الأحد، 27 مايو 2012

أباء سواح....Parents tourists




 أباء سواح
 
إن الأنبا ببنودة بعد أن تقابل مع الأنبا نفر السائح، وكفن جسده، التقى بآباء سواح آخرين فقال:
 
بعد أن كفنت جسد القديس أبا نفر السائح مشيت أيضاً أربعة أيام بلياليها بعد ذلك رأيت مغارة أخرى على الجبل، قرعت الباب فلم يرد أحد، فلما جلست عندها حوالي ساعة فكرت في قلبي وقلت لعل الذي كان في هذه المغارة قد تنيح..فلما فكرت في هذا  إذ بالقديس صاحب المغارة قد أقبل، وهو حسن المنظر ذو لحية طويلة ويلبس ثوباً من ليف النخل، فلما أبصرني قال لي أنت الأخ ببنودة الذي وارى جسد القديس أبا نفر السائح..
أما أنا فخررت للأرض أمامه.. قأقامني وقال لي قم يا أخي الحبيب لأن الرب أعلمني انك ستأتي إلي في هذا اليوم وكنت منتظراً  رؤياك ولي اليوم ستون سنة لم أرى فيها وجه انسان ههنا، إلا الآباء السكان معي في هذا الجبل.

وبينما أتكلم معه إذ بثلاثة أباء قد أتوا إلي وقالوا لي أيضاً أنت الأخ ببنودة صاحبنا في العمل، لأن الرب أعلمنا انك ستأتي إلينا في هذا اليوم، ولنا ستون عاماً لم ننظر فيها إنساناً ههنا سواك أنت..

وبعد تمام كلامهم رأيت خمسة خبزات ناضجة، وكأنها خرجت للوقت من التنور فصلينا، ثم جلسنا نأكل معاً.. وقالوا لي أننا طيلة هذه السنوات تأتي إلينا أربع خبزات فقط من عند الرب كل يوم ، والآن لما جئت إلينا أحضر الرب نصيبك أيضاً.. ولما فرغنا من الطعام أقمنا الليلة كلها في الصلاة إلى باكر وكانت ليلة يوم الأحد.. ثم سألتهم لكي أمكث معهم حتى نهاية عمري فأجابوا أن هذا الأمر ليس معداً لك من قبل الرب، ولتمض إلى أرض مصر وتتكلم بما نظرته عيناك فيكون ربحاً للسامعين.. وسألتهم أن يعرفوني أسمائهم فلم يريدوا ذلك ، بل قالوا لي أن الذي يسمى كل واحد بأسمه هو الذي يعرف اسماءنا فاذكرنا يا أخانا إلى أن ننظرك في ملكوت السموات، ولا تدع العالم يغلبك لانه قد أضل كثيرين ، ولما فرغوا من كلامهم هذا باركوا علي، وأعلموني عما حدث معي في الطريق وما سيحدث لي، وفارقتهم بسلام.
 
ثم أقمت ماشياً عدة أيام فرأيت ينبوع ماء وشجراً ونخلاً كثيراً جلست عنده لأستريح، وكنت أتأمل تلك الأشجار وأتعجب من ثمارها متفكراً ترى من زرع هذه الأشجار ههنا؟ وكانت ذو أنواع كثيرة، وثمارها حلوة كالشهد.. وفي وسطها شجرة تفوح طيباً كالمسك ، وينبوع الماء يفيض فيروي الجميع.. فقلت بالحقيقة أنه فردوس الله..

 وبينما أنا جالس إذ بأربعة رجال صغار أقبلوا من بعيد بمنظر حسن ويلبسون جلوداً.. فاقتربوا مني وقالوا أنت الأخ ببنوده، وللوقت خررت ساجداً فأقاموني وسلموا علي وصلينا جميعاً ثم جلسنا نتحدث معاً بعظائم الله... لقد فرح قلبي بهم ، وقبلوني بفرح عظيم ثم سألتهم متى أتيتم إلى ههنا، وكيف، ومن أرشدكم إلى هذا المكان؟...
 
فقالوا نحن من مدينة البهنسا وكنا عند معلم واحد، فلما أكملنا تعليمنا قلنا نحن الأربعة معاً لأنه كما تعلمنا حكمة هذا العالم الفاني يجب علينا أن نتعلم حكمة العالم الباق، وكنا كل يوم نفكر في هذا الفكر الصالح الذي يعمل في الإنسان الجواني.. فقمنا جميعاً ولأتينا إلى البرية، وكان معنا قليلاً من الخبز والماء، .. وبعد أيام أبصرنا إنساناً منيراً جداً قائماً أمامنا فأخذ بأيدينا، وأتى بنا إلى هذا المكان الذي نحن به منذ سنين كثيرة... ولما جئنا إلى هنا وجدنا رجلاً قديساً عظيماً قد سلمنا الملاك إليه فأقمنا لديه سنة كاملة علمنا خلالها عبادة الله واتمام وصاياه.. وعند كمال السنة  تنيح ذلك الشيخ الطوباوي فحضرنا بمفردنا في هذا المكان ولا نأكل سوى ثمار هذه الأشجار، وفي نهاية كل أسبوع نجتمع معاً ونصل معاً..

 ثم قال الأنبا ببنودة لقد أقمت عندهم إلى اليوم السابع، وعندما سألتهم عن أسمائهم قال الأول اسمي يوحنا والثاني اندراوس أم الاثينين الآخرين فلم يخبراني عن اسمهما، ثم ودعوني وساروا معي نحو ستة أميال، وفارقوني بعد أن أخذت بركتهم ، ومضيت متوجع القلب لأجل فراقهم...

 وأقمت سائراً عدة أيام إلى أن وصلت إلى الدير فأخبرت الأخوة محبي الإله بسيرة أبا نفر السائح والآباء السواح الذين تقابلت معهم ... بركة صلواتهم تكون معنا جميعاً.
ولإلهنا ينبغي المجد والاكرام والسجود إلى دهر الداهرين آمين.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق