة الفصح: " لان فصحنا المسيح قد ذبح لأجلنا " (رسالة كورنثوس الأولى 5: 7).

ذهبي الفم } كما انه في الفصح اليهودي كان لحم الخروف ودمه ضروريين لنجاة الإسرائيليين من الهلاك الذي نزل بالمصريين كذلك لا ينجو المؤمن من هلاك الخطية ولا تكون له حياة فيه ما لم يأكل جسد ابن الإنسان ويشرب دمه {.

4) المن المحفوظ: (سفر الخروج 16: 23 – 35) الخبز النازل من السماء.

5) خبز الوجوه الساخن: لا يحل أكله إلا للكهنة وله مائدة خاصة اسمها مائدة خبز الوجوه، ساخن وحي دائماً.

6) الخمر المسكوب: (خر29: 40) في الصباح والمساء على المذبح (على الذبيحة).

7) ذبيحة السلامة: يشترك فيها الشعب مع الكهنة (سفر اللاويين 7: 20)، والمسيح هو ذبيحة سلامنا " تأديب سلامنا عليه " (سفر إشعياء 53: 5).

8) يوناثان والعسل واستنارة العينين: (سفر صموئيل الأول 14: 27) رمز للاستنارة الحقيقية الداخلية التي يحصل عليها المؤمن من التناول... وهذا ما حدث لتلميذي عمواس حين كسرا الخبز فانفتحت أعينهما وعرفاه (لو24: 30، 31).

9) جمرة المذبح التي مَس بها السيرافيم شفتي إشعياء (إش6: 6، 7).

10) نبوات عديدة عن السر:

(سفر المزامير 23: 5) " تهيئ قدامى مائدة تجاه مضايقي، كأسك روتني مثل الصرف ".

(مز111: 4) " الرب حنان ورؤوف أعطى الذين يتقونه غذاء ذكر ميثاقه ".

(سفر الأمثال 9: 1 – 6) " الحكمة بنت بيتها نحتت أعمدتها السبعة، ذبحت ذبحها، مزجت خمرها... هلموا كلوا من طعامي واشربوا من خمرى التي مزجتها، اتركوا الجهالات فتحيوا وسيروا في طريق الفهم... "

(إش66: 20)، (سفر ملاخى 1: 11)، (سفر حزقيال 16: 8-13)، والعجل المسمن (آنجيل لوقا 15: 22).

ثالثا: أفكار حول التحول
1) قول الرب: هذا هو جسدي، هذا هو دمى.

2) " الخبز الذي أنا أعطى هو جسدي الذي ابذله عن حياة العالم " (إنجيل يوحنا 6: 51).

3) الذي حَول الماء لخمر ألا يستطيع تحويل الخبز إلى جسد.

4) الجهاز الهضمي وخاصية الامتصاص والتمثيل الغذائي تحول الخبز إلى جسد (لحم ودم).

5) " كأس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح والخبز الذي نكسره أليس شركة جسد المسيح " (1كو10: 16).

" في الليلة التي سُلم فيها اخذ خبزاً وشكر فكسر وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي " (1كو11: 23، 24).



فاعلية الافخارستيا

1- هي شركة في حياة المسيح

بمعنى أننا نأخذ جسد الرب ودمه الحقيقيين اللذين عاشا بهما حياة نقية بارة مقدسة كإنسان مثالي وصل إلى قمة الحياة المقدسة.

لذلك يقول القديس كيرلس: إنها بذرة محييه بذرة الخلود، تعمل فينا كما تعمل الخميرة في العجين، وتأثيرها فينا ليس فقط تأثيراً روحياً وإنما أيضاً تأثيراً جسدياً بمعنى أن تذوق الجسد المقدس والدم الكريم هو تلامس واتحاد مع المسيح واهب الحياة. وهذا هو المعنى المباشر لعبارة القديس بولس: أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في...

كما تمزج قطعتين من الشمع معاً لتكمل البقاء بدل الفناء...

والمقصود بشركة الحياة، شركة الفكر والمنطق والنفس والروح بكل الهبات الروحية التي يمنحنا الله إياها في هذا السر المقدس..

شركة الغلبة والنصرة على كل حرب، وكل نقص، وكل انحراف وكل تخلف عن الركب المقدس...

يقول القديس كيرلس: إن الرب يغرس ويزرع حياته فينا لكي تأتى بثمر روحي. إنها عطية النعمة على أعلى مستوى من عطائها، وبأعلى نسبة فاعلية فينا.. فالنعمة تعنى منحه إلهية مجانية تعطى للإنسان كل ما ينقصه من فضائل يجاهد لأجلها، وتساعده على الوصول إلى المرتبة الروحية والصفات الحميدة التي يحاول الوصول إليها.

لذلك بالتناول ينال المؤمن الحقيقي عطايا روحية جزيلة تسهل له طريق التقوى الملئ بالأشواك والآلام والأتعاب الكثيرة والمحاربات والضعفات البشرية والعثرات المحيطة بالإنسان...إلخ.

لذلك يقول القديس كيرلس: إن الأافخارسيتا تحقق أسمى نموذج للاتحاد الممكن مع المسيح، إنها تحقق المشاركة في حياة الكلمة المتجسد.



2- هي إعادة الإنسان لوضعه الأول ولإحيائه وتجديده

إن حياة الإنسان المسيحى فى جملتها صراع فى معركة لا تهدأ ضد قوى البشر، وضد أهواء الجسد... لذلك فمائدة الافخارستيا مجال لإعادة الإنسان لوضعه قبل السقوط بمعنى استحيائه بقوة تنصره فى هذه المعركة... فهي قوة مجدده ومصلحة تريحه من طبيعته القديمة التى تود أن تثور فيه مستخدمة كل غرائز وطبائع الجسد وهى أيضاً قوة غامرة تريح الإنسان من عناء الاحساس بالذنب.. إذ يحصل بتوبته واعترافه وتناوله على العفو والغفران. إن المذبح هو مكان قوة اللوغوس لمجابهة نزوات الجسد للتغلب عليها، إنه المكان الذى يتسلط فيه القوة الروحية الإلهية ضد كل قوى إبليس ومعاونيه وضد قوى الشر الكامنة فى الجسد فى الافخارستيا يدخل المسيح حياة المؤمن ويُسكن ذلك الناموس الذى يثور فى أعضاء الجسد ويُضرم ويُشعل روح التقوى والورع ومخافة الله فى الجسد ويُحطم كل الأهواء، ويشفى كل الأمراض وكرعى صالح يعصب ويضمد جراح من يتعرض للهلاك ويقيم من يسقط.

إن التلامس مع الراعي الصالح من خلال الأفخارستيا يفتح القلوب والعقول فيطفئ حمى الانفعالات غير الملائمة بأن يقيم النفس ويقويها فتتمكن من حفظ نفسها من الشر والانتصار عليه...

لذلك يقول القديس كيرلس: إن المائدة السرية جسد المسيح تمدنا بالقوة ضد النزوات وضد الشياطين ذلك لأن الشيطان يخاف من هؤلاء الذين يشتركون في الأسرار بوقار وتقوى...

ويقول القديس سرابيون: يا إله الحق ليأت كلمتك القدوس على هذا الخبز وعلى هذه الكأس ليصبح جسد الكلمة ودم حق وأجعل الذين يتناولون منه يتلقون دواءً للحياة لشفاء كل عاهة ولتقوية كل نمو وكل فضيلة لا لدينونتهم، يا إله الحق وللحكم عليهم أو لخزيهم. (من ليتورجية القديس سرابيون).

# الأفخارستيا قوة تعيد الإنسان إلى حالة البر قبل معرفة الشر وذلك بسيطرة الخير على الشر والقضاء على بذور الشر فيه.



3- الافخارستيا توحد المؤمنين معاً

بسبب اشتراك المؤمنين في الجسد الواحد متحدون معاً كأعضاء في هذا الجسد وهنا يظهر نوعان من الاتحاد: الأول رأسى بين المؤمن والمسيح في اتجاه عمودي... والثاني: أفقي بين المؤمنين بعضهم ببعض.

وهنا يتساءل القديس كيرلس قائلاً: مَنْ يقدر أن يفصل أو يفرق هذا الاتحاد الطبيعي بين المؤمنين بعضهم وبعض، هؤلاء الذين من خلال جسد المسيح الواحد المقدس ارتبطوا باتحاد مع المسيح...

إن هذه الوسيلة التي اختارها ابن الله (حكمة الله) أقنوم الحكمة لكي يرتبط المؤمنين معاً ويكونوا في اتحاد مع الله ومع بعضهم البعض بالرغم من تميزهم الواحد عن الآخر كأفراد كتميز أعضاء الجسد الواحد في الإنسان فالعين غير الأذن غير اللسان وهكذا بقية الأعضاء ولكنها جميعاً جسد واحد متحدة بعضها ببعض.

وهذا يسميه الآباء الاتحاد النسبى أي اتحاد بنسبة معينة وليس اتحاداً مطلقاً كاتحاد الناسوت باللاهوت مثلاً... فالحقيقة هي: المسيح له المجد هو أصل الاتحاد.. كيف؟

إن كون المسيح له نفس جوهر الآب هذا يجعله أساس الاتحاد بين الله والإنسان وكون المسيح قد اتخذ طبيعتنا البشرية واتحد بها فهذا يجعله أساس الاتحاد بين الإنسان وأخيه الإنسان..



الروح يوحد المؤمنين معاً: يقول القديس كيرلس: كما أن قوة الجسد المقدس تجعل هؤلاء الذين تحل فيهم أعضاء في نفس الجسد هكذا أيضاً يفعل الروح الواحد غير المنقسم والذين يسكن فينا جميعاً فهو يربط المؤمنين جميعاً في وحدة روحية.



وبهذا نرى الوحدة المتكاملة:

فقوة الجسد المحيى تخلق جسداً واحداً لهؤلاء الذين يشتركون فيه (الأفخارستيا) وروح الله الواحد غير المنقسم الذي يسكن فينا جميعاً يدخل نفس البشر في وحدة روحية وهذا يعبر عن الوحدة التي يخلقها المسيح في سر الأفخارستيا عندما يعمل روحياً في النفس البشرية.


 

 أقوال الآباء في سر الشكر


+ قال القديس اغناطيوس الثيؤفوروس ] المتوشح بالله من آباء الجيل الأول الأنطاكى المستشهد عام 110 تقريبا [:

} إن الرب يسوع المسيح جسداً واحداً وهناك كذلك كأس واحدة للاتحاد بدمه ومذبح واحد وان تعدد في أماكن كثيرة {

(رسالة القديس إلى أهل فلادفيا فصل4).

+ وقال القديس يوسيفوس الشهيد ] (110 –115) م الجيل الثاني [:

} نقدم باسمه ذبيحة قد أمر الرب يسوع أن تقدم وذلك في شكر الخبز والكأس ذبيحة مقدمة من المسيحيين في كل مكان على الأرض ذبيحة طاهرة ومرضية لله { (خطاب إلى تريفون TRUPHO فصل117).

+ يقول القديس إيريناوس أسقف ليون ] (120 / 140 – 202) م [:

} إن المسيح علمنا ذبيحة جديدة للعهد الجديد.... فالكنيسة تسلمتها من الرسل وتقدمها في كل المسكونة بحسب نبوة أحد الأنبياء الإثني عشر وهو ملاخى حيث يقول " لا إرادة لي بكم.... " (ملا1: 10) وينادى بأن الشعب الأول (أي اليهود) سيكف عن أن يقدم لله ذبائح، وانه في كل مكان ستقدم ذبيحة طاهرة لاسمه الممجد في الأمم {.(إيريناوس: "الرد على الهرطقة 4: 17: 5").

+ ويقول القديس هيبوليطوس ] (170 – 230) م [:

} إننا بعد صعود المخلص نقدم بحسب وصيته (ذبيحة) طاهرة وغير دموية { (هيبوليطوس: "في المواهب فصل 26"). مصدر البحث: موقع كنيسة الأنبا تكلا.

+ ويقول القديس كبريانوس ] المتوفى 258م القرن الثالث [:

} إن دم المسيح لا يقدم ما لم يكن في الكأس خمر، وتقديس ذبيحة الرب لا يتم قانونياً ما لم يكن قرباننا وذبيحتنا مطابقين لآلامه.... لأنه إذا كان إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح – وهو رئيس الكهنة العظيم لله الآب – قد قدم نفسه ذبيحة للآب وأمرنا أن نصنع ذلك لذكره، فلا يتمم الكاهن على الحقيقة عمل المسيح ما لم يعمل عمل يسوع المسيح نفسه، أعنى أن يقدم في الكنيسة للإله الآب الذبيحة الحقيقية بتمامها تابعاً في ذلك مثل المخلص نفسه { (رسالة 62 فقرة 2، 14).

+ وقال القديس يوحنا ذهبي الفم ] (347 – 407) م [:

} ألسنا نحن نقدم كل يوم قرابين؟ نعم نقدم، وكنا نصنع تذكار موته. وهذه الذبيحة التي نقدمها كل يوم هي واحدة لا اكثر لأنه قدم مرة واحدة... لأننا دائماً نقدم حملاً واحداً بعينه ولا نقدم الآن خروفاً وغداً خروفاً آخر، بل الحمل نفسه دائما فالذبيحة إذن هي واحدة أو هل المسحاء كثيرون لان الذبيحة تقدم في مجالات كثيرة؟ حاشا، لان المسيح واحد في كل مكان وهو هنا بكليته جسد واحد وكما انه يقدم في أماكن متعددة ولا يزال جسداً واحداً لا أجساداً كثيرة هكذا الذبيحة هي أيضاً واحدة {

(على العبرانيين مقالة 16: 23 ومقال 24: 4 على رسالة كورنثوس الأولى 10: 13 – 17).

انظر أيضا (1كو10: 15 – 17) " نحن الكثيرين خبز واحد، جسد واحد لأننا جميعا نشترك في الخبز الواحد"

+ ويقول أيضا } أن رئيس كهنتنا العظيم قدم الذبيحة التي تطهرنا ومن ذلك الوقت إلى الآن نقدم نحن أيضاً هذه الذبيحة نفسها... وهذه الذبيحة غير الفانية وغير النافذة (لأنها غير المحدودة) هي نفسها ستمم إلى انقضاء الدهر حسب وصية المخلص "وهذا اصنعوه لذكرى " فيعلمنا إذن تذكار تلك لذبيحة على الصليب نتمم الذبيحة التي تممها رئيس الكهنة العظيم نفسها { (على عبرانيين 13: 10 مقالة 22: 3).

+ قال القديس امبروسيوس ] (340 – 397) م في القرن الرابع [:

} كلما تناولنا القرابين المقدسة التي تتحول سرياً بالطلبة المقدسة إلى جسد المسيح ودمه، نخبر بموت الرب {

(في الإيمان 4: 10: 124).

+ وقال القديس غريغوريوس النيسى ] (335 – 364) م [:

} إننا لا نقدم ذبيحة أخرى بل نتمم تذكار تلك الذبيحة الواحدة الخلاصية (أي يعنى الاستحالة) {.

+ وقال القديس كيرلس الكبير ] المعروف بالإسكندري في رسالته إلى نسطور والتي ثبتها مجمع أفسس الأول (المسكونى الثالث) عام 431 م [:

} إننا نتمم في الكنائس الذبيحة غير الدموية وهكذا نقترب من الأسرار المقدسة المباركة ونتقدس باشتراكنا بالجسد المقدس، جسد يسوع المسيح مخلص العالم كله، وبدمه الكريم { (مجموعة Minge للآباء الذين كتبوا باليونانية Patr Graec الجزء 77، (أعمال القديس كيرلس الإسكندرى الجزء العاشر عمود 105 وما يليه)).

+ وقال القديس يوحنا ذهب الفم:

} (إن الخروف الفصحى) كان رمزاً لخروف آخر روماني وتلك النعجة كانت رمز إلى نعجة أخرى فكان ذلك ظلاً، وهذه هي الحقيقة فلما ظهرت شمس العدل تقلص الظل، وزال إزاء الشمس على مائدة واحدة ثم كل من الفصحين الرمز والحقيقة... كان الفصح اليهودي فانحل.... وحل مكانه الفصح الروحي، الذي وصفه المسيح فبينما هم يأكلون ويشربون أخذ خبزا وكسر وقال "هذا هو جسدي..... " { (عظة في خيانة يهوذا).

+ ويقول القديس أثناسيوس الرسولي:

} إن اتحادنا بالمسيح بتناولنا من جسده ودمه أسمى من كل اتحاد{.

+ وقال القديس أوغسطينوس:

} هذه التي نسميها جسد المسيح ودمه هي جوهر مأخوذ من أثمار الأرض ولكنها إذ تقدست بصلوات التقديس فهي تناول لنا لخلاص أنفسنا ولتذكار آلام المخلص وموته الذي احتمله من أجلنا { (في الثالوث، كتاب 3، فصل4، فقرة 10، القديس أغسطينوس (354 – 430) م).

+ ويقول القديس ذهبي الفم:

} إنه لم يكتف بأن يصير إنسانا ويضرب ويٌذبح عنا بل أن يمزج ذاته فنيا، لا بالإيمان فقط بل بالفعل أيضاً جاعلاً إيانا جسداً له. فأي شئ ينبغي أن لا يكون اقل نقاوة من الذي يتمتع بهذه الذبيحة وأي شعاع شمس يجب أن لا يكون بهاءًا من اليد التي تقطع هذا الجسد والفم الذي يمتلئ من النار الروحانية واللسان الذي يصطبغ بالدم المخوف، فتأمل الكرامة التي كرمتها والمائدة التي تتمتع بها. إن الذي تنظر إليه الملائكة وترتعد ولا تجسر أن تحدق به بلا خوف من البرق الساطع منه. هذا نفسه نحن نغتذى به وبه نعجن وقد صرنا جسداً واحداً للمسيح لحماً ودماً... من يتكلم بعظائم ويجعل تسابيحه مسموعة، أي راع يغذى خرافه بأعضائه ومالي اذكر الراعي. كثيراً ما دفعت أمهات أولادهن بعد أوجاعهن إلى مرضعات أخر وهو لم يطق أن يفعل ذلك بل شاء هو نفسه أن يغذينا بدمه ويجعلنا مرتبطين ومتحدين بذاته بكل الوسائط { (تفسير متى مقالة82: 5).

+ وقال القديس مارأفرايم السريانى ] المعروف بقيثارة الروح القدس (363 – 379) م [:

} إن جسد الرب يتحد بجسدنا على وجه لا يلفظ به ودمه أيضاً الطاهر يصب في شرايننا- وهو كله بصلاحه الأقصى يدخل فينا { (جزء 3: 424).

+ وقال القديس اميروسيوس:

} هذا هو الجسد الذي تقدمه في سر الشكر قد جاء من البتول ولماذا تبحثون هنا وتطلبون العمل الطبيعي والموضوع هو جسد يسوع المسيح. أفلم يولد الرب نفسه من البتول بحال تفوق الطبيعة. هذه هي بشرة (جسد) يسوع المسيح المصلوبة والمدفونة فهذا هو إذن سر الجسد بعينه بكل الحقيقة (أي أن الأفخارستيا امتداد للصليب) { 0(في الأسرار 9: 53، 8: 27 و48).



ليتورجية القداس تمثل وحدة المؤمنين وبعض هذه الملامح أنها خدمة سماوية يشترك فيها المؤمنين مع الطغمات السماوية..

+ يقول القديس كيرلس الأورشليمى: "إذ نترنم بهذه التسبحة اللاهوتية التى جاءت إلينا عن السيرافيم نشارك القوات العلوية تسبيح الحمد".

+ ويقول البعض: "أن هذه التسبحة (قدوس الله قدوس القوى قدوس الحى الذى لا يموت ارحمنا) مكررة ثلاث مرات أعلنت برؤيا إلهية فى القسطنطينية فى أيام البطريرك بروكلس 424 – 446 بكونها تسبحة يتغنى بها الملائكة فى السماء.

كما يعتقد بعض الكنائس الشرقية أن أصل هذه التسبحة يرجع إلى دفن السيد المسيح عندما كان نيقوديموس ويوسف الرامى يكفنان السيد المسيح إذ دهشا من هذه التسبحة للملائكة وهى ما نشترك معهم فيها فى الليتورجيا..

+ ويقول القديس أمبروسيوس: "نحن معشر البشر لا يمكننا أن نجد ما نمدح به ابن الله أفضل من أن ندعوه (قدوساً) كما تسبحه الملائكة بكل طغماتها هكذا بنفس الكلمة نرفع قلوبنا لنشارك الملائكة تسبيحهم حتى نستحق الاشتراك فى الخبز الواحد لكى نكون جسداً واحداً وبنياناً واحداً مقدساً لله"..

+ ويقول القديس أغريغوريوس: "إننا نترنم بهذه التسبحة علامة مصالحتنا مع الملائكة واتحادنا معهم واتفاقنا معاً فى التسبيح دلالة على أننا وهم صرنا كنيسة واحدة"..

أوشية التقدمة أو الغطاء...O'Shea offering or cover



أوشية التقدمة أو الغطاء


الغطاء لكى يغطى المذبح. الأوشية تقول " أيها السيد الرب يسوع المسيح االشريك الذاتى وكلمة الآب غير الدنس، الواحد معه ومع الروح القدس، أنت هو الخبز الحى الذى نزل من السماء سبقت أن تجعل ذاتك حملاً بلا عيب، نسأل ونطلب من صلاحك يا محب البشر إظهر وجهك على هذا الخبز وعلى هذه الكأس هذين الذين وضعناهم على هذه المائدة الكهنوتية " ويشير بيده وهو بيصلى ويرشم على الكأس و الصينية ويقول " باركهما، قدسهما، طهرهما وانقلهما لكى هذا الخبز يصير جسدك المقدس، وهذا الكأس يصير دمك الكريم، وليكونا لنا إرتقاءاً وشفاءاً وخلاصاً لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا لأنك أنت هو إلهنا ويليق بك المجد والإكرام..." كلمة إرتقاء أى إرتفاع بمستوى الطبيعة البشرية وشفاء من الخطية وخلاصاً أبدياً هذا ملخص الفائدة التى تأخذها من ذبيحة الجسد والدم.

+ثم يغطى المذبح بالأبروسفارين وهذه الكلمة تعنى تقدمة، وهؤلاء يشيران إلى الملاكيين عند الرأس والقدمين عندما كان المسيح له المجد فى القبر. اللفافة التى أختار فيها الحمل يعملها على شكل مثلث ويضعها على البروسفارين، إشارة إلى ختم بيلاطس الذى كان على الحجر، الذى كان على قبر السيد المسيح. فى أيام الصوم بعد التغطية وينتهوا من المرد (نحنى ركبنا: إكلينومين تاغوناطا) ثلاث مرات. ثم يأخذ الحل والسماح سواء من الكهنة أو الشمامسة. نلاحظ أن الروح القدس هو الذى يُحول القرابين وليس المسيح هو الذى يحل فى الخبز والخمر).

 

  ليتورجية الموعوظين في القداس


المقصود بها الصلوات السرية و القراءات التى تُقرأ و دورات البخور، هناك قديماً كان هناك قداس منفصل وقداس متصل، القداس المنفصل بمعنى أن الجزء الخاص بالموعوظين وكان يحضره المؤمنين أيضاً،

(إشليل، إيرينى باسى، والقراءات ودورات البخور، وقطع المزامير والإنجيل، ثم العظة والأواشى) ثم ينصرفوا ثم يلتقوا مرة أخرى (يبدأوا بصلاة الصلح، ثم تقديم الحمل، ثم صلاة الأفخارستيا، و التقديس، و القسمة، والتناول).

القداس المتصل بمعنى أن القداس كله وحدة واحدة يبدأ بتقديم الحمل بعد البخور ويشمل كل الصلوات. نلاحظ أن القداس الكيرلسى بنظام القداس المنفصل. القداس الباسيلى و القداس الأغريغورى قداسات متصلة.

القراءات فى الكنيسة لها ثلاث إتجاهات الإتجاه الأول هو الإتجاه الخلاصى (فى الأعياد السيدية) نذكر المخلص وأحداث الخلاص الذى قدمها. النوع الثانى (الأحاد وقراءتها عن أقوال وأعمال السيد المسيح) ثم الأيام خاصة بتكريم القديسين، والقراءات دائماً فيها النبوات (كلام الأنبياء) والرسائل (كلام الرسل) والبشائر (كلام السيد المسيح) و السنكسار (الكنيسة الممتدة) نسمى السيد المسيح حجر الزاوية أى الذى يربط القديم بالجديد. الأنبياء بالرسل.

فكرة الجاسوسيين الحاملين للعنقود يشيران للعهدين:

الجاسوسان عندما ذهبوا يتجسسوا الأرض أتوا بعنقود عنب كبير الأمامى حامل العنقود لكنه لا يراه، والخلفى حامل العنقود ورآه الأمامى إشارة للعهد القديم حامل المسيح فيه كنبوات لكنه لايراه، لكن العهد الجديد حامل المسيح ويراه.

تفاصيل ليتروجية الموعوظين:

وتشمل القراءات (البولس و الكاثيليكون و الأبركسيس و السنكسار و المزمور و الإنجيل) وتشمل أيضاً الصلوات السرية التى يُصليها الكاهن أثناء القراءات السابقة وتشمل دورات البخور، دورة البولس ودورة الكاثيليكون.

لماذا تهتم الكنيسة بالتعليم، والتعليم له مكانة فى الكنيسة؟

أولاً: لأن الفكر هو أرض المعركة الحقيقية، بل السيد المسيح فى مثل الزارع قسم الناس حسب قبول البذرة، حسب نوع الأرض التى قبلت البذرة، (فالطريق ليس فيه مكان لكلمة ربنا، والأرض المحجرة تُشير إلى السطحيين، والأرض التى بها شوك تُشير إلى الناس الذى فيهم محبة العالم وهمومة).

شمولية التعليم فى الكنيسة:

فالكنيسة تقدم لنا المبادئ من خلال البولس والكاثيليكون، وأيضاً تقدم لنا الناحية العملية فى الأبركسيس أعمال الرسل، لكى توضح أن المسيحية ديانة عملية هناك من سلك فيها، لأن البعض يقول أن ديانتنا ديانة نظرية، لا يمكن تطبيقها. فالكنيسة تقدم لنا الناحية الفكرية أو المبادئ والناحية العملية أى إمكانية تنفيذ هذه المبادئ. ثم الكتاب المقدس كلمة الله فكر السيد المسيح سراج الطريق.

 

ترتيب ليتورجية الموعوظين و دورة البولس




كيف تتم، دورة البولس بعد تحليل الخدام، ينهض الكل وأبونا يضع 5 أيادى بخور ويُصلى سر البولس (أى صلاة تقال قبل وبعد البولس) ويعمل دورة البخور كاملة، مثل رفع بخور باكر وعشية. (سر بخور البولس والثانية سر قراءة البولس) " يا لله العظيم الأبدى الذى بلا بداية ولا نهاية العظيم فى مشورته والقوى فى أفعاله الذى فى كل مكان وكائن مع كل أحد كن معنا نحن أيضاً ياسيدنا فى هذه الساعة قف فى وسطنا كلنا طهر قلوبنا قدس أنفسنا نقينا من كل الخطايا التى فعلناها بإرادة وبغير إرادة وامنحنا أن نقدم أمامك ذبائح ناطقة وصعائد البركة وبخوراً روحياً يدخل إلى الحجاب فى موضع قدس أقداسك" يقول هذه الصلوة و الشورية فوق الأبروسفارين أى فى جزء الذبيحة لكى يدل على أن البخور ذبيحة، ولكى يبين أن كل هذا الكلام مقبول أمام ذبيحة المسيح.

نعمل دورة البولس فى الكنيسة كلها مثل دورة بخور باكر وعشية إشارة إلى أن معلمنا بولس الرسول تعاليمه وصلت إلى العالم كله.

ثم يقول سر بولس القراءات " يارب المعرفة ورازق الحكمة الذى يكشف الأسرار المخفية من الظلمة والمعطى كلمة للمبشرين بقوة عظيمة الذى من قبل صلاحك دعوت بولس هذا الذى كان طارداً زماناً إناءاً مختاراً وبهذا سررت أن يكون رسولاً مدعواً وكارزاً بإنجيل ملكوتك أنت الآن أيضاً أيها الصالح محب البشر أنعم علينا وعلى شعبك كله بعقل غير مشتغل، وفهم نقى لكى نعلم ونفهم ماهية منفعة تعاليمك المقدسة التى قُرأت علينا الآن من قبله وكما تشبه بك أنت يا رئيس الحياة، هكذا نحن أيضاً أجعلنا مستحقين أن نكون متشبهين به فى العمل والإيمان".

أبونا يُصلى سراً على المذبح من أجل القراءة التى تُقرأ ولكى ينتفع منها الناس. بعد ذلك يستريح قليلاً الكاهن ولا يعمل دورة بخور أثناء قراءة الكاثيليكون، لأن هذه تمثل الفترة التى ما بين الصعود و حلول الروح القدس والرسل لم يكرزوا فى هذه الفترة.

الهدف من سر البولس أن مثلما غير الله حياة بولس الرسول من مضطهد الكنيسة إلى كارز باسم المسيح لبناء الكنيسة هكذا يُغير من يسمع كلماته. فى الكاثيليكون يصلى من أجل أنه كما أعلن الله سر مجد مسيحه عن طريق الرسل كعظيم الموهبة المُعطاه لهم هكذا أيضاً يجعلنا مستحقين نصيبهم وميراثهم ويُنعم علينا أن نسلك فى آثارهم ونكون متشبهين بجهادهم ونشترك معهم فى العرق المبذول فى حراسة الكنيسة وتأسيس الكنيسة باسلوب روحى وبركة خراف القطيع المقدس.

 

  أوشية القرابين و تسبحة السيرافيم


ثم يقول الكاهن أوشية القرابين سراً.

لماذا وضعتها الكنيسة قبل الأبركسيس مباشرة؟ القرابين لا تُقبل إلا من خلال الإيمان فبما أن الرسل هم الذين نشروا الإيمان ولا يمكن أن تُقبل القرابين إلا من خلال الإيمان.لذلك تذكر أوشية القرابين هنا بين الكاثيليكون والأبركسيس. ويقول فى الأبركسيس "يا الله الذى قبلت إليه محرقة هابيل وبدل إسحق أعددت له خروفاً هكذا أقبل منا يا سيدنا محرقة هذا البخور وأرسل لنا عوضه محرقتك ذات الغنى، وأجعلنا أن نكون أنقياء من كل نتن الخطية ومستحقين أن نخدم أمام صلاحك بطهارة وبر كل أيام حياتنا.وهنا أتى بمثل إبراهيم لأنه آمن بالله فحسب له براً لذلك تقدمة إبراهيم قُبلت من خلال الإيمان.

دورة الأبركسيس تكون قدام الهيكل من جانب حامل الأيقونات من الناحية القبلية ولفه حول الخورس الأول ولفه ثانية من ناحية بحرى.

هى لفة حول الخورس الأول فقط

أولاُ: لأن كل رسول من الرسل كرز فى منطقة معينة.

ثانياً: أنه لا يدخل الهيكل ويعمل سر الرجعه مثل البولس لأن الرسل كلهم لم يعودوا إلى أورشلم مرة أخرى، يلف الكاهن 7 مرات حول المذبح 4 فى البولس (3 وسر الرجعه) و3 فى الأبركسيس. إشارة إلى هدم أسوار الشر المحيطة بأولاد الله. فى سر الأبركسيس) يذكر إسحق ورجوعه حياً والخروف الذى قُدم بدلاً من إسحق، إسحق هنا رمز للسيد المسيح كذبيحة ورمز للبشرية المفتداه، إسحق هنا جمع فى شخصه الإثنان.فى فترة الخماسين لا يُقرأ السنكسار لكن دورة القيامة هى التى نؤديها بدل من السنكسار وفى آخر الدورة نقدم البخور لأيقونة القيامة ثلاث أيادى بخور (اليد الأولى نسجد لك أيها المسيح إلهنا ولقيامتك المحيية لأنك قمت وخلصتنا من خطايانا، واليد الثانية يارب يسوع المسيح يا من قمت من بين الأموات إسحق الشيطان تحت أقدامنا سريعاً، واليد الثالثة السلام لقيامة المسيح الذى قام من بين الأموات وخلصنا من خطايانا). فى عيد الصعود نعمل الدورة بالأيقونتان القيامة و الصعود، وفى العنصرة عيد حلول الروح القدس نعمل الدورة فى رفع بخور باكر فى الكنيسة كلها أعتبار أن القيامة والصعود هما السبب فى حلول الروح القدس.

تسبحة السيرافيم: (أجيوس) (أشعياء 6) السيرافيم يقولونها للرب تمجيد له. نحن فى كنيستنا نربطها بالسيد المسيح فى ولادته من العذراء وفى صليبه وفى قيامته و صعوده، فى بقية الطوائف وخاصة الروم الأرثوذكس يقولونها للثالوث القدوس، يقولوا قدوس الله قدوس القوى قدوس الحى الذى لا يموت أرحمنا).

هم يقولونها للثالوث لكن نحن نقولها للإبن، لماذا نربطها بالمخلص ربنا يسوع المسيح؟ لأنه فى ولادته شابهنا وبآلامه عبر بنا بحر الخطية وبقيامته شابهناه، لأنه وهبنا الحياة الأبدية، أصبح مثلنا وعبر بنا لكى نكون مثله.

- نيقوديموس و يوسف الرامى مسكوا يدى السيد المسيح وقالوا يارب اليدين اللتان خلقتا العالم تموت، فسمعوا الملائكة تقول " قدوس الله، قدوس القوى، قدوس الحى الذى لا يموت ".

- هناك قصة تقول حدثت رؤية فى القسطنطينية أيام البطرك بروكليس فى القرن الخامس الميلادى، سمعوا ثلاث مرات تسبحة الثلاث تقديسات، وهذا هو المرجع التاريخى لهذه التسبحة والمرجع الكتابى (أشعياء 6).


 

 أوشية الإنجيل و بقية القداس الإلهي


وهى جزئين الجزء الأول مأخوذ من كلمات السيد المسيح (إنجيل متى 13: 16، 17) " لأن أبرار وأنقياء كثيرين أشتهوا أن يروا ما أنتم ترون ولم يروا وأن يسمعوا..". والكنيسة تقولها لكى تشعرنا أن ما نسمعه فى الأنجيل هو كلام المسيح وكأن المسيح فى وسطنا.

الجزء الثانى: طلبة لأجل من أوصونا أن نذكرهم وبصفة خاصة (المرضى و الراقدين) ولماذا هم فقط؟ لأن هؤلاء هم المعرضين أن لا يخضعوا للوصية، ولأن أهل الميت يكونوا مجروحين فهم الذين يحتاجون أن يخضعوا لربنا وينفذوا الكلمة، والمرضى أيضاً. لذلك نحن نصلى من أجلهم.

بعد أن يقول الكاهن أوشية الأنجيل يميل بزاوية 45 ويبخر للأنجيل ويقول " اسجدوا لأنجيل ربنا يسوع المسيح، بصلوات المرتل داود النبى يارب أنعم لنا بغفران خطايانا، ثم يدخل ويلف حول المذبح هو و الشماس ممسكين بالبشارة والصليب، ويلفوا بهم مع بعض حتى نهاية الدورة، لأن هذا إعلان عن مسؤلية كل الرتب فى الكنيسة عن الكرازة بالأنجيل والخلاص، ثم يأخذ الشماس الصليب ويقول " قفوا بخوف لسماع الإنجيل المقدس.. مبارك الآتى باسم الرب.. " ثم أكبر رتبة موجودة تقرأ الأنجيل قبطى وأحد من الشركاء يقرأ الأنجيل عربى".

مهم أحترام وتوقير الإنجيل، الكنيسة بتعمل خمس أشياء مهمين، أولاً الجميع وقوف استعداد للتنفيذ لأن شخص ربنا نفسه حاضر، ثانياً الأضواء كلها مُضاءه ثالثاً شمعتين حول الأنجيل إشارة إلى نار اللاهوت، المسيح نفسه هو الموجود، رابعاً الكاهن يُبخر للأنجيل إشارة للعبادة، خامساً خلع التيجان لدرجة الأسقفية، مثلما يفعل الـ24 قسيس يخلعوا التيجان وهم يسجدون أمام عرش الله. نحن نعتبر قراءة الأنجيل حضور للسيد المسيح فى وسطنا. وكلام الله يُنقى الإنسان.

من الأشياء التى تدل على وجود المسيح فى وسطنا (سر الإنجيل) وهو مجموعة كبيرة من الأواشى، كل أنواع الأواشى نصليها أمام القطمارس، أثناء قراءته (نذكر المرضى و المسافرين و الرئيس و الطبيعة الأهوية و المياه و الزروع و خلاص الناس و البهائم، و خلاص الموضع، و المسبيين و الراقدين و الموعوظين و القرابين و المتضايقين فى الشدائد وكأن المسيح من خلال وجوده فى قراءة الأنجيل يحتضن العالم كله،

ضرورة حضور من يتناول للقراءات والأنجيل " ساويرس بن المقفع "من لا يحضر تلاوة الكتب وتقديس القربان ينال عقوبة يهوذا الأسخريوطى لأنه يتناول بنفس نجسه لأن قراءة الكتب وصلاة القداس تُقدس النفس والجسد وبذلك يستحق التناول من القربان أنتم أنقياء بسبب الكلام الذى كلمتكم به". وفى كتب آداب الكنيسة يقول من تأخر عن الحضور عن الكنيسة إلى ما بعد قراءة الأنجيل المقدس فليمنع من التناول، لأن كلمة الله تُسمع قبل أن تُأكل".

بيطلب الكاهن من الله أن لا نُرفض ولا يكون هذا السر سبب دينونة لنا لكن يكون سر خلاص،

+ ثم نقول الأواشى الكبار، ثم قانون الإيمان.

من شروط التناول: الإيمان السليم والتوبة والمحبة النقية، وهذا يحدث الإيمان من خلال قانون الإيمان، والتوبة من خلال غسل الأيدى ورش المياه على الشعب يُعلن براءته لكل من يتناول بدون استحقاق، يحض على التوبة، والتوبة النقية، فى صلاة الصلح.

صلاة الصلح: تحدثنا عنها سابقاً ووضحنا أن كل كلماتها مأخوذه من الكتاب المقدس، وأن الحركات التى فيها لها معنى شرحناها سابقاً.

وقت رسامة الشمامسة والقساوسة، هنا يبدأ (الأنافورا) قداس المؤمنين، كلمة أنافورا كلمة يونانى معناها رفع القرابين.

الأنافورا تنقسم إلى ثلاث أقسام رئيسية:

الجزء الأول صلاة الأفخارستيا وهى التسبحة السمائية و التقديس و الأواشى و المجمع، (التقديس عبارة عن التأسيس، والذكرى، والتحول بحلول الروح القدس) (التسبحة السمائية مستحق ومستوجب وقدوس والتأسيس والزكرى والتحول والأواشى والمجمع والقسمة والتناول).

بداية الأنافورة، أى التقدمة تطلق على الصلوات التى تتلى فى القداس إلى نهايته تبدأ بعبارة رحمة السلام وذبيحة التسبيح، رحمة السلام وهى المصالحة على الصليب لولا مصالحة المسيح بين الآب وبيننا ما كانت تمت المصالحة ولا نلنا الرحمة فمن خلال العدل تنسكب الرحمة، ذبيحة التسبيح، أى التسبيح الذى فى القداس الإلهى ترتفع إلى مستوى الذبيحة مقابل المسيح الذبيح على المذبح.

 

الاستعداد للقداس الإلهي


الاستعداد للقداس الإلهي


كلمة إستعداد: برامون بالقبطى وهذا مبدأ روحى وضعته الكنيسة لنوال بركة العطايا الروحية التى نأخذها فى كل المناسبات الكنسية.

كلمة برمون: معناها كيف نستعد لأخذ العطية. وعلى قدر عظم العطية يكون الإستعداد. وكلمة الإستعداد معناها اليقظة وتفهم قيمة العطية وكيف نجهز أنفسنا لهذه العطية.وكيف نكون مستحقين لهذه العطية. وأحياناً نستخدم كلمة إستبراء وهى التأكد من براءة وصدق الشيئ إستبراء الفكر والقلب كى يستحق العطايا.

فى مجال الإستعداد نجد ثلاث كلمات نجدهم فى صلاة الإستعداد التى يقولها الكاهن، كلمة (مستعد ومستحق ومستوجب) مستحق لنوال العطية ومستعد أى غير مدرك الإدراك الكافى لقيمة هذه العطية، كلمة مستوجب أى الإستحقاق التلقائى وهذه تًقال على ربنا فقط "مستحق ومستوجب".

وجوب الإستعداد:

1- القداس مليئ بالوجود الإلهى، لذلك القداس يستحق درجة عالية من الإستحقاق أو درجة إستحقاق خاصة. لذلك أبونا يقول القدسات للقديسين أى التائبين ومستحقين منم قبل التوبة ومتيقظين ومتهيئين ومتجهزين لأخذ البركة.

وعظم العطية تستحق طول الإستعداد، لذلك هناك خطوات لكى نصلى القداس، (مزامير السواعى المسائية وتسبحة عشية، وصلاة بخور عشية، مزامير نصف الليل، تسبحة نصف الليل، مزامير باكر، تسبحة باكر، رفع بخور باكر، وصلاة المزامير كل هذا لكى نقدم الحمل)

+ من الأشياء العملية للإستعداد إرتداء الملابس البيضاء اللون الأبيض له دلالات معينة يعلن عن كنه أو نوعية هذه الملابس، اللون الأبيض يدل على القيامة لذلك هو دليل النقاء والبهاء، فى القيامة سنقوم بأجساد روحانية لا تخضع للخطية ولا تشعر بميل إلى الخطية ولا تُحارب كاملة النقاء ولذلك هى كاملة البهاء.

+ أيضاً تشير إلى مجال النعمة، نعمة خاصة من خلال الكهنوت، والكهنوت لابد المدعو من الله كما لهرون

+ أيضاً فالكهنوت هو المختص بهذا، ونحن نعلم أنها تُشير إلى التكريس أيضاً وأنها ملك لله. الكهنوت يقدم الصورة المثالية للكنيسة (إستعدادها وتهيأها لنوال العطية) لذلك هى ملابس تُدشن لها صلاة تُصلى وتُرشم بقنينة الميرون، أى بالزيت، دليل أنها تدخل فى ملكية الله. ولأن القداس على مثال العُرس السماوى، فهى ملابس العُرس نلتقى بها مع العريس السماوى. لباس العريس أحضرها للعروس فالكهنوت هو يُشير إلى الكنيسة عروس المسيح.

+ وهى أيضاً نحتمى بها وكأننا نلبس المسيح كما قال بولس الرسول فى رسالته إلى تيطس " ألبسوا الرب يسوع " فنحن نختفى فى المسيح لأننا خُطاه ولا نستطيع أن ننال البر إلا من خلال المسيح.

+ وهى تُشير إلى المراحم الإلهية فالكاهن هو مثال العروس وخادم للعرس السماوى، يُجهز الناس لهذا العُرس لذلك فهو يلبس الملابس البيضاء. وهناك مبدأ أرثوذكسى مهم (لا خدمة بدون زى خاص).

الكاهن وهو يلبس الملابس الخاصة يُصلى مزمورين (مزمور 29، 92) " أعظمك يارب لأنك أحتضنتنى ولم تشمت بى أعدائى " أى أعطتنى حمايا ولم ترفضنى فعدم رفض ربنا للإنسان يحميه من شماتة الشيطان، (لذلك فى شرقية الهيكل نجد حضن الآب)." فى العشاء يحل البكاء وفى الصباح السرور" على أساس أن اهاية اليوم تُشير إلى نهاية العُمر أو نهاية العالم لكن الصباح يُشير إلى القيامة، البداية الجديدة " حولت نوحى إلى فرح لى مزقت مسحى ومنطقتنى سروراً لكى ترتل لك نفسى ولا يحزن قلبى" يقصد يقول أن الأستعداد التى فعلته بالنسك والزهد و الميطانيات والنوح على الخطية بالتوبة قبول ربنا أنه بيتوج كل هذه الجهادات ويحول المسح إلى ملابس بيضاء مزقت مسحى ومنطقتنى سروراً لكى ترتل لك نفسى ولا يحزن قلبى. ويختم بعبارة أيها الرب إلهى إلى الأبد أعترف لك أى أشكرك وأعترف بفضلك.

(مزمور 92) يقول فيه " الرب قد ملك ولبس الجلال لبس الرب القوة وتمنطق بها " وكأن إرتداء الكاهن للملابس البيضاء يُعلن عن وجود الله بقوة يكلل جهادات من جاهد بهذا البهاء وكأن جهادتنا لحساب ربنا." رفعت الأنهار يارب" الأنهار هنا إشارة لأولاد الله. وهنا يدل على أن أولاد ربنا فيهم الروح القدس بغزارة وقوة والروح القدس هنا مثل الماء الذى يملئ النهر.

" عجيبه هى أهوال البحر " هنا فرق بين النهر والبحر، البحر يُشير إلى العالم لكن النهر يُشير إلى أولاد ربنا إشارة إلى عمل الروح القدس فى الإنسان." لذلك ينبغى التقديس يارب طول الأيام".

ثم يصلى الكاهن بعد هذان المزموران صلاة الإستعداد ثم يفرش المذبح. صلاة الإستعداد هى صلاة منسحقة يقدم فيها الكاهن تذلله ورجاؤه فى قبول ذبيحته وقبول صلاته، وواضح فيها منهج الربط بين الله القدوس والإنسان الخاطئ" بعد أن يلبس الكاهن يريد أن يلبس المذبح فيصلى هذه الصلوة قبل أن يتقدم إلى المذبح" أيها الرب العالرف قلب كل أحد القدوس المستريح فى قديسيه الذى بلا خطية وحده القادر على مغفرة الخطية، أنت ياسيد تعلم أنى غير مستحق ولا مستعد ولا مستوجب لهذه الخدمة المقدسة التى لك وليس لى وجه أن أقترب وأفتح فاى أمام وجهك المقدس بل ككثرة رآفاتك أغفرلى أنا الخاطئ، ومنحنى أن أجد نعمة ورحمة فى هذه الساعة وارسل لى قوة من العلاء لكى أبتدأ وأهيئ وأكمل كما يُرضيك خدمتك المقدسة كمسرة إرادتك رائحة بخور، نعم ياسيدى كن معنا واشترك فى العمل معنا باركنا لأنك أنت هو غفران خطايانا وضياء أنفسنا وحياتنا وقوتنا وذلتنا " نلاحظ أن هذه الصلاة تربط بين الله والكاهن والذبيحة.

مثلث صغير (إحتماء الكاهن فى الذبيحة يُقبل أمام الله، لا قبول إلا من خلال الذبيحة، لذلك هى ذبيحة يومية من أجل نوال المغفرة) المفهوم الثانى (الذبيحة هى باب المغفرة يدخل منه الكاهن والشعب إلى الله) المفهوم الثالث (حلول الله من خلال الذبيحة ليتراءى ويُقدس الجماعة عن طريق الكاهن). إذا بدأنا بالكاهن، الكاهن من خلال الذبيحة يُقبل أمام الله وإذا بدأت بالذبيحة هى باب المغفرة الذى منه يدخل الكاهن إلى الله وإذا بدأنا بحلول الله فهو يحل من خلال الذبيحة ليقدس الجماعة عن طريق خدمة الكاهن. من خلال الثلاث عبارات يُلخص هؤلاء يلخصوا القداس الإلهى.ثم يبدأ الكاهن يفرش المذبح.
 

 فرش المذبح في القداس و محتواه

هناك ثلاث لفائف يوضعوا فى شكل ثلاث مثلثات دائماً اللفافة المثلثة تُشير إلى عمل إعجازى، عمل الله، وثلاث لفائف أخرى يوضعوا فوقهم لكى يكون جزء من اللفائف المثلثة مُخفى تحت الفائف الأخرى إشارة إلى عمل الله السرى من خلال الذبيحة المقدسة، لأن حلول الله على المذبح عمل سرائرى، فائق لقدرة الإنسان الطبيعى.

ثم توضع الصينية فوق اللفافة الوسطى وهى رقم خمسة من الست لفائف السابقة وفيها لفافتان وهم لفافة رقم 9، 10 ولفافة رقم 7، 8 فوق كرسى الكأس وهم لفافة مثقوبة وفوقها لفافة أخرى وحول كرسى الكأس لفافتان فيكون عدد الفائف على المذبح 12 لفافة (6 الموضوعين شكل مثلث و2كرسى الكأس و2ما حوله و2 الصينية فيكون مجموعهم 12 لفافة) لأن رقم 12 يشير إلى ملكوته الله، والثالوث فى أركان الأرض الأربعة. (هناك لفافة صغيرة توضع فى الصينية، إشارة للتبن فى المذود).

ونلاحظ أن المذبح فيه فكرة الثالوث طول وعرض وارتفاع (ثلاث أبعاد) متساويين إشارة إلى تساوى الأقانيم، وله (أركان أربعة) 3 × 4 لذلك بعد ما ينتهى الكاهن من القداس نهائى يلف حول المذبح وهو يصفق بيديه ويقول يا جميع الأمم صفقوا بأيديكم، إنها ذبيحة قُبلت فهو يلف حول المذبح إشارة أنها ذبيحة تكفى العالم كله.

+ ثم يُصلى الكاهن المزامير باعتبار أن المزامير فيها نبوات عن حياة السيد المسيح كلها، وفى القداس بنعيش حياة السيد المسيح من حياته فى بيت لحم إلى الصعود، فى الأيام العادية والآحاد تًصلى مزامير الثالثة و السادسة لأن الثالثة نفتكر فيها حلول الروح القدس على التلاميذ وبداية الآلام " لأنهم بدأوا يعذبوا المسيح فى الساعة الثالثة " والسادسة وهى خاصة بالخلاص على الصليب.

فى أيام الصوم العادية (الرسل، العذراء، الميلاد) نضيف التاسعة ونجد إنجيلها عن إشباع الجموع.

فى أيام صوم السيد المسيح (الصوم الأربعينى، ونينوى، والبرامون، والأربعاء والجمعة) نضيف الغروب و النوم و الستار بالنسبة للأديرة.

سؤال مهم : لماذا يرتبط الخلاص بالتسبيح؟ أذكر أمثلة من تاريخ البشرية فى عمل الله معها:

الإجابة : معنى أن التسبيح مرتبط بالخلاص، عندما وجد الشعب فرعون ميت على وجه المياه سبحوا موسى وهارون ومريم أخت هارون. أى موقف خلاصى تجد أن التسبيح هو النتيجة الطبيعية، الفتية الثلاث عندما خلصوا من قوة النار سبحوا تسبحة الهوس الثالث. وهكذا كل موقف فيه خلاص لابد أن يصحبه تسبيح ولذلك القداس هو تسبحة لأنه يُعلن خلاص المسيح." لذلك الكاهن وهو يصرف ملاك الذبيحة فى نهاية القداس يقول يا ملاك هذه الذبيحة الصاعد إلى العلو بهذه التسبحة " ونقول "رحمة السلام وذبيحة التسبيح " ولذلك إقتران التسبيح بالخلاص هو تاريخ موجود فى عمل الله الخلاصى وسط البشر.

س) ممكن أحد يسأل فى الأعياد السيدية التى نعتبرها أحداث خلاصية لا نصلى المزامير؟ لماذا؟

ج) لأننا ننتقل من تسبيح النبوة إلى تسبيح الحقيقة، لأننا بنخرج عن النبوة إلى الحقيقة، فإذا كانت المزامير بتقدم النبوة فالمناسبة تقدم الحقية فنحن نعيش فى تسبحة المناسبة، وأيضاً فى أسبوع الآلام لا نصلى بالأجبية لأننا نركز على مزامير الآلام بطريقة تعيشنا جو المناسبة. الكنيسة هى مجال هذه المناسبات ونعيش فيها هذه المناسبات فى عمقها.

+ طقس غسل الأيدى:

ثم يغسل الكاهن يديه إشارة إلى النقاء فغسل الجزء يُشير إلى غسل الكل. واليدين تُشير إلى العمل، السيد المسيح غسل رجلين التلاميذ، وغسل الأرجل يُشير إلى التوبة، وغسل الأيدى يُشير إلى العمل. يغسل الكاهن يديه على ثلاث مرات يقول فيها ثلاث عبارات، (تنضح على بزوفاك فأطهر، تغسلنى فأبيض أكثر من الثلج) فى اليد الثانية يقول (تُسمعنى سروراً وفرحاً فتبتهج عظامى المتواضعة) وفى المرة الثالثة يقول (أغسل يدي بالنقاوة وأطوف بمذبحك يارب لكى أسمع صوت تسبحتك وأنطق بجميع عجائبك) الكنيسة مختارة ثلاث عبارات يلخصوا عمل الكاهن. الإغتسال مهم لدرجة أن معلمنا بطرس عندما رفض أن يغسل له السيد المسيح رجليه قال له "إن لم أغسلك فليس لك معى نصيب" وهنا يقصد المعمودية فالمعمودية فيها الإنسان ينال الخلاص من الخطية الجدية والفعلية السابقة للمعمودية، يحتاج إلى غسل القدمين وهى التوبة والأعتراف وهى معمودية ثانية دائمة.

الخبز والخمر كمادة السر:

الخبز والخمر يكونوا فى حالة من النقاء والكمال يُشير إلى كمال المسيح له المجد بلا عيب، كما كان خروف الفصح بلا عيب، فُيصنع الخبز من الدقيق الأبيض النقى وهى الحنطة أو القمح، والدقيق أبيض ناصع بلا (ردة أو شوائب) إشارة إلى أن السيد المسيح بلا عيب تماماُ. القربانة تكون كاملة الإستدارة مثل قرص الشمس، فالمسيح هو شمس البر والدائرة هى الشكل الهندسى الذى بلا بداية ولا نهاية، إشارة إلى السيد المسيح الذى هو بلا بداية ولا نهاية من حيث لاهوته " سرمدى أى أزلى أبدى بلا بداية ولا نهاية " ويتحقق فى المسيح ملكوت الله ولذلك نجد فيه الختم فيه 12 صليب وفى الوسط نجد " الإسباديكون " أى جزء سيدى ورقم 12 يُشير إلى ملكوت الله، عدد الرسل. ولذلك فى القربانة نجد المعانى كلها نجدها تُشير إلى المسيح فى نقائه الكامل مثل شمس البر وفيه يتحقق ملكوت الله على الكنيسة كلها. كل القربانة تتحول إلى جسد المسيح، رقم 12، 3×4 يشير إلى ملكوت الله. سر التثبيت 3 × 4 × 3 يُشير إلى أبدية هذا الملكوت أن الله يملك علينا إلى الأبد ولا يتركنا أبداً.

الخبز:

هو (عجين + خمير) والخمير يُشير إلى الخطية، أن المسيح حمل عنا الخطية (رسالة روميا 8: 3) " الله إذ أرسل إبنه فى شبه جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية فى الجسد " لذلك نضع الخميرة فى الخبز وتدخل النار فتبطل فاعلية الخميرة.

ولا يوضع فى الخبز لا سكر ولا ملح، لأن السكر يُشير إلى الشر والمسيح حاشا أن يكون فيه شر، والملح يُصلح ولا يمكن المسيح يحتاج إلى إصلاح، فلا يوضع سكر ولا ملح. وفكرة الخميرة تدل على أن المسيح هو حامل خطية وليس خاطى، لأن الخاطى لا يقدر أن يحمل خطية فكونه يحمل خطايا العالم دليل على أنه بلا خطية، قدوس بلا شر. الخاطى نجس أما حامل الخطية فهو قدوس بلا شر.

الخمر:

عصير عنب + خمير. لذلك يكون فيه نسبة تخمر ويلاحظ أن لا يكون الخمر كحول، كلمة (إستبراء) معناها إثبات براءة أو صحة أو نقاوة الخبز والخمر، التأكد من صلاحيتها وأنها بلا عيب.

سؤال: لماذا نستخدم خبزة واحدة وكأس واحدة؟

الإجابة: لأننا نؤمن أن المسيح واحد ولذلك الذبيحة واحدة والمذبح واحد والكنيسة واحدة وأسقف واحد هكذا يقول (القديس مار أغناطيوس) " كونوا متمسكين بالأفخارستيا الواحدة فإن جسد ربنا يسوع المسيح واحد ويكون لكم كأس واحدة توحدنا بدمه مائدة واحدة أسقف واحد مع الكهنة والشمامسة الخادمين معه". لذلك لا يمكن صلاة قداسين بنفس المذبح ونفس الشمامسة ونفس الكهنة ونفس الأوانى فى يوم واحد لابد أن يكون قداس واحد فقط.

سؤال:

لماذا أختار السيد المسيح الخبز والخمر كمادتيين لسر التناول والتحول إلى جسد الرب ودمه؟

الإجابة:

السبب الأول: الطعام الذى يأكله الإنسان يتحول إلى جسده هو ودمه، فطبيعة الخبز والخمر يتحولوا طبيعى إلى جسد ودم.

السبب الثانى: كما يقول القديس كبريانوس "عندما دعى الرب بالخبز جسده أشار إلى شعبه الذى حمله إذ صاروا فى وحدة، فالخبز هو حصيلة إتحاد كثير من حبات الحنطة، فالخبز مجموعة حبات قمح كثيرة طُحنت معاً وخبزت فصارت خبزة واحدة ".وقال أيضاً " وعندما دعى بالخمر دمه الذى هو حصيلة كثير من حبات العنب عنى بهذا قطيعه الذى يرتبط معاً بامتزاج الجموع فى وحدة معاً".

السبب الثالث: أن السيد المسيح أعلن عن نفسه أنه هو الخبز الحى النازل من السماء الواهب حياة للعالم. والخمر يُشير إلى الحب الكامل، لذلك عندما قدم السيد المسيح الخمر ذاق أولاً، وقال "لا أعود أشرب من نتاج هذه الكرمة إلى أن أشربه جديداً معكم فى ملكوت أبى" يشير إلى أننا سنعيش فى الأبدية مع هذا الحب الكامل مع الآب السماوى. لكل هذه الأسباب أختار الخبز والخمر لكى يكون جسده ودمه هذا السر الإلهى العظيم.

 

  طقس تقديم الحمل في القداس


نجد أن الصليب واضح جداً فى تقديم الحمل. فإذا تخيلنا الكاهن الخديم وهو واقف على باب الهيكل لأختيار الحمل وأمامه مقدم الحمل وحامل القارورة وحامل المياه، فنجد الصليب واضح جداً وحتى القربانات ترص على شكل صليب.

يأخذ الكاهن اللفافة الخارجية الموضوعة على الصينية ويضعها على يده ثم يبدأ يختار الحمل، قبل إختياره للحمل يستبرأ الحمل أى يتأكد من كمال الإستدارة، سلامة الإسباديكون، عدد الثقوب، الإختمار كامل، عدم وجود تشققات بقدر الإمكان. بلا عيب مثل خروف الفصح. يحرص الكاهن على أن القربانة تكون كاملة المواصفات و الخمر تكون جيدة، أى لم تتحول إلى كحول. الكاهن يُصلى وهو أمام الحمل ويقول "لتكن هذه الذبيحة مقبولة أمامك عن خطاياى وعن جهالات شعبك" ويعمل يديه على شكل صليب ويختار الحمل، وينتقى أحسن قربانه وبعد الأختيار يحك بقية القربانات فى هذه القربانة، لماذا؟ دليل أن القربان الباقى يُشير إلى ذبائح العهد القديم الذى هو رمز لذبيحة المسيح. ويمسحها باللفافة جيداً ويأخذ من القارورة على أصبعه الكبير ويمسح أو يرشم القربانة الحمل ويقول "ذبيحة مجد" ثم يرشم القربانات التى فى الحمل ويقول " ذبيحة بركة" ثم يقول " ذبيحة إبراهيم وإسحق ويعقوب" ثم يرشم الحمل الذى معه من تحت ويقول "ذبيحة ملشيصادق".

الموضوع هنا أن الحمل الذى يختاره يتحول إلى جسد المسيح متحد بلاهوته فهذه ذبيحة مجد، مجد إبن الله الكلمة المتجسد. ثم ذبيحة بركة على القربان الموجود فى الحمل لأن قديماً قبل المسيح الأرض ملعونة ونتاجها ملعون، لذلك رُفضت ذبيحة قايين. وقوله ذبيحة بركة دليل أن اللعنة رُفعت. وابراهيم واسحق ويعقوب رمز للآباء السابقين للمسيح الذى قُبلت ذبائحهم أمام الله، ثم ذبيحة ملشيصادق على الحمل الذى فى يده، لأن الذبيحة الوحيدة التى قبلت من نتاج الأرض فى العهد القديم هى ذبيحة ملشيصادق، قبلت من خلال الرمز لأنها رمز لذبيحة المسيح.

عدد الحمل يكون فردى (3، 5، 7) أو أى رقم فردى لأن 3 تُشير للثالوث، 5 تُشير إلى الخمسة ذبائح فى العهد القديم و7 إذا أضفنا ذبيحة فرخى الحمام أو اليمام فيكونوا سبعة ذبيحة تطهير الأبرص كما فى (لاويين 14: 4) أو أى رقم فردى إشارة إلى تفرد المسيح أى ليس له نظير.القربانه تأخذ رشمين فوق وتحت وهو أول رشم وآخر رشم إشارة لعبارة المسيح عندما قال " أنا هو الأول والآخر البداية والنهاية " وخطأ دخول أى قربانه أخرى الهيكل لماذا؟ لأنه لم يدخل الأقداس إلا المسيح كما فى (عبرانيين 9: 12) " دخل الأقداس مرة واحدة فوجد فداءاً أبدياً ".

+القربانة بعد أن تتقسم تصبح عبارة عن 12 جزء، لذلك القربانه فيما هى تتحول إلى جسد المسيح لكن تُعطى معنى ملكوت الله ورأس السيد المسيح بيكون متجه إلى الشرق دليل إلى الإبن يقدمنا إلى الآب لأنه هو رأس الكنيسة، فعبادتنا فيها نتجه نحو الآب من خلال الإبن بالروح القدس. والثلاث ثقوب إشارة ليسوع المصلوب

+ تعميد القربانة، الكاهن يُصلى كل الصلوات من خلال تعميد القربانة، لأن فى لحظة عماد السيد المسيح أنفتحت السماء، لذلك نحن نُخلد لحظة إنفتاح السماء لذلك وأبونا بيعمد الحمل بيجمع كل الصلوات والتذكارات وهو بيعمدها باعتبار أن الكاهن شفيع فى المقادس الإلهية.

+ ثم يضع الحمل وسط اللفافة ويثنى أطراف اللفافة لكى يحقق العلامة التي قالها الملاك للرعاة، " هذه لكم العلامة تجدون طفلاً مقمطاً مضجعاً فى مزود ". ويضع الصليب مقلوب وراءه لأن الرأس الحمل تحت ويضعه على رأسه ويقول " مجداً وأكراماً، إكراماً ومجداً للثالوث القدوس، سلاماً وبنياناً لكنيسة الله الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسولية " العصائب التى كان يضعها الفريسيون والكتبة هى كلمة الله ملفوفة وموضوعه على الرأس. فنحن نضع كلمة الله أيضاً على رأسنا والصليب وراها باعتبار أن المسيح هو المسيح المصلوب لأننا نعيش أحداث الخلاص والخلاص تم على الصليب فهو حمل الله الذى يحمل خطايا العالم، وهو دفع خطايا العالم على الصليب فنضع الصليب وراء الحمل.

+ ثم يلف الكاهن حول المذبح ووراؤه حامل القارورة وحامل المياه ويقف فى الركن الشمالى الغربى، ويكون يده على شكل صليب وأيضاً حامل القارورة يده على شكل صليب وحامل المياه يده على شكل صليب، لأنها ذبيحة الصليب.ثم الرشومات ويضع الحمل فى الصينية. ويسكب الخمر فى الكأس أثناء صلاة الشكر ويمزجها بالماء وتكون نسبة الماء التى تُضاف من 10 إلى 30 % لا يقل عن العُشر ولا يزيد عن الثلث. تقريباً لكى نوصل نسبة الماء فى الخمر إلى نسبة الماء فى دم الإنسان، ولكى نذكر نزول الدم والماء من جنب السيد المسيح. (نزل دم وماء). بعد الإنتهاء من صلاة الشكر يقول أوشية التقدمة.