الأحد، 27 مايو 2012

الأنبا ستراتيوس السائح...Bishop Stratios tourist




أباء وقديسين
الأنبا ستراتيوس السائح

في عصر أحد الملوك الأرثوذكسيين الذين حكموا روما.. كان هناك أميراً تحت سلطانه مائة جندي... أدركته النعمة الإلهية فقال للملك ، أريد الآن أن أترك هذا العالم الفاني لأني أريد الذهاب إلى البرية فاصير هناك راهباً... وأنه ركب سفينة إلى الاسكندرية، وبعدها سافر براً إلى طور سينا.. وكان ذلك بعد مائتي عام من نياحة القديس يوحنا الدرجي للفضائل وأب رهبان سيناء والقديس أنسطاس السينائي مدبر الرهبان اللذان ارتفعا في الفضيلة.. وكان عدد رهبان الدير وقتئذ مائتان وخمسون راهباً.
سلك القديس ستراتيوس في الدير بنسك شديد، وحرارة متوقدة بالرب يسوع المسيح فاستحق لباس اسكيم الرهبنة..، ولما أمضي في مجمع الدير عدة سنوات خدم خلالها الآباء الرهبان بكل محبة استأذن أبيه الروحي لكي يمضي إلى البرية فسمح له أبيه متفكراً أنه سيسكن في مغارة قريبة لا تبعد كثيراً عن الدير.. وأنه أخذ وشاحه وجريدته ومضى يسبح قائلاً: "ارفع عيني إلى الجبال من حيث يأتي عوني. معونتي من عند الرب صانع السموات والأرض، (مز121:1-2).
إلى أن وصل مغارة بعيد داخل البرية ، وهناك دوام على النسك الشديد والجهاد العنيف في حياته الروحية ومحبة الرب يسوع المسيح، وصار يقتات من الحشائش التي تنبت في الصخور ويشرب من ينبوع الماء الذي كان قريباً من هذه الحشائش في البرية.
لقد كان يطوي أياماً وهو صائم بعدها يأكل ملء يده من هذه الحشائش وقليل من الماء.
أما صلواته فكانت لا حصر لها لأنه تشبه بالروحانيين في تسبيحهم المستمر وصلواتهم التي لا تنقطع ... وقد دوام على ذلك أثني عشر عاماً.
لقد أعلن له أنه سينطلق من هذا العالم الفاني إلى العالم العتيد مع القديسين بعد أربعين يوماً...
فلما شعر بقرب نياحته رشم على الريح بعلامة الصليب المقدس الذي لربنا يسوع المسيح له المجد، فحمله للوقت وأتي به داخل الدير وهناك قابل أب الدير وقد صار شيخاً.. فلما سأله من أنت؟ أجاب أنا ابنك ستراتيوس الذي كنت معكم بالدير من أثني عشر عاماً.
وقد جئت الآن لأن أنطلاقي من هذا العالم قد قرب وسأمضي إلى العالم الجديد حيث الراحة الأبدية بعد أربعين يوماً.. وأريد أن أمضي هذه الأيام القليلة مع أباء الدير، وصلوات القديسين لأخذ بركتهم إلى أن أمضي.
ففرح به كثيراً وعانقه ثم دق الناقوس فحضر الآباء وفرحوا برؤية القديس السائح.. ثم أعطوه قلاية منفردة .. فدخل القلاية وأغلق الباب، ثم خرج دون أن أحد يدري، وذهب إلى قبر القديس يوحنا الدرجي (اكليماكوس) واضع سلم الفضائل وأب رهبنة فلسطين والمدير الفاضل وقبر القديس أنسطاس السينائي مدبر الرهبان، وجثا ساجداً على قبرهما لتؤازره صلوات هذان القديسان اللذان قد تقدماه منذ أكثر من مائتي عام..
وبينما هو يصلي ويتضرع إليهما ظهر له ملاك الرب وقال له يا ستراتيوس ها القديسان يوحنا وأنسطاس قد حضرا لك بالروح ليباركا عليك أيها القديس الطوباوي قبل انتقالك من هذا العالم... وللوقت رآهما وتبارك منهما، وقالا له: نحن أيضاً سنكون وقت خروج روحك من جسدك، ونصلي عليك قي قلايتك التي أعطوها لك الآباء داخل الدير... وأعطياه السلام ثم مضيا ... وعاد بعدها إلى قلايته...
لم يخبر أحد بذلك سوى تلميذه إذ قال له يا ابني عند تمام سبعة وثلاثين يوماً افتح علي باب القلاية إذ سأنطلق في ذلك اليوم من هذا العالم الفاني ولا تتوانى عن تعداد هذه الأيام لتدفنوا جسدي...
فلما مضت تلك الأيام وحان ذلك الوقت قرعوا الباب فلم يجيبهم أحد، وأخيراً كسروا باب القلاية فوجدوه مسجى، وقد غطى ذاته بوشاحه الذي كان من الصوف الخشن...
لقد وجدوا شيئاً عجيباً إذ أبصروا بجواره شورية وبها فحم وبخوراً متصاعداً منها ذو رائحة طيبة جداً، فلقد كان ذلك علامة أن الآباء السواح قد أتوا وصلوا عليه... وأن الآباء صلوا عليه بعد ذلك صلواتاً قصيرة ، ثم دفنوه بإكرام جزيل مع الآباء القديسين الأوائل بالدير، وفاحت من جسده روائح عطرية فائقة الوصف، وصار بركة لكثيرين..
ولربنا كل مجد وإكرام وسجود من الآن وإلى كل الدهور ، آمين.

الآباء السواح ، للقمص سمعان السرياني










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق