الأربعاء، 30 مايو 2012

التسعة والأربعون شهيداً شيوخ برية شيهيت



التسعة والأربعون شهيداً شيوخ برية شيهيت


 
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة (1)في لحظة من لحظات النهار وفي ومضة من ومضات السيف، غابت عنهم شمس النهار، وغاب الدير كله، وغابت الأرض والأسوار، وفجأة انفتحت أعينهم على أمجاد ليست من هذا الدهر، وعلى نور عجيب، إنه وجه يسوع، نهاية المطاف، فكان هو نهارهم وشمسهم وديرهم الجديد وأجرتهم السعيدة!..
لقد وُزنوا جميعاً في الموازين فوُجدوا كاملين، وفُحصت الوكالة في القليل فوُجدوا جميعاً أمناء، فأخذوا في الحال تكليفاً على عشر مدن، وكان ديرنا السعيد واحداً من هذه المدن العشر.
هؤلاء هم الشيوخ الشهداء أصحاب الحظ السعيد الذي فازوا به بإرادتهم، حين أتاهم البربر(2) عام 444م يريدون قتلهم وأخذ ما ظنوا أنه موجود في كنيسة الدير، فقبلوا أن يُقتلوا من أجل اسم المسيح.


سيرة استشهاد الشيوخ التسعة والأربعين
تقول سيرتهم التي كتبها القديس أنبا دانيال قمص برية شيهيت، الذي وُلد عام 485م وعاش حياة النسك والقداسة، ورُسم قمصاً للبرية قبل سنة 535م:
كان على زمان ثاؤذوسيوس الملك ابن أركاديوس، أن ثاؤذوسيوس لم يكن له ولد، فأرسل إلى الشيوخ بشيهيت يسألهم أن يسألوا الله من أجله فيعطيه ولداً. وكان من بين هؤلاء الشيوخ شيخ كبير يسمى الأب إيسيذوروس، كتب إلى الملك يعرِّفه أن الله ما أراد أن يخرج منه ولد حتى لا يشارك أرباب البدع بعده. فلما علم الملك برسالتهم شكر الله وسكت. فأشار عليه قوم آخرون أن يتزوج امرأة أخرى ليرزق منها ولداً يرث المُلك من بعده، فأجابهم: ”ما أفعل شيئاً بخلاف أمر الشيوخ ببرية مصر“، لأن صيتهم كان قد خرج في كل الدنيا. فأرسل رسولاً يستأذنهم في ذلك. وكان للرسول ابن وحيد، فطلب منه أن يصحبه فأخذه معه ليتبارك من الشيوخ. ولما وصلوا إلى الشيوخ وقرأوا كتاب الملك، وكان أنبا إيسيذوروس قد تنيح، فأخذوا الرسول وأتوا به إلى حيث جسده وقالوا للجسد: ”يا أبانا قد وصلت هذه الكتب من عند الملك وما نعرف بما نجاوبه“! فجلس الشيخ وقال: ”ما قد قلته للملك أن الرب ما يرزقه ولداً، فمَنْ أعلمه شيئاً آخر يتنجس. فلو أنه يتزوج عشر نساء فلن يرزق منهن ولد“. ثم عاد القديس وانضجع.

هجوم البربر على الدير:
فكتب الشيوخ للرسول جواب الكتب. ولما عزم على الخروج، إذا البربر قد أتوا.
من هم البربر:
البربر هم قوم أشداء سكنوا في شمال أفريقيا غرب مصر، وهي قبائل همجية تعتصم بالجبال ويُعرفون باسم الأمازيق ويتعبدون للشمس، وقد قاموا بثلاث هجمات على برية شيهيت: الأولى سنة 407م استشهد فيها القديس موسى الأسود مع سبعة آخرين، ورحل بعدها الرهبان ولم يبقَ منهم سوى القديس أرسانيوس. والغارة الثانية سنة 434م وكان التخريب فيها عظيماً، مما جعل الرهبان يبنون الحصون ليحتموا فيها. وكانت مزودة ببئر ماء ومخازن. وقد بُني أول حصن بدير أنبا مقار عام 438م. وأثناء هذه الهجمات استولى البربر على الغنائم مستغلين سماحة الرهبان وتقواهم. فقاموا بغارة أخرى عام 444م استشهد فيها الشيوخ التسعة والأربعون. ثم جدد الآباء الأديرة، وسُمع صوت في البرية يقول: (الفرار... الفرار). وبعدها هجم البربر على الأديرة بوحشية وقتلوا الشيوخ وأسروا أنبا يؤنس قمص البرية وأنبا صموئيل المعترف، وذهب أنبا دانيال إلى دير تمبوك، ثم كانت الغارة الرابعة سنة 570م وظلوا يهاجمون الأديرة للنهب والسلب حتى سنة 620م، حتى أخضعتهم الدولة العباسية بعد قتال عنيف لسنوات طويلة.
الاستشهاد
وحينما أتى البربر، وقف شيخ كبير يقال له أنبا يؤنس وقال للإخوة: ”ها هم قد أتوا وهم لا يطلبون إلا قتلنا، فمن أراد الشهادة يقف معي، ومن خاف يصعد إلى القصر (الحصن)“.فهرب بعضهم، وبقي مع الشيخ ثمانية وأربعون.
فأتى البربر وذبحوا الشيوخ، فالتفت ابن الرسول من الطريق فرأى الملائكة وهم يضعون الأكاليل على رؤوس الشيوخ المقتولين. وكان اسم الصبي ذيوس، فقال لأبيه: ”هوذا أنا أبصر قوماً روحانيين يضعون الأكاليل على رؤوس الشيوخ، والآن أنا ماضٍٍ لآخذ إكليلاً مثلهم“. فأجابه والده: ”وأنا معك يا ابني“. فعادوا وأظهروا نفوسهم للبربر فقتلوهم وأخذوا الشهادة.

جمع أجساد الشهداء
:

وبعد مضيِّ البربر، نزل الرهبان من القصر وضموا الأجساد معاً وجعلوهم في مغارة، وصاروا يصلُّون قدامهم كل ليلة ويرتلون ويتباركون منهم..
ولما خربت البرية خافوا على الأجساد فنقلوهم من مكانهم وأتوا بهم إلى جانب كنيسة أنبا مقار، وبنوا لهم مغارة، وعملوا عليها كنيسة في زمان البابا ثيئوذوسيوس البطريرك.


شفاعة هؤلاء القديسين الشيوخ فلتكن معنا. آمين.


ذكصولوجية التسعة والأربعين شهيداً شيوخ برية شيهيت

القديسون لُبَّاس الصليب المجاهـدون في المسيح
الذين قُتلوا في شيهيت على أيـدي البربــر
أكملوا كل سـيرتـهم وهم عائشون في البراري
متمنطقين بقوة المسـيح ضد الأرواح الشريرة
لقد قـدَّسوا حواسهم الروحية والجسدية
في نُسكيَّات متعـبة وفي دموع وفي سهر
لقد لبسـوا درع الإيمان الأرثوذكسي الذي هو تلاوة طغمات المختارين معلِّمي الكنيسة
ولبسوا الإكليل غير المضمحل الذي للإستشهاد
من قِبَل المجاهد عنهم حقاً ربنا يسوع المسيح
اطلبوا من الرب عنا أيها التسعة والأربعون شهيداً
ليــتـراءف الله علــينا ويــغـفر لنا خطـايـانا.


شفاعة هؤلاء القديسين الشيوخ فلتكن معنا. آمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق