السبت، 23 فبراير 2013

تفسير سفر يونان الاصحاح الثالث

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري

يونان 3 - تفسير سفر يونان


الآيات (1-4): "ثم صار قول الرب إلى يونان ثانية قائلا. قم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة وناد لها المناداة التي أنا مكلمك بها. فقام يونان وذهب إلى نينوى بحسب قول الرب أما نينوى فكانت مدينة عظيمة لله مسيرة ثلاثة أيام. فابتدأ يونان يدخل المدينة مسيرة يوم واحد ونادى وقال بعد أربعين يوما تنقلب نينوى."
هذه إرسالية ثانية عاد بعدها يونان لوظيفته. كما حدث مع بطرس بعد إنكاره حين كرر له المسيح ثلاث مرات "إرع غنمي". وبعد أن ضيع يونان نقوده (3:1) إذ دفع أجرة السفينة. وضَّيع الوقت وتعب وتألم. ها هو يعود لنقطة البداية. ولاحظ أن الله لم يجرح مشاعره بسبب هروبه. وكما خرج يونان من بطن الحوت إلى الأمم (الوثنيين) هكذا قام المسيح من الموت وانتشرت المسيحية بين كل الأمم. نينوى المدينة العظيمة = هي عظيمة في بنائها وتعداد سكانها وقوتها ولكنها أصبحت عظيمة في توبتها (وراجع المقدمة ص4). لذلك ستقوم يوم الدين وتدين هذا الجيل، لأنها استجابت لتحذير الله. والله دائمًا يحذر قبل أن يضرب، وطوبى لمن يستجيب للتحذير فهو ينجي نفسه من الضربات ويخلص. أما سدوم وعمورة فلم يستجيبوا لنداء لوط. والعالم لم يستجب لنوح، وقايين لم يستجب لصوت الله المباشر له. مدينة عظيمة لله = أي عظيمة أمام الله. هي مدينة عظيمة لله، فللرب الأرض وملؤها (مز24: 1) لكن الشيطان اغتصبها، ولكن الله مازال يتطلع إليها، فالله له فيها  12 ربوة من البشر ، هو خلقهم ، إذًا هو يريدهم. وهو يعولهم ويشتاق رجوعهم إليه. وهكذا الإنسان خلقة الله العظيمة حتى إن انحرف فالله يشتاق لتوبته ورجوعه إليه ليسكن فيه ويصير مدينة عظيمة ولاحظ أن الله يقدر نينوى ويحسبها مدينة عظيمة، ويونان لا يقدرها. إذًا علينا أن نسلم ولا نعترض على أحكام الله فاحص القلوب، فكم من شخص ندينه لكنه في نظر الله يكون عظيمًا. مسيرة ثلاثة أيام = أنظر ملحوظة ص 4  بعد أربعين يومًا تنقلب المدينة = لاحظ أن الطوفان نزل لمدة أربعين يومًا والمسيح جربه إبليس لمدة 40 يومًا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وأن أورشليم خربت بعد المسيح بـ40سنة. وموسى وإيليا صاما 40 يومًا. فالأربعين هو رقم التجربة والامتحان وبعده ننال مجدًا أو عقابًا. هي فرصة يعطيها الله لنا وبعدها يقول "من يغلب يرث الحياة الأبدية" وقد جاهد المسيح 40 يومًا وانتصر على إبليس. وهكذا حصل موسى على الشريعة. ولكن من يهزمه إبليس يكون كأورشليم معرضًا نفسه لخراب شامل كالطوفان. ولذلك تفهم مدة الأربعين يومًا على أنها فترة حياتنا الزمنية التي فيها إن غلبنا نرث المجد. وهنا يعطي الله نينوى فرصة 40 يومًا فإن تابوا نجوا أنفسهم وأن رفضوا انقلبت عليهم المدينة.
 


آية (5): "فأمن أهل نينوى بالله ونادوا بصوم ولبسوا مسوحا من كبيرهم إلى صغيرهم."
مسوحًا = هي قماش غليظ خشن منسوج من شعر الماعز أو وبر الجمال وكان لبس المسوح علامة للحزن. وهنا هو علامة حزن على الخطية، أي علامة توبتهم. حقًا كانت توبة عظيمة. لقد آمنت نينوى أما إسرائيل فقاوموا غير مصدقين. هم قدموا توبة حقيقية عملية بصوم ومسوح واشترك فيها الكل الكبار والصغار حتى البهائم. مع أن يونان لم يعط كلمة رجاء واحدة. ولم يكلمهم عن محبة الله وترفقه ولا عَلَّمهم شيئًا عن التوبة.
 
آية (6): "وبلغ الأمر ملك نينوى فقام عن كرسيه وخلع رداءه عنه وتغطى بمسح وجلس على الرماد."
عظيمة توبة نينوى فالملك يتواضع ويقدم توبة وهكذا العظماء. وهناك تأمل فإن شبهنا نينوى بالإنسان فيكون الملك ممثلًا لإرادته والعظماء يشيروا لمواهبه وقدراته. والبهائم يشيروا للجسد بطاقاته العضلية والشهوانية. وحينما يتقدس كل هذا لحساب الله. يصير هذا الإنسان عظيمًا أمام الله.
 
آية (8): "وليتغط بمسوح الناس والبهائم ويصرخوا إلى الله بشدة ويرجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في أيديهم."
فيها توبة سلبية  = تركهم للمظالم. وتوبة إيجابية = صاموا وصلوا. ونينوى كانت مدينة مشهورة بالظلم (راجع ناحوم إصحاحي 2 ،3).
 
آية (9): "لعل الله يعود ويندم ويرجع عن حمو غضبه فلا نهلك."
لاحظ توبة نينوى صاحبها رجاء في الرب. فلنقدم توبة مصحوبة برجاء.
 
آية (10): "فلما رأى الله أعمالهم أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه."
ندم الله هو تعبير بحسب مفهوم البشر لا يعني أن الله يغير رأيه ويندم، بل أن الإنسان هو الذي يغير وضعه بالنسبة لله فيصير الحكم بالنسبة له مختلفًا. فعندما يعاند الإنسان يسقط تحت التأديب، وإذ يرتد عن شره ويرجع إلى الله، يجد الله فاتحًا أحضانه.
ملحوظة: مدينة عظيمة مسيرة ثلثة أيام = أنظر المقدمة (أي محيط المدينة يقطعه السائر في ثلاثة أيام).
فابتدأ يونان يدخل المدينة مسيرة يوم واحد = أي دخل يونان إلى نينوى المدينة الأم مدينة الملك والعظماء والتي محيطها يمشيه السائر على قدميه في يومٍ واحد. هو دخل من أسوار المدينة العظيمة ووصل للمدينة الأم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق