الاثنين، 21 مايو 2012

مار اسحق السرياني



بستان الرهبان

مار إسحق


مار إسحق

من قولِ مار إسحق: «الراهبُ هو إنسانٌ قد ترك العالمَ بالكليةِ وكذلك بلدَه وأقاربَه وانتقل إلى الأديرةِ أو البراري، ليجلسَ في الهدوءِ ويعملَ بيدِهِ ويُقيتَ نفسَه ويعبدَ اللهَ ليلاَ ونهاراً. وأما عملُه فهو: الصومُ من العشاءِ إلى العشاءِ، والسهرُ لنصفِ الليلِ، وصلواتٌ لا تنقطع ليلاً ونهاراً، وضربُ المطانيات والسجودُ وخدمةُ المزاميرِ وقراءةُ الكتبِ، والمسكنةُ والتجرد، والبعدُ عن كلِّ شَرَهٍ ورغبةٍ، والزهدُ في كلِّ شيءٍ ما خلا الخبز والماء، والرقادُ على الأرضِ إلى وقتِ الشيخوخةِ إلا في حالةِ المرض، وثباتٌ داخل القلاية في الدير. ولغير سببٍ هام لا يخرجُ إلا للصلاةِ أو لأمرٍ ضروري للجميع. البكاءُ والنوحُ والتنهد. لبسُ المسوحِ. الرحمة، خدمة الغرباء، الطاعة لسيدنا بحفظ وصاياه. الخضوع للآباء، الاتضاع، تحقير نفسه في كل شيء، المحبة للرهبان. السكوتُ والصمتُ. اعتبار الراهب نفسه كلا شيءٍ. الامتناع من شربِ الخمرِ إلا في حالةِ مرضٍ أو واجب ضيافة، وهذا إذا ما عرض فلا يزيد عن ثلاثة أقداحٍ فقط لا غير. خدمةُ الضعفاءِ. عملُ اليدين. حفظُ الحواسِ، العفةُ، الاحتراسُ من طياشةِ الأفكارِ، الصبرُ، عدمُ الغضبِ. الصفحُ عمَّن يضرُّه أو يُحزنه. التعري من الآلام. الهذيذ في الصلواتِ. تضرُّع القلبِ. بسطُ اليدين نحو السماءِ. وباختصارٍ: النسكُ والتوبةُ ومحبةُ الأعمالِ مع بغضةِ الذاتِ، والوقوفُ بثباتٍ ليلاً ونهاراً مقابل الآلام والشياطين والعالم والنفسِ والجسدِ حتى الموت. هذا هو الراهبُ وهذه هي سيرتُه، وكلُّ راهبٍ لا يمارسُ كلَّ ذلك في ذاتِهِ فهو لا يزالُ في رتبةِ العلمانيين. طوبى للذين يحفظون ويعملون. لا تفتخر بالاسمِ بل اجتهد في الأعمالِ، لأن العملَ هو الذي يبررُ ولو كان بلا شكلٍ ولا اسمٍ».
وقال أيضاً: «طوبى لمن يغصِبَ نفسَه كلَّ أيامِ حياتهِ، لأنه من مزبلةِ الفقرِ يتكرَّم بجنسِ المملكةِ العظمى. طوبى لمن يغصِبَ نفسَه دائماً في طريقِ الله لأنه يصيرُ وهو من الجنسِ الحقيرِ مناسباً للجنسِ العظيمِ الشريفِ المعقول. التغصُّب هو مُغني الفقراء ومُكَرِّم المرذولين. التغصُّب هو مبدأ طريق الوحدةِ وبه يسعد النشطون في طريقِ ملكوت الله، فيتوَّجون بالتيجان من القوي القاهر. وإن كنتَ تسأل وتقول: إلى أين ولأيِّ حدٍ أغصِبُ ذاتي؟ فإني أقولُ لك: إلى حدِّ الموتِ اغصب ذاتَك من أجلِ الله. اغصب نفسَك في صلاةِ الليل وزدها مزاميرَ، لأن رجاءً عظيماً ومعونةً في الجهاد من أجل الله، له المجد إلى الأبد، آمين».
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق